هذه الصورة ليست في زائير ولا زامبيا ولا في أدغال أفريقيا . إنها في اليمن السعيد !! صورة تعزف لحن الحداد وتفتح باب التعازي لموات طويل . هذا الجلد النازف الجاف سرقته كروش تعيش على دوائك وغذائك . هذا الانطفاء توهج في أجساد أخرى اقتاتتك قبل أن تولد , وشوهتك نطفة في ظهر أبيك .
هذه الدموع الغزيرة فتح صنبورها وأنت تتنقل بين الصلب والترائب . أحس الآن بنحالة جسمي , باهتراء أصابعي , حتى الكتابة عن إنسان على هيئة صورة , أو صورة في هيئة إنسان عمل ثقيل للغاية , كما لو أنك تحمل ماء المحيط على كاهلك الهالك النحيل . في اليمن . . هنا يتقدم الإنسان صاحب الأولوية في تفتيش كيس القمامة بحثا عن سبب يوقف زحف الموت , بينما تحدق العصافير والنسور من بعيد تنتظر دورها !! وأحيانا تهجم مغامرة غير عابئة بالموت . البلدة الطيبة لا يعشب فيها غير الموت ولا يكبر فيها غير الشهداء و كروش القاتلين .ْ
في بلد الإيمان ,, الإيمان يخبئ الموت . في بلد الحكمة , الحكمة أن تموت قبل أن ترى وطنك على هيئة متسول . مالك أيها الموت ؟؟ نموت من الجوع وتقبع لنا خلف لحى الضالين . خلف أخطاء الأطباء في حفر الطرقات في الثأر الأعمى حتى في طلقات الأفراح نموت . البلد السعيد صار مليئا بالموت . يا إلــــــــــهي ,, التبابعة جائعون , الأشعريون لم يقتسموا مابينهم بالسوية , الحكمة غلفها الجنون والإيمان لم يبق منه سوى القتل . قحطان أصبح متسولا يا سادة , وعرش بلقيس يسجد ملطخا بعار الأبد . اللعنة على كل هذا التاريخ الهراء , أكذوبة لم تمنع عنا قوارع الزمن وغدر الأيام . تاريخ لم يحم أبناءه من التسول وكبرياء ذُبح على يد ثلة من المنافقين وعبيد السوء . آه أيها الوطن الموجوع ,, يوزعونك اليوم صورا على الصفحات هزيلا بغير جلد ميتا بغير كفن مقتولا في العراء في عالم وضع إنسانيته تحت الثلوج وشرب الأفيون . ونحن يا وطني سنخفي جوازات سفرنا إلى حين . والنساء تخفي هويتها خلف البراقع السود كطريقة للتنكر في مجتمع الذل نحاول يا وطني جاهدين أن يكون كبرياؤنا هو آخر الأموات . سلام عليك يا وطني , لا زلت متيما بعشقك ومربوط بخيط أزلي إليك , ولكني مذبوح بجرح الإباء .