اهمية تطوير تكنولوجيا الإستزراع السمكى فى مصر
إعداد/ محمد شهاب
بقلم : أ.د/ محمد سيد محمد مرزوق
أستاذ أمراض الأسماك ورعايتها - كلية الطب البيطرى – جامعة القاهرة
كثر الكلام فى الآونه الأخيرة عن الأسماك والمزارع السمكية فى مصر من العديد من الغير متخصصين – فى وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة المرئية والمسموعة والمقرؤة بما أثر – وسوف يؤثر – بالسلب على هذه الصناعة السمكية والتى تمثلت فى الإرتفاع العشوائى فى أسعار الأسماك وعدم استطاعة المواطن العادى و ليس الفقير فى الحصول عليها كوجبة غذائية متكاملة من البروتين الحيوانى عالى القيمة والغنية بالعناصر الغذائية الضرورية.
لقد استطاعت مصر فى السنوات القريبة الماضية وحتى الآن أن تكون فى المرتبة الثانية بعد الصين فى إنتاج أسماك البلطى النيلى عالية الجودة من المزارع السمكية بإختلاف أنواعها وقد وصل الإنتاج السمكى – طبقاً لآخر احصائية من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية 2015/2016 إلى ما يقرب من 1250000 ( مليون ومائتان وخمسون ألف ) طن من أسماك المزارع السمكية فى العام ليصل إجمالى الإنتاج السمكى الكلى من المزارع السمكية والمصادر الطبيعية إلى حوالى 1650000 ( مليون وستمائة وخمسون ألأف ) طن من الأسماك فى العام.
أن الحديث العشوائى عن الإنتاج السمكى فى مصر من مصادره الطبيعية المتمثلة فى البحرين الأبيض المتوسط و الأحمر و البحيرات الشمالية الطبيعية وبحيرة ناصر الصناعية ونهر النيل و روافده قد جانبة الصواب فى كثير منه نظراً لعدم تخصص المتكلم أو غياب المعلومة العلمية السليمة أو ربما لأهداف أخرى لا يعلمها إلا الله.
وهنا يجدر الأشارة إلى أن أسباب إنخفاض الإنتاج السمكى من المصادر الطبيعية فى مصر يعود إلى العديد من الأسباب والتى يمكن تلخيص أهمها فيما يلى :
1- التركيبات الجغرافية و الجيولوجية للبحر الأحمر على امتداد الساحل المصرى – من بعد خليج السويس وحتى حلايب و شلاتين – حيث الأعماق السحيقة و تراكم الشعاب المرجانية المغطاة بالكائنات الدقيقة والطحالب التى تكون معظمها من الأنواع السامة تجعل من هذا السبب زيادة أسماك الشعاب المرجانية وإلى تكون معظمها أسماك سامة أو غير صالحة للإستهلاك الآدمى.
2- الصيد العشوائى بأنواع الشباك الغير مطابقة للمواصفات مع عدم الإلتزام بمنع الصيد أثناء فترات الحظر – فترة التزاوج والتفريخ – والمعلنة من خلال الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية.
3- ارتفاع معدلات التلوث من الصرف الزراعى والصناعى والصحى لمصادر المياه الطبيعية.
4- عدم تطهير بواغيز البحيرات الشمالية وارتفاع نسب التلوث بها.
ولعل الإستزراع السمكى قد أصبح ضرورة حتمية لإنتاج الأسماك للتغلب على النقص الحاد من المصادر الطبيعة أحد الروافد الهامة و الضرورية للتوسع فى الإنتاج السمكى و الذى يمكن بإستخدام الأساليب العلمية فيه من التحكم فى إنتاجيته و توفير الأسماك الإقتصادية المختلفة على مدار العام فى صورة مناسبة و صالحة للإستهلاك الآدمى.
ولما كانت الطرق الحديثة والعلمية فى مجال الإستزراع السمكى قد تجاوزت الإستزراع الغير مكثف والإستزراع الشبه مكثف إلى الإستزراع المكثف و فوق المكثف فكان من الطبيعى زيادة ظهور بعض المشاكل المصاحبة لزيادة الكثافة السمكية فى أحواض التربية والتى كان من أهمها زيادة الأمراض الوبائية التى أدت إلى إرتفاع نسب النفوق بين أسماك المزارع السمكية و إنخفاض المردود الإقتصادى لهذه الصناعة السمكية.
أن نجاح الإستزراع السمكى وزيادة الإنتاج من المزارع السمكية يتطلب تضافر الجهود المبذولة من الجميع الدولة ومزارعى الأسماك و مستهلكى الأسماك على السواء و بدون أى منهم فلن يكون هناك نجاح فى هذا المجال. ولعل أهم الواجبات المقترحة فى هذا المجال يمكن سردها فى الآتى:
أولاً/ الدولة
1- وهذا يتمثل فى دور الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية من حيث توفير المساحات فى الأماكن الصالحة للإستزراع السمكى و البدء فى إنشاء الأحواض السمكية أسوة بما أتبع فى المشروع القومى للمزارع السمكية بهيئة قناة السويس للأسماك البحرية مع تأجيرها لفترات طويلة لشباب الخرجين وصغار مستزرعى الأسماك حتى يكونوا فى مأمن من استرداد هذه المزارع بعد فترات قصيرة وقبل وصول العائد من هذه المشاريع.
2-توفير الكوادر الفنية فى هذا المجال والذى قد بدأته الدولة بالفعل فى إنشاء حتى الأن خمسة معاهد متخصصة فى الأسماك والمصايد والإستزراع السمكى والتى سوف يكون خريجيها نواة علمية متخصصة فى الإرشاد السمكى فى المزارع السمكية والتى يفتقدها مزارعى الأسماك فى الوقت الراهن.
3- تعاون الدولة مع مصانع الأعلاف المتطورة والتى بدأت بالفعل فى إنتاج الأعلاف المختلفة من مكونات علفية أساسية و أضافات علفية هامة لأسماك مزارع المياه العذبة والمياه المالحة على السواء وذلك بتقديم تسهيلات و إعفاءات جمركية على استيراد المكونات العلفية والتى أرتفعت أسعارها فى الآونة الأخيرة نتيجة أرتفاع أسعار الدولار الأمر الذى أدى بدوره إلى إرتفاع أسعار الأعلاف ليست السمكية وحسب ولكن كل الأعلاف المستخدمة فى مشاريع الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى على السواء.
4- مراقبة الصادرات من أسماك حيه ومنتجات سمكية وقشريات وتطبيق نظم الحجر البيطرى عليها لضمان عدم دخول بعض المسببت المرضية الوافدة.
ثانياً/ مزارعى الأسماك
1- إتباع الطرق العلمية الحديثة فى نظم الإستزراع السمكى والتى تختلف كلية عن الطرق التقليدية القديمة التى كانت إنتاجيتها حوالى 200-300 كيلو جرام/ الفدان المائى الواحد وذلك بعد زيادة إنتاج الفدان الواحد فى النظم الحديثة إلى ما يجاوز الستة أطنان (6 طن / فدان ).
2- إستخدام الأعلاف المصنعة والموافقة لكل نوع من الأسماك المستزرعة ( أسماك مياه عذبة و أسماك مياه مالحة ) و إتباع الإرشادات الخاصة بإستخدام هذه الأعلاف من القائمين على تصنيعها لتكون الإستفادة القصوى منها من حيث زيادة الإنتاج السمكى و التحكم فى الأمراض من خلال الأعلاف من مصدر معين – يقوم بتغير هذا المصدر تحت سبب ارتفاع السعر المفاجىء أو الرغبة فى التوفير واللجوء إلى الأعلاف الغير تقليدية ، الأمر الذى غالباً ما يؤدى إلى الغضطراب فى التمثيل الغذائى و إنخفاض مقاومة الأسماك وما يصاحبها من ظهور الأمراض الوبائية و إرتفاع معدلات النفوق السمكى من انخفاض المردود الإقتصادى.
3- عدم اللجوء إلى تشتية أسماك البلطى النيلى فى الأحواض السمكية الترابية فى نهاية موسم التربية بهدف صيدها فى شهور فبراير ومارس و أبريل لإرتفاع أسعارها فى هذا التوقيت أن فى هذه الآونة فإن الإنخفاض الحاد فى درجات حرارة المياه فى الشتاء القارس يؤدى إلى نفوق هذه الأسماك وكما حدث هذا العام و أدى إلى إنخفاض المعروض منها وما تبعه من إرتفاع جنونى فى أسعارها.
4- اللجوء إلى الجهات الإرشادية المختصة والمعتمدة فى حالات حدوث أى مشاكل مرضية أثناء موسم التربية وعلى وجه السرعة لتفادى التطور السريع للحالات المرضية أثناء موسم التربية وعلى وجه السرعة لتفادى التطور السريع للحالات المرضية وتجنب نسب النفوق العالية.
ثالثاً/ مستهلكي الأسماك
وهنا يجدر الإشارة إلى ما يلى:
1- أن الأسماك تعتبر غذاء ودواء من حيث توافر كافة العناصر الغذائية الضرورية من بروتين حيوانى عالى القيمة الغذائية و أحماض دهنية طويلة السلسلة غير مشبعة (أوميجا-3) ، أملاح معدنية أساسية ( كالسيوم ، فسفور، ماغنسيوم ،......) وعناصر نادرة (زنك ، يود ،....) وفيتامينات (أ ، د ، ب-المركب) وعليه يجب تناول الأسماك أى كان نوعها – بصورة أساسية على الأقل مرتين أسبوعياً.
2-أن أسماك المزارع السمكية من أفضل الأسماك التى يجب تناولها إذا ما قورنت بأسماك من المصادر الطبيعية الغير معرفة أو غير مألوفة لمستهلكى الأسماك ( أسماك الشعاب المرجانية السامة بالبحر الأحمر ) وعليه يجب عدم اللجوء إلى الإشاعات المغرضة التى تشكك فى أسماك المزارع السمكية لأسباب لا يعلمها إلا الله.
3-تنوع الإستهلاك السمكى و إتباع الطرق العلمية السليمة فى تداول الأسماك وحفظها و طهيها جيداً للقضاء على أى مشاكل غذائية قد تحدث نتيجة سوء الحفظ أو التداول أو الطهى الغير كامل.
4-عدم الإتباع العشوائى – وبعد الكلام الغير علمى بالمرة الذى تردد مؤخراً فى بعض وسائل الإعلام – لمقاطعة شراء الأسماك حتى إنخفاض الأسعار حيث أن الأسماك سلعة سريعة التلف ومقاطعة شرائها سوف يؤدى إلى تلفها و التخلص منها و بالتالى سوف يؤدى هذا إلى إنخفاض الكميات المعروضة منها وأن يترتب على ذلك من زيادة فى الأسعار وليس إنخفاضها.
إن الإهتمام بالإستزراع السمكى فى مصر و توفير وسائل الإنتاج و الكوادر العلمية المتخصصة فى هذا المجال مع الكامل لمصانع الأعلاف المعتمدة تعتبر وسائل أساسية لتوفير الركن الأساسى فى صناعة الأسماك و التى سوف يؤدى إلى زيادة الإنتاج السمكى ليرتفع نصيب إستهلاك الفرد من الأسماك حتى يصل إلى المعدلات العالمية ، بل سوف يؤدى كذلك إلى المساهمة فى حل الكثير من مشاكلنا الإجتماعية المتمثلة فى إرتفاع نسب البطالة وعدم وجود فرص عمل للشباب من خريجى الجامعات مع إمكانية زيادة الدخل القومى من خلال تصدير الفائض منها إلى الكثير من دول العالم التى تفض الأسماك المصرية عن الأسماك من جنوب شرق آسيا أو الدول الأسيوية بصفة عامة ، خاصة بعد إنفجار مفاعل تشيرنوبل الأوكرانى وتعرض الأسماك فى هذه المناطق للتلوث الإشعاعى .
محمد شهاب:
- جزيل الشكر للدكتور محمد مرزوق لتشديده على أهمية و حتمية المزارع السمكية فى مصر
-أيضا نشكره لرفضه الحملة الأعلامية فى بعض القنوات الفضائية مصر ضد اسماك المزارع، و أيضا لقوله(أن أسماك المزارع السمكية من أفضل الأسماك التى يجب تناولها)، و لمطالبته من مزارعى السمك المصريين بإتباع الطرق العلمية الحديثة في نظم الاستزراع السمكي.
- عن دور الدولة يقول الدكتور(إنشاء الأحواض السمكية أسوة بما أتبع فى المشروع القومى للمزارع السمكية بهيئة قناة السويس للأسماك البحرية)، فهل لدية معلومات كافية عن تلك المزارع(دراسات الجدوى- التكلفة- الإنتاج- مصدر الزريعة و العلف...الخ)
-نظرا لتخصص الدكتور محمد مرزوق الفيزيقي(أمراض السماك)، فعندما طالب مزارعي السمك(إتباع الطرق العلمية الحديثة في نظم الاستزراع السمكي)، و هو مطلب هام ، لكن الدكتور ربما لم يطلع بشكل كافي عن الوضع القانوني للمزارع السمكية المصرية، التي معظمها أراضى وضع يد غير مقننه، و حتى المقننة، فبعد انتهاء التعاقد من الهيئة-5 سنوات عقد- تخضع الأرض لقوانين المزادات و المناقصات، بالإضافة إلى أن الطرق الحديثة في الاستزراع، تتطلب بنية أساسية قوية، خاصة مصدر الكهرباء و الطرق و مصادر الري و الصرف..الخ، مما يكون له أثر سلبي ضخم لصعوبة تطوير مزارعي السمك لمزارعهم، خاصة ان الدول التى تستخدم تكنولوجيا عالية فى الاستزراع لا تعرف شىء اسمه انقطاع تيار كهربى أو تذبذب شدة التيار، بالإضافة إلى الحاجة لتدريب مديري و الفنيين و باقي العمالة بالمزرعة الحديثة المتطورة، مع الحاجة للتمويل الضخم، فالمزارع السمكية الحديثة، كثيفة التمويل و التكنولوجيا.
ساحة النقاش