كناري الشعر المزقزق للغياب

( مرثية لدرويش )

في حضرة  رحيلك  الأكبر

طهّم الموت خيول الشّعر

أسرج أعنّتها لركاب الغيب

سابقت عدوها للكواكب

ظباء لوعة الأسى

و هامات  نخل الحنين

               1

هل كنت دمعة غاردينيا

كي توغل فينا 

نغما  كنعانيا

من عزف  شجن الغيوم

أم كنت انصراف آيائل الدّهشة

ثملة بشجى النّوى

تتبع خطو روحك في الغياب

تستدر من غيمة بيضاء

وهج زنبقة ذاوية

تشبه قلبك الذي تنازعته

غوايتان : شوكة الموت

و شهوة الحياة

             2

هذا  صداك  الكوكبي

شدّ إزار الكون

في جناح مداك الذي

شق  خاصرة الشفق

و اندلع ثورة ورد

في عاج أناملك  المشتعلة

بفراشات الألق

تطلق من شفاه همسها

لازورد غزالة القمر

تمهر الليل في ملاءة ضوئها المستمرّ

و تقتلع من صخرة الصّلف المرمريّ

ما به تلتحف الغوايات

شجنها النهريّ

كي تعدو  الأغنيات

في مهب الكمنجات

فهد نغم نافوري

               3

أشواق روحك الغابية

تفتّحت في جفنيك

وردتين من لوتس الافتتان

 أضاءتا حدائق النجوم

و ما بينهما حكاية اللدّ للجليل

و ما قاله الشهيد في الوصيّة

مفتاح للبيت  القديم

في يافا

و غيمة دمع

لعويل أم في الخليل

 و برتقالة ذكرى

تعتصر  من شفاه الّشجن

مطرا  من زمرّد الكلمات 

و ظلّ و طن في القلب

و منفى في الشّتات

             4

ماذا نقول لمراسم القول الذي

لم ينته في جناز فستقة رؤاك

كل الذين احتسوا رحيق معناك

ساروا يتامى في خطاك

و الشعراء تيمموا بربيع صوتك

ارتدوا مواسم الكناية

فما حط  دورّيّ  واحد

في حديقة الشعر

و لا زقزق كناري

في فنن سواك

              5

يا ابن  حورية النرجسيّ

كنت شهقة القمر اللبنيّ

يتكسّر  شلال فكرته

نوافير حكمة أزليّة

يشاهد وجهه الفينوسيّ

في بحيرة طبرياّ

و عنادل روحه السكريّة

في أريحا

يا ابن المكان المرّ

و الزمان الحرّ

و الصقور الجريحة

ما كنت تدري 

بمرارة نهر الغياب

حين أزمعت الذهاب

ما درت أناملك العنبرية

كم ناحت نايات المراثي 

في وحشة فقدك

و كم سالت في  ضوء لوعتها

قناديل العويل

              6

وحدك  يا ابن الغبار السوسني

ظللت طائر الوطن الجريح

و ظل صوتك المفتوح للمدى

نهر  الأسئلة  الممكنة

و صدى للريح

في عواء الأمكنة

و ظللت طفل الآلهة

وضعتك  في  بارقة حبّ

ماسة عشق في صدفه

فانفرطت في هبوب الهيام

حبّات  شوق قرنفلة

هُلام عطرها  الخرافي

انفلق من ثغر قوقعة

كي يملأ سنابل  الفجر

بحبات قمح  الأمنيات

تقتاتها عصافير  المدى

 و تعتصر  من  كرز رؤاها الكونياكية

ما به يغتسل الورد

من ذنوب   حمرته

و يطوي ملاءة  فتنته الحرير

لمباخر الولع الأخير .