الحب هذا الذي هو ضالة كل إنسان.. كل منا جاء إلى الدنيا وكان غذاءه الأول هو الحب، بمجرد أن تخبر الزوجة زوجها بأنها حامل يبدأ الفرح والسرور والبهجة تدخل قلوب كل الأسرة.. ويبدأ الإهتمام الزائد بأخبار الجنين...
وفي عصرنا أتاح لنا المولى عز وجل رؤية الجنين ومعرفة بعضا من أسرار حياته، ومن العجيب أن يكون قبل ولادته مثار إهتمام العالم كله..
وقد أحاط الله الجنين في الإنس والجن والحيوان بعالم من الأسرار العميقة والجمال المبهر، فأصبحت تطالعنا الصحف بكل ما هو جديد في هذا العالم، أصبحنا نراه يتقلب ويبتسم في بطن أمه، وكذلك يتألم بألامها، ويفرح بفرحها..
وذلك لأن غذاءه الوحيد هو خلاصة غذاء الروح.. ومازالت هناك من الأسرار مالم نعرفه بعد..
وفي الجنين كلمنا القرآن العظيم بأطواره، ثم يكلمنا بأكمل وأشرف وأعظم جنين عرفته الإنس والجن وما غير ذلك من العالمين، ألا وهو سيد الخلق كلهم أجمعين..
يقول رب العزة سبحانه وتعالى في كلمات تدل على حب الله ورعايته لهذا الجنين المبارك الذي غير العالم وقاده إلى ما فيه صلاحه { صلى الله عليه وسلم } يقول ربنا عن سيد الخلق قبل أن يولد..
{{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) الشعراء }}
لقد وضع الخالق العظيم جل وعلا حبيبه المصطفى تحت رعايته منذ خلق آدم عليه السلام.. فكان الله يراه عندما كان يتقلب في الساجدين.. أطهر الخلق وأطيبه واعظمهم خلقا وإيمانا، من هنا جاء الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم..
ثم يمتد هذا الحب الكبير من الله العلي العظيم إلى كل من تبع هداه وسار على خطى الأمين صلى الله عليه وسلم.. فيقول المولى عز وجل :
{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة
وهكذا يمتد الحب الإلهي العظيم من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى كل من آمن بالله واتبع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم...
بغير حب لا تطيب لنا الحياة، وبغير حب ندخل في عالم الظلام، فالحب نور وهدى ونبراث...بل هو الراحة والسعادة والهناء..
فإن جنيت من الحب غير هذا، فاأعلم أنك أخطأت المسار، فلقد أطلق الإنسان أعظم كلمة على كل ما به ينتعش هواه... فليس حبا ذاك الذي يسلمك للهوان ..
ولكن الحب غذاء للروح .. والروح هي أعظم ما في الإنسان..والفطن العاقل هو الذي يلاحظ سموه أو هوانه... فإذا هنت أنت على من تحب فاعلم إنما هو وهم أردته أنت وجلبته...
فتبرأ من الذي بالهم أصابك .. وأذهب إلى حيث النقاء والصفاء.. ووجه حبك لله فيحبك كل مخلوقاته.. فالحب أكبر وأطهر من أن يتولاه إنسان... لذلك قال لنا الذي خلقنا سبحانه : {{ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }}
وأعلم أن مواطن الحب الذي يصاحبك في الدنيا والآخرة.. والذي يجعلك محبوبا من كل مخلوقات الله في الدنيا والآخرة.. هي تلك التى أشار إليها الله سبحانه وتعالى في محكم آياته:...
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ
{ من لا يحبك دعه لحاله فهو للحب ليس أهلا، وأذهب إلم من بذكره تطمئن القلوب}
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
هذا هو الحب الحقيقي الخالد... فإذا ما أحببت إنسانا، إيا كان، أبوك أو أمك أو... فاجعل هذا الحب لله.. ولا تنتظر المقابل إلا من الله... فيبارك في حبك وينميه ويكون سببا لنجاتك وسعادتك أنت ومن تحب، وذل في الدنيا والآخرة.
هذا والله أعلى وأعلم ...وأنا في إنتظار تقليقاتكم مهما كانت.
ساحة النقاش