الشهب السلفية على ظاهرة مرضية في بعض المساجد تميت بعض سنن خير  البرية محمد صلى الله عليه واله وسلم

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفة والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعل آله وصحبه ومن اقتفى ووفى إلى يوم الدين .

أما بعد:

إن في إحياء السنة والعمل بها لأجر عظيم ودليل على المحبة والاتباع والرضا والتسليم .. 

ففي (الصَحِيح)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى  كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ  ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ  عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ  مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئا» (1).

وفيه (494)<< إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم>>.قالوا:يا نبي الله أو منهم؟قال:<<بل منكم>>. صحيح الجامع (2234).

وفي  إماتتها إحياء للبدع وطمس لمعالم الصراط المستقيم ، وتحريف عن المنهج  القويم ، والقاصد فعل ذلك عن عمد وعناد ملعون عليه الذلة والصغار في الدنيا  ، كما أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى ،بقوله :<< وجعل الذلة والصغار  على من خالف أمري>>. أخرجه البخاري تعليقا(4/40)وصححه الشيخ  الألباني في تخريج مشكلة الفقر(24)وفي جلباب المرأة المسلمة. 

وفي صحيح مسلم  (1978). <<..وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا..>> هذا فيمن  آواه فكيف بمن هو المحدث ذلك  نسأل الله تعالى السلامة .

أما  في الآخرة فيكون ممن يقال لهم ألا فسحقا ألا فسحقا أي بعدا لهم يوم يبعدون  عن حوضه صلى الله عليه وسلم بسبب تبديلهم لسنته بالبدع وتحريفهم لمنهجه  بالسبل  ،وتقديمهم لأرائهم وأراء مشايخهم ورؤسائهم على أقواله وأفعاله . 

وقد  ظهر في عصرنا أئمة سوء ينتسبون إلى السنة يهدمون السنة باسم السنة، عن قصد  أو عن غير قصد وبعضهم يميتها باسم المذهب تارة والحفاظ على الوظيفة  والمناصب تارة أخرى والعياذ بالله ..وبعضهم يميتها بالتساهل والتغافل عمن  يحاربها والله المستعان . لقد  حدثت ظاهرة - ولا أقول بدعة - مَرَضَية في كثير من المساجد عندنا استوجبت  الإنكار عليها، تولاها بعض أئمة  المساجد الجهلة فكانوا بسببها قد أماتوا   بعض السنن والآثار التي أحياها غيرهم وتسمك بها حتى العوام - والحمد لله –  كما تسببوا بذلك في إلحاق الضرر ببعض المسلمين والتنفير لبعضهم من حضور  المساجد والجماعة  ، وفي تفريق جماعة المساجد إلى مؤيد ومعارض فمن يحب السنة يعارض ، ومن يحب  التقليد للإمام والمذهب يؤيد ويدافع عن هذا الإمام وقد يكونوا من لجنة  المسجد والقائمين عليه أنفسهم والله المستعان ، فهذه الظاهرة المرضية ما  كانت لتكون لولا سكوت أئمة المساجد وموافقتهم لبعض العوام وبعض أعضاء لجنة  المسجد وأصحاب الجاه ، فلو بين السنة ووعّى الناس فيها توعية جيدة ، ووعظهم  وعظم من شأن السنة فيهم كما كان الصحابة رضي الله عنهم لانتهوا وانصاعوا  لأن غالبية العوام من شعوب أمتنا يحبون السنة ويحرصون عليها، ولكن وُجد بعض  أئمة السوء والضلالة من يقفون في وجه من يحي السنن ويعمل بها ويتمسك بها  ويدافع عنها ويرمونهم بشتى الأوصاف التي لا يحب أحدهم أن يوصف بها ..

تلكم  الظاهرة التي كانت سببا في إماتة بعض السنن التي سأذكرها هي : أمر الداخل  للمسجد بنزع جواربه ، فيجعلون على أبواب المسجد مراقبين لا يتركون اللابس  للجوربين أن يدخل إلا بعد أن ينزعهما ، وبعضهم يزيد على ذلك بأن يجعل صورة  لجورب معلقة على سارية أو جدار عليها علامة(×) كبيرة بحجم الجورب يشطب بها  الجورب علامته لنزعه ؛ أو يكتب تحته أنزع جوربك دون أن يكتب معها من فضلك  أو فضلا لا أمرا ، بحجة هي أقبح من ذنب أن فرش المسجد يتسخ ، وهذه هي حجتهم .

هذا في الشتاء أما في الصيف فبحجة الروائح الكريهة ، وهذا له وجهه لو  كان غالبية الناس يلبسون الجوارب في الصيف ولكن الحال على غير ذلك ؛  فالقليل جدا من يلبس الجوارب في الصيف وليس كلهم تحمل جواربه الروائح  الكريهة ..

ولم  يدر هؤلاء المساكين أن ذلك يسبب في إماتة بعض السنن التي سأذكرها وأن  حجتهم تلك (اتساخ الفرش أو السجاد) كائن بلباس الجوارب وبغيرها فلماذا يخص  التحذير من الجوارب فقط مع أن الكثير تحمل قدماه الأوساخ وخاصة إذا توضأ في  بيت الوضوء في المسجد وجاء منه إلى قاعة الصلاة ولم ينشف قدميه من الماء ،  وكذلك بعض الناس يخرج من عمله ويأتي المسجد في ثياب عمله وهي متسخة فيجلس  في المسجد على الفرش فيصيبه بشيء من الوسخ ، وكذلك الأطفال فكثيرا ما  تراهم يلعبون داخل المسجد وربما فيهم المتسخة ثيابه وقدماه ، فلماذا حصر  المنع على الجوربين ، اللهم إلا من أجل إماتة سنة الصلاة في الخفين  والجوربين ، والوقوع في مشابهة اليهود والنصارى الذين لا يصلون في خفافهم  ونعالهم وجواربهم ..

إن  من سنة النبي صلى الله عليه وسلم :الصلاة في النعال والجوارب، وهذا أمر  معروف ومشهور ، وذهب بعض أهل العلم إلا تفضيل الصلاة في النعال ونسبه إلى  جمهور السلف .

قال  الحافظ بن رجب في فتح الباري (3/43)على حديث خلع النبي نعليه : وهذا يدل  على أن عادة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المستمرة الصلاة في  نعليه، وكلام أكثر السلف يدل على أن الصلاة في النعلين أفضل من الصلاة  حافيا.انتهى كلامه .

ولكن  الصلاة حافيا أيضا ثبت عنه ، فلا يحجر على من فعل أيها شاء مقتديا به صلى  الله عليه وسلم .وإنما يستنكر على من أنكر ومنع من يصلي في نعليه وخفيه  وجواربه .

ثم  إن اتساخ الفرش أو السجاد يمكن أن ينظف بالمنظفات الحديثة ، ويمكن أن يغسل  بالآلات الحديثة كما هو مشاهد اليوم ، وإذا كان الأعرابي بال في المسجد  فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بقوله :<< دَعُوهُ وَاهرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ>> رواه البخاري (220). 

فنهاهم  أن يزرموه ، وأن يقطعوا عليه بوله ، وأمرهم بصب ذنوب من ماء أو سجل من ماء  على بوله فذلك يذهب النجاسة ويحل المشكلة ، ويتعلم الجميع من هذا الخلق  العظيم الذي دفع بالرجل أن يقول : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا.  فكيف  يتجرأ هؤلاء منع المصلين من دخول المسجد بالجوارب ،وهي ليست في مرتبة  البول في المسجد ، ولا في مرتبة ثياب العمل الوسخة ، كيف يمنعون الناس من  إقامة السنن والتسخين بهذه المسخنات وخاصة في البرد  مما يسبب في  إماتة   السنن والإضرار بمن كان مريضا أو شرع في المسح عليهما فقطعوا عليه مدته ..

ففي صحيح الجامع (461 – 198) << إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما>>.وقال (صحيح)[د] عن أبي سعيد. الإرواء (284).

وقوله  هذا له مناسبة وهو ما رواه أبو سعيد الخدري قال: بينما رسول الله صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصفَي بأصحابه؛ إذ خلع نعليه فوضعها عن يساره،  فلما رأى ذلك القومُ؛ ألقَوْا نِعَالَهم، فلما قضى رسول الله صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته قال:<< ما حملكم على إلقائكم  نِعالَكم؟ ا >>.قالوا:  رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:<< إن جبريل عليه السلام أتاني، فأخبرني أن فيهما  قذراً- أو قال: أذىً- ". وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر؛ فإن رأى في نعليه قذراً أو أذىً فليمسحه، وليصلِّ فيهما >>.(2).

فاستفساره  منهم وبعد علمه بسبب خلع نعالهم وهو الإقتداء به والاهتداء بهديه أمرهم أن  ينظروا في نعالهم فإن لم يجدوا فيها شيئا من القذا أو الأذى صلوا فيها فإن  ذلك هو هديه وسنته ، فأين أنتم من هذا الأمر والتوجيه النبوي ؟؟

فهذا أمره بالصلاة في النعال في المسجد وإن اختلفت أنظار العلماء في وجوبه واستحبابه فأقل أحواله الاستحباب ..إذا  هذا أمره وفعله ، وفعل أصحابه من بعده وكانت الصلاة في النعال التي يمشي  عليها وربما لزقت بها النجاسة حين يطأ بها الأرض هي سنته وسنة أصحابه كما  رأيتم في الحديث الآنف الذكر ؛ فمن باب أولى الصلاة في الجوارب التي لا  يمشي عليها ولا تمس الأرض ولا تلزق بها النجاسة فهي تفارق النعال في هذه  الأوصاف ..

والصلاة  في النعال والجوارب سنة في المسجد وخارج المسجد ، أما الاحتجاج بأن  المساجد اليوم مفروشة فيمكن أن يُتنزل معهم وأن يُسلم لهم في خلع النعال  للحال التي ذكروا من المساجد ، أما الجوارب والخفاف فلا ؛ لأنها تفارق النعال في الوطء على الأرض ، وأن لا تلزم بها النجاسة لأنها داخل النعال ، ولأن الذي يتصور وقوعه بها من الوسخ يمكن أن يقع بدونها فلا يحتج حينئذ بذلك 

.الأدلة  على سنة الصلاة في النعال والجوارب التي أماتها القوم : موطأ مالك : بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ .

عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَذَهَبْتُ  مَعَهُ بِمَاءٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ، فَسَكَبْتُ  عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ. ثُمَّ ذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ  مِنْ كُمَّيْ جُبَّتِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ ضِيقِ كُمَّيِ الْجُبَّةِ،  فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ. فَغَسَلَ يَدَيْهِ، وَمَسَحَ  بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ.وأخرجه البخاري باب المسح على  الخفين (203-  ) ومسلم باب المسح على الخفين (274).

وفيه (42) وَحَدَّثَنِي  عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُمَا  أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى  سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُوَ أَمِيرُهَا، فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ  بْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ،  فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: سَلْ أَبَاكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ. فَقَدِمَ  عَبْدُ اللَّهِ، فَنَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، حَتَّى قَدِمَ  سَعْدٌ. فَقَالَ: أَسَأَلْتَ أَبَاكَ؟ فَقَالَ: لَا. فَسَأَلَهُ عَبْدُ  اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ، وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَإِنْ جَاءَ أَحَدُنَا مِنَ الْغَائِطِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: «نَعَمْ. وَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ مِنَ الْغَائِطِ».

وفيه (44) وَحَدَّثَنِي  عَنْ مالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ،  أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ أَتَى قُبَا  فَبَالَ. ثُمَّ «أُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ  وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ. وَمَسَحَ عَلَى  الْخُفَّيْنِ. ثُمَّ  جَاءَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى» قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ  تَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ، ثُمَّ بَالَ،  ثُمَّ نَزَعَهُمَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا فِي رِجْلَيْهِ، أَيَسْتَأْنِفُ  الْوُضُوءَ؟ فَقَالَ: «لِيَنْزِعْ خُفَّيْهِ، وَلْيَغْسِلْ رِجْلَيْهِ،  وَإِنَّمَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، مَنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي  الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ.

وفي مسند  الإمام أحمد 18206 -  حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ  هُذَيْلِ  بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، <<  أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ  عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ>>(3).

قَالَ  أَبُو دَاوُدَ بعده : وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي  طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ  مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ  حُرَيْثٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ  عَبَّاسٍ.

وأخرجه الترمذي في باب المسح على الخفين (99 ) وقال بعده  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ،وَهُوَ  قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ  الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ،  وَإِسْحَاقُ، قَالُوا: يَمْسَحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ  نَعْلَيْنِ إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ.وقال الأعظمي في تعليقه على صحيح ابن  خزيمة (198) : إسناده صحيح.

قال  الحافظ بن رجب في فتح الباري (3/43) وقد أنكر ابن مسعود على أبي موسى خلعه  نعليه عند إرادة الصلاة، قال لهُ: أبالوادي المقدس أنت؟!وكان أبو عمرو الشيباني يضرب الناس إذا خلعوا نعالهم في الصلاة.

وأنكر الربيع بن خثيم على من خلع نعليه عند الصلاة، ونسبه إلى أنه أحدث - يريد: أنه ابتدع.وكان  النخعي وأبو جعفر محمد بن علي إذا قاما إلى الصلاة لبسا نعالهما وصليا  فيها.وأمر غير واحد منهم بالصلاة في النعال، منهم: أبو هريرة وغيره.

قال الشيخ الألباني في الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (1/15) المسح على الجوربين : وثبت  عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وهو حديث صحيح ومن أعله فلا  حجة له. قال أبو داود بعد أن خرجه: وروي هذا أيضا عن أبي موسى الأشعري عن  النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي.  وقد أخرجه الطحاوي (1/ 58). 

وقال  أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وأبو مسعود والبراء بن عازب  وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث وروي ذلك عن عمر بن  الخطاب وابن عباس .والجوربان بمنزلة الخفين في المسح كما قال سعيد بن المسيب وغيرها كما في(المحلى) (2/ 86) فلهما حكمهما. 

ولا  يشترط فيهما التجليد في أسفلهما ولا أن يثبتا بأنفسهما ولذلك نص أحمد أنه  يجوز المسح على الجوربين وإن لم يثبتا بأنفسهما بل إذا ثبتا بالنعلين جاز  المسح عليهما كما نقله شيخ الإسلام في (الفتاوى) (1/ 262).

 وعليه  يجوز المسح على الجوارب الرقيقة إذا كانت مشدودة بسوار من المطاط كما هو  المستعمل اليوم. وصرح ابن حزم (2/ 81) بجواز ذلك حتى ولو كان من الحرير  للمرأة خاصة.

وقال في رسالته تحقيق المسح على الجوربين والخفين (1/71-76) 4 - ما قاله الإمام ابن رشد المالكي رحمه الله في المسح على الجوربين.قال  رحمه الله في كتابه (بداية المجتهد) : واختلفوا في المسح على الجوربين.  وسبب اختلافهم ؛ اختلافهم في صحة الآثار الواردة عنه عليه الصلاة والسلام  أنه مسح على الجوربين والنعلين واختلافهم أيضا هل يقاس على الخف غيره أم هي  عبادة لا يقاس عليها ولا يتعدى بها محلها. فمن لم يصح عنده الحديث أو لم  يبلغه ولم ير القياس على الخف قصر المسح عليه ومن صح عنده الأثر وجواز  القياس على الخف أجاز المسح على الجوربين . اه

ثم  عقب عليه قائلا : عادة ابن رشد في كتابه المذكور إيضاح مدارك المجتهدين  إلا أن كل مسألة تعددت فيها المدارك وتشعبت عنها الأقوال فالحق في واحد  منها قطعا وهو ما صح برهانه وقوي مدركه. وقد  صح البرهان هنا في المسح على الجوربين وقوي مدركه بما نقلناه قبل وننقله  بعد ولذا قال الإمام النووي في حديث صوم ست من شوال في مسلم في رده على  الإمام مالك في كراهتها ما مثاله: إذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس  أو أكثرهم أو كلهم لها. اه.

وهكذا  يقال في المسح على الجوربين لا يترك بعد ثبوته لخلاف من خالف ولقياس من  قاس لأنه لا اجتهاد في مقابلة نص ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة  والآراء.

قال  الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين (1/299): من لم يقف مع النصوص فإنه  تارة يزيد في النص ما ليس منه ويقول: هذا قياس ومرة ينقص منه بعض ما يقتضيه  ويخرجه عن حكمه ويقول: هذا تخصيص ومرة يترك النص جملة ويقول: ليس العمل  عليه أو يقول هذا خلاف القياس أو خلاف الأصول.

ثم  قال: ونحن نرى أنه كلما اشتد توغل الرجل في القياس اشتدت مخالفته للسنن  ولا نرى خلاف السنن والآثار إلا عند أصحاب الرأي والقياس فلله كم من سنة  صحيحة صريحة قد عطلت به ، وكم من أثر درس حكمه بسببه فالسنن والآثار عند  الآرائيين والقياسيين خاوية على عروشها معطلة أحكامها معزولة عن سلطانها  وولايتها لها الاسم ولغيرها الحكم وإلا فلماذا ترك حديث المسح على الجوربين  (إلى آخر ما قاله وعدده. أي مع أنه ثبت في السنة بل اقتضاه القياس أيضا  كما ستراه في كلام ابن تيمية – رحمه الله - 

حيث قال في المسح على الجوربين  كما في فتاواه (21/214): يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما سواء كانت مجلدة أو لم تكن في أصح قولي العلماء. ففي  السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه وهذا الحديث إذا  لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك فإن الفرق بين الجوربين والنعلين إنما هو كون  هذا من صوف وهذا من جلود. ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة فلا  فرق بين أن يكون جلودا أو قطنا أو كتانا أو صوفا كما لم يفرق بين سواد  اللباس في الإحرام وبياضه وغايته أن الجلد أبقى من الصوف فهذا لا تأثير له  كما لا تأثير لكون الجلد قويا بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى .وأيضا  فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء  ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقا بين المتماثلين  وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة وما أنزل الله  به من كتبه وأرسل به رسله .

وسئل الشيخ ابن باز - رحمه الله - مجموع الفتاوى له (10/110).س:  هل ينطبق المسح على الخفين على الجوارب المصنوعة من القطن أو الصوف أو  النايلون المستعمل حاليا، وما شروط المسح على الخفين، وهل يجوز الصلاة  بالحذاء؟

ج: يجوز المسح على الجوربين  الطاهرين الساترين، كما يجوز المسح على الخفين، لما «ثبت عنه - صلى الله  عليه وسلم - أنه مسح على الجوربين والنعلين» ، ولما ثبت عن جماعة من  الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم مسحوا على الجوربين.

وسئل العلامة الفقيه كما في فتاوى نور على الدرب (7/2) بارك الله فيكم ما صحة المسح على الجوارب وهل لهذه الجوارب شروط إذا كان المسح عليها جائزاً؟فأجاب رحمه الله تعالى: الراجح من أقوال أهل العلم جواز المسح على الجوربين  فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قد مسح عليهما) ولأن العلة  التي من أجلها أبيح المسح على الخفين موجودة في الجوربين فإن العلة في جواز  المسح على الخفين مشقة النزع وغسل الرجل بالماء ثم إدخالها في الخف وهذا  موجود في الجوربين بل قد يكون نزع الجوربين أشق من نزع الخفين .

وشروط المسح عليه هي شروط المسح على الخفين وهي : شروط المسح على الجوربين:

الأول:  أن يلبسهما على طهارة ودليل ذلك حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أنه  كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتوضأ قال المغيرة فأهويت لأنزع  خفيه فقال دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما).

الثاني:  أن يكون ذلك في الحدث الأصغر لا في الأكبر لحديث صفوان بن عسال رضي الله  عنه قال (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ألا ننزع  خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم).

الشرط الثالث:  أن يكون ذلك في المدة المحددة شرعاً وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام  بلياليها للمسافر وابتداء المدة من أول مسح حصل بعد الحدث وليس من اللبس  ولا من الحدث نفسه، نضرب لذلك مثلاً برجل لبس خفيه حين توضأ لصلاة الفجر  وأحدث في منتصف الضحى ولم يتوضأ وتوضأ لصلاة الظهر بعد الزوال فإن ابتداء  المدة يكون من الوقت الذي مسح فيه لصلاة الظهر أي من بعد الزوال وما قبل  ذلك لا يُحتسب من المدة.

الشرط الرابع:  وهو أن يكون الجوربان أو الخفان طاهرتين فإن كانتا نجستين فإنه لا يمكن  المسح عليهما وذلك لأن الخفين أو الجوربين إذا كانتا نجستين فإن الصلاة  فيهما ممنوعة لما ثبت في السنن من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلَّى  بأصحابه ذات يوم في نعاله وفي أثناء الصلاة خلعهما فخلع الناس نعالهم فلما  انصرف من صلاته سألهم ما بالهم خلعوا نعالهم قالوا يا رسول الله رأيناك  خلعت نعليك فخلعنا نعالنا قال فإن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً)  وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة في نعل فيه  قذر والخف مثله وعلى هذا فلا بد أن تكون الجوربان أو الخفان طاهرتين فهذه  أربعة شروط وهناك شروط اختلف فيها العلماء رحمهم الله ولكن كل شرط لا يثبت  بدليل من الكتاب والسنة أو إجماع فإنه لا عبرة به.

السُّنة الثانية: التي يريد هؤلاء إماتتها هي مخالفة المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم .

ففي سنن أبي داود(652) حَدَّثَنَا  قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ  الْفَزَارِيُّ، عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ الرَّمْلِيِّ، عَنْ يَعْلَى  بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: << خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ، وَلَا خِفَافِهِمْ >> (4) .

قال الحافظ بن حجر في الفتح (1/494) قُلْتُ : قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا خَالِفُوا الْيَهُودَ  فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ فَيَكُونُ  اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قال  الشوكاني في نيل الأوطار (2/152) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ  التِّرْمِذِيِّ: وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَعْنِي لُبْسَ النَّعْلِ  فِي الصَّلَاةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ  وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُوَيْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ وَأَنَسُ  بْنُ مَالِكٍ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَأَوْسٌ الثَّقَفِيُّ. وَمِنْ  التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ بْنُ  الزُّبَيْرِ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ  وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي  وَأَبُو مِجْلَزٍ وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ وَالْأَسْوَدُ بْنُ  يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَعَلِيُّ  بْنُ الْحُسَيْنِ وَابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَمِمَّنْ كَانَ لَا يُصَلِّي  فِيهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ .

السُّنة الثالثة :  التي يريد هؤلاء قطعها على أهل السنة الداخلين إلى المسجد هي التوقيت في  المسح على الجوربين والخفين ؛ فإن من شروط المسح على الخفين والجوربين  التوقيت ففي مسند أحمد ومصنف أبن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق وصحيح ابن  خزيمة وصحيح ابن حبان والمعجم الكبير للطبراني والأوسط  والسنن الكبرى  للبيهقي ..

ففي المسند (21881)عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: << جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ "، وَايْمُ اللهِ لَوْ مَضَى السَّائِلُ فِي مَسْأَلَتِهِ، لَجَعَلَهَا خَمْسًا >> (5).

وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ :رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثلاثة أيام للمسافر ويوماً وليلة للحاضر. صحيح ابن حبان قال الشيخ الألباني في التعليقات الحسان (3/36) صحيح .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

الشرط الثالث ( من شروط المسح على الخفين والجوربين ):  أن يكون ذلك في المدة المحددة شرعاً وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام  بلياليها للمسافر وابتداء المدة من أول مسح حصل بعد الحدث وليس من اللبس  ولا من الحدث نفسه، نضرب لذلك مثلاً برجل لبس خفيه حين توضأ لصلاة الفجر  وأحدث في منتصف الضحى ولم يتوضأ وتوضأ لصلاة الظهر بعد الزوال فإن ابتداء  المدة يكون من الوقت الذي مسح فيه لصلاة الظهر أي من بعد الزوال وما قبل  ذلك لا يُحتسب من المدة.

الأمر الرابع  : الذي يقع فيه أولئك المانعين للمصلين من دخول المسجد بالجوارب هو:  الإضرار  ببعض الناس المرضى الذين يلبسون الجوارب حماية لأنفسهم من تفاقم  المرض أو ممن لا يتحملون البرد ، وهذا يسبب لهم النفور من المسجد وعدم حضور  جماعة المسلمي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 8 إبريل 2015 بواسطة ibrahim2013

smaili mohamed

ibrahim2013
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,023