قرأت من قبل عن القصد من ختان الإناث، وهو أنه كبح الشهوة المفرطة عند المرأة، ولكن لما قرأت أحاديث الختان نفسها، لم أشعر بهذا القصد في الأحاديث أبدًا؛ بل العكس تمامًا؛ فالحديث يقول: ((هو أحظى لإناثكن عند أزواجهن))؛ أي: الختان، وكان من وراء الختان منفعة، يصف الشاعر السوداني جماع سوء الحظ الشديد، فيقول:
إِنَّ حَظِّي كَدَقِيقٍ فَوْقَ شَوْكٍ نَثَرُوهُ
ثُمَّ قَالُوا لِحُفَاةٍ يَوْمَ رِيحٍ اجْمَعُوهُ
فكلمة الحظ - ومنذ الطفولة - تعني لي الحصولَ على شيء ثمين ذي قيمة، وليس فقدانه؛ قال – تعالى -: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35]؛ قال ابن عباس في تفسيرها: "الذين أعدَّ الله لهم الجنة"، انتهى كلامه، وهذه أعلى منازل الحظ، فالحظ مقياس إلى أعلى وليس للأسفل، فكيف يعقل أن يكون في ((أحظى لإناثكن)) تعديل شهوتها إلى أقل، وفي "أحظى" للبعل أن تكون له الفائدة في الأكثر؟!
بدأت أبحث عن فوائد أو أضرار القلفة عند الإناث، وإذا بمئات النساء في الإنترنت يتكلمن عن أضرار القلفة، وكيف أن القلفة هي الحائل بين المرأة والحصول على الذروة، وأنهن قمن بإجراء عمليات إزالة القلفة (ختان) تحت عدة تسميات.
وبالبحث أكثر في الموضوع، تبيَّن أن هناك دراساتٍ أخرى - منها القديم والحديث - تؤكد ذلك، تقول الدكتورة IRENE ANDERSON: إنها في العام 1991 أجرت عملية إزالة القلفة لنفسها (hood removal)؛ والسبب أنها لم تتحصل على الذروة من قبل، وقد أجرت ما يقارب مائة عملية من هذا النوع بالمكسيك، وتنصح كل النساء بإزالة القلفة، خاصة اللاتي يعانين من عدم بلوغ الذروة.
وفي دراسة للدكتور W.G.RATHMANN عام 1959 - وهي من أهم الدراسات – على 112 امرأة، 73 منهن لم يتحصلن على الذروة أبدًا، وبعد إزالة القلفة (hood removal)، تحصل 64 منهن على الذروة بنسبة نجاح (87.6 %)، في حين ظلت التسع الأخريات على حالهن، بنسبة فشل (12.4 %).
وفي 39 امرأة ممن كن يتحصلن على الذروة بصعوبة، بعد إزالة القلفة، 34 منهن صرن يتحصلن على الذروة بسهولة، بنسبة نجاح (87.5 %)، في حين ظلت 5 منهن بدون تغيير يُذكر، بنسبة فشل (12.5 %).
تقول إحدى الأمريكيات بعد سؤالها عن شعورها بعد الختان: إنها سعيدة جدًّا بالنتيجة في حياتها الزوجية، وما وجدته من النظافة، تمنَّت أنها لو خُتنت منذ الصغر.
وجميع الدراسات في هذا الموضوع تؤكد حقيقة حاجة المرأة للختان، من أجل الوصول للذروة.
ومن أولى الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع: دراسة للدكتور الأمريكي بنيامين في العام 1915، والتي يحثُّ فيها الأمهات ويقول: أرجوكم؛ رحمةً بهؤلاء الصغيرات أن تختنوهن؛ لأن في عدم ختانهن المشاكل النفسية والجسدية.
أولاً: فليكن واضحًا ما أعنيه بالختان في هذا البحث، هو الختان السني الشرعي بطريقته الصحيحة، وليس الجريمة النكراء التي تسمى بالختان الفرعوني، ولا بعض أنواع العمليات التجميلية التي تجرى في الغرب لتقصير الشفريين وغيره، وهذا ليس معناه أن مَن تم ختانهن ختانًا فرعونيًّا قد تدمرت حياتهن الزوجية.
ثانيًا: تصحيح المفهوم الخاطئ عند السواد الأعظم من الناس في العالم الإسلامي، بأن القصد من ختان الإناث هو كبح الشهوة المفرطة، وهذا خطأ، والعكس هو الصحيح؛ أي: إن القصد من الختان السني زيادة الشهوة؛ لتسهيل حصول المرأة على الذروة، وطهارتها، ونظافتها من الأوساخ والروائح النتنة.
ثالثًا: تصحيح مفهوم خاطئ آخر - وهو أكثر خطورة من الأول - أن الختان السني يُعرفه بعض شيوخنا المتأخرين - وخصوصًا من مصر – بأنه: أخذُ جزء من البظر، وهذا خطأ فادح، أرجو أن يراجعوه؛ فهو بهذه الطريقة - في نظري - لا فرق بينه وبين الجريمة الفرعونية.
تعريف الختان الشرعي السني للإناث: عرَّف ابن الصباغ في "الشامل" الختان، فقال: "الواجب على الرجل: أن يقطع الجلدة التي على الحشفة، حتى تنكشف جميعها، أما المرأة، فلها عذرة كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفريين، تقطع، ويبقى أصلها كالنواة"، وقال الماوردي: "وأما خفض المرأة، فهو قطع جلدة في الفرج، فوق مدخل الذَّكر ومخرج البول على أصل كالنواة، ويؤخذ منه الجلدةُ المستعلية دون أصلها"؛ ("تحفة المودود بأحكام المولود"؛ لابن القيم، ص 113، 114).
يقول الشيخ محمد مختار الشنقيطي، في فتوى عن ختان الذكور والإناث، قال - رحمه الله تعالى -: الختان: مصدر ختن يختن ختانًا، وهو خاتن، وفلان مختون، والختان بالنسبة للرجال: إزالة أعلى حشفة الجلد التي على رأس الذكر، وأما بالنسبة للنساء، فهي إزالة أعلى الجلدة التي على الفرج، وشبَّهها العلماء - رحمهم الله - بعرف الديك؛ بيانًا لمحل الفرض والواجب، على القول بوجوبه على النساء.
وأقوال أخرى كثيرة من السلف والخلف: أن الختان السني للإناث هو إزالة القلفة فقط، دون المساس بالبظر، فقد أثبت الطب الحديث: أن رأس البظر كالحشفة تمامًا، وبرغم صغر حجمه - مقارنة بالحشفة - فإن فيه نفس الكمية من الأعصاب التي في حشفة الرجل، فإن البظر يطلق عليه "زر الذروة".
يتضح لنا من هذا الكلام: أن ختان المرأة هو أخذ الجلدة التي فوق البظر، وأما طريقته الطبية العملية، فنرجو الرجوع إلى كتاب الدكتورة/ آمال أحمد البشير، والدكتورة ست البنات خالد في ختان الإناث.
وبقي إشكال آخر - وهو المهم - كيف نوفِّق بين ذلك وبين ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في القصد من ختان الإناث؟
أولاً: أنا لست شيخًا أو عالمًا؛ إنما هو رأي وملاحظة، فإن كانت صوابًا، فالحمد لله، وإلاَّ فهي مردودة.
يقول شيخ الإسلام: "والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمةً شديدة الشهوة؛ ولهذا يقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء؛ فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر؛ ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر، ونساء الإفرنج، ما لا يوجد في نساء المسلمين، وإذا حصل المبالغة في الختان، ضعُفت الشهوة، فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة، حصل المقصود باعتدال"؛ انتهى كلامه.
ما من نص صحيح إلا وهو موافق للعقل: قال ابن قيم الجوزية: "قال شيخنا: والكلام على هذا الحديث من أدق الأمور، فإن كان ثابتًا فهذا الذي يظهر في توجيهه، وأن لم يكن ثابتًا، فلا يحتاج إلى الكلام عليه.
قال: وما عرفت حديثًا صحيحًا إلا ويمكن تخريجه على الأصول الثابتة، قال: وقد تدبرت ما أمكنني من أدلة الشرع، فما رأيت قياسًا صحيحًا يخالف حديثًا صحيحًا، كما أن المعقول الصحيح لا يخالف المنقولَ الصحيح؛ بل متى رأيت قياسًا يخالف أثرًا، فلا بد من ضعف أحدهما، لكن التمييز بين صحيح القياس وفاسده، مما يخفى كثيرٌ منه على أفاضل العلماء، فضلاً عمن هو دونهم، فإن إدراك الصفة المؤثِّرة في الأحكام على وجهها، ومعرفة المعاني التي علقت بها الأحكام من أشرف العلوم، فمنه الجلي الذي يعرفه أكثر الناس، ومنه الدقيق الذي لا يعرفه إلا خواصُّهم، فلهذا صارت أقيسة كثير من العلماء تجيء مخالفة للنصوص؛ لخفاء القياس الصحيح، كما يخفى على كثير من الناس ما في النصوص من الدلائل الدقيقة التي تدل على الأحكام"؛ انتهى.
وجعل ابن القيم الدورانَ مع الحديث حيث دار هو المنهجَ المرتضى، الذي لا يُلتفت إلى قول عالم من العلماء إذا خالف قولُه الحديثَ، يقول ابن القيم: "الذي ندين الله به، ولا يسعنا غيره، وهو القصد في هذا الباب - أن الحديث إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه، أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذُ بحديثه، وترك كل ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائنًا مَن كان، لا راويه، ولا غيره؛ إذ من الممكن أن ينسى الراوي الحديثَ، أو لا يحضره وقتَ الفُتيا، أو لا يتفطن لدلالته على تلك المسألة، أو يتأول فيه تأويلاً مرجوحًا، أو يقوم في ظنه ما يعارضه، ولا يكون معارضًا في نفس الأمر، أو يقلد غيره في فتواه بخلافه؛ لاعتقاده أنه أعلم منه، وأنه إنما خالفه لما هو أقوى منه، ولو قدر انتفاء ذلك كله، ولا سبيل إلى العلم بانتفائه ولا ظنه، لم يكن الراوي معصومًا، ولم توجب مخالفتُه لما رواه سقوطَ عدالته، حتى تغلب سيئاتُه حسناتِه، وبخلاف هذا الحديث الواحد لا يحصل له ذلك".
نعود إلى كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - الناظر إلى كلام شيخ الإسلام يجد الآتي: أن القلفة عند المرأة إذا تُركت فهي سبب الفواحش والسفور، وهذا تحليل يرجع إلى ملاحظة من أرض الواقع في ذلك الوقت.
أقول: إن هذا التحليل غير صحيح من عدة وجوه: أولاً: واقعنا اليوم برهَنَ على خطأ ذلك التحليل؛ بمعنى أن معظم نساء المسلمين اليوم في الخليج، والمغرب العربي، وأندونيسيا، وغيرها - هن غير مختونات كنساء الإفرنج، ومع ذلك نرى الفارق الشاسع بينهن في الأخلاق مع قريناتهن من الإفرنج، وفرقًا شاسعًا أيضًا بينهن وبين نساء السابقين في الأخلاق، فهل القاسم المشترك - كما يقول شيخنا - هو القلفة، أو الدين والعرف والأخلاق؟
ثانيًا: أقول: إن ما قاله شيخنا ابن تيمية في هذه الملاحظة كان مقنعًا للكثير آنذاك إلى حد ما؛ لذلك فقد وافقوه الرأي؛ لأن ذلك ما رأَوه، وربما لو كنا نعيش في ذلك الزمان لرأينا مثل ما رأوه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (المجلد الثالث والثلاثون، صفحة رقم: 90) وهو يشرح الخلاف بين السلف والخلف في الطلاق: ما زال ابن عمر وغيره يروون أحاديثَ ولا تأخذ العلماء بما فهموه منها؛ فإن الاعتبار بما رووه، لا ما رأوه وفهموه، وقد ترك جمهور العلماء قول ابن عمر الذي فسر به قوله: ((فاقدروا له))، وترك مالك وأبو حنيفة وغيرهما تفسيرَه لحديث: ((البيِّعان بالخيار))، مع أن قوله هو ظاهر الحديث، وترك جمهورُ العلماء تفسيرَه لقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، وقوله: نزلت هذه الآية في كذا.
وكذلك إذا خالف الراوي ما رواه، كما ترك الأئمة الأربعة وغيرهم قول ابن عباس: "إن بيع الأمَة طلاقها"، مع أنه روى حديث بريرة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خيَّرها بعد أن بِيعتْ وعُتقت، فإن الاعتبار بما روَوه، لا ما رأوه وفهموه؛ انتهى كلامه - رحمه الله.
فإذا كان هذا حال السلف مع صحابة رسول الله، فأرجو أن يكون هذا حالكم مع السلف إذا رأيتم صحة كلامي، إن الاعتبار بما رووه ((أحظى لإناثكن))، لا ما رأوه وفهموه "شديدة الشهوة".
ثالثًا: الناظر إلى واقع اليوم، فإن نساء الإفرنج انقسمن أنفسهن إلى قسمين: مختونات، وغير مختونات، ومع ذلك فإن الطباع هي نفسها، إلا مَن أسلمت منهن، ترى التغيير الفوري في أخلاقها.
وأيضًا - كما أسلفت - إن النساء المسلمات انقسمن إلى قسمين، ومع ذلك الطباع هي الطباع لم يحصل تغيير؛ بل ربما في البلاد التي يوجد فيها الختان تجد الفواحش إذا قلَّ الوازع الديني.
إذًا؛ الدين هو القاسم المشترك.
رابعًا: يشرح الشيخ محمد عبدالمقصود كلام ابن تيمية في فتوى عن الختان، فيقول ما معناه: إن المرأة لو كانت قلفاء، تكون دائمًا تريد زوجها، وهذا يكون مرهقًا للزوج، فلا يحصل المقصود؛ لذلك كان الختان لتعديل الشهوة عند المرأة؛ انتهى كلامه، وهذا ما يقول به كثير من شيوخنا المعاصرين.
نرجع للأحاديث مرة أخرى، فإن الاعتبار بما رووه، لا ما رأوه وفهموه.
يقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على نسوة من الأنصار، فقال: ((يا نساء الأنصار، اختضبن عمسًا، واختفضن ولا تنهكن؛ فإنه أحظى لإناثكن عند أزواجهن))؛ رواه البيهقي، وفي الحديث الآخر: ((لا تنهكي؛ فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل))؛ (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - يبشرهن بخبرٍ سار.
ويقول في أحاديث أخرى فيما معناه:
الحديث الأول: ((لا يقع أحدكم على زوجته كالبهيمة، ولا بد من رسول بينهما)).
الحديث الثاني: ((لا ينصرف أحدكم من زوجته، حتى تقضي حاجتها)).
كل هذا يدل على برود المرأة جنسيًّا، و على تأخر استجابة المرأة مع الرجل، وهذه وصاياه - صلى الله عليه وسلم - للرجل تجاه زوجه المسلمة المختونة، فما بالك بتلك القلفاء؟! فمعاناتها أكبر.
نعم، فإن القلفاء هي الأكثر برودًا إن صح التعبير؛ لذلك إن كانت بلا دين وأخلاق، ربما جعلها ذلك البرودُ أكثرَ تطلعًا للرجال، بحثًا عن ضالتها، وهذا ما نراه في نساء الإفرنج.
شهوة الرجل أقوى من شهوة المرأة: يقول ابن القيم: "وأما قول القائل: "إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل"، فليس كما قال، والشهوة منبعها الحرارة، وأين حرارة الأنثى من حرارة الذكر؟! ولكن المرأة لفراغها، وبطالتها، وعدم معاناتها لما يشغلها عن أمر شهوتها وقضاء وطرها - يغمرها سلطان الشهوة، ويستولي عليها، ولا يجد عندها ما يعارضه؛ بل يصادف قلبًا فارغًا، ونفسًا خالية، فيتمكن منها كل التمكن، فيظن الظانُّ أن شهوتها أضعاف شهوة الرجل، وليس كذلك، ومما يدل على هذا: أن الرجل إذا جامع امرأته، أمكنه أن يجامع غيرها في الحال، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وطاف سليمان على تسعين امرأة في ليلة، ومعلوم أن له عند كل امرأة شهوةً وحرارة باعثة على الوطء، والمرأة إذا قضى الرجلُ وطرَه فترتْ شهوتُها، وانكسرت نفسها، ولم تطلب قضاءها من غيره في ذلك الحين، فتطابقت حكمة القدر والشرع، والخلق والأمر، ولله الحمد"؛ انتهى كلامه.
خامسًا: إذا كان ترك القلفة تأتي منه هذه المصائب في الشرف والعرض، ربما كانت وصية رسولنا في ذلك إلى الراعي نفسه (الأب والزوج)، بدلاً من المرأة نفسها، تخيل لو أن طبيبًا للأطفال عنده دواء وحلوى، فلمن يعطي الدواء، ولمن يعطي الحلوى؟ أيعطي الدواء للطفل، ويقول له كيف يستعمله، أم يعطي الدواء للأم، ويعطي الحلوى للطفل؛ ليفرحه؟ فلو كان هذا تحذيرًا من أن عدم الختان يأتي بالفواحش، لكان من باب أولى إعطاء هذا الدواء للراعي، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته.
ولذلك ما أراه هو أن حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى النسوة من الأنصار بمثابة بشرى لهن في حياتهن الزوجية الجنسية، وهذا ما أثبته الواقع أيضًا، وربما أكون مخطئًا فيما أراه أيضًا.
فما أثبتته الدراسات المختلفة في أمريكا: أن 75 % من النساء لا يتحصلن على الذروة؛ بسبب القلفة؛ أى: إن ثلاثًا من كل أربع نسوة في العالم يواجهن هذه المشكلة؛ لذلك عندما سُئلتْ إحدى الأمريكيات التي أجرت عملية الختان، قالت: كنت قبل الختان من ضمن غير المحظوظات، وبعد الختان تغير الحال.
وهناك طريقتان أخريان: الأولى: ما تسمى بHOOD SPLIT، وهي عبارة عن قسم القلفة إلى نصفين من فوق البظر؛ حتى يكون البظر عاريًا، وتتحصل المرأة على الذروة بسهولة، وهذا ما توصلت إليه بعض النساء، وهو ليس فعَّالاً كالختان نفسه، أو حتى على مستوى النظافة.
الثانية: ما تسمى ب HOOD PIERCING، ويقوم بهذه الطريقة مَن يقومون بعمل الوشم، وثقب الجلد بكل أنواعه، وهو عبارة عن تركيب حلقة معدنية في القلفة، وقد لاحظت بعض النساء أنه عند تركيب تلك الحلقة، أنها ساعدت كثيرًا في الحصول على الذروة، وهذا النوع هو الأكثر شهرة بين النساء في أمريكا؛ لأنهن يستعملنه أيضًا كزينة، وأرجعن سهولة الحصول على الذروة، إلى تلك القطعة المعدنية، وهو في رأيي خطأ، والصحيح هو أن عند تركيب تلك الحلقة تفسخ القلفة عن البظر، وتركب الحلقة، ويكون البظر مفسوخًا عن القلفة، وهنا يكمن السر، وهذه الطريقة ليس لها الفعالية عند كل النساء كما هو في الختان، بالإضافة لعدم النظافة.
ولكن ما أخشاه - ونحن عندنا الفهم الخاطئ للختان السني - أن يروج لمثل هذه المصيبة، وتنتشر في بلادنا.
ثلاث من كل أربع نسوة لا يتحصلن على الذروة؛ بسبب القلفة، وهذا في كل جنس النساء، وهذا في رأيي سبب الكثير من المشاكل، وحتى حالات الطلاق في مجتمعنا العربي الإسلامي.
ما يستخلص من ذلك:
أولاً: تلبيس إبليس وأعوانه على ضعاف نساء المسلمين أن دينهم يَحرِمهم من المتعة الجنسية، وأظهروا الشيوخ والعلماء بمظهر العدو للمرأة الذي لا يريد لها الخير.
ثانيًا: الترويج لخطأ بعض الشيوخ، بأن الختان السني هو أخذ جزء من البظر، حتى يشاع ذلك بين الناس ويُعمَل به، كما هو موجود الآن في كل المراجع والدراسات الطبية، أن الختان السني هو أخذ جزء من البظر مع القلفة. ثالثًا: ترسيخ تلك المفاهيم بأن الهدف من الختان السني، وبطريقته الصحيحة، هو ضبط الشهوة المفرطة عند المرأة، وربما جاءت تلك المفاهيم الخاطئة بالضرر الكبير في المستقبل، بأن يقول قائل: دينكم يقول إن أخذ القلفة هو لضبط الشهوة العارمة، والواقعُ والتجارب والعلم الحديث أثبت غير ذلك. رابعًا: فهل كما أخطأ علماؤنا، أخطأت تلك المنظمات التي تدعو لمنع الختان، وهم لا يعلمون مثل أطبائنا أنه يَعمل به الغرب؟ ربما!
خامسًا: الطبيب والمثقف العربي المسلم، أين هما من كل ذلك؟ فقد أقرَّ كثير من الأطباء عندنا بضرر الختان بكل أنواعه، تماشيًا مع ما تقوله المنظمات من ضرر الختان، فكانوا - للأسف - كمثل الحمار يحمل أسفارًا، ترى ما رأيهم الآن في الختان؟ وأما المثقفون والمثقفات في بلادنا، فحدِّث ولا حرج، جاؤوا بالعدة والعتاد؛ ليثبتوا ما تقوله المنظمات، فسمعنا في الفضائيات مَن ينفي منهم أن المرأة لديها "قلفة"، والعجيب أنهم أتوا بأطباء التشريح؛ ليثبتوا ذلك، وها هو المثقف يضر نفسه في حياته الزوجية، وهو لا يدري. سادسًا: أن المرأة المسكينة، التي دائمًا ما استُغلت لتكون الحربة التي يطعن بها، فها هي تطعن نفسها بتلك الحربة، فتحرم نفسها من الأحظى بعدم عملها بكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم. سابعًا: تضعيف بعض من شيوخنا المعاصرين أحاديث الختان، وقول البعض الآخر إن الختان ليس من الإسلام أساسًا، ولا أعرف إن كان ذلك يرتكز على علم شرعي منهم، أم هو تأثير الهالة الإعلامية في محاربة الختان؟
ثامنًا: ما أراه من أضرار ترك الختان السني، أنه سبب كثير من حالات الطلاق التي نسمع بها في السعودية، والخليج عمومًا، وغيرها، كيف؟
كلنا يعلم أهمية الجنس في حياتنا، وأنا كرجل سبق لي الزواج أعرف أنه لو كان الرجل سعيدًا في حياته الزوجية - وكذلك المرأة - لصغر كل كبير من المشاكل في حياتهما، ولكن لو لم توجد تلك السعادة، لعظم كل صغير من المشاكل في حياتهما.
فنحن في مجتمعنا الإسلامي نستحيي كثيرًا من الكلام في هذه الأمور، مما يعود أحيانًا بالضرر الكبير، فلو أن رجلاً يعاني برودًا جنسيًّا عند زوجه، فهو لا يتكلم بذلك، ولا حتى معها هي، وهي لا تقبل ذلك أيضًا، فماذا يحدث؟
1- أن يفكر في الزواج من أخرى، وهذا حل له هو، وتعيش هي في تعاسة دائمة.
2- أن يفكر في الطلاق إن كانت ليست لديه الاستطاعة المادية بالزواج من أخرى.
3- والعياذ بالله، أن يفكر في الحرام إن كان ضعيفًا. 4- وتسمع الزوجة من صديقاتها متعتهن في حياتهن، فلربما ظنَّت أن العيب في زوجها، فهو الذي لا يستطيع توصيلها للذروة، وإن كانت ضعيفة لأغواها الشيطان في الحرام - والعياذ بالله - وكل ذلك بسبب "القلفة" وهم لا يعلمون، وإذا عرضوا أنفسهم على طبيب، تخيل ماذا يقول الطبيب؟ أيقول: إن المشكلة من عدم الختان؟
لا يقول ذلك؛ فهو مبرمَج، فإن كل علمه ما قيل له، ليس عن الختان فقط؛ بل في كل شيء، هناك آية في القرآن الكريم واضحة كل الوضوح، لم يختلف اثنان في تفسيرها، ولسنوات عديدة تعارض الطب الحديث، فما كان موقف الطبيب المسلم من ذلك؟ السكوت.
وكنت أتمنى لو أن الطبيب المسلم أعلنها للعالم: إن ذلك يخالف القرآن، إذًا هو غير صحيح، والآن من سنة أو أكثر، رجعوا ليوافقوا القرآن، وأيضًا الطبيب المسلم لا يعلم ذلك مثل موضوع الختان {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179].
بعض الخواطر في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هو أنضر للوجه، وأحظى للبعل))، وأظنه في رواية أخرى: ((أحب إلى البعل)).
تخيل لو أن امرأتين تسابقتا، ففازت واحدة، وخسرت الأخرى، كيف يكون حالهن؟
تجد الفائزة مسرورة، فرحة، نضرة الوجه من السعادة، وتجد مدربها أيضًا سعيدًا بذلك، وكل الأسرة سعيدة بسعادتها، والعكس تمامًا للمرأة الأخرى، ومدربها، وأسرتها.
حال هذه المرأة ومدربها، هو حال المرأة وزوجها، فالعملية الجنسية هي سباق بين المرأة وزوجها، فهو كالمدرب يريد لها الفوز للحصول على الذروة؛ لأن في فوزها سعادةً لها، وله أيضًا.
فلو كان هذا حالهم "الفوز والتفوق"، كانت السعادة في حياتهم، وإن كان الفشل دائمًا في حياتهم لاستحالت استمرارية الحياة بينهما، حتى لو عاشوا مع بعض، تكون حياتهما كما يصفها الشاعر:
حَيَاةٌ لاَ حَيَاةَ بِهَا وَلَكِنْ بَقِيَّةُ جَزْوَةٍ وَحطامُ عُمْرِ |
فبهذا المعنى والمفهوم تميل قلوب كل الناس إلى الختان، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((بشِّروا ولا تنفروا))، وهذا ما أراه، فإن وافق الفهم الصحيح للحديث، فالحمد لله، وإلا فلا عبرة بما أراه.
فماذا أعطى نبينا الكريم نساءَ الأنصار؛ بل نساء الدنيا أجمعين؟ الحلوى أم الدواء المر؟
نعم، فقد أعطى كل نساء الدنيا حلوى بكلمة واحدة ((اختفضن)).
هذا هو نبينا الكريم، الذي أرسل رحمة للعالمين.
أخيرًا:
أتمنى أن أكون قد وفِّقت في طرحي هذا، لموضوع يعتبر غاية في الحساسية، وأرجو من أمهاتنا، وأخواتنا، وبناتنا، أن يهتممن بهذا الموضوع؛ لما فيه من خير لهن، وخلاصة القول: أن شريعتنا السمحاء وأحاديث الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - هي القاعدة التي يجب أن نرجع إليها في كل الأمور التي تصعب علينا، وقد كثر الكلام في هذا الموضوع، وظل هاجسًا لكل امرأة في المقام الأول، ويجب علينا جميعًا أن نقول: كفانا الجدل، والمغالطات، واتِّباع العادات السيئة، ولنحتكم في مثل هذه الأمور لديننا، الذي لم يفوِّت كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها.