ما مدى جاهزية قطاع إنتاج الأسماك للمرحلة القادمة في مصر؟
محمد شهاب
هناك قطاع أهلي من جمعيات و أفراد و اتحادات و مستثمرين، يعملوا في الاستزراع و الأقفاص السمكية و الصيد و التصنيع، و هناك القطاع التنفيذي و على رأسه هيئة الثروة السمكية و وزارة الزراعة ، ثم هناك قطاع البحوث و الجامعات، و تعمل في مجالات التعليم و البحوث و التدريب. و لا شك تتوافر بالثلاث قطاعات السابقة خبراء على مستويات ما بين العالية و ما دون، و لكن الثلاث قطاعات كمثل فرقة موسيقية بها موسيقيين جيدين، و لكن بدون مايسترو جيد. و المقصود بالمايسترو هنا شيئين القائد ذات الكفاءة العالية المؤمن بالعلم و يسعى لتقديم الأفضل، و ذات قدرة عالية على التعامل مع أعضاء الفرقة الموسيقية، بحيث يقدر على إخراج أفضل ما لديهم، و يساعده على ذلك وجود نوته موسيقية (و هنا تمثل الرؤية الواضحة لما سيقدم مع أعضاء فرقته بالاتفاق معهم) و هنا نجد مشكلة.
أما المقصود بالمرحلة القادمة، ما بعد الاستفتاء على الدستور المصري 2014 بنسبة موافقة مرتفعه، و رئيس منتخب أيضا بنسبة عالية من الناخبين. و بالتالي في خلال عدة أشهر قليلة سيكون لدينا برلمان منتخب، و من ثم يكون أكتمل الشكل القانوني للدولة المعاصرة. و بالتالي يتطلع الشعب المصري لقطاع الثروة السمكية كمصدر للبروتين الحيواني، بأسعار مناسبة، خاصة من الاستزراع، و كذلك لخلق فرص عمل، و تحقيق زيادة إنتاجية من منتج جيد، فيمكننا التصدير، و القيام بتعليم و تدريب و بحوث لنا و لجيراننا في الدول العربية و في أفريقيا خاصة دول النيل.
إذن فهل تتوافر لدينا رؤية لما نحن مقبلين عليه في الفترة القادمة؟
سنجد أن الخبراء و المستثمرين متوافرين، و لكنهم يعملوا بشكل غير مؤسسي، و على الرغم من ذلك أصبحت مصر تحتل الترتيب التاسع عالميا، في مجال إنتاج مزارعها السمكية(حوالي مليون طن عام 2012)، أما القطاع التنفيذي فلم يقم بدوره كما يجب، و ربما يعود ذلك إلى تدهور حدث لعشرات السنين على مستوى الإدارة المصرية، مما اثر على خروج قيادات كفء و قادرة، و لم تستطيع الأجهزة التنفيذية التي تدير قطاع الثروة السمكية، العمل على التعاون مع الأجهزة الأخرى، و خاصة القطاع البحثي و الأكاديمي، لتحقيق مستوى أعلى من الكفاءة، و إلا وجدنا خرائط جاهزة للمواقع المرشحة للاستزراع السمكي، و بما لا يخالف القانون، كذلك ما وجدنا التخبط القانوني الذي يعوق انطلاق هذا القطاع، بشرط موافقة و اقتناع الخبراء و المستثمرين و الباحثين و كافة العاملين بالقطاع. و دون أن يستأثر الجهاز التنفيذي بفرض أمور جمة على باقي من يعمل بالقطاع. كذلك لم نستطيع إحداث تقدم في مجال تفريخ أسماك المياه المالحة بشكل تجارى، و كان أصبح لدينا القدرة على تحسين البلطي النيلي، و العثور على أنواع أفضل في الإنتاج، و مقاومة للظروف البيئية غير المناسبة، و ذات قيمة اقتصادية عالية. كذلك لما حدث لدينا هذا الكم من نفوق الأسماك، سواء في المزارع أو الأقفاص السمكية أو المجارى المائية.
إذا كان لدينا خبراء و مستثمرين و تمويل كافي، فما ينقصنا إذا؟ هل يحتاجوا إلى تدريب و تنمية مهارات؟ و هل يحتاجوا لبنية مؤسسية تبعدهم عن الفردية الحالية؟ و هل الأكاديميين و الباحثين يسيروا بشكل متناغم مع قطاع الثروة السمكية؟ و ماذا ينقصهم إذا كانوا يروا أن المسيرة السمكية المصرية في وضع غير مرضى؟ و ما يعوقهم عن الوصول إلى رؤية جيدة لما يجب أن يكون عليه القطاع السمكي المصري؟ و هل الجهاز الإداري يحتاج لهيكله و تطهير؟ و من سيقوم بالهيكلة و التطهير؟
في جميع الأحوال نفتقد إلى وجود إستراتيجية، و معها خطط قصيرة و متوسطة و طويلة الأجل، فمن الذي يقوم بهذا العمل؟ و الوقت يداهمنا!!
ساحة النقاش