الطريق الممهد لتحقيق الذات ورؤية قدراتها الحقيقية
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
الفلاح وهو أصل النجاح وتحقيق الذات، ذكره ربنا تبارك وتعالى في كتابه في مراحل أربعة، وفي كل مرحلة ربطه المولى عز وجل بشيء معين لا يتحقق إلا به، وهي كالتالي:
-
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى.
{ سورة طه آية رقم 64 }
هذا ما قاله سحرة فرعون ومن تفسير هذه الآية سنتعرف على سياسة كثير من الناس للوصول إلى غاياتهم، بغض النظر عن الوسيلة أو نُبل الغاية :
{ فتجاذب السحرة أمرهم بينهم وتحادثوا سرًا، قالوا: إن موسى وهارون ساحران يريدان أن يخرجاكم من بلادكم بسحرهما، ويذهبا بطريقة السحر العظيمة التي أنتم عليها، فأحكموا كيدكم، واعزموا عليه من غير اختلاف بينكم، ثم ائتوا صفًا واحدًا، وألقوا ما في أيديكم مرة واحدة؛ لتَبْهَروا الأبصار، وتغلبوا سحر موسى وأخيه، وقد ظفر بحاجته اليوم مَن علا على صاحبه، فغلبه وقهره } .
من التفسير الميسر.
هؤلاء السحرة كانت لهم غاية واحدة وهي أن يكونوا من المقربين عند فرعون ليحققوا أهدافهم بسرعة وسهولة ويسر، ذلك أن فرعون هو أعلى سلطة في البلاد فقالوا له :
وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
{ سورة الأعراف }
مصير السحرة النهائي:
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ
{سورة الأعراف}
من العنوان التالي سنعرف وسيلة كل طاغية في الوصول إلى أهدافه وتحقيق مساعيه وأغراضه:
سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
سحروا أعين الناس .. أي إستحوذوا على عقولهم .. سلبوا لُبهم .. ثم استغلوا ضعفهم وخوفهم فاسترهبوهم..
هنا نرى بوضوح قدرة العقل البشري لقد استخدم السحرة كل مالديهم من خفة الحركة والذكاء والخبرة في إسترهاب الناس ..
ولا زال هذا الأسلوب نراه في كثير من الناس، يُبهرك بفكره وقدرته وذكائه فتستسلم له طواعية، فإذا ما ملكته عقلك فقد ملكته عنقك.
فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ
عندما يقع الحق في قلوبنا فإن القلب تلقائيا سيسجد لله شكرا وخوفا وطمعا ورهبة ورغبة فالقلب هو وعاء الحق إن كان خاليا من الباطل.. وفي هذا علمنا ربنا أن نقول:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا
لابد أن نطلب من الله أن يُدخلنا مدخل صدق في حياتنا الدنيا لنخرج منها مخرج صدق قبل أن يؤثر فينا الباطل فقد جعله الله زهوقا.
أما عن الفلاح فلنا لقاء قادم إن شاء الله فلا زال أمامنا مواطن أربعة عنه منها على سبيل الحصر ما جاء في كتاب الله عنه:
-
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
-
قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ
-
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا
ساحة النقاش