المرجانيات والطحالب أصدقاء قدامى
إعداد/محمد شهاب
وفقًا لبحث جديد أجراه فريق دولي، تبيَّن أن العلاقة التكافلية بين المرجانيات والطحالب –والتي هي في الصميم من الأنظمة البيئية للشعاب المرجانية– هي علاقة أقدم بكثير مما كان مُتوقعًا. وقد ظلت هذه العلاقة صامدةً أمام التغيّرات الكبرى التي طرأت على مناخ الأرض. قاد تود لاچونيس -من جامعة ولاية بنسلفانيا- فريق العمل، الذي ضم كريستيان ڨولسترا، من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست".
استخدم الفريق البحثي بيانات جينية وجزيئية ومورفولوجية للبحث في التاريخ التطوريّ لجنس Symbiodinium الذي يضم الطحالب الدقيقة التي تعيش داخل خلايا المرجانيات وتحوِّل ضوء الشمس إلى طاقة. كشف التحليل أن كل مجموعة فرعية ضمن هذا الجنس تمثل جنسًا مكتملًا في حد ذاتها.
يقول ڨولسترا إن التصنيف الجديد "يُسهِّل التواصل؛ إذ يُمَكِّننا في واقع الأمر من تسمية الأشياء بأسماء تعكس طبيعتها. أغلب الأبحاث التي أُجريت على هذه المجموعة المتنوعة حتى الآن كانت تحاول أن تُجري مقارنةً بين عدد من التفاحات وعدد آخر من التفاحات. في المقابل، نحن نعرف الآن أننا نقارن –في أغلب الأحيان– بين عدد من التفاحات وعدد من البرتقالات".
وبالإضافة إلى ذلك، أتاحت البيانات الحيوية الجزيئية لفريق العمل التوصُّل إلى تقديرات مفادها أن التنوع ضمن جنس Symbiodinium قد حدث منذ حوالي 160 مليون سنة، وليس 50 إلى 65 مليون سنة كما كان يُعتقد في السابق. يقول ڨولسترا: "إن التقديرات الجديدة التي نقدِّمها تتسق بشكل جيد مع الزمن الذي جرى استنباطه من السجل الحفري الذي تشعَّبت فيه المرجانيات إلى العديد والعديد من الأنواع المختلفة". ويتابع ڨولسترا قائلًا إن هذا دليل على أن "العلاقة بين هذه الكائنات المتكافلة والمرجانيات كانت أحد الأسباب الرئيسية –إن لم تكن السبب الرئيسي الأهم– في تنوُّع الأنظمة البيئية للشعاب المرجانيّة ونجاحها في يومنا هذا".
إن هذا التاريخ المُنقح يعني أيضًا أن أنواع جنس Symbiodinium قد صمدت أمام التغيرات البيئية التي قضت على الديناصورات، وهو ما يوضِّح المرونة الكامنة لدى هذه الأنواع تجاه التغيُّر المناخي.
تطرح هذه النتائج إطارًا مُحسَّنًا للبحث في التنوع البيولوجي والتاريخ الطبيعي للطحالب المتكافلة. وقد أشارت أبحاث سابقة أجراها ڨولسترا وآخرون إلى الدور الذي يؤديه جنس Symbiodinium في مساعدة المرجانيات على التكيُّف مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايُد شدة الإجهاد البيئي. ومن خلال هذا الإطار الجديد، سيتمكَّن الباحثون من دراسة المرونة البيئية للكائنات المتكافلة بشكلٍ أفضل، وهي نقطة مهمة فيما يتعلق بمحاولة فهم ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية.
يقول أندرو بيرد، خبير في الشعاب المرجانية بجامعة چيمس كوك في أستراليا، ولم يكن مشاركًا في هذه الدراسة: "لقد كانت أوجه الاختلاف الموجودة سابقًا خرقاء ومُربكة، وقد أدّت إلى الكثير من سوء الفهم. من المنتظر أن يؤدي هذا الإطار التصنيفي المُعدَّل إلى تحسين المعرفة العلمية المتعلقة بهذا الموضوع، وأن يؤدي كذلك إلى وضع فرضيات أكثر دقةً وتصميمات أفضل للتجارب العلمية".
ساحة النقاش