ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الأنفال
يا شباب مصر ... أشعر بما تشعرون، وأخاف مما تخافون، والآية سالفة الذكر تتحدث عن ما يدور في عقولنا، الآية الكريمة يخبرنا فيها المولى عز وجل ، أن الله لم يك ينزع منا نعمة أنعم بها علينا إلا إذا غيرنا ما بأنفسنا...
والله سبحانه وتعالى قد أنعم على شعب مصر بأن نجحت ثورة يناير، ونعمة اخرى أن قد ذهب من كان على رأس الحكم بدون إراقة للدماء، وهذه نعمة أخرى نقدر قيمتها عندما نرى ما يحدث في سوريا، أعانهم الله ونصرهم على أعدائهم أعداء الإنسانية والدين...
نعمة اخرى قد أنعم الله بها علينا وهي وقوف الجيش المصري بجانب الثورة... وحتى هذه اللحظة، ونعمة أخرى كبيرة جدا أن كفانا الله سبحانه وتعالى شر كل المكائد التى يدبرونها أعداء الله حتى الآن، بل حتى تقوم الساعة ، وذلك بدليل الآية الكريمة في سورة الطارق...
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
لقد ذهب فرعون وجاء من خلفه فراعين، والأغرب من ذلك أنه حصل على أصوات، بالملايين، وهذا إن دل على شيئ إنما يدل على أننا لا زلنا مفككين، مشتتين، وعلى أعيننا وقلوبنا غشاوة من الماضي الأليم...
إذا ما الحل؟؟؟ كيف نخرج من هذه المهزلة ؟ خرج علينا بعض الأفاضل يشرحون لنا ماحدث، الآن نحن نحتاج لحل!! لابد من أن هناك حل! فما هو ؟ ما هو الحل ؟؟؟ كيف نخرج من هذه المهزلة؟؟
يقول لنا المولى عز وجل في كتابه الذي لم يفرط فيه من شيئ، أن لكل معضلة حل، لدى الحنان المنان الذي خلق الإنسان وعلمه البيان...
سأعرض وجهة نظري، ولم ولن ُألزم بها أحدْ.... ولكن علينا أن نتدبرها وندرسها ونفكر فيها جيدا، خاصة وأن ما سوف أقوله هو من كتاب الله، مما فهمته من آيات الله، وقد أمرنا الله أن نستمع للقرآن ونتدبره، وأن نتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نتخذه أسوة وقدوة. وأن لنا في القصاص حياة يا أصحاب العقول النيرة.
أولا: الآن وقد عرفنا من الآية أن الله سبحانه وتعالى ما نزع منا فرحتنا بنجاح ثورة يناير إلا لأننا قد غيرنا ما بأفنسنا { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }، هناك شيئ حدث بداخلنا!! لقد غيرنا ما بأنفسنا، عندما اجتمع شباب الثورة في ميدان التحرير، كان مكانهم واحد، وشعورهم واحد، وهدفهم واحد، ودينهم واحد، ولغتهم واحدة، ووطنهم واحد، حتى طعامنا كان من مصدر واح...
أما الآن فليسأل كل منا نفسه.. ماذا حدث بداخلي من تغيير منذ يناير وحتى الآن؟ الذي حدث هو أننا عدنا مرة أخرى للخلف، لم نعود إلى الله، رغم أننا كنا نسمع من الجميع كلمات الإيمان، ولكن فقدنا الترابط الأخوي، والمرابطة على دين الله...
ورحنا نندفع وراء اشخاص، وعلقنا عليهم آمالنا، وظننا أننا قد قدرنا على شيئ، فخرج علينا من يتكلم عن المستقبل وكأنه يعلم الغيب، وراح آخر يؤيده تأيدا خارق للعادة، رحنا نعرض أرواحنا ودمائنا للهلاك وقد تغيرت وجهتنا وهدفنا... لقد نزلنا إلى ميدان التحرير مرة اخرى من أجل شخص أو أشخاص، وليس من أجل الآمة..
كان الهدف الأول إسقاط النظام... وعندما سقط النظام... ذهب كل منا وراء شخص معين ونسينا أن الأمر كله بيد الله.... وأنا واحد من الناس، لم أكن أعلم شيئا عن المرشحين للرئاسة.. ولم أكن أعلم شيئا عن احمد شفيق، ثم حازم ابو اسماعيل، ثم وثم وثم ... لقد أنقسمنا إلى فئات وفرق، فريق يؤيد، وفريق يعارض، وفريق يزيد الطين بلة، وفريق يضع البنزين على النار، وهكذا تفرقنا واشتعلت النيران في مصر...
ولكن قبل أن نواصل علينا أن نتذكر المهلة التى اعطاها لنا الله سبحانه وتعالى لنصحح مسارنا ونعود إليه وحده ونعلم أنما النصر من عند الله، ونعلم ونتيقن أن الذي وهبنا نجاح ثورة يناير هو الذي سيولي علينا آخر...
الآن هيا بنا نعود لسورة الطارق، لكي نعرف مرة اخرى الحجم الطبيعي للإنسان، ولكي نعرف أننا في مهلة حقيقية من الله سبحانه وتعالى لنعود إليه ونصحح مسارنا... وهذا فيما يلي من كلمات المولى عز وجل:
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
لقد أقسم الله لنا بالسماء وبالنجم الثاقب أن ما من مخلوق على وجه الأرض إلا وعليه من الله حافظ، ويلفت المولى عزوجل نظرنا إلى صغر حجم الإنسان، حتى لا نأمل في مخلوق، ويكون أملنا في الله وحده، ثم يخبرنا سبحانه وتعالى أننا الآن في مهلة، نحن وهم، من نحن؟ نحن أبناء مصر الذي منحنا الله سبحانه النصر في 25 يناير، عظيم ومن هم ؟ هم الذين يبغون الفساد سماهم الله الكافرين، وقال فيهم{ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } إذا ما الحل؟ ماذا نفعل؟
هذا ما سوف أعرضه على حضراتكم في ثانيا .. فا تابعونا أثابكم الله...
ثانيا: الآن وقد إتضح لنا أسباب فقد كل تلك النعم التى أنعم بها علينا مولانا مما قد ذكرنا في بداية الرسالة... والحل الأمثل من وجهة نظري الشخصية أن نصحح الأخطاء التى كان من شأنها أن يولي الله علينا ما نكره من الناس.. ويأخذ منا ما منحه لنا من فرحة نجاح الثورة... الآن ثورتنا تحولت من ثورة سلمية أشاد بها الأعداء قبل الأصدقاء إلى ثورة همجية وبلطجية، أعلم أن شباب الثورة ليسوا كذلك، ولكن أعداءنا قد دسوا بيننا من ألحقوا بنا هذه الصفات الدنيئة...
ثالثا: الحل الوحيد ... والذي لايوجد على الأرض سواه... هو أن نعود فنطبق الشرط الوحيد الذي وضعه الله سبحانه وتعالى ليكشف عنا السوء والضر والظلم والعدوان...وهو ما جاء في كتاب الله... كلمات لا يرفضها إلا أحمق، ولا يتجاهلها إلا غافل، واسمعوا معي رحمكم الله:
الحل
سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)الرعد
-
لابد لنا من أن نعلم أن كل كلمة تصدر منا سنحاسب عليها، حاكم ومحكوم{ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ}.
-
الذين يجترحون السيئات، يقول الله لهم :{ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } أنت مراقب فإن عدت إلى الله تبغي النصر والصلاح، فاهجر المعاصي وتب إلى الله وعد إليه سبحانه.
-
{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ. } أعلم أن ما تنعم به الآن من قدرتك على الحركة والسعي والتفكير والإستمتاع بكل نعم الله، ذلك كله راجع لأن لك معقبات يحفظونك. فاختشي واحتشم واستحي من الله وكف عن معصيته.
-
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }. أنزع ما برأسك ونفسك وقلبك أن فلان أو علان سيغير ما بنا، فلن يغير ما بنا إلا الله سبحانه وتعالى، ولكي يغير الله ما بنا علينا أن نغير افكارنا ومشاعرنا ومفاهيمنا الخاطئة وأخلاقنا السيئة لتحل محلها الأخلاق الحميدة، كما علينا أن نلبي نداءه سبحانه، ففيه خلاصنا، وخلاصة ألأخلاق التى يجب أن نتحلى بها، وكل ذل في نداءات تكررت 88 مرة بدأت كلها بيا أيها الذين آمنوا، النداء الأول منهم يدعونا إلى خلق اللسان، والثاني يدعونا بل ويهدينا إلى شيئ بدونه لا نستطيع الحياة الكريمة، أهدانا الله في نداءه الثاني الصبر والصلاة،
-
{ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ }.. يقول لك المولى عز وجل أنه إذا أراد بك سوءا فلن تجد من يكشفه عنك. فاستحي منه وتقرب إليه في خشوع وتضرع ليكشف ما بنا من ذل وهوان.
-
{ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ }. أجعل الله وليك الوحيد، لا تولي أمرك لسواه... لا المجلس العسكري ولا شفيق ياراجل!! ولا غيرهم من مسرح الحرية والديمقراطية.
ربما لو فعلنا ذلك... لو صححنا عقيدتنا... لو جعلنا الله هو كيلنا وولينا.. وتبنا إليه... واعتبرنا أن كل مواطن في مصر هو أخ لنا في الإنسانية أولا..ثم في الوطن ثانيا، ثم في الطريق لبناء المجتمع ثالثا، ثم في الدين ثم في اللغة، كل تلك حقوق جعلها الله سبحانه وتعالى لعباده... فلا تنتهكوها فيحل علينا غضب ربنا مرة اخرى.
لقد قلت ماعندي، وما أرى والله أعلى وأعلم ....
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتزل من تشاء، أعزنا بالإسلام يارب العالمين، ووحد اللهم صفوفنا ، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، وانصرنا الله على أعداءك أعداء الدين، هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، أختر لنا أنت يارب العالمين لجهلنا لمصلحتنا بين يديك، فإن الخير بك ومنك وإليك وبين يديك، قومنا يارب العالمين بعد أن ملنا الميل كله، خذ بيدنا يا كريم فقد غرقنا في بحر من الذنوب، يارب العالمين لقد اخترت من مصر أم اسماعيل، وزوجة الخليل، وجعلت بيننا وبين حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم نسبا وصهرا، وقد وهبت مصرنا من الخير والبركات جعلت ذكرها في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، وجعلت فيها خير جنود الأ رض، وجعلت في ترابها أحبابك وأولياءك الطاهرين الطيبين الصالحين، فلا تسلمنا يارب بذنوبنا لأعداءنا... تب علينا لنتوب، اغفر لنا يارب العالمين، يارب محمد ابراهيم عليهما وعلى جميع انبياءك ورسلك افضل الصلاة والسلام.. يارب العالمين كلنا ضال إلا من هديت، وكلنا عار إلا من كسيت، وكلنا معذب إلا من رحمت، نتوجه إليك بأسماءك الحسنى كلها يارب العالمين أن تغفر لنا وترحمنا ولا تولي علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ... آمين آمين آمين يارب العالمين وصلى اللهم وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
ساحة النقاش