نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين أن جعل لنا كتابا نقرأه لا يأتيه الباطل من بين يديه .. وجعل لنا أهل هذا العصر اختصار وموجز للمنهج السوي الرباني الذي إن اتبعناه فلا ضلال ولا شقاء ولا هلاك بعده بإذن الله تعالى.

    وكل ما سوف نقدمه لحضراتكم هو مجموعة نداءات من العزيز الحميد إلى كل من يريد منكم أن تستقيم له الحياة ..

      ذلك أن الله تبارك وتعالى يريد بنا الخير كله حيث كنا في أي زمان ومكان، ومن الواضح لكل ذي عقل وفكر أن عصرنا هذا قد أصبح يمضي بسرعة رهيبة حتى إننا قد لا نجد وقتا كافيا للقراءة أو حضور مجالس العلم، هذا بجانب إنعدام الثقة بصفة عامة في كل ما نقرأ ونسمع ونرى، من أجل هذا خصص لنا ربنا نداءات شتى في كتابه الكريم بدأت كلها بـ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

      وسوف نجد بإذن الله تعالى أن الله ينادي على من به آمن ليثبت له الإيمان ويزيده من معطيات الصلاح والفلاح وما يجعله دائما مميزا عن غيره ..

ونداءات سورة البقرة تعتبر تأسيسية فهي تؤسس شخصية الإنسان، وتنمي قدراته الداخلية وتجعل له نورا يمشي به في الحياة.

أما الآن فقد حان وقت تلبية أول نداء من الرحمن لعباده الكرام وهو في أدب الكلام  فتابعونا رحمكم الله:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا

ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ

سورة البقرة آية رقم 104



سجل لنا التاريخ أن كلمة راعنا في اللغة العبرية معناها يختلف تماما عنها في اللغة العربية، معناها عندنا أن تعطينا مزيدا من الرعاية والاهتمام، أما في اللغة الأخرى معناها الرعونة.. وكانوا يستعملونها أصحاب اللغة العبرية ليسخروا من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا الصحابة يقولونها.


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ


وهكذا حرم الله على كل من به آمن أن يقول كلمة لها معنيين، معنى ظاهري لابأس به وآخر خبيث ملتوي، وهنا سنلاحظ أنه سبحانه وضع لنا إستراتيجية فعالة إلى أبعد الحدود لأنها مرتبطة إرتباط وثيق بالأفكار، فكل ما نفكر فيه نقوله أو نفعله، فالكلمة هي أصل في كل شيء.

ولكن يبقى لدينا سؤال في منتهى الأهمية:

ما علاقة الكلمة بتربية الأولاد؟

       كلنا يعرف أن الطفل يظل يسمع فقط من أبويه ومن كل الأشخاص الذين يحيطون به لمدة قد تتجاوز سنتين من عمره، يظل يستمع ويلاحظ ويخزن في مطبخ ذاكرته كل ذلك ثم يبدأ بالكلام ، وهنا نجد الطفل يتكلم مثل أبويه وربما بنفس الطريقة، ثم يقوم بتقليد الكبار في كل ما يفعلون حتى تتكون شخصيته.

قال الله تبارك وتعالى:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ(24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ

[ سورة إبراهيم ]

    وهكذا يُعلمنا ربنا أن الكلام كله على مختلف ألوانه وأشكاله ولهجاته ولغاته وأوطانه ينقسم إلى طيب وخبيث.

       وعن الكلمة قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير في الحديث الصحيح اخترت لكم منها ما يلي:

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " .

    إذا استقامة الحياة مرتبطة باستقامة الأفكار، لأننا نتصرف ونتواصل بالكلمة التى هي في الأصل فكرة أو مجموعة من الأفكار ووجهات النظر والعقائد.

وعن علاقة كل ذلك بالأولاد لدينا آية أصل في هذا المجال:


وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)

[ سورة النساء ]

      الكلمة السديدة هي الكلمة الصادقة، وهي كلمة تشق طريقها نحو القلب مباشرة فيطمئن لها من يسمعها ولا يشك في صدقها، وهي بسرعة البرق ترسم صورة قوية وواضحة المعالم لشخصية من يتكلم بها، لأنها من أصل الحكمة وأصل الإيمان، وأول من يفرح بها ويحبها ويتعهدها بالحب والرعاية هم الأهل والأولاد والجيران، لأنها تضمن لهم مستقبل باهر وآمن ومضمون من الواحد القهار.

ثم قبل أن نختم يسرني أن أذكركم أيضا بآية أخرى عن الكلمة السديدة:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

[ سورة الأحزاب]

      بمجرد أن يكون كلامنا سديدا أي صادقا وليس نفاقا أو رياءا سيُدخلنا فورا في عملية الإصلاح التى لا يمكن أن يقوم بها إلا الله، يُصلح لكم أعمالكم، والأولاد هم أهم ما لدينا من أعمال، لأننا أعطيناهم كل ما نملك من وقت وجهد ومال بجانب الحب والمودة والتضحية بكل ثمين.

     ومن خلال اللقاءات القادمة إن شاء الله  سنتعرف على كيف تستقيم لنا الحياة وكيف سيساعدنا ربنا في إعادة تكوين شخصيتنا واسرتنا ومجتمعاتنا بإذن الله تعالى فانتظرونا ولكم جزيل شكري وامتناني لمتابعتكم وتشريفكم لنا في صفحتي.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 17 مايو 2019 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

249,404

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »