من أكبر علامات التوحيد
أن نعبُد الله بكل جوارحنا
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)
[ سورة هود ]
الآن سنحاول أن نسير مع كلمات الآية الكريمة خطوة بخطوة على قدر ما يسمح به ربنا لنا، وحال لساننا هو اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
إذا لدينا أمر في غاية الوضوح وهو أن كل ما يغيب عن فهمنا ومشاعرنا وعيوننا فهو لله، بمعنى أننا عندما لا نفهم شيئا أو لا نرى شيئا أو عندما نغيب عن واقع حياتنا فهذا كله لله وحده فهو سبحانه المتصرف في جميع شئون خلقه، وهذا في حد ذاته يجعلنا نستسلم في خشوع ورضا لله رب العالمين، فهو الذي يجعلنا نرى أو نسمع أو نفهم أو نعلم أي شيء، وأيضا هو الذي يُغيّبُ عنا ما يريد.. وأن كل ذلك إنما هو رحمة بنا لأنه هو الرحمن وهو الرحيم.
وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ
يقول لنا ربنا بصريح العبارة أن كل أمر من أمور حياتنا منه يأتي وإليه يرجع، فهو سبحانه الذي يحي ويميت، وهو مالك الملك يؤت الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء وهو على كل شيء قدير.. إذا فعلينا الاستسلام لله الواحد القهار، خاصة وأنه أخبرنا في سورة البقرة:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
الآن نعود إلى الآية الكريمة ليكتمل المعنى وترسخ في قلوبنا بعد أن نتدارسها بعقولنا فنُصبّح عابدين لله بكل ما لدينا من فهم وحب وخشوع.
فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ
الآن حان وقت الاستسلام لله الواحد القهار، نعبده ونرجو ثوابه ونخاف عقابه فليس لنا من دونه ولُيّ ولا نصير، فإذا تم هذا كفانا الله شر ما نخاف وما نحذر ورزقنا من حيث لا نحتسب.
وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)
مجرد تحذير بسيط وخفيف لكي لا نغفل عن عبادته وكأننا نراه، فإن لم نكن نراه أو لم نستطع أن نرى عظمته في كل ما نفعل فعلينا أن نعرف بيقين أنه سبحانه يعلم ما نُخفي وما نُعلن.
هذا ما وفقني الله إليه وما فيه من صواب فهو رزقا حسنا من الله وما فيه من خطأ فمني وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
ساحة النقاش