كتاب العقيدة س)- ما مفهوم العقيدة عند العلماء؟ المقصود من العقيدة في اصطلاح العلماء هو كل خبر جاء عن الله أو رسوله، يتضمن خبراً غائباً عنا وعن عقولنا باعتبارنا بشراً لا نعلم الغيب، وليس معه حكمٌ شرعي عملي، أما إذا كان الخبر المشار إليه كتاباً أو سنة فيه حكم عملي، فهذا لا يَصُفّونَه في صَفّ العقائد، وإنما يحشرونه في صف الأحكام الشرعية، هذا هو الاصطلاح. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- ما حكم هذا الاصطلاح؟ لا بأس من ذلك التفريق الاصطلاحي، أن نسمي الخبر إذا كان فيه خبر غيبي وليس فيه حكم شرعي بأنه عقيدة، وأن نسمي خبراً آخر الذي يتضمن حكماً شرعياً عملياً بأنه حكم شرعي وليس بعقيدة، هذا الاصطلاح لا بأس به، ولكن بشرط ألا يؤدي إلى مخالفة الشرع، وقد تحققت المخالفة، وإليكم البيان: كل حكم شرعي لا يقترن معه عقيدة فلا قيمة له؛ لأن أي حكم سواء كان يتضمن -مثلاً- الفرض أو الوجوب والمعنى واحد، إذا لم تقم بهذا الواجب بنية واعتقاد أنه فرض لم يفدك هذا الحكم شيئاً، وهكذا قُرِّر في كل الأحكام أو بقية الأحكام الخمسة، فأنت إذا أتيت بعبادة غير الفريضة كسنة مؤكدة أو مستحبة، إذا جئت بها باعتقاد أنها فرض أثمت ولم تؤجر؛ ذلك لأنك خالفت العقيدة الإسلامية في هذا الحكم الشرعي، يكفي الآن على سبيل التمثيل والتوضيح هذان المثالان اللذان يبينان لك بوضوح أن كل حكم شرعي مقرون معه عقيدة، لكن نعكس؛ فليس كل عقيدة مقرون معها حكم وعمل شرعي، مثلاً: نعتقد بخروج الدجال الأكبر في آخر الزمان .. نعتقد بنزول النبي عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله للدجال الأكبر .. نعتقد بخروج المهدي محمد بن عبد الله في آخر الزمان .. نعتقد بعذاب القبر ... إلى آخر ما هنالك من عقائد ثابتة في الكتاب والسنة، هذه كلها مجرد عقيدة لا يقترن معها عمل، فاقترح العلماء للتفريق بين هذا النوع من العقيدة وذاك النوع من العقيدة، بأن هذه عقيدة وهذه أحكام. ولكن إذا ألزمني هذا التفريق فلسفة عارضة طارئة دخيلة على الإسلام؛ حينذاك لا يجوز أن نصطلح هذا الاصطلاح، وإنما نقول: كل ذلك أحكام شرعية، وإنما الواقع أن هذا حكم ليس معه عمل، وذاك حكم معه عمل، مهما كانت نيته أنه عمل .. هذا ________________________________________ حكم من الله تعتقد بكذا وكذا، وهذا حكم من الله تعتقد بكذا وكذا، لكن هذا النوع الثاني اقترن به القيام بعمل من نوع معين. التفريق هذا هو كما قلت: اصطلاح، ولا بأس باستعمال هذا الاصطلاح باشتراط الشرط السابق، أقول: اصطلاح؛ لأن السلف الصالح لا يعرفون هذا إطلاقاً، لا يعرفون التفريق بين خبر غيبي مجرد وخبر فيه حكم عملي ولابد من اعتقاد حكمه، فإذا ما وقفنا عند هذا الاصطلاح ولم نتعدَ إلى مخالفة أحكام شرعية أخرى، فلا بأس به. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- هل سبب هذا الاصطلاح عقيدة محدثة لا يعرفها السلف الصالح ؟ في الواقع أننا قد تورطنا من هذا الاصطلاح فجئنا بعقيدة باطلة مخالفة للشريعة الإسلامية، وهذه العقيدة بالتالي لا يعرفها السلف الصالح، ولا يعرفها الأئمة الأربعة الذين نحن ننتمي إليهم في اتباعهم في مذاهبهم، سواء ما كان منها مذهباً اعتقادياً بهذا الاصطلاح، أو كان مذهباً حكمياً شرعياً. أريد من هذا التذكير بما ابتلي به المسلمون اليوم من رأي اعتزاليّ قديم، قام بعض الناس بتبنيه وإشاعته بين الناس، فكان مثار فتنة ومثار بلاء أصيب به كثير من الناس؛ بسبب جهلهم بالسنة أولاً، وبالأولى بسبب جهلهم بما كان عليه سلفنا الصالح من تقبلهم الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على إطلاقها دون فلسفة .. عقيدة، وحكم، هكذا كان موقف السلف الصالح بالنسبة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقبلوها على إطلاقها، سواءً كانت بالاصطلاح السابق الذكر (عقيدة)، أو كان (حكماً شرعياً)، لا يفرقون بين هذا وبين هذا، وإنما يكون موقفهم تجاه كل حديث يبلغهم عمن يثقون بخبره أن يسلموا تسليماً؛ لأن الله تبارك وتعالى حينما قال في مطلع هذه الآية: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء:65] هذه الآية نص عام، اختلفنا -مثلاً- في قبول خبر الآحاد في الأحكام الشرعية، ماذا نفعل؟ نُحكم الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك .. هل أُمرنا باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يأتينا به من أخبار فيها أحكام شرعية؟ الجواب: نعم، وهذا موضع اتفاق، ولكن اختلفنا اختلافاً من نوعية أخرى، ألا وهو: هل نأخذ بحديث الآحاد في الأخبار التي ليس فيها أحكام شرعية وإنما فيها محض عقيدة؟ قيل وقيل، إذاً لمن نرجع؟ إلى الحَكَم الذي ذكره الله تعالى في قوله: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ...) [النساء:65] إلى آخر الآية، فنحن حينذاك مادام أننا اختلفنا يجب أن نتحاكم إلى الله وإلى الرسول، وأن نسلم بعد ذلك إلى ما جاءنا عن الله والرسول ونسلم تسليماً، فهل تجدون في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا التفريق الذي ابتلي به قديماً بعض الفرق الإسلامية وحديثاً بعض الشباب المسلم؟ هل تجدون هذا التفريق في كتاب الله أو في حديث رسول الله، أم تجدون هناك النصوص عامة مطلقة مثل: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ________________________________________ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر:7] فهذا من حيث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مصدر الخبر المصدر الأول؟ ثم هل تجدون هناك في الكتاب أو في السنة تفريقاً من حيث وصول الخبر من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يجب أن يؤخذ بالأحكام ولو كان الناقل للخبر عن الرسول عليه الصلاة والسلام فرداً، أما في العقائد -بالاصطلاح السابق- فلا يؤخذ إلا أن يكونوا جماعةً هم جماعة التواتر؟ هل تجدون شيئاً من هذا في الكتاب والسنة؟ أما نحن فلم نجد ولن نجد، ويستحيل أن نجد مثل هذا التفريق بين حديث الآحاد في العقيدة والأحكام، بحيث أنه في العقيدة لا يؤخذ به والراوي نفسه ثقة، هذا الراوي الذي إذا روى خبراً في الأحكام احتج به، وإذا روى خبراً في العقيدة ليس فيه حكم لا يحتج به، هذا التفريق قلت: لا نجده ولن نجده، ولكننا نجد العكس، وهذا أقوى لنا، نجد النصوص من الكتاب والسنة -أيضاً- أنها تأتي نصوصاً عامةً، كما جاءت فيما يتعلق بالرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه كالمصدر الأول لا فرق؛ سواءً جاءنا عن الله بخبر فيه غيب فيجب أن نسلم له تسليماً، أو جاء بخبر فيه حكم فيجب أن نسلم تسليماً، النصوص العامة تدل على هذا وأنه لا فرق، كذلك جاءت النصوص عامة فيما يتعلق بالواسطة الذي ينقل لنا الخبر عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لا فرق أيضاً بين أن تكون هذه الواسطة هي الصحابي أو من بعد الصحابي. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . ________________________________________ فصل في الإيمان بالله باب في تعريف الإيمان س)- ما حكم قول القائل ان الايمان قول واعتقاد؟ هذا مذهب الحنفية والماتريدية خلافا للسلف وجماهير الأئمة كمالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم فإن هؤلاء زادوا على الإقرار والتصديق : العمل بالأركان . انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية. س)- هل الخلاف بين مذهب الحنفية والماتريدية وبين مذهب السلف خلاف صوري كما قال شارح العقيدة الطحاوية؟ ليس الخلاف بين المذهبين اختلافا صوريا كما ذهب إليه الشارح رحمه الله تعالى بحجة أنهم جميعا اتفقوا على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان وأنه في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه . فإن هذا الاتفاق وإن كان صحيحا فإن الحنفية لو كانوا غير مخالفين للجماهير مخالفة حقيقية في إنكارهم أن العمل من الإيمان لاتفقوا معهم على أن الإيمان يزيد وينقص وأن زيادته ونقصه بالمعصية مع تضافر أدلة الكتاب والسنة والآثار السلفية على ذلك وقد ذكر الشارح طائفة طيبة منها (ص 384-387) [342-344] ولكن الحنفية أصروا على القول بخلاف تلك الأدلة الصريحة في الزيادة والنقصان وتكلفوا في تأويلها تكلفا ظاهرا بل باطلا ذكر الشارح (ص 385) [342] نموذجا منها بل حكى عن أبي المعين النسفي أنه طعن في صحة الحديث " الإيمان بضع وسبعون شعبة . . . " مع احتجاج كل أئمة الحديث به ومنهم البخاري ومسلم في (صحيحيهما) وهو مخرج في " الصحيحة " (1769) وما ذلك إلا لأنه صريح في مخالفة مذهبهم. ثم كيف يصح أن يكون الخلاف المذكور صوريا . وهم يجيزون لأفجر واحد منهم أن يقول : إيماني كإيمان أبي بكر الصديق بل كإيمان الأنبياء والمرسلين وجبريل وميكائيل عليهم الصلاة والسلام كيف وهم بناء على مذهبهم هذا لا يجيزون لأحدهم - مهما كان فاسقا فاجرا - أن يقول : أنا مؤمن إن شاء الله تعالى بل يقول : أنا مؤمن حقا والله عز وجل يقول : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقا ) [ سورة الأنفال : 2 - 4 ] (ومن أصدق من الله قيلا) [سورة النساء : 22] وبناء على ذلك كله اشتطوا في ________________________________________ تعصبهم فذكروا أن من استثنى في إيمانه فقد كفر وفرعوا عليه أنه لا يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية وتسامح بعضهم - زعموا - فأجاز ذلك دون العكس وعلل ذلك بقوله : تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب وأعرف شخصا من شيوخ الحنفية خطب ابنته رجل من شيوخ الشافعية فأبى قائلا : . . . لو لا أنك شافعي فهل بعد هذا مجال للشك في أن الخلاف حقيقي ؟ ومن شاء التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية : " الإيمان " فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع . انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية. س)- ما قولكم في كتاب " ظاهرة الإرجاء" لسفر الحوالي ؟ قد بدا لي من مطالعتي للكتاب المذكور أنه ذو فائدة كبيرة جداً في الرد على علماء الكلام الذين يخالفون أهل الحديث في قولهم: (الإيمان يزيد وينقص، وأن الأعمال الصالحة من الإيمان)، مع غلو ظاهر في بعض عباراته؛ حتى ليخال إليَّ أنه يميل إلى مذهب الخوارج، مع أنه يرد عليهم، وغمزني بالإرجاء أكثر من مرة؛ تارة تصريحاً وأخرى تلويحاً، مع إظهاره الاحترام والتبجيل -خلافاً لبعض الغلاة ولا أقول: الأتباع-، وهو يعلم أنني أنصر مذهب الحديث، متعذراً بأنني لا أكفر تارك الصلاة كسلاً؛ ما لم يدل على أن تركه عن عقيدة وجحود، كالذي يقال له: (إن لم تصل، وإلا؛قتلناك)، فيأبى فيقتل؛ فهذا كافر مرتد -كما كنت نقلته في رسالتي «حكم تارك الصلاة»،عن ابن القيم وشيخه ابن تيمية - وعلى مثله حمل ابن تيمية الآثار التي استفاضت عن الصحابة في كفر تارك الصلاة، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة» . انظر كلاهما في الرسالة المذكورة (ص38-46). ومع هذا رمانا المؤلف بالإرجاء.. سامحه الله، وهدانا الله وإياه لما اختلف فيه مِن الحق؛ إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. ومجال مناقشته واسع جداً فيما نَبا قلمه عن الصواب، وما فيه من الأخطاء والتناقضات، وبخاصة في تأويله للأحاديث والنصوص وليُّه إياها إلى ما يتفق مع ما ذهب إليه مع محاولته التشكيك في صحة الحديث المتفق على صحته؛ إذ شعر أن تأويله غير مقنع -كما فعل بحديث الجهنميين الذين يخرجهم الله مِن النار بغير عمل عملوه-. بل وإعراضه أحياناً عن ذكر ما هو عليه منها. أقول: هذا باب واسع جداً يتطلب التفرع له وقتاً مديداً، مما لا أجده الآن.والله المستعان سلسلة الأحاديث الضعيفة (14/ 949) ________________________________________ س)- كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي لسفر الحوالي هل رأيته؟ رأيته . س)- الحواشي - يا شيخنا - خاصة الموجودة في المجلد الثاني ؟! كان عندي - أنا - رأي صدر مني يوماً ما منذ نحو أكثر من ثلاثين سنة حينما كنت في الجامعة [الإسلامية] وسئلت في مجلس حافل عن رأيي في جماعة التبليغ ؟ فقلت يومئذ : "صوفية عصرية" و الآن خطر في بالي أن أقول بالنسبة لهؤلاء الجماعة الذين خرجوا في العصر الحاضر وخالفوا السلف - وأقول هنا تجاوباً مع كلمة الحافظ الذهبي - خالفوا السلف في كثير من مناهجهم. فبدا لي أن اسميهم : خارجية عصرية ، فهذا يشبه الخروج الآن حين نقرأ من كلامهم - لأنهم في الواقع - كلامهم ينحو منحى الخوارج في تكفير مرتكب الكبائر. لكنهم - ولعل هذا ما أدري أن أقول ! - غفلة منهم أو مكر منهم . وهذا أقوله أيضا من باب قوله تعالى: ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) ما أدري لايصرحون بأن كل كبيرة هي مكفرة لكنهم يدندنون حول بعض الكبائر ويسكتون - أو يمرون - على الكبائر الأخرى ، ولذلك أنا لا أرى أن نطلق القول ونقول فيهم أنهم خوارج إلا من بعض الجوانب وهذا من العدل الذي أمرنا به .الشريط 855 س)- ما هو ردكم على كتاب الدكتور سفر (ظاهرة الإرجاء)؟ مجال الرد عليه واسع جداً، ولا أدري متى تسنح لي الفرصة للرد عليه، وبيان ما يؤخذ عليها فقهاً وحديثاً ؟ وإن كنت أشكر له أدبه ولطفه وتبجيله لكاتب هذه الأحرف، ودفاعه عن عقيدة أهل الحديث في أن الإيمان يزيد وينقص؛ وإن كان قد اقترن به أحياناً شيء من الغلو والمخالفة؛ والاتهام بالإرجاء؛ مع أنه يعلم أنني أخالفهم مخالفة جذرية ؛ فأقول : الإيمان يزيد وينقص ؛ وإن الأعمال الصالحة من الإيمان، وإنه يجوز الاستثناء فيه؛ خلافاً للمرجئة، ومع ذلك رماني أكثر من مرة بالإرجاء! فقلب بذلك وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وأتبع السيئة الحسنة تمحها.. " ! فقلت: ما أشبه اليوم بالبارحة ! فقد قال رجل لابن المبارك: " ما تقول فيمن يزني ويشرب الخمر؛ أمؤمن هو؟ قال: لا أخرجه من الإيمان. فقال الرجل: على كبر السن صرت مرجئاً ! فقال له ابن المبارك: إن المرجئة لا تقبلني! أنا أقول: الإيمان يزيد وينقص. والمرجئة لا تقول ذلك. والمرجئة تقول: حسناتنا متقبلة. وأنا لا أعلم تُقبلت مني حسنة؟ وما ________________________________________ أحوجك إلى أن تأخذ سبورة فتجالس العلماء ". رواه ابن راهويه في "مسند ه " (3/670- 671). قلت : ووجه المشابهة بين الاتهامين الظالمين هو الإشراك بالقول مع المرجئة في بعض مايقوله المرجئة؛ أنا بقولي بعدم تكفير تارك الصلاة كسلاً؛ وابن المبارك في عدم تكفير مرتكب الكبيرة ولو أردت أن أقابله بالمثل لرميته بالخروج؛لأن الخوارج يكفرون تارك الصلاة وبقية الأركان الأربعة ! و(أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 3054. س)- ما تقول المرجئة في الصلاة ؟ وهل تقولون بقولهم ؟ يقولون: الصلاة ليست من الإيمان، ونحن نقول بخلافه . الردّ على كتاب ظاهرة الإرجاء لسفر الحوالي. س)- جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم انه قال (كانَ رجلٌ ممَّن كان قبلكم لم يعمل خيراً قطُّ ؛ إلا التوحيد، فلما احتُضر قال لأهله : انظروا: إذا أنا متُّ أن يحرِّقوه حتى يدعوه حمماً، ثم اطحنوه، ثم اذروه في يوم ريح، [ثم اذروا نصفه في البر، ونصفه في البحر، فوالله؛ لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين]، فلما مات فعلوا ذلك به،[ فأمر الله البر فجمع ما فيه،وأمر البحر فجمع ما فيه]، فإذا هو[ قائم] في قبضة الله،فقال الله عز وجل: يا ابن آدم! ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي ربِّ! من مخافتك (وفي طريق آخر: من خشيتك وأنت أعلم)، قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيراً قطُّ إلا التوحيد) فهل : 1- زيادة "إلا التوحيد" صحيحة غير شاذة. 2- وهل هذا الرجل كان مؤمنا؟ 3- و ما هو تفسير قول الرجل في الحديث : "لئن قدر الله علي" وهل تطعن في ايمانه. ________________________________________ 4- وهل يعذر هذا الرجل بجهله في عدم معرفة ان الله قادرا على ان يبعثه وانه على كل شيء قدير. اعلم أن قوله : "إلا التوحيد" في الحديث مع كونها صحيحة الإسناد، فقد شكك فيها الحافظ ابن عبدالبر من حيث الرواية، وإن كان قد جزم بصحتها من حيث الدراية، فكأنه لم يقف على إسنادها، لأنه علقها على أبي رافع عن أبي هريرة، فقال رحمه الله (18/40): "وهذه اللفظة- إن صحت- رفعت الإشكال في إيمان هذا الرجل، وإن لم تصح من جهة النقل؛ فهي صحيحة من جهة المعنى، والأصول كلها تعضدها، والنظر يوجبها، لأنه محال غير جائز أن يغفر للذين يموتون وهم كفار؛ لأن الله عز وجل قد أخبر أنه( لا يغفر أن يشرك به) لمن مات كافراً، وهذا ما لا مدفع له، ولا خلاف فيه بين أهل القبلة. واما الدليل على أن الرجل كان مؤمناً قوله حين قيل له " لم فعلت هذا ؟ " فقال : " من خشيتك يارب ! ". والخشية لاتكون إلا لمؤمن مصدق ؛ بل ما تكاد تكون إلا لمؤمن عالم؛ كما قال الله عز وجل: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، قالوا: كل من خاف الله فقد آمن به وعرفه، ومستحيل أن يخافه من لا يؤمن به. وهذا واضح لمن فهم وألهم رشده. وأما قوله: "لئن قدر الله علي "؛ فقد اختلف العلماء في معناه؛ فقال منهم قائلون: هذا رجل جهل بعض صفات الله عز وجل، وهي القدرة، فلم يعلم أن الله على كل ما يشاء قدير، قالوا: ومن جهل صفة من صفات الله عزوجل، وآمن بسائر صفاته وعرفها؛ لم يكن بجهله بعض صفات الله كافراً. قالوا: وإنما الكافر من عاند الحق لا من جهله. وهذا قول المتقدمين من العلماء ومن سلك سبيلهم من المتأخرين. وقال آخرون: أراد بقوله: "لئن قدر الله علي " من القدر الذي هو القضاء، وليس من باب القدرة والاستطاعة في شيء. قالوا: وهو مثل قول الله عز وجل في ذي النون: (إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه ) . وللعلماء في تأويل هذه اللفظة قولان: أحدهما: أنها من التقدير والقضاء. والآخر: أنها من التقتير والتضييق. وكل ما قاله العلماء في تأويل هذه الآية فهو جائز في تأويل هذا الحديث في قوله: "لئن قدر الله علي "، فأحد الوجهين تقديره: كأن الرجل قال: لئن كان سبق في قدر الله وقضائه أن يعذب كل ذي جرم على جرمه؛ ليعذبني الله على إجرامي وذنوبي عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين غيري. والوجه الآخر: تقديره: والله! لئن ضيق الله علي وبالغ في محاسبتي وجزائي على ذنوبي ليكونن ذلك. ثم أمر بأن يحرق بعد موته من إفراط خوفه. ________________________________________ وأما جهل هذا الرجل بصفة من صفات الله في علمه وقدره؛ فليس ذلك بمخرجه من الإيمان، ألا ترى أن عمر بن الخطاب وعمران بن حصين وجماعة من الصحابة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القدر. ومعلوم أنهم إنما سألوه عن ذلك وهم جاهلون به، وغير جائز عند أحد من المسلمين أن يكونوا بسؤالهم عن ذلك كافرين، أو يكونوا حين سؤالهم عنه غير مؤمنين. وروى الليث عن أبي قبيل عن شُفَيٍّ الأصبحي عن عبدالله بن عمرو بن العاص- فذكر حديثاً في القدر، وفيه: فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فأي شيء نعمل إن كان الأمر قد فرغ منه؟ ، فهؤلاء أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - - وهم العلماء الفضلاء- سألوا عن القدر سؤال متعلم جاهل؛ لا سؤال متعنت معاند، فعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جهلوا من ذلك، ولم يضرهم جهلهم به قبل أن يعلموه، ولو كان لا يسعهم جهله وقتاً من الأوقات؟ لعلمهم ذلك مع الشهادة بالإيمان، وأخذ ذلك عليهم في حين إسلامهم، ولجعله عموداً سادساً للإسلام، فتدبر واستعن بالله. فهذا الذي حضرني على ما فهمته من الأصول ووعيته، وقد أديت اجتهادي في تأويل حديث هذا الباب كله ولم آلُ ، وما أبرئ نفسي، وفوق كل ذي علم عليم. وبالله التوفيق ". هذا كله كلام الحافظ ابن عبدالبر، وهو كلام قوي متين يدل على أنه كان إماماً في العلم والمعرفة بأصول الشريعة وفروعها، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً. وخلاصته؛ أن الرجل النباش كان مؤمناً موحداً، وأن أمره أولاده بحرقه إنما كان إما لجهله بقدرة الله تعالى على إعادته- وهذا ما أستبعده أنا- أو لفرط خوفه من عذاب ربه، فغطى الخوف على فهمه؛ كما قال ابن الملقن فيما ذكره الحافظ (11/314)، وهو الذي يترجح عندي من مجموع روايات قصته، والله سبحانه وتعالى أعلم. وسواء كان هذا أو ذاك؛ فمن المقطوع به أن الرجل لم يصدر منه ما ينافي توحيده، ويخرج به من الإيمان إلى الكفر؛لأنه لو كان شيء من ذلك لما غفر الله له؛ كما تقدم تحقيقه من ابن عبدالبر. ومن ذلك يتبين بوضوح أنه ليس كل من وقع في الكفر من المؤمنين وقع الكفر عليه وأحاط به. ومن الأمثلة على ذلك: الرجل الذي كان قد ضلت راحلته، وعليها طعامه وشرابه، فلما وجدها قال من شدة فرحه: "اللهم ! أنت عبدي وأنا ربك " !وفي ذلك كله رد قوي جداً على فئتين من الشباب المغرورين بما عندهم من علم ضحل : الفئة الأولى : الذين يطلقون القول بأن الجهل ليس بعذر مطلقا ؛ حتى ألف بعض المعاصرين منهم رسالة في ذلك ! والصواب الذي تقتضيه الأصول والنصوص التفصيل؛ فمن كان من المسلمين يعيش في جو إسلامي علمي مصفى، وجهل من الأحكام ما كان منها معلوماً من الدين بالضرورة- كما يقول الفقهاء- فهذا لا يكون ________________________________________ معذوراً؛ لأنه بلغته الدعوة وأقيمت الحجة. وأما من كان في مجتمع كافر لم تبلغه الدعوة، أو بلغته وأسلم؛ ولكن خفي عليه بعض تلك الأحكام لحداثة عهده بالإسلام، أو لعدم وجود من يبلغه ذلك من أهل العلم بالكتاب والسنة؛ فمثل هذا يكون معذوراً. ومثله- عندي- أولئك الذين يعيشون في بعض البلاد الإسلامية التي انتشر فيها الشرك والبدعة والخرافة، وغلب عليها الجهل، ولم يوجد فيهم عالم يبين لهم ما هم فيه من الضلال، أو وجد ولكن بعضهم لم يسمع بدعوته وإنذاره؛ فهؤلاء أيضاً معذورون بجامع اشتراكهم مع الأولين في عدم بلوغ دعوة الحق إليهم؛ لقوله تعالى:( لأنذركم به و من بلغ) وقوله: ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) ، ونحو ذلك من الأدلة التي تفرع منها تبني العلماء عدم مؤاخذة أهل الفترة؛ سواء كانوا أفراداً أو قبائل أو شعوباً؛ لاشتراكهم في العلة؛ كما هو ظاهر لا يخفى على أهل العلم والنُّهى . ومن هنا يتجلى لكل مسلم غيور على الإسلام والمسلمين عظم المسؤولية الملقاة على أكتاف الأحزاب والجماعات الإسلامية الذين نصبوا أنفسهم للدعوة للإسلام، ثم هم مع ذلك يدعون المسلمين على جهلهم وغفلتهم عن الفهم الصحيح للإسلام، ولسان حالهم يقول- كما قال لي بعض الجهلة بهذه المناسبة-: "دعوا الناس في غفلاتهم "! بل وزعم أنه حديث شريف!! أو يقولون- كما تقول العوام في بعض البلاد-: "كل مين على دينه، الله يعينه "! وهذا خطأ جسيم لو كانوا يعلمون، ولكن صدق من قال: "فاقد الشيء لا يعطيه والفئة الثانية: نابتة نبتت في هذا العصر؛ لم يؤتوا من العلم الشرعي إلا نزراً يسيراً، وبخاصة ما كان منه متعلقاً بالأصول الفقهية، والقواعد العلمية المستقاة من الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، ومع ذلك؛ اغتروا بعلمهم فانطلقوا يبدِّعون كبار العلماء والفقهاء، وربما كفروهم لسوء فهم أو زلة وقعت منهم، لا يرقبون فيهم (إلاً ولا ذمة) ، فلم يشفع عندهم ما عرفوا به عند كافة العلماء من الإيمان والصلاح والعلم، وما ذلك إلا لجهلهم بحقيقة الكفر الذي يخرج به صاحبه من الإيمان؛ ألا وهو الجحد والإنكار لما بلغه من الحجة والعلم؛ كما قال تعالى في قوم فرعون: (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين . وجحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ) [ النمل /13-14]. وقال في الذين كفروا بالقرآن:( ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاءً بما كانوا بآياتنا يجحدون) [ فصلت/28] ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض فتاويه (16/ 434- مجموع الفتاوى):" لا يجوز تكفير كل من خالف السنة؛ فليس كل مخطئ كافراً لا سيما في المسائل التي كثر فيها نزاع الأمة " . يشير إلى مثل مسألة كلام الله وأنه غير مخلوق، ورؤية الله في الآخرة، واستواء الله على عرشه، وعلوه على خلقه؛ فإن الإيمان بذلك واجب، وجحدها كفر، ولكن لا يجوز تكفير من تأولها من المعتزلة والخوارج والأشاعرة بشبهة وقعت لهم؛ إلا من أقيمت عليه الحجة وعاند. وهذا هو المثال بين أيدينا: الرجل النباش؟ فإنه مع شكه في قدرة الله على بعثه غفر الله له؛ ________________________________________ لأنه لم يكن جاحداً معانداً؛ بل كان مؤمناً بالله وبالبعث على الجملة دون تفصيل لجهله. قال شيخ الإسلام بعد أن ساق الحديث برواية" الصحيح " وذكر أنه حديث متواتر (12/491) : " وهنا أصلان عظيمان : أحدهما: متعلق بالله تعالى؛ وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير. والثاني: متعلق باليوم الآخر؛ وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت، ويجزيه على أعماله. ومع هذا فلما كان مؤمناً بالله في الجملة، ومؤمناً باليوم الآخر في الجملة، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت، وقد عمل عملاً صالحاً- وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه-؛ غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح " . ولهذا؛ فإني أنصح أولئك الشباب أن يتورعوا عن تبديع العلماء وتكفيرهم، وأن يستمروا في طلب العلم حتى ينبغوا فيه، وأن لا يغتروا بأنفسهم، ويعرفوا حق العلماء وأسبقيتهم فيه، وبخاصة من كان منهم على منهج السلف الصالح كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، وأَلْفِتُ نظرهم إلى " مجموع الفتاوى " فإنه " كُنَيْف مُلِىءَ علماً "، وبخاصة إلى فصول خاصة في هذه المسألة الهامة (التكفير)، حيث فرق بين التكفير المطلق وتكفير المعين، وقال في أمثال أولئك الشباب: "ولم يتدبروا أن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين؛ إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع. يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه ". يعني الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق. ومن قال: إن الله لا يرى في الآخرة ؛ وأمثالهم . فأقول: وملاحظة هذا الفرق هو الفيصل في هذا الموضوع الهام، ولذلك فإني أحث الشباب على قراءته وتفهمه من "المجموع " (12/464- 501) الذي ختمه بقوله: "وإذا عُرف هذا؛ فتكفير (المعين) من هؤلاء الجهال وأمثالهم- بحيث يحكم عليه أنه من الكفار- لا يجوز الإقدام عليه؛ إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت مقالتهم لا ريب أنها كفر. (يعني: الدعاة إلى البدعة). وهكذا الكلام في تكفير جميع (المعينين)؛ مع أن بعض هذه البدع أشد من بعض، وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض. فليس لأحد أن يكفر أحدآ من المسلمين- وإن أخطأ وغلط- حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة ". هذا؛ وفي الحديث دلالة قوية على أن الموحد لا يخلد في النار؛ مهما كان فعله مخالفاً لما يستلزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال؛ كالصلاة ونحوها من الأركان العملية، وإن مما يؤكد ذلك ما تواتر في أحاديث ________________________________________ الشفاعة؛ أن الله يأمر الشافعين بأن يخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة من الإيمان. ويؤكد ذلك حديث أبي سعيد الخدري أن الله تبارك وتعالى يخرج من النار ناساً لم يعملوا خيراً قط. ويأتي تخريجه وبيان دلالته على ذلك، وأنه من الأدلة الصريحة الصحيحة على أن تارك الصلاة المؤمن بوجوبها يخرج من النار أيضاً ولا يخلد فيها، فانظره بالرقم (3054). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 3048. باب في زيادة الإيمان و نقصانه س)- ما هو قول الحنفية والماتريدية في الايمان وهل هو مخالف للسلف وجماهير الأئمة؟ وما قولكم فيمن يقول ان منهجكم موافق لمنهجهم ؟ من المعلوم أنهم لا يقولون بما جاء في الكتاب والسنة وآثار الصحابة من التصريح بأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأعمال من الإيمان ، وعليه جماهير العلماء سلفاً وخلفاً ما عدا الحنفية ؛ فإنهم لا يزالون يصرون على المخالفة ؛ بل إنهم ليصرحون بإنكار ذلك عليهم ، حتى إن منهم من صرح بأن ذلك ردة وكفر - والعياذ بالله تعالى - فقد جاء في (باب الكراهية) من "البحر الرائق " -لابن نجيم الحنفي - ما نصه (8/205) :" والإيمان لا يزيد ولا ينقص ؛ لأن الإيمان عندنا ليس من الأعمال " ........ وهذا يخالف - صراحة - حديث أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم سئل : أي العمل أفضل ؟ قال :" إيمان بالله ورسوله .. " - الحديث - أخرجه البخاري -وغيره- ، وفي معناه أحاديث أخرى ترى بعضها في "الترغيب" (2/107) . وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية وجه كون الإيمان من الأعمال ، وأنه يزيد وينقص - بما لا مزيد عليه- في كتابه "الإيمان" ، فليراجعه من شاء البسط . أقول : هذا ما كنت كتبته من أكثر من عشرين عاماً ؛ مقرراً مذهب السلف ، وعقيدة أهل السنة - ولله الحمد - في مسائل الإيمان ، ثم يأتي اليوم بعض الجهلة الأغمار ، والناشئة الصغار : فيرموننا بالإرجاء !! فإلى الله المشتكى من سوء ما هم عليه من جهالة وضلالة وغثاء. كتاب الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد ص 32- 33 . ________________________________________ س)- ما هي الكتب المشتملة على الاحاديث والاثار التي تدل على زيادة الايمان ونقصانه؟ مَن شَاءَ الإطِّلاعَ على الأحاديثِ الواردةِ في زيادةِ الإيمان وَنُقصانهِ ، وَكذا الآثار عَنِ الصحابةِ والتابعينَ ، فَليَرجِع إلى ( كتاب الإيمانِ ) لأبي بكرِ بن أبي شيبةَ الذي قُمنا بِتَحقيقِهِ وَطَبعِهِ مَعَ رَسائِلَ أُخرى انتهى كلام الالباني من كتاب التنكيل 2/372 . س)- ما تعليقكم على قَولِ الإمامِ الطحاويِّ – رحمه الله - في عَقيدَتِهِ : ((والإيمانُ واحِدٌ وأهلهُ في أصلهِ سَواءٌ ، والتفاضُلُ بينَهُم بالخَشيَةِ والتُّقى ومُخالَفَةِ الهوى وَمُلازَمَةِ الأَوْلى)) هذا على ما تَقَدَّمَ مِن قَولِهِ في الإيمانِ : أنَّه إقرارٌ وَتَصديقٌ فَقط ، وَقَد عَرَفتَ أنَّ الصوابَ فيه أنَّهُ مُتفاوِتٌ في أصلِهِ ، وأنَّ إيمانَ الصَّالحِ لَيسَ كإيمانِ الفاجِر انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية. س)- هل يوجد من العلماء من يكفر من ترك احد اركان الاسلام الاربعة الصلاة والصيام والزكاة والحج غير مستحل؟ لا أعتقدُ أنَّ أحداً من العُلماءِ المُعتَبَرينَ يُكَفِّر من تَرَكَ صَومَ رمضانَ مَثَلاً غيرَ مُستَحِلٍّ لهُ، خِلافاً لما يُفيدُهُ ظاهرُ الحديثِ الضعيف " عرى الإسلام و قواعد الدين ثلاثة , عليهن أسس الإسلام , من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله , و الصلاة المكتوبة , و صوم رمضان " والله أعلم ، وممّا لا شَكَّ فيهِ أنَّ التساهلَ في أداءِ رُكنٍ واحدٍ من هذهِ الأركانِ الأربعةِ العمليَّة مما يُعرِّضُ فاعلَ ذلكَ للوقوعِ في الكفرِ ، كما أشارَ إلى ذلكَ قولُه -صلى الله عليه وسلم- : (بينَ الرَّجُلِ وبين الكُفرِ والشِّركِ تَركُ الصَّلاةِ) فيُخشى على من تَهاونَ بالصَّلاةِ أن يَموتَ على الكُفرِ والعياذُ بالله تعالى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة 1/212. ________________________________________ باب جَوازُ الاستثناءِ في الإيمان س)- هل يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم (إذا سُئِلَ أحدُكُم : أمؤمنٌ أنتَ ؟ فلا يشكّ ) . عدم جواز الاستثناء في الايمان؟ اولا هذا الحديث ضعيف وهناكَ شئٌ آخر ؛ وهوَ أنَّهُ مُخالِفٌ للآثارِ السلفيَّةِ المُجمِعَةِ على أنَّ الإيمانَ يَزيدُ وَيَنقُصُ ، وأن زيادتهُ بالطَّاعَةِ، وقد تفرَّعَ مِنه جَوازُ الاستثناءِ فيما إذا سُئلَ المؤمنُ - كما في الآثارِ - هل أنتَ مؤمنٌ؟ أن يَقولَ أنا مؤمنٌ إن شاءَ الله ، خِلافاً لمِا في حَديثِ ابنِ بديل ، وذلكَ مَشروحٌ في كُتُبِ السُّنَّةِ والعَقيدَةِ. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة6/152. باب الفرق بين الإيمان والإسلام س)- هل مسمى الإسلام غير الإيمان؟ لقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً , والحق ما ذهب إليه جمهور السلف من التفريق بينهما , لدلالة الكتاب والسنة على ذلك فقال تعالى : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)الحجرات14, وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف مشهور. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان : (والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من الاسمين , وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل , فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات : أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان , وأعلاها الإحسان , ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن مؤمن , والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً). ومن شاء بسط الكلام على هذه المسألة مع التحقيق الدقيق , فليرجع إلى الكتاب المذكور , فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم155. ________________________________________ باب في ما يتضمنه الإيمان س)- هل الاعمال الصالحة داخلة في الايمان؟ إنَّ الإيمانَ قولٌ وعَمَلٌ ، والأعمالُ الصَّالحةُ مِن حَقيقةِ الإيمانِ . انتهى كلام الالباني من الذب الأحمد عن مسند الإمام احمد للألباني 32/33. س)- هل ينفع الايمان بدون عمل صالح؟ الايمان بدون عمل لا يفيد ، فالله عز وجل حينما يذكر الايمان يذكره مقرونا بالعمل الصالح لا ننا لا نتصور ايمانا بدون عمل صالح الا ان كان نتخيله خيالا ، آمن من هنا قال أشهد ان لا اله الا الله ، ومحمد رسول الله ومات من هنا ، هذا نستطيع ان نتصوره ، لكن انسان يقول أشهد ان لا اله الا الله ، ومحمد رسول الله ويعيش دهرا مما شاء الله ولا يعمل صالحا ، فعدم عمله الصالح دليل انه يقولها بلسانه ولم يدخل الايمان الى قلبه .شرح الادب المفرد - الشريط السادس - الوجه الاولى . س)-هل هناك تلازم بين الظاهر والباطن؟ أنا لا أزالُ أقولُ : إنَّ هناكَ ارتباطاً وَثيقاً جِداً بينَ قَلبِ المؤمنِ وَجَسدهِ ... كما أنَّ صَلاحَ القَلبِ من النَّاحيةِ الماديَّةِ لهُ ارتباطٌ بِصلاحِ البدنِ ، فإنني لا أستطيعُ أن أتصوَّرَ رَجُلاً مَريضَ القلبِ وَيَكون صَحيحَ البدنِ !! لا أستطيعُ أن أتصوَّر هذا ، كذلكَ الأمرُ تَماماً فيما يَتعلَّق بالناحيةِ الإيمانيةِ ، لا أستطيعُ أن أتصوَّر مُؤمناً وَقد كَانَ كافراً ثم آمنَ باللهِ وَرَسولِهِ حَقَّاً ، مُستحيلٌ أن أتَصوَّر أنَّهُ سَيَبقى كَما كانَ ، والسَّببُ أنَّ الإيمانَ -كما قُلنا- يَزيدُ وَيَنقُصُ انتهى كلام الالباني من دلائل البرهان 19. س)-هل علامة فساد الظاهر دليل على فساد الباطن؟ في قوله صلى الله عليه وسلم (أقيموا صُفوفَكُم - ثلاثاً - ، والله لَتُقيمُنَّ صُفوفَكُم أو لَيُخالَِفَنَّ بَين قُلوبِكُم ) دَليلٌ واضِحٌ على أمرٍ لا يَعلَمُه كَثيرٌ من النَّاسِ ، و إن كانَ صَارَ مَعروفاً في عِلمِ النَّفسِ ، وَهو أنَّ فَسادَ الظَّاهرِ يؤثِّرُ في فَسادِ الباطنِ ، و العكسُ بالعكسِ ، و في هذا المعنى أحاديثُ كَثيرةٌ ، لَعلَّنا نَتَعرَّضُ لجمعِها و تخريجِها في مُناسبةٍ أخرى إن شاءَ الله تعالى انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة 1/31 ________________________________________ س)- جاء في مسند الطبراني عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنَّ الله لا يَنظُرُ إلى أجسامِكُم ولا إلى أحسابكم ولكن يَنظُر إلى قُلوبِكُم، فمن كانَ له قلبٌ صالحٌ تَحنَّنَ الله عَليهِ فإنما أنتُم بنو آدم وأحَبَّكُم إلي أتقاكُم ) هل يدل هذا الحديث على عدم دخول الاعمال في نظر الله عز وجل؟ لقد زادَ مُسلمُ وغيرُهُ – في روايةٍ - : (وأعمالِكُم) وهذهِ الزِّيادةُ هامَّةٌ جِداً ؛ لأنَّ كثيراً من الناسِ يَفهَمونَ الحديثَ بِدونِها فَهماً خاطِئاً ؛ فإذا أنتَ أمرتَهم بما أمرهُم به الشَّرعُ الحكيمُ مِن مِثلِ إِعفاءِ اللِّحيَةِ ، وَتَركِ التشبُّهِ بالكفَّارِ ، وَنحوِ ذلك من التكاليفِ الشرعيَّةِ ، أجابوكَ : بأنَّ العُمدةَ على ما في القلبِ ، واحتجُّوا على زَعمِهم بِهذا الحديثِ ، دونَ أن يَعلَموا بِهذهِ الزّيادةِ الصحيحةِ الدَّالَّةِ على أنَّ الله – تبارك وتعالى – يَنظُر أيضاً إلى أعمالهم ، فإن كانت صالحةً قَبِلَها وإلا رَدَّها عليهِم ، كما تَدلُّ على ذلك عَديدٌ من النُّصوصِ ؛ كَقولهِ -صلى الله عليه وسلم- : ( من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ مِنه فهُوَ ردٌّ). والحقيقةُ أنَّه لا يُمكنُ تَصوُّرُ صَلاحِ القُلوبِ إلا بِصلاحِ الأعمال ، ولا صَلاحُ الأعمالِ إلا بِصلاحِ القُلوبِ . وقد بيَّن ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أجملَ بيانٍ في حديثِ : (.... ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغةًَ ؛ إذا صَلَحت صَلَح الجسدُ كُلُّهُ ؛ وإذا فَسَدت فَسَد الجسدُ كُلُّهُ ، ألا وهيَ القَلبُ ) ، وَحَديثُهُ الآخر : ( لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكُم أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بينَ وُجُوهِكُم ) ، أي : قُلوبِكُم. انتهى كلام الالباني من رياض الصالحين 14-15 . س)- هل إصلاح الظاهر يساعد على إصلاح الباطن ، وما حكم قول القائل الذي لا يقوم ببعض الفرائض مثل الصلاة او غيرها "العبرة بما في القلوب"؟ من المقرر شرعاً أن إصلاح الظاهر يساعد على إصلاح الباطن، وهذا صريح في قوله عليه الصلاة والسلام المعروف: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب). ونحن نقول بمثل هذه المناسبة: كما أن صلاح الجسم من الناحية المادية والصحة البدنية يتعلق بصلاح القلب وصحته، فإذا كان القلب في جسد صاحبه سليماً، فلا يمكن أن يكون الجسد إلا سليماً، والعكس بالعكس؛ إذا فسد القلب مرض الجسد، هكذا يقول نبينا صلوات الله وسلامه عليه، مذكراً لنا بوجوب الاهتمام في إصلاح الظاهر؛ لأن هذا الإصلاح يكون -أولاً- دليلاً على صلاح الباطن، ثم يكون هناك ________________________________________ تعاون بين الظاهر والباطن، وكما أقول دائماً وأبداً: هذا الحديث يعطينا عن خاطرة أو فكرة سبقت في أذهان بعض الفلاسفة قديماً، ولم يستطيعوا حتى اليوم أن يحققوها فعلاً، وهي ما يسمونها بالحركة الدائمة، مثلاً: مجرد أن تضغط زر التيار يستمر مرور التيار إلى ما شاء الله بدون أن ينقطع إلا إذا أحببت، أو سيارة -مثلاً- إذا حركتها تستمر بدون أي قوة! حركة دائمة منها من ذاتها، هذا خيال! لكنه حقيقة فيما يتعلق بصلاح الباطن والظاهر، فصلاح الباطن يؤثر في صلاح الظاهر، وصلاح الظاهر يؤثر في صلاح الباطن، والدليل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الاجتماع في حلقات الذكر -كما قلنا آنفاً- في قوله عليه السلام: (ما لي أراكم عزين) وفي قوله الآخر: (إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان) وأكثر من ذلك قوله عليه السلام حينما كانت تقام الصلاة فلا يكبر حتى يأمر بتسوية الصفوف، ويقول لهم: (لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم) إذاًَ: الاختلاف في الصفوف يؤدي إلى الاختلاف في القلوب، والاستواء في الصفوف يؤدي إلى استواء القلوب وتحببها وتجمعها ونحو ذلك، لهذا كان عليه الصلاة والسلام يهتم بإصلاح الظاهر وإصلاح البدن، وقديماً قالوا: صلاح الأبدان كصلاح الأديان، فكل منهما مرتبط مع الآخر. أنتم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المسلم الذي أصابه مرض ما أن يتداوى، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (تداووا عباد الله، فإن الله لم ينزل داءً إلا وأنزل له دواء) زاد في حديث آخر: (علمه من علمه وجهله من جهله) فإذاًَ: يجب العناية بالأمرين معاً، وليس كما يزعم بعض الجهلة: يا أخي! العبرة بما في القلوب، إذا قيل له: لماذا لا تصلي؟ لماذا لا تقوم بواجبك الشرعي؟ يقول لك: العبرة بما في القلوب، أنا والحمد لله لا أضر أحداً، ولا أغش أحداً، ولا، ولا .. إلخ، وهذا كذاب، الشيطان دلس عليه، هو يقول: لا يغش أحداً، وأول من غش هو نفسه؛ لأنه عصى ربه، فكيف يمكن أن يكون سليم القلب وهو لا يطيع الله عز وجل على الأقل فيما فرضه الله عليه. هذه كلمة بين يدي التضام في حلقات العلم، لابد منها أن تكون على بال منكم، حتى تأتمروا أولاً بأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى تتذكروا هذه الحقيقة: أن صلاح الباطن لا يغني عن صلاح الظاهر، صلاح الأبدان لا يغني عن صلاح الأديان، وصلاح الأديان -إذا صح الجمع- لا يغني عن صلاح الأبدان. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)-ما تعليقكم على قَولِ الإمامِ الطَّحاويِّ :(( ولا نَقولُ لا يَضرُّ معَ الإيمانِ ذَنبٌ لِمَن عَمِلَهُ )) ذلكَ قَولِ المرجِئةِ المؤدِّي إلى التكذيبِ بآياتِ الوعيدِ وأحادِيثهِ الوارِدَةِ في حَقِّ العُصاةِ من هذه الأمَّةِ، وأنَّ طَوائِفَ مِنهم يَدخُلونَ النَّارَ ثم يَخرُجونَ مِنها بالشَّفاعةِ أو بِغَيرِها . انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية. ________________________________________ فصل في الإيمان بالملائكة س)- هل صح لملك الموت اسم آخر غير هذا ألاسم هذا هو اسمه في القرآن ، وأما تسميته بـ(عزرائيل) كما هو شايع بين الناس فلا أصل له وإنما هو من الاسرائيليات. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية. فصل في الإيمان بالرسل س)- ما حكم قول القائل أن النور المحمدي هو أول ما خلق الله تبارك وتعالى؟ وان كان هذا القول غير صحيح فما هو أول مخلوق ؟ وهل يصح ان يقال ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بمخلوق قبله؟ وان الحوادث لا أول لها؟ في الحديث (إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم ، وأمره أن يكتب كل شيء يكون) ، إشارة إلى رد ما يتناقله الناس , حتى صار ذلك عقيدة راسخة في قلوب كثير منهم , وهو أن النور المحمدي هو أول ما خلق الله تبارك وتعالى , وليس لذلك أساس من الصحة , وحديث عبدالرزاق غير معروف إسناده , ولعلنا نفرده بالكلام في الأحاديث الضعيفة إن شاء الله تعالى. وفيه رد على من يقول بأن العرش هو أول مخلوق , ولا نص في ذلك عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإنما يقول به من قال كابن تيمية وغيره استنباطاً واجتهاداً , فالأخذ بهذا الحديث - وفي معناه أحاديث أخرى - أولى , لأنه نص في المسألة , ولا اجتهاد في مورد النص كما هو معلوم. وتأويله بأن القلم مخلوق بعد العرش باطل , لأنه يصح مثل هذا التأويل لو كان هناك نص قاطع على أن العرش أول المخلوقات كلها , ومنها القلم , أما ومثل هذا النص مفقود , فلا يجوز هذا التأويل. وفيه رد أيضاً على من يقول بحوادث لا أول لها , وأنه ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بمخلوق قبله , وهكذا إلى ما لا بداية له , بحيث لا يمكن أن يقال : هذا أول مخلوق , فالحديث يبطل هذا القول , ويعين أن القلم أول مخلوق , فليس قبله قطعاً أي مخلوق. ولقد أطال ابن تيمية رحمه الله في الكلام في رده على الفلاسفة محاولاً إثبات حوادث لا أول لها , وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول , ولا تقبله أكثر القلوب , حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها , ________________________________________ مع أنه يقول ويصرح بأن ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم , ولكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له , كما يقول هو وغيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية , فذلك القول منه غير مقبول , بل هو مرفوض بهذا الحديث , وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج , لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير والتنفير منه , ولكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال : (ما منا من أحد إلا رد عليه إلا صاحب هذا القبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 133. س)- ما حكم من لم يؤمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إن من سمع بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أرسل به , بلغه ذلك على الوجه الذي أنزله الله عليه , ثم لم يؤمن به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أن مصيره إلى النار , لا فرق في ذلك بين يهودي أو نصراني أو مجوسي أو لا ديني. واعتقادي أن كثيراً من الكفار لو اتيح لهم الاطلاع على الأصول والعقائد والعبادات التي جاء بها الإسلام , لسارعوا إلى الدخول فيه أفواجاً , كما وقع ذلك في أول الأمر , فليت أن بعض الدول الإسلامية ترسل إلى بلاد الغرب من يدعو إلى الإسلام ممن هو علىعلم به على حقيقته , وعلى معرفة بما ألصق به من الخرافات والبدع والافتراءات , ليحسن عرضه على المدعوين إليه , وذلك يستدعي أن يكون على علم بالكتاب والسنة الصحيحة , ومعرفة ببعض اللغات الأجنبية الرائجة , وهذا شئ عزيز يكاد يكون مفقوداً , فالقضية تتطلب استعدادات هامة , فلعلهم يفعلون. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 157. س)- نرجو البيان بالتفصيل في حكم استعمال كلمة (سيد) مثلاً: (سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم)، مع أنه ورد حديث: (السيد الله) ؟ (السيد الله) هو حديث صحيح بلا شك، وكذلك هناك أحاديث صحيحة أطلق فيها الرسول عليه الصلاة والسلام السيادة لنفسه بحق، وهو قوله في صحيح مسلم: (أنا سيد الناس يوم القيامة، أتدرون مما ذاك...) ثم ذكر حديث الشفاعة، وهو حديث طويل جداً، كذلك قال عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، آدم فما دونه تحت لوائي يوم القيامة). فالسيادة سيادتان: سيا

المصدر: الجامع لتراث الالبانى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 13 إبريل 2015 بواسطة ibrahim2013

smaili mohamed

ibrahim2013
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,023