بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج حزب الشعب (تحت التأسيس) _اشرف محمد علوانى فرحات _وكيل المؤسسين
مقدمة
رؤية مؤسسي حزب الشعب تنطلق من أن ما يجري الآن في مصر وحولها من الدول و الشعوب العربية أمر ضخم وشرارة التغيير التي ستغير ملامح العالم ، وأن هذا التغيير لن يقف عند حدود معينة بل سيطال كل الأنظمة الحاكمة قبل الشعوب ، ويشمل البنية الثقافية والقيمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية..إلخ ، وسيطرح توازنات قوى سياسية وثقافية وحضارية جديدة ، وذلك إيذاناً ببدء حقبة جديدة في تاريخ العالم والنظام الدولي أطلقها شباب ثوار الشعب المصري في ثورة 25 يناير 2011 الهم فيها الشعوب التي عاشت بين شقي رحى القهر والظلم أن تصنع حريتها بنفسها و دماء شبابها
يؤمن مؤسسو حزب الشعب أن الأوطان الحرة لا تملك ترف الاستغناء عن جهود المخلصين من أبنائها ، ولا إهمال رأي فريق منهم ، ويعتقدون أن الوطن الحبيب في هذه الأوقات العصيبة التي تهاجم فيها ثقافتنا وحضارتنا وتاريخنا وواقعنا ، أعظم حاجة إلى جهد كل مواطن مخلص من أبناء الشعب المصري العظيم ، دون تمييز ؛ ليتضامن السعي البناء والجهد المخلص لهذا الشعب في مواجهة كل ألوان الفساد وأدواته ، حتى يرتقي الوطن ويتطور المجتمع ويحقق آماله ويصل إلى غاياته .
ويعتقد المؤسسون أن ما يجري هو لحظة كاشفة لمجمل أوضاع تتعلق بنا نحن العرب والمسلمين ؛ أوضاع قابليات استعمار مباشر ووهن سياسي واقتصادي واجتماعي وتعليمي دفع بالطامعين إلى التداعي علينا .
ومصر العزيزة على أبنائها وبناتها من أفراد الشعب المصري العظيم أغلى من أن يترك أمرها لبعضهم على مر العقود يعبثون ويشيعون الفساد و يبيعون التاريخ والحضارة والكرامة دون سائر ابناء الشعب الذي صمت كثير قهرا وظلما ، فمصر أغلى من أن يقعد عن المساهمة في إقالتها من عثرتها الراهنة ورفعتها ونهضتها قادر على ذلك بالفكر والرأي والعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي جميعًا .
ويرى المؤسسون أن حركة العالم تتجه نحو اتجاهات شتى ، إلا أن الأبرز فيها هو اتجاه العدالة في مقابل اتجاه الهيمنة والاستبداد ؛ فحركة الأحداث أبرزت أن العالم الآن يمكن أن ينقسم وفق محاور جديدة تقوم على الهيمنة والطغيان من جهة في مقابل قوى وأطراف وأفكار ومصالح كثيرة ومتنوعة في جهة أخرى ، تسعى لمقاومة هذه الهيمنة والانتصار عليها عبر تجاوز الانقسامات الدينية والعرقية والوطنية ، وتتجه أكثر فأكثر نحو المشترك الإنساني العام.
إن هذه الأوضاع في مجملها تقتضي عملا ًجادًا في طريق بلورة خطاب وطني جديد ؛ يستوعب متغيرات الواقع و ويهدف إلى التغلب على مشكلاته ، ويدعو إلى ابتكار صيغ عملية للإصلاح ، تكون قادرة على مقاومة الهيمنة بيد ، وبناء النهضة باليد الأخرى ، وهو في ذلك كله خطاب منفتح على العالم ، ساع للمشاركة في بلورة الحركة العالمية الرامية لتفعيل القيم الإنسانية المشتركة بين البشر.
إن طريق الإصلاح الذاتي ـ كما يري المؤسسون ـ يبني على قيمنا الحضارية وخصوصيتنا الثقافية المستمدين ـ أصلا وأساسًا ـ من الدين الذي يؤمن به المصريون كافة ، إسلامًا كان أو مسيحية. وهم يرون أن مرجعية الإسلام العامة في هذا الوطن محل احترام بنيه أجمعين ؛ فهي بالنسبة للمسلمين مرجعية دينهم الذي به يحيون وعليه يموتون ويبعثون، وهي بالنسبة لغير المسلمين مرجعية الحضارة التي بها تميزت بلادهم ، وفي ظلالها أبدع مفكروهم وعلماؤهم وقادتهم ، وبلغتها نطق وعاظهم وقديسوهم ، ولهم في إنجازاتها كلها دور مشهود وجهد غير منكور ، وهم فيها صناع أصلاء ، وفي ظلال غيرها من الحضارات أتباع أو دخلاء ، ولذلك فإن السعي ـ بالوسائل الديمقراطية ـ إلى تطبيق المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع " ، سيكون عملاً أساسيًا يضعه الحزب في مركز اهتماماته .
وعلى أساس من هذه المفاهيم وغيرها مما ورد تفصيلا في هذا البرنامج ،يتقدم مؤسسو حزب الشعب ببرنامجهم إلى الشعب المصري آملين أن يُمكنوا من العمل على رفعته، والدعوة إلى مبادئه رغبة في خدمة الوطن وأهله ، وأمتنا العربية والإسلامية والعالم كله من بعد.
وعلى هدى ما سبق صاغ مؤسسو حزب الشعب المعالم الرئيسية لبرنامجهم ؛ مركزين على نقاط التميز وأولويات الاهتمام ، ولم يذكروا قضايا كثيرة ؛ ليس بسبب عدم أهميتها وإنما لكونهم يتفقون في مضمونها مع كثير من الرؤى السياسية المطروحة .
الفصل الأول
نظام الدولة حول إطلاق الحريات وتحقيق الإصلاح
نظام الدولة
الأصل في الحكم تكليف، وهو عقد التزام وتوكيل، وان الحاكم في مكلفٌ ومسئول، وعليه الوفاء بما التزم به أمام الله والأمة التي وكلته، وقد تميز النظام الإسلامي عن النظم الأخرى في مواضيع كثيرة منها السلطة والسيادة، فقد أرسى الفكر الإسلامي قواعد متينة للسلطة السياسية، وجعل الشعار (السلطات للأمة والسيادة للشريعة) نبراساً لمسيرتها السياسية، والسيادة المطلقة لله وحده ولشرعه .
طبيعة السلطة هي سلطة مدنية تختار من الشعب بانتخاب حر ، وتسمح بالتعدد والتنوع في الرؤى والأفكار شريطة الالتزام بالشرع، وتحفظ للمخالفين حقوقهم الشرعية، والمشاركة فيها مشاركة فعالة ترمي إلى تصحيح كل المخالفات بالوسائل السلمية، مع الإيمان الفعلي بسلمية تداول السلطة، والعدالة في توزيعها والثروة . وتنبع أهمية السلطة من حاجة الحياة الاجتماعية إلى النظام والسلم والأمن، وإلى أهمية توافر الاستقرار والاستمرار الاجتماعي، وتحديد الحقوق والواجبات الاجتماعية.
وتداعيات الهجمة الفكرية، والتحلل الخلقي، وتفشي الرذيلة، وظهور المنكرات، واستشراء الفساد في جسد الحكومة، وسوء استغلال المناصب السياسية والإدارية، وغيرها كثيرة تجعل من أهمية إيجاد النظام الإسلامي والمدني واجباً شرعياً ومدنياً . يؤكد على المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية والمشاركة في السلطة، وتداول السلطة، والمحاسبة والنقد، وواجبات الدولة المعاصرة.
المبادئ البنائية :-المبادئ البنائية التي هي بمثابة لبنات تأسيسية لنظام الحكم ، والتي هي قيم سياسية تبعث الشعور بسلامة النظام وشرعيته ومشروعيته، مع استلهام صلاحيته لكل زمان ومكان، وهي الأسس المتينة للدولة ، بدءاً بذكر طبيعة السلطة ، والتأكيد على مدنية الدولة ، وبعدها التفصيل في ذكر الكيفية الشرعية لتولي السلطة السياسية بـ "الانتخاب الحر"، ثم ذكر السلطة التشريعية ومحاسبة ومراقبة الحاكم، ومسؤوليته أمام الناس وأمام الله، ثم موضوع استقلال ملكية الحاكم عن ملكية الأمة،والسلطة القضائية والاستقلال التام للقضاء وبعد هذه المبادئ جملة من المفاهيم الحديثة بدءاً بمفهوم الفصل بين السلطات، ثم التعددية السياسية، ثم المشاركة السياسية، ثم التوالي السياسي، أو التداول السلمي للسلطة.
المبادئ الوظيفية للسلطة السياسية:- هى تمثل فى مبادئ، بدءاً بذكر مفهوم العدل، ثم حقوق الإنسان والمساواة، ثم الحريات العامة، ثم التكافل أو التضامن الاجتماعي والطاعة و هي كلها مبادئ وظيفية تجب على السلطة السياسية تحقيقها في المجتمع ، وكلها مدعومة ببعد معنوي تجعل منها قيماً إنسانية وهى كالتالي:-
المبدأ الأول: تحقيق العدل.
المبدأ الثاني: المحافظة حقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين طوائف الشعب دون أي وجه للتمييز كالتالي :-
· المساواة Equality :-
o أولاً: المساواة أمام القانون
o ثانياً: المساواة أمام القضاء
o ثالثاً: المساواة في الحقوق والواجبات
o رابعاً: المساواة في التكاليف والأعباء العامة
o خامساً: مساواة المرأة بالرجل
المبدأ الثالث: الحرية والحريات العامة
يرى مؤسسو حزب الشعب أن أساس الإصلاح في مصر والضامن لاستمراره واستقراره هو إطلاق الحريات العامة ؛ التي هي مقدمة النهضة في جميع نواحي المجتمع والشرط الضروري واللازم لتحقيق المقاصد العامة للشريعة من حرمة النفس الإنسانية ، وحفظ العقل البشرى وتفعيل دوره في الحياة ، وحرية الاعتقاد ، وحرمة المال العام والخاص ، وصيانة العرض وحرية وكرامة الإنسان .
· أولا : تأصيل مفهوم الحرية وحدودها لدى الشعب
· ثانيا : الحريات العامة في الدولة : تتمثل إطلاق الحريات العامة فى :
o أولاً حرية العقيدة وفق الأديان السماوية
o ثانياً: حرية الرأي
o ثالثاً: الحرية السياسية
والتأكيد على أن جمهورية مصر العربية لغتها الرسمية هي اللغة العربية ودينها الرسمي هو دين الإسلام .
المبدأ الرابع: التكافل "الضمان" الاجتماعي والطاعة
· أولا التكافل أو الضمان الاجتماعي بتفعيل دور :-
o التعاون والتكافل
o الزكاة
o الصدقة
o كفالة اليتيم
لتحقيق التوازن الاجتماعي و مواجهة مشكلة الفقر .
· ثانيا السمع والطاعة في المعروف
واجبات الدولة (السلطة السياسية) :-
واجبات الدولة كثيرة، وفي مقدمتها المحافظة على مقاصد الشريعة كواجب عقائدي ، ثم الواجب الأمني ، ثم الواجب الإداري ، وأخيراً الواجب القضائي وتحقيق العدل في ربوع الوطن، ونشر الحريات .
الواجب الأول: المحافظة على مقاصد الشريعة كواجب عقائدي وأخلاقي "حفظ الدين و العقيدة والنسل" و حفظ القيم الأخلاقية بحفظ الأخلاق و الأسرة كواجب الدولة الأخلاقي .
الواجب الثاني: الواجب الأمني "حفظ النفس".
· المطلب الأول: حفظ الأمن الداخلي و الخارجي و تحقيق الأمان , للوطن والمواطن في مختلف مجالات الواجب الأمني من خلال وزارة الداخلية .
· المطلب الثاني: الالتزام بتحقيق أشكال الأمن التالي :-
o الأمن الفكري
o الأمن النفسي
o الأمن السياسي
o الأمن الاقتصادي
o الأمن الاجتماعي
الواجب الثالث: الواجب الإداري "حفظ العقل".
· المطلب الأول: الإدارة العامة :-
o إنشاء التنظيم الإداري الكفء للدولة وأجهزتها
o عمل الميزانية العامة للدولة و مجالات الإنفاق العام
o تحقيق مفهوم الرقابة وأنواعها:-
¨ أولاً: الرقابة الإلهية "العلوية" بالالتزام بأوامر الله ونواهيه .
¨ ثانياً: الرقابة الذاتية "الداخلية" بسماع صوت الضمير لدى الفرد.
¨ ثالثاً: الرقابة الشعبية "الاجتماعية" بالمجالس النيابية والشعبية .
¨ رابعاً: الرقابة الإدارية بالأجهزة الرقابية بالدولة .
· المطلب الثاني: تولية الوظائف في الدولة على أساس الكفاءة وتكافؤ الفرص
الواجب الرابع: الواجب القضائي "حفظ المال" وتحقيق العدل في ربوع الوطن، ونشر الحريات .
· المطلب الأول: حفظ حقوق الأفراد في النصفة في القضاء وتحقيق العدل دون تمييز .
· المطلب الثاني: سيادة القانون و فلسفة العقوبات نحو السلوك الإجرامي و السياسة الجنائية
الواجب الخامس : حق الشعب في المحاسبة والمراقبة والنقد
· المطلب الأول: مبدأ الفصل بين السلطات
o السلطة التشريعية legislative authority
o السلطة التنفيذية executive authority
o السلطة القضائية legal authority
المطلب الثاني: تحقيق التعددية السياسية بكل صورها
المطلب الثالث:تحقيق المشاركة السياسية من خلال دعم :-
· المشاركة السياسية
· التوعية الشاملة بأهمية المشاركة
· دعم وجود آليات المشاركة السياسية
المطلب الرابع: العمل تحقيق مبدأ تداول السلطة من خلال :-
· دعم آلية إنتقال السلطة وتداولها
المطلب الخامس:العمل على استقلال ملكية الأمة عن ملكية الحاكم وتحقيق مبدأ من أين لك هذا؟
الحكومة :-
يجب تكوين حكومة رشيدة يكون جوهرها إدارة شؤون الدولة، وتتكوّن من آليات وعمليات ومؤسسات يستخدمها المواطنون فرادى أو جماعات لدعم مصالحهم والتعبير عن مخاوفهم والوفاء بالتزاماتهم وتسوية خلافاتهم. ولكي تتمكّن هذه الآليات والمؤسسات السلطوية من أن تكون فعّالة من وجهة نظر المجتمع، ينبغي أن تتمتّع بالخصائص التالية :
· المشاركة.
· الشفافية،.
· المساواة.
· سيادة القانون الاستجابة (لمصلحة جميع الأطراف).
· الاهتمام بالإجماع.
· المساءلة.
· الرؤية الإستراتيجية.
· والكفاءة والفاعلية".
تحقيق الحكم الرشيد ليشمل جميع المؤسسات في المجتمع من أجهزة دولة وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، فهي عبارة عن ممارسة للسلطة وحقوقها وفقاً لمبدأ المحاسبة، ولا تقتصر فقط على الاهتمام بآثاره التنموية الحالية وإنّما تشتمل على التنمية المستدامة وطويلة الأمد والممتدة عبر أجيال متعاقبة.
الحكم الرشيد |
المساءلة + المحاسبة |
الكفاءة |
الإجماع
|
سيادة القانون |
المشاركة |
العدل |
اللامركزية الحريات المدنية وخاصة الصحافة |
المساواة |
الرؤية الإستراتيجية+ استقل استقلالية الجهاز القضائي وتعزيز سلطة القانون |
الشفافية |
التزام الحكومة بالمحافظة على التالي :
أولاً الديمقراطية:
تتجسد من خلال تعزيز ممارسة الديمقراطية المُصلِحَة والمبنية على أرض الواقع بمعنى تجسيد نصوص القانون وترجمته بحياة ديمقراطية أساسها المشاركة وتمثيل الشعب والمحاسبة والمراقبة لأداء الحكومة، ومن خلال توفير الإطار المؤسسي لمكافحة الفساد.
ثانياًَ حقوق الإنسان :
من خلال تعزيز مفاهيم حماية حقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان من خلال الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتتجّه خصائصها من خلال إشاعة مبادئ الاحترام وتعزيز الكرامة وعدم التمييز بين الأفراد والمساواة.
ثالثاً سيادة القانون :
بمعنى احترام المبادئ القانونية وحكمها والتي تساعد على إرساء قواعد العدالة وتفعيل آليات حلّ النزاعات بالطرق القانونية وإلى المساواة أمام القانون وحق التقاضي وأن تنظر القضايا محكمة مستقلّة وأن يكون القضاة والمحامون مستقلّون لا يخضعون لأي سلطان غير سلطان الحق والعدل ويتم ذلك من خلال العمل على استقلالية الجهاز القضائي والرقابة على الانجاز.
رابعاً تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني:
إذ تعتبر مؤسسات المجتمع المدني من أهم عناصر الحكومة الرشيدة وعلى الدول أن تعمل على تشجيع إنشائها وتفعيل دورها في الشؤون العامة وأن تعطيها الشرعية القانونية من خلال سنّ التشريعات التي تساعد بأداء دورها الرقابي والعملي وتحقيق مفهوم المشاركة في التنمية.
خامساً الإدارة الحكومية :
ضرورة وجود الإدارة الحكومية يعنى أن تعمل على إدارة الأموال العامة واستثمار الموارد الطبيعية والبشرية في خدمة المجتمع ويكون الشعب شركاء في هذه الثروات وأن تؤمن بمبدأ تكافؤ الفرص وتقلّد الوظائف العامة تحت معيار الكفاءة والمساواة وعدم التحيّز.
سادساً الإدارة غير المركزية :-
على الحكومات وسلطات الدولة أن تقوم بتفويض صلاحياتها وسلطاتها لإدارات غير مركزية (لحكومة داخلية محلية) وبمشاركة واسعة من قبل أفراد المجتمع وذلك من خلال تعزيز حقوق الإنسان وتوعيته، و أن تتطلع الحكومة إلى احتياجات المجتمع ككل، وليس فقد للحكومات، وهي توسع دائرة الحرية من خلال بناء نظام معرفي يعزز بناء النظام السياسي وترتيب أولويته.
أسس عمل وآليات الحكومة :-
أولا الشفافية :-
وهي من أهم خصائص الحكم الرشيد وتعني إتاحة كل المعلومات وسهولة تبادلها، بأن تكون متاحة لكافة المؤسسات ولجميع الأطراف المعنية، وأن تكون الحسابات العامة متاحة بصورة مباشرة، وأن تتوفّر معلومات كافية وشاملة ومنظمة عن عمل المؤسسات وأدائها لكي يسهل رقابتها ومتابعتها. إذن الشفافية هي تدفق المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الشاملة في الوقت المناسب وبطريقة يمكن الاعتماد عليها، وتتلخّص الشفافية بالمكونات التالية:
1. الحصول على المعلومة.
2. العلاقة السببية بين المعلومة والموضوع المراد مراقبته.
3. الدقّة في الحصول على المعلومة.
وعليه يجب على الدولة أن تصدر قوانين تهتم بحرية المعلومات وتسمح للجمهور ولوسائل الإعلام المختلفة بالحصول على جميع الوثائق والمتعلقة بعمل الحكومة والتشريعات والسجلات المختلفة ومن الصعب تخيل وجود حكومة رشيدة وفاعلة ومتجاوبة مع شعبها دون وجود قطاع إعلامي متميز وقوي ويتسم بالمهنية والاستقلالية.
ثانيا المشاركة :-
وهي تضمن لجميع أفراد المجتمع المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار والتي تضمن حرية الرأي والتعبير والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان.
يرتبط مبدأ المشاركة بمفهوم الشفافية، فمعرفة المعلومات وحدها لا يفي بالغرض، بل لابدّ أن تكون هناك آليات يكون الشعب قادر على اتخاذها ليؤثّر في صنع القرار وأن يضع المسؤولين تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة. وعلى الدول أن تعطي لأفراد المجتمع الحق في المشاركة في صياغة القوانين واللوائح والأنظمة واستشارتهم في شؤون الحياة العامة وإعطائهم حق الاعتراف وحق إجراء الاستفتاء على القوانين وغيرها من الأمور بكل نزاهة وسهولة وشفافية.
ثالثا حكم القانون( سيادة القانون) :-
بمعنى أن الجميع، حكّاماً ومسؤولين ومواطنين يخضعون للقانون ولا شيء يسمو على القانون، ويجب أن تطبّق الأحكام والنصوص القانونية بصورة عادلة وبدون تمييز بين أفراد المجتمع وأن توافق هذه القوانين معايير حقوق الإنسان وتكون ضمانة لها ولحريّات الإنسان الطبيعية.
سيادة القانون هو أصلٌ من الأصول الأساسية التي تقوم عليها الحكومة الرشيدة و تقوم على أساس ديمقراطي في حكمها. ويمكن تحديد ماهية سيادة القانون على أنها المعايير الأساسية لتطبيق النظام ثم القضاء والغاية منها توفير الحماية للحقوق والحريّات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو العرق أو الانتماء السياسي وغير السياسي إلى غيرها من ضروب وأشكال التمييز.
وتمثّل سيادة القانون أهم أدوات استمرار الحكم الرشيد من خلال العمل على الفصل بين السلطات من خلال وجود سلطة قضائية تتمتع باستقلال تام ولا تعتمد على قرار السلطة التنفيذية بل تكون مرجعيتها فقط التشريع القضائي وأن تمارس صلاحيتها بكل نزاهة وعدالة ومساواة تتفق مع معايير حقوق الإنسان الأساسية.
وبالتالي يمكن تعريف سيادة القانون على أنها مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض من جهة وعلاقتهم بسلطة الدولة من جهة أخرى، والتي تسعى إلى حماية حقوق الأفراد و تمتعهم بالحقوق والحريات الأساسية للإنسان وتحقيق مفهوم المساواة وتُخضِع جميع سلطات الدولة والأفراد للقانون وتعمل وفقاً له، وعلى الدولة ألاّ تتعسّف في استخدام سلطاتها من أجل الحد من حقوق وحرّيات الأفراد، بل لابد أن تعمل على تنميتها وأن تضمن الحماية لها. وإن سيادة القانون تعلو على سلطة الحكومة، ومن خلال تحديد مظاهر سيادة القانون في المجتمعات، فإنها تتطلب توافر معايير المساواة وعدم التمييز في العقاب.
وعلى الحكومة أن تراعي دور مؤسسات المجتمع المدني في عملية إرساء القواعد الأساسية للمحافظة على القانون والنظام داخل المجتمع وأمنه، وعلى الحكومات توفير الخدمات الأساسية والأطر القانونية لجميع المواطنين والأجانب، وتحديد الأطر القانونية يتطلب إيجاد قواعد قانونية فعّالة مقننة بقوانين تراعي الحقوق والحريات الأساسية وتعزز مفهوم المشاركة وإيجاد الآليات والوسائل الكفيلة بضمان حسن تطبيق هذه القوانين ومتابعة إجراءاتها وأن تقوم بسنّ القوانين سلطة تشريعية مستقلّة ومنتخبة من قبل الشعب وحسب أحكام الدستور. وأن تعمل هذه السلطة على موازنة المصالح في بناء المجتمع القوي فهو يحدد الإجراءات التشريعية المبنية على احترام الحقوق والحريات الأساسية لأفراد المجتمع من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على المحافظة على أمن واستقرار المجتمع وضمان عدم التعدّي عليه وعلى حقوق الآخرين.
ومن خلال هذه السلطة، يجب العمل على عدم تقييد حرية الفرد بأي شكل من الأشكال وضمان سلامة عدم تعرضه لأي إجراء من تعسّف السلطة في استخدام صلاحيتها، وأن تعمل هذه السلطة إلى التطلّع قدماً نحو تحقيق مبادئ التنمية الشاملة في سنّها لتشريعها.
رابعا المساءلة :-
بمعنى أن يكون جميع المسئولين والحكّام ومتّخذي القرار في الدولة أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني، خاضعين لمبدأ المحاسبة أمام الرأي العام ومؤسساته دون استثناء.
خامسا الإجماع والغالبية :-
بمعنى أن جميع المصالح المتعلقة بالمجتمع قد تصطدم بخلافات تحتاج إلى اتخاذ قرار حازم في مسألة معيّنة، فيجب تغليب رأي المجموعة تحقيقاً للنفع العام للوطن ولأفراد المجتمع وما يقتضيه واقع الحال من إجراءات.
سادسا المساواة :-
يخضع جميع أفراد المجتمع للمساواة وعدم التمييز في إطار الحكومة الرشيدة، فهم متساوون بالحقوق والحريّات والكرامة.
سابعا الكفاءة :-
الكفاءة والفاعلية في إدارة المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني هي التي تضمن استمرارية تحقيق التقدّم والازدهار والتطلّع دائماً إلى تعزيز مفهوم التنمية والتنمية المستدامة، وهي التي تعمل على الالتزام بتوظيف الموارد الوطنية بالصورة السليمة والواضحة لكل أفراد المجتمع.
ثامنا العدل :-
والمقصود هنا العدل الاجتماعي بحيث يكون لجميع أفراد المجتمع نساءً وأطفالاً ورجالاً وشيوخاً الفرصة لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والتطلّع دائماً لتحسين أوضاع الفئات المحرومة والمهمشة وضمان أمنهم الاجتماعي والعمل على توفير احتياجاتهم الأساسية.
تاسعا الرؤية الإستراتيجية :-
الرؤية تتحدد بمفهوم التنمية بالشراكة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من خلال خطط بعيدة المدى لتطوير العمل المجتمعي من جهة وأفراده من جهة أخرى والعمل على التنمية البشرية، وحتّى يتم تحقيق النتائج الإيجابية في رسم الخطط ، يجب الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية ودراسة المخاطر ومحاولة وضع الحلول.
عاشرا اللامركزية :-
إن تفعيل مبدأ توزيع السلطات على أفراد المجتمع من خلال التوزيعات الجغرافية للدولة بهدف إدارة شؤونها والحفاظ على حقوق الأفراد داخلها تشكّل بعداً عميقاً في تحقيق مفهوم الحكم الرشيد فيشعر الفرد بأنه هو صاحب القرار ويعتمد على نفسه من أجل تحقيق الذات من جهة، وأنه تحت المراقبة الشعبية من جهة أخرى.
والأخذ في الاعتبار أن أفراد المجتمع في أي منطقة من مناطق الدولة هم الأقدر على رسم السياسات التي تحكم علاقاتهم ببعض وعلاقاتهم بالسلطة وهم الأقدر على تحديد الأهداف وصياغتها والعمل لتحقيق مفهوم المشاركة من أجل تحقيقها والوصل إلى التنمية المنشودة بما يتلاءم مع احتياجاتهم.
ويجب أن تكون السياسات التي ترسمها الحكومة سياسات منهجية وتلبي مصالح المواطنين عامة، وبالتالي تحقق لهم التمتع بكافة الحقوق والحريات دونما أي تمييز وعلى قدم المساواة، وذلك يتم من خلال توفير آليات مناسبة تعمل على تقييم السياسات وتصحيحها والتصدي لإساءة استخدام السلطة والنفوذ وإهدار المال العام، و�
ساحة النقاش