هل للأسماك لغة ؟
محمد شهاب
يقول محمد عباس إبراهيم في كتابه(مدخل إلى علم الإنسان) صفحة 282 إن البشر في كل أنحاء العالم يتكلمون، ولكن تتعدد اللغات وتختلف باختلاف الأجناس و الثقافات، ومع ذلك فإن اللغة مع تعدد صيغها هي تلك العملية المرتبة التي تحتوى على نوع من الأصوات تمثل أداة استخدامها للتعبير عن كل ما نريده، ويعتبرها بعض الدارسين شفرة مرتبة منظمة تساعد على ترجمة ما يدور بداخلنا من أفكار بصفة عامة إلى صور لفظية يمكن أن تفسر عن طريق الآخرين.
اللغة تؤدى الوظائف التالية:
- عمل فسيولوجي لأنها تدفع عدد من أعضاء الجسم للعمل.
- تتطلب نشاطا إراديا من العقل.
- وسيلة اجتماعية لأنها وسيلة اتصال بين الأفراد والجماعات.
- لها تاريخ من عصور متناهية القدم وستبقى للأبد.
لقد أجمع الباحثون على إن الإنسان وحده هو الذي لديه قدرة على التخاطب، ولكن القردة العليا تصدر عنها أصوات لها معنى لدى أقرانها، ولكنها لا تعتبر لغة، نظرا إلى أنها تورث وهى غريزية Instinct، أما في الإنسان فهي تكتسب، لذلك فاللغة في الحيوان في حيز ضيق و غير قابلة للنمو، أما اللغة في الإنسان، فالذي أكسبها القدرة على التطور فهو الفكر، فباللغة:
- يطلق الإنسان معاني لما هو محيط به عن طريق الإحساس بالشىء.
- والتفكير المنطقي.
- التحكم في تجاربه.
- تخيل و ترتيب الماضي والحاضر والمستقبل.
- التعبير عن حريته عن طريق التعبير عن نفسه.
- وحدت بين البشر.
فاللغة إذن ليست كالمشي و الحركة اللذان هما صفة بيولوجية، ولنا تصور إنسان نشأ معزولا عن المجتمع الإنساني منذ الصغر، وعاش بين حيوانات وطيور، في هذه الحالة لن يتعلم الكلام بالطريقة السائدة بين البشر.
هناك فرق بين الكلام واللغة يوضحه عالم اللغويات De Saussure F. في كتابه (Course De Lingustique Generale) الطبعة الرابعة – عام 1949، فيوضح أن اللغة جهاز مكون من حروف و (أصوات) وكلمات و عبارات و علاقات نحوية في مجتمع ما، و إذا تعلمها الفرد يدخل في زمالة اجتماعية، أما الكلام فهو تنفيذ الفرد لهذا الجهاز واستخدامه، فاللغة توحد في المجتمع الذي ينطق بها، أما الكلام فهو عمل فردى يصهر فيما ينطقه الشخص أو يكتبه. واللفظ صوت أو مجموعة أصوات منطوقة يمنحها المتكلمون قيمة فكرية، والأصوات تختلف من لغة لآخري، ولكن غرضها الأساسي والعام هو توصيل الأغراض و القيم والفكر، كما أن الإنسان قادر على تعلم أكثر من لغة لأن قدرته البيولوجية و قدرته على النطق تمكنه من ذلك.
الإشارات و العلامات التي تقوم على الإشارة و تخاطب العين أو الأذن و الإحساس فهي وسائل اتصال، حيث أن كل وسيلة لها من العلامات والاصطلاحات ذات الدلالة، ولكنها ليست لغة، فهي وسيلة تدخل فيما يسمى علم الإشارات والرموز سيميوطيقا Semeiotic ، فهي لغات للحيوان و الإنسان و غيرها من اللغات غير اللسانية، فحركة الشجر تعنى رياح، و الإشارات التي تستخدم في التخاطب بين المراكب في البحر، جاءت السيموطيقا قبل اللغة، ونسق العلامات والإشارات يختلف باختلاف الكائنات والثقافات، ومن ثم هي وسيلة اتصال تعتمد أساسا على السمع أو البصر أو الحس، ولنا تصور طفل حديث الولادة يكون البكاء هو وسيلة للاتصال و التعبير و التفاهم مع المحيطين به.
عندما تتعايش مجموعة من الحيوانات و توزع العمل بين أفرادها، فينشأ نوع من السلوك الاجتماعي، الذي يقتضى نوع من اللغة و التفاهم و الاتصال تعتمد على الإشارات الحسية. ونقول تجاوزا لغة الحيوان هي أساسا في حياتها و داخل مملكتها، وأن لكل حيوان و طير وحشرة لها لغتها الخاصة، هي عبارة عن إشارات Signs تستعين بها في الاتصال و التفاهم مع الأفراد الأخرى من نوعها، تعبر تك الإشارات عن مواقف توجد في بيئتها في الطبيعة، و من ثم تفتقد للخيال والتفكير والتصور و التجريد و المستقبل و الحاضر والماضي والتي هي صفات إنسانية، فهناك فاصل بين الإشارات والمواقف.
ساحة النقاش