في زيارتي الأخيرة لمحافظتي حجة فقد غبت عنها قرابة نصف عام وهي طبعاً مدينتي ومحافظتي .. فكانت زيارتي لها فجأة فأعددت للسفر عدته واتجهت للتوقيف سيارة وبدأت رحلتي ،فكلما اقتربت من المحافظة يزداد خفقان القلب حباً واشتياقاً لمدينتي .. لشوارعها النظيفة وأهلها الطيبين المثقفين ومنظرها الرائع خاصةً من أبناء مديريتها المختلفة القرويون والمدنيون
ـ وانا على مشارف حجة كثرة النقاط لقطاع الطرق ، بل والمظاهر المسلحة التي لم تألفها حجة الثقافة ولا أهلها ألطيبين وعند دخولي المدينة كنت اسمع أصوات الطلقات النارية وإذ بي أرى مسلحين يسرحون ويمرحون كيفما يشاءون ، فسألت من هؤلاء فأجاب علي احد الاشخاص هؤلاء يتبعون الشيخ فلان وهؤلاء يقودهم فلان فوصلت من اثر السفر أبحث عن فندقة لأبيت فيها باحثا عن فندق توجد بة خدمة النت فكلما سألت يسخر مني أبناء محافظتي ويجبيون بسخرية انت في حجة وأنا لا أكاد اصدق ما يحصل ، فازداد بي تعب السفر فاستاجرت غرفة بفندق ونمت ولم أفكر بشيء ، في اليوم التالي قلت في نفسي إن هناك شوارع جميلة كنت أرتادها قبل فترة فخرجت وما إن دَلَفَتْ قدماني خارج الفندق إلا وأخذت الروائح الكريهة تشق طريقها إلى رئتي وإذا بي أرى ما لم أكن أراه في حارتي .. إنها القمامة المتراكمة والمكدسة كأنها تلال ومياه الصرف الصحي تسيل في الشوارع فقلت كل هذا حاصل في مدينتي فكيف بحاراتها فاتجهت بأرجلي الى زيارة بعض الحارات فتحركت وإذ بي أجد نفس المنظر ومتفرع الى كل الشوارع الرئيسية
الناس يبتاعون ويشترون بحذر وخوف وجيش الدراجات النارية تملاً الشوارع وتزيدها زحمةً وضجيجاً وكأنك تعيش في معركة حامية الوطيس لا تسمع من يكلمك ، بل لا تسمع نفسك ، وترى الكثير قد رفع ثوبه أو بنطاله إلى أعلى خوفاً من أن يتلوث من القمامة أو مياه الصرف الصحي الذي يزكم الأنوف ويثير الغثيان ، وبعد هذه الرحلة المضنية التي استمرت اسبوعين كانت في دورة تدريبية عشتها مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ، فكلما مر يوم أبدء بطرح اسألتي على الشباب ما الذي جرى لهذه المدينة التي لم تحظى بمشروع المياه والصرف الصحي فتكدس القمامة وجريان الصرف الصحي وكذا الإخلال الأمني الملفت للنظر ، فقالوا ليس كلحجة تعاني هذا .. إنك إن اخذت زيارة لمديرية كل شخص منا لوجدت ما يزيدك اكثر الما وحسرة فالمدينة كلها اصبحت إلى الجحيم ، فقلت وأين المحافظ وأعضاء المجلس المحلي والبلدية والصحة وحقوق الإنسان والكتلة البرلمانية ... إلخ .
فرد عليَّ بعض المواطنين بأنهم مشغولون بأمورهم الخاصة وخاصةً هذة الايام وبعد الثورة يردون اللوم على حساب آلاخرين ويكيلون المكيال بمكياليين ، فبعضهم يقضي وقتة بأمورة الشخصية وتجارتة وبعضهم في قصرة الشامخ بالعاصمة صنعاء والآخرين يذهبون مدن أخرى
فقلت وأين الضرائب التي تفرض على المواطن الكادح من القات وغيرة ،والتاجر البسيط ، وكذا الأموال التي تضاف على الفواتير بكل أنواعها ومجالاتها وعلى كل المواطنين لغرض ما يسمى بالنظافة وتحسين المدينة ...
فقالوا إن أغلب هذه الأموال لا تذهب فيما خصصت له .. بل إلى جيوب حمران العيون من المسئولين والموظفين .
لقد حزنت لهذه المشاهد والأقوال حزناً شديداً وعزمت أن اكتب مقالا او خبرا على الفيسبوك فاتصل بي حد الاشخاص من زملائي بمدينة حجة ان اكتب مقالا عن غياب الدولة في حجة فتناولت وبدأت اتذكر المناظر المقرفه لمدينتي الجميلة الغارقة في عنفوان الفقر والجهل والامية وسوء التغذية فانطفاء متكرر للكهرباء فتنطفئ التلفونات معها كل يوم يمر عليا وأنا مثقل بالهموم والأحزان على هذه المدينة وأبنائها البسطاء المحرومون من أبسط الخدمات وأطفالها الصغار المحرومون من الابتسامة دموعهم لاتخطي اعينهم في طقطقات الرصاص والألعاب النارية ، فلما أصبح الصباح وأشرق بنوره ولاح الديك بصوته الجميل من مكان بعيد كنت مع زملاء لي من كل المديريات بالمحافظة فجلست معهم وبدء كل زميل يطرح هموم مديريته فيحدثوني عن الصحة التي يعانون منها فيبحثون عن المستشفيات عن الحالات الطارئة في محافظة اخرى غير محافظتنا للحصول على مستشفى لإنقاذ المريض وعن الكهرباء ما يزال ( الفانوس) كهربائهم وعن الماء فما تزال الحمير والنساء تجلبة من اماكن بعيدة واما التعليم فنادرا ما تجد الفتاة في بعض مديريات حجة تحظى بالتعليم
فندمت على تأييدي للقرارات الرئيس هادي بتنصيب محافظا للمحافظة حين كتبت في الصفحات بتاييد محافظ المحافظة ومتابعة كل اخبارة ونشرها في المواقع وعلى صفحات التواصل وأنت تجول ببصرك لتشاهد الصورة فكما يقال : لا عيناً ترى ولا قلباً يحزن .. ، إلا أننا استدركت هذا التفكير وقلت ربما كانت زيارتي فيها الخير والبركة كي أشاهد ما تعاني هذه المدينة وأذكر ذلك للمسؤولين أو أصحاب القرار عبر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعية ، لكني تسائلت لماذا هذا الإهمال لمدينة حجة ، أهو انتقاماً من أهلها الذين شاركوا في الثورة وفي ميادين ساحات الاعتصام
أم أن المسئولين فيها مات ضميرهم وانتزعت الرحمة من قلوبهم وخانوا أمانة المسئولية أم ماذا ؟
إن لكل مشكلة حل .. إذا وجدت الإرادة من قبل الحكومة ونية التغيير وتحمل المسئولية بصدق وأمانة .
وأنا من هذا المنبر أناشد الأخ رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي في توفير الحلول العاجلة لإنقاذ مدينة حجة من الكوارث البيئية وانعدام المياه والأمن والأمان وغياب الدولة وهذه هي أبسط الحقوق لمحافظة فيها العدد الكبير من المديريات و يقطنها الملايين من الناس قدموا كل ما يوسعهم لمساندة الثورات اليمنية لينعم الشعب اليمني بتحقيق دولته المدنية الحديثة التي لطالما حلم بها وقدم من أجلها الكثير .
فحين تغيب الدولة ومشروعها المقترض يذهب البعض الى التفسحات ونشر الفوضى واختلاق المشاكل ويحل القتل وتقطع الطرقات وتبث العداوة والحقد بنشر الافكار المذهبية والسلاليه والمناطقية.
فغياب الدولة المستمر بالمحافظة جعلنا نعيش في واقع مليء بالأحزان مليء بالفوضى لاقاضياولامحافظا ولا عضوا برلمانيا ولا رئيسا للسلطة المحلية ولا امينا عاما فأصبح كل هؤلاء مشغولون بكيل التهم على ألآخرين
صراعات مذهبية وإطماع على مواردها واقتتال شديد في بعض مديرياتها وغياب الدولة في هذا المكان اصبح يهدد المحافظة بشكل كبير وانعدام الامن اصبح خطر يهدد المواطن بالمحافظة
وتدهور للبنى التحتية ( الماء – الكهرباء – المجاري – الصحة ) وانعدام المشاريع العملاقه للمياة والمجاري والتخطيط الحضري والشوارع العملاقة خاصة وان عاصمة محافظة حجة ومدينتها مازالت صغيرة ولم تتوسع الامر الذي يستوجب سرعة انشاء وشق الطرق والشوارع العملاقة في عاصمة المحافظة والمدن الاخرى كمدينة عبس وحرض وغيرها من المديريات في المحافظة واستكمال الربط بين جميع المديريات بالطرق الاسفلتية الواسعة.
كما ننبه قيادات الدولة الى أهمية الإسراع بالاهتمام بمحافظة حجة ليس امنياً فقط وإنزال المعسكرات والجنود الى حجة بالتنمية التي ستجعل من جميع ابناء حجة جنودا للوطن يبادلون الوطن الوفاء بالوفاء لان استمرار وجود مشاكل عميقة تعيق تطوير محافظة حجة والغياب التام للدولة عن محافظة حجة حتى اصبح فيحجة انتشار اللادولة وهذا سيؤثر بشكل كبير في تامين المحافظة بكل مديرياتها وسيؤدي الى انهيار للامن ولن يتم ارجاع الامن الى محافظة حجة الا بالاهتمام بالمحافظة وحل مشاكلها وتنفيذ مشاريع الخدمات الأساسية للمحافظة
وكسر معادلة العناد المستمرة بين الدولة والسلطة المحلية ومعارضتهم للقرارات الحكومة وتشجيع المسلحين الاحلال واختراق القوانين والسيطرة على بعض مديريات المحافظة من قبل طوائف خارجة عن قانون الدولة
واذا ما تم اعادة حجة الى مستواها الحقيقي الذي يتلائم مع تاريخها العظيم فسيكون المستقبل المنشود لليمن عظيم وسيؤدي ذلك الى نقلة كبيرة لحجة ولليمن بشكل عام نحو مستقبل افضل .