في الآونة الأخيرة كثرت الكتابات والمناقشات التي تناولت زواج
الأوروبيات والأمريكيات من كبار السن بشباب من المصريين لا تتجاوز
أعمارهم الـخمسة وعشروين عاما وبخاصة في المناطق السياحية جنوب
مصر مثل مناطق الأقصر وأسوان والبحر الأحمر وفي منتجع الغردقة
وقد أطلق علي هذه الزيجات مسمي السياحة الجنسية النظيفة حيث نجد الشاب
في سن العشرين متزوجا من عجوز أوروبية أو أمريكية في سن الخمسين
أو حتي السبعين عاما وغالبا ما تسعي هؤلاء الأوروبيات إلي هذا النوع من
الزيجات لأسباب عديدة ثقافية وفسيولوجية واقتصادية.
ويقبل العرسان من المصريين صغار السن علي هذه الزيجات بنفس راضية
لأسباب عديدة وسط مباركة الأهل والأقارب خصوصا أن من بين هؤلاء
الزوجات أصحاب مناصب علمية واقتصادية مرموقة في بلادهن ورغم
النتائج السلبية التي ترتبت علي هذه الزيجات سواء علي الصعيد الشخصي
للعروس والعريس أو علي المستوي الاجتماعي والقومي فإن هذه الزيجات
ليست شرا كلها حسب اعتراف الكثير من العرسان الشباب وذويهم حتي لو
حدثت هناك منازعات ومشاكل طرحها الطرفان علي أبواب السفارات
ومحاكم الأسرة لإيجاد السبيل لحلها. وتحاول الإدارات المحلية في هذه
المناطق الحد من هذه الزيجات وتقليصها خصوصا بعد أن أصبح من حق
هؤلاء الزوجات تملك الأراضي والمباني وممارسة أنشطة اقتصادية
واسعة.
- ارتفاع معدلات الزواج
ونظرا لزيادة معدلات زواج الشباب المصريين من عجائز أوروبيات بشكل
واسع خلال السنوات العشر الماضية فإن عدة مؤسسات بحثية وجمعيات
أهلية ومؤسسات دولية بدأت رصد وقائع هذه الزيجات ومنها بعض
الوحدات التابعة للمجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر وقد أشارت هذه
الدراسات إلي أن محكمة الأقصر الجزئية وحدها وثقت عام 2000م من هذه
الزيجات نحو مئتي عقد زواج بخلاف مئات عقود الزواج العرفية التي يتم
إبرامها خارج الدوائر الحكومية لمختصة وفي عام 2007م سجلت
المحكمة نفسها أكثر من 650 عقد زواج من هذه الزيجات زادت بنسب
كبيرة حيث تزايدت من 5 بالمائة إلي 29% ثم إلي 33% حسب إحدي
الإحصائيات التي رصدت هذه الزيجات.
وأكدت أن عام 2000م شهد 194 حالة زواج بين عجائز أوروبيات وشبان
مصريين كما شهد عام 2001م (204) حالات وعام 2002 (264) حالة
وعام (2003م) شهد (320) حالة وعام 2004م (426) حالة وعام 2005م
(554) حالة وعام 2007م (651) حالة في منطقة الأقصر وحدها بحسب
أحدث تأكيدات مصادر مسئولة بهذه المناطق السياحية فإن معدلات زواج
الشباب المصريين بهذه المناطق من عجائز أوروبيات وأمريكيات جئن إلي
لمصر من أجل السياحة قد زادت بمعدل 345% خلال الفترة الممتدة من
عام 2007م حتي منتصف العام الحالي 2010م وهناك بعض الشباب الذين
تزوج الواحد منهم أكثر من سيدة بل هناك من تزوج أكثر من 15 سيدة
أوروبية وأمريكية عجوزا والغريب أن الغالبية العظمي من هؤلاء السيدات
ينتمين إلي أوساط اجتماعية وعلمية راقية, حيث إن منهن المهندسة والطبيب
وأستاذة الجامعة والباحثة وسيدة الأعمال وغيرهن.
- هوس أوروبي بز واج الفراعنة
وأسباب ودوافع الزواج عند الأوروبيات بشباب مصريين في أعمار أبنائهن
أو أحفادهن أحيانا ليست محيرة بالنسبة لهن بل أمر طبيعي ينبغي أن يسعين
إليه لأن معظم الأوروبيات لديهن شغف شديد بالحضارة الفرعونية القديمة
وبخاصة فيما يتعلق بالأسرة الفرعونية وعلاقة أفرادها بعضهم ببعض
ونظامها الدقيق الذي يقوم علي معرفة كل فرد بدوره تجاه الآخر والطقوس
التي يؤدونها وقد أسهم عدد كبير من الباحثين والكتاب الأوروبيين في نشر
ثقافة الأسرة الفرعونية وحياتها من خلال كتاباتهم التي أسهموا فيها
وأظهروا جانبا من الحياة الجنسية داخل الأسرة للفرعون القديم ويعتقد غالبية
الأوروبيات اللاتي يأتين إلي مصر للزواج من شبابها في نهاية الرحلة أو
بدايتها أنهن بذلك يستعدن مشاهد وصورا من حياة الأسرة الفرعونية القديمة
أو يتشبهن بممارسة هذه الحياة التي قرأن عنها فقط في الكتب وقد جسد
الكاتب الإنجليزي جون برادلي هذه القضية في كتابه (داخل مصر) وتجد
الأوروبيات العجائز في هذه الزيجات فرصة لتجديد الشباب والعودة
بالذكريات إلي الوراء والاستمتاع بالجو النقي ومشاهدة الآثار المصرية
المختلفة خصوصا أن الأوروبيات اللاتي يوثقن زواجهن من شباب
مصريين يحصلن علي فرص للإقامة في مصر مدة لا تقل عن خمس
سنوات كما تتاح لهن فرص شراء المنازل والأراضي والإقامة بنفس
الأسعار والمميزات بالنسبة للمصريين .
ويعتقد الكثير من العجائز الأوروبيات الراغبات في الزواج من شبان أصغر
منهن سنا أن مثل هذه الزيجات تعيد إليهن حيوية الشباب التي ولت وتجعل
الجسم يستعيد كثيرا من الرشاقة والنشاط ولذلك فإن أعدادا كبيرة من هؤلاء
العجائز ينشرن في إعلانات عديدة علي الكثير من مواقع شبكة المعلومات
الدولية (الإنترنت) يذكرن فيها أعمارهن الحقيقية ويبدين رغبتهن في الزواج
والاقتران بعريس فرعوني لا يزيد عمره علي 20 أو 25 عاما علي أكثر
تقدير ويقدمن في سبيل ذلك إغراءات كثيرة لهؤلاء العرسان منها السفر
إليهن أو مساعدتهم ماديا أو حتي استضافتهم في بلدانهن والبحث لهم عن
فرصة عمل.. الخ.
- العرسان يرحبون
ويقدم الكثير من الشبان الذين يقبلون بهذه الزيجات الكثير من المبررات
للإقدام علي مثل هذه الخطوة والقبول بزوجة عجوز ويقول الكثير منهم إنهم
يعيشون في مجتمع له تقاليد صارمة والأفضل أن يقبل الإنسان بزوجة في
الحلال يعف بها نفسه ويحل بها مشكلاته.
في أزمة اقتصادية طاحنة وتكاليف كبيرة تتطلبها عملية الزواج من فتاة
مصرية ويضيف بعض الشبان الذين تزوجوا من أوروبيات عجائز: غالبية
هؤلاء الزوجات لسن عاهرات ولكنهن زوجات يقدسن الحياة الزوجية
ويقدمن مساعدات كبيرة للزوج يمكن أن يحل من خلالها الكثير من
مشكلاته, حيث تمنحه الأموال وتبني له البيوت وتؤسس له الشركات بل
وأحيانا تقيم له منشآت سياحية خصوصا أن الكثير من هذه الزيجات يمتاز
بنوع من التكافؤ من حيث مستوي التعليم والثقافة وأحيانا السن حيث إن
بعض الأشخاص جمعهم في الزواج الحب بين الطرفين.
ويؤكد بعض العرسان الذين تزوجوا من هؤلاء العجائز أنهم لا يجدون ر
فضا من الأهل في ذلك لأنه زواج علي سنة الله ورسوله ولا يقوم علي
محرمات وتكمن فيه حلول كثيرة لبعض المشاكل الاقتصادية بالنسبة للزوج
حيث تتاح له الفرصة للذهاب إلي بلد الزوجة والحصول علي جنسية بلدها
والعمل هناك.. وهناك زوجات مصريات لهؤلاء الأزواج ولكنهن لا يغرن
من زواجهم بأوروبيات.
- عاقبة المتزوجين
وكما أن هذه الزيجات ليست خيرا كلها للزوجين ولا المجتمع فإنها أيضا
ليست شرا مستطيرا وإن كان ضررها أكبر من نفعها ومن أبرز الأضرار
التي تترتب علي هذه الزيجات بالنسبة للمجتمع المصري زيادة نسبة
العنوسة بين الفتيات المصريات وزيادة أعمار الشباب غير المتزوجين
وغالبا ما تنشأ خلافات بين الزوجين وتقع مشاكل عديدة بسبب اختلاف
ديانتهما وتقاليدهما وثقافتهما ورؤية كل منهما في تربية أطفالهما فضلا عن
الزواج وخوف الزوج المستمر من اختطاف زوجته لأطفاله والسفر بهم إذا
ما كانت في سن إنجاب الأطفال.
وبعض الزيجات لم تعمر طويلا بسبب سلوكيات بعض الزوجات فمنهن من
تريد اتخاذ أصدقاء آخرين تسهر وتخرج معهم علي طريقة الحياة الأوروبية
بحكم التقاليد والأعراف فتقوم الزوجة بالهرب لمكان آخر وتتزوج مرة
أخري من شاب مصري وهي علي ذمة الأول وكثيرا ما تبلغ الزوجة
السلطات الأمنية عن الزوج وتدعي عليه قيامه بالنصب والاحتيال عليها
وسلب أموالها وأنه تزوجها زواج مصلحة أبسطها أنه يتم إعفاؤه من أداء
الخدمة العسكرية وتدعو السلطات في المناطق السياحية إلي العمل من أجل
تقليص أعداد ومعدلات هذه الزيجات عن طريق توعية الشباب بمخاطر هذا
الزواج وآثاره السلبية المدمرة للأسرة المصرية وتطالب بعض المؤسسات
القانونية في مصر الحكومة المصرية بعدم الاعتراف بعقود الزواج العرفية
بين شباب صغار السن وعجائز أوروبيات وعدم توثيقها حتي لا يترتب
عليها تبعات أخري تضر بالمجتمع وبالأمن القومي المصري وتدعو بعض
الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية إلي أهمية التدقيق في النتائج المدمرة لهذه
الزيجات علي جميع الأصعدة الاجتماعية والثقافية والأمنية.
ساحة النقاش