جحيم.. هذه أقل كلمة توصف بها حياتي الآن.. لماذا؟ لأن هذه هى الحقيقة ولا حقيقة سواها.. أنا عصفورة حبيسة فى قفص أبحث عن طريق للخلاص.. وهذا هو ما حدث لى.. أنا فتاة صعيدية أبلغ من العمر الآن
17 عاما. لو أكملت مشوارى بالدراسة لكنت الآن فى الصف الثالث الثانوى لكننى تركت التعليم_ رغما عن أنفى_ منذ عامين عندما تزوجت وهذه هى بداية مأساتي. تزوجت فى سن الخامسة عشرة من ابن عمى الذي يكبرني بخمسة عشر عاما، كنت مجبرة على ذلك بفرمان من والدي الذي لم يراع رفضي التام للزواج بهذه الطريقة فأنا فتاة متفتحة وقارئة وأتمنى أن أكون مثقفة. بكيت كثيرا لكن دون جدوى، قلت"لا" كثيرا ولم يسمعنى أحد حتى وقعت الفاس فى الراس كما يقولون ووجدت نفسي أباع بثوبي الأبيض إلى ابن عمى الذي يبلغ من العمر ضعف ما أبلغ هذا الرجل الذي_ كما يقتنعون_ سيحقق لى الأمان وسيربط العائلتين معا إلى الأبد. لم تكن رغبتي فى حسبان أحد فأنا مجرد شابة متهورة مخرفة لا تقوى على إصدار قرارها ويجب أن يفكر لها أحد كبير. أنجبت طفلى الأول وعمره الآن عام، هو الذي يهون على مأساتي إلى حد ما لكننى لا أطيق ما دونه وأعيش بين نارين فلا أنا أطيق الحياة مع ابن عمى الذي أصر على خروجي من التعليم عقب الزواج رغم أننى كنت طالبة متفوقة وفى الوقت ذاته أنا عصفور حبيس لا يملك مفتاح حريته وإن ملكه لن يجرؤ على مغادرة القفص وجلب العار لنفسه ولآهله... لست أنا تلك الفتاة ولا المجتمع الصعيدي سيقبل بهذا. هل انتحر؟ والله فكرت فى ذلك وعدت استعذ بالله من الشيطان الرجيم، لكن الأبواب كلها موصدة فى وجهى، فهل لديك_سيدتي_ باب مفتوح؟ أرجو أن تدليني إليه . الميتة "ك"
الكاتبة:
أه من التقاليد المتخلفة التي تحيل حياة إنسان إلى حجيم! الزواج فى عمر الطفولة لفتاة متفوقة واعدة مقبلة على مستقبل مختلف لفتاة ذكية مثقفة.. الزواج من ابن العم رغم تأكيد الدراسات الطبية على المخاطرة فى زواج الأقارب. فارق العمر بين طفلة فى الخامسة عشرة ورجل فى الثلاثين . ثم انتزاع طفلة ذكية موهوبة من حياة مليئة بالعلم والثقافة والنور لإلقائها فى غياهب الظلام وفقر الفكر والخضوع إلى ثقافة القطيع. قصتك مؤلمة، ليس بالنسبة لك فحسب بل لقد تألمت أنا لها جدا لأنها تعكس نوعا من القهرر الإنساني والنفسي لا مبرر له ولا منطق. تقولين إنك لا تطيقين الحياة مع زوجك "ابن عمك" وأن الذي يهون عليك إلى حد ما هو ابنك الذي يبلغ من العمر عاما واحدا. وتقولين إنك كالعصفور الحبيس الذي لا يملك مفتاح حريته وإن ملكه لا يجرؤ على مغادرة القفص فالتقاليد الكئيبة تطارده وتكبله وتصادر سعادته أو محاولته المستميتة للوصول إليها دون جدوى. والنتيجة أن البديلين الوحيدين المطروحين أمامك هما: الاستسلام أو الانتحار! ما هذا الظلم وكيف يرضى الأهل وأقرب الناس أن يرموا ببناتهم إلى التهلكة النفسية والإنسانية التي تدفع بهن إلى حافة الهاوية. بكل أسف... لا أملك فكرة للحل إلا أن تحاولي شرح ما تعانيه لوالدتك أو لأحد أخواتك المقربين المثقفين، المستنيرين ربما وقف أحدهم إلى جانبك وتفهم موقفك ربما مد أحدهم إلك يده. وإلى أن تحدث تلك المعجزة، تسلحى بالإيمان والقراءة. الثقافة تقوى إرادتنا وتوسع رؤيتنا للحياة وربما تهدينا فكرة للخلاص تطفو فجأة فوق سطح ذاكرتنا. الله معك يا طفلتى الصغيرة.. يا من أصبحت فى لحظة تعسة: إمرأة!
ساحة النقاش