مخطط لتفريغ بحيرة ناصر من الأسماك
إعداد/محمد شهاب
هناك طرق عديدة يتبعها المهربون فى تهريب الأسماك إلى الأسواق، حيث يتم نقلها من البحيرة(بحيرة ناصر) إلى سوق العبور بالقاهرة، قبل أن يتم توزيعها على كبار التجار هناك بأسعار تقل بأكثر من النصف تقريبا عن السعر المفترض بيعها به. الصيد يتم ليلا للهروب من أعين المفتشين.. وأحد المسئولين اكتشف المخطط بالصدفة، وداخل بحيرة ناصر تحديدا وعلى اعتبار أنها أكبر بحيرة صناعية على مستوى العالم، وتوجد العديد من المخاطر التى يتعرض لها الصيادون، وضعت الهيئة العامة للثروة السمكية، عدة شروط للصيد داخلها، من بينها الحصول على الموافقة من الجهات الأمنية بعدد الأفراد المسموح لهم باستقلال مركب الصيد. ومن ضمن الشروط أيضا، التى وضعتها الهيئة، أن تكون المركب المستخدمة كبيرة لأن الفلوكة والقوارب الصغيرة لا تصلح لخطورة بعض أماكن الصيد، وأن يتم تحديد أماكن الصيد بالضبط وعم البعد عنها.
وقالت المصادر، إن هيئة الثروة السمكية، تلزم الصيادين سواء فى بحيرة ناصر أو غيرها بالصيد فى وضح النهار، وأن تكون عملية الصيد تحت إشراف مباشر للهيئة، مؤكدة أن المخطط الذى تم رصده بدأ حين تمكن أحد مسئولى الهيئة من ضبط بعض الصيادين وهم ينزلون إلى البحيرة ليلا بعيدا عن أعين المشرفين على عملية الصيد بالبحيرة. وأوضحت أن عملية رصد الصيادين، أكدت اتباعهم طرقا ملتوية وغير قانونية فى الصيد، ومنها استخدام الكهرباء فى قتل الأسماك، واستخدام شباك بمواصفات غير قانونية، مثل التى تشترط 7 أو 8 فتحات فى كل نصف متر مربع من الشبكة.
وشرحت المصادر: «بعد ذلك يتم نقل الأسماك فى عربات صغيرة وبها ثلاجات، وتسلك هذه السيارات مدقات جبلية قريبة من بحيرة ناصر حتى تصل أسفل الجبل بإسنا، حيث يتم تجميع الأسماك هناك وفرزها على حسب الجودة والنوع، ثم يتم وزن كل فئة على حدة، ويتم تحميلها فى شاحنات كبرى ليتم نقلها وتوزيعها على الأسواق».
وأكدت المصادر أن هناك مشكلة تقابل المهربين، أثناء نقل كميات الأسماك عبر الطرق، وذلك خوفا من اعتراضهم من جانب رجال الأمن، مضيفا: «يتغلبون على هذه العقبة برشوة أحد الموظفين فى جمعية صيد الأسماك بإسنا، للحصول على تصريح».
وأشارت إلى أنه يتم الاتفاق مع الموظف، والذى تحتفظ «اليوم الجديد» باسمه، على إعطاء تصريح خروج شحنات الأسماك ومرورها بأمان على الطرق، مقابل نسبة يحصل عليها على كل شحنة تأخذ تصريح للعبور الأمن، كما أنه يرفض الحصول على مبلغ محدد، حيث يتم رفع هذا المبلغ باستمرار.
تهريب الأسماك إلى السودان والدول المجاورة للاستفادة بفارق السعر
وأوضحت المصادر أن عملية التهريب لا تقتصر على الأسواق المصرية بل تتعدى ذلك إلى الدول المجاورة، وعلى رأسها «السودان»، التى يكون لها نصيب الأسد من الأسماك المصرية، وذلك لأن سعر الكيلو الأسماك فى الخرطوم يتخطى السعر المحلى بفارق كبير، لقلة خبرة السودانيين فى الصيد، ويعتمدون بشكل كلى على الأسماك التى تأتى إليهم من الحدود المصرية. وأضافت:تتم عملية التهريب من مياه أبو سمبل ثم تمر من منطقة مائية بين مصر والسودان، وهى تعد منطقة آمنة لعدم وجود أمن نهرى بالبحيرة، وبعدها تدخل المركب منطقة حدودية بين مصر والسودان، محظورة لقوات أمن الدولتين، والتى تبدأ بها الاتصالات بين المهرب وتجار الأسماك بالسودان لاستلام الأسماك فى هذه النقطة.
وأشارت المصادر إلى وجود مراحل تتم لتهريب الأسماك، حيث تبدأ بمساومة الصائد، الذى يبيع الكيلو بسعر قليل ومنخفض عن سعره الحقيقى، وكل همه هو بيع أكبر كمية من الأسماك، والذى تنتهى مهمته عن الوسيط، الذى يجمع الأسماك من كل الصيادين بهذه المنطقة وتصبح مهمته هو توصيلها للمهرب الذى يوزع هذه الكميات على الأسواق المختلفة.
وكشفت: سعر الأسماك يختلف فى كل مرحلة من هذه المراحل، ويباع للوسيط بـ7 جنيهات للكيلو، والذى يبيعه هو بـ9 جنيهات للمهربين المسئولين عن توزيع هذه الأسماك داخل أسواق المحافظات، بعد توصيلها لهم عن طريق مدقات جبلية هناك وذلك باستخدام سيارات المجهزة، والذين يتولون فرزها وتحميلها على شاحنات كبرى لتوزع الأسماك على الأسواق بدءًا من محافظة قنا وصولًا لسوق العبور، الذى يباع الكيلو فيه بـ35 جنيها.
وأوضحت المصادر، أن بعض المهربين يتكفلون بكل ما يلزم الصيادين طوال فترة إقامتهم بالمياه من مراكب وشبك وطعام ومشروبات، ويتعاملون مع الصياد بشكل مباشر دون الحاجة إلى وسيط، مقابل ذلك يحصلون على كيلو الأسماك بسعر أقل.
خطة جديدة لإحياء مصانع الأسماك المتوقفة.. وتسهيل نقل المنتجات إلى الأسواق
وفى السياق، أكدت الدكتورة منى محرز، مساعدة وزيرة الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والسمكية، أن عملية نقل الأسماك تتم بالفعل من بحيرة ناصر إلى سوق العبور فى القاهرة، وأن هذا الأمر هو المعروف منذ زمن، لافتة إلى أن التهريب فى حد ذاته يعد أزمة حاولت الحكومات مرارا التغلب عليها.وقالت محرز إن المسئول الأول عن منع تهريب الأسماك هو حرس الحدود، وجهود وزارة الزراعة فى هذا الشأن للمساعدة فقط، لافتة إلى أن الحرس ساعد الوزارة مؤخرا منع الصيد الجائر فى البحيرة، وكانت فى وقت سابق عرضة للنهب طوال الوقت. وأوضحت أن هناك شهورا يتم غلق البحيرة فيها لدواعى تطهيرها وتعميقها، وهذه الشهور هى التى يستغلها المهربون فى نقل الأسماك، مؤكدة أن هيئة الثروة السمكية تحاول وضع ضوابط للحد من تكرار سرقة الأسماك، وبيعها بطرق غير شرعية.وأوضحت محرز أن هناك خطة تعمل عليها الوزارة حاليا، متمثلة فى إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، فضلا عن إنشاء مصانع جديدة للزريعة فى المناطق القريبة من البحيرات بحيث يسهل نقلها وتربيتها. وأشارت إلى أن المزارع السمكية التى عملت الدولة عليها طوال الفترة الماضية بدأت تؤتى ثمارها بالفعل حاليا، وهناك زيادة 5% فى الأسماك الموجودة فى الأسواق، وأصبح إنتاج مصر نحو مليون و800 ألف طن، منها 80% من الاستزراع السمكى فقط.
ساحة النقاش