عمالة المزارع السمكية
مهندس ز./ محمد شهاب
تقوم المزارع السمكية المصرية على عامل أساسي، و هو العامل البشرى، فأما الأرض و الزريعة و العلف و المعدات و المخازن، فهي تأتى في مرحلة لاحقة، و العمل المزرعى السمكي يختلف عما عداه عن الأعمال الآخرى، فالسمك لا ينام، يحتاج لخدمة 24 ساعة يوميا، و أي مرض، أو مجرد مشاهدة سمكة تطفو على سطح الماء في الحوض السمكي، أو وجود تغير في جسم السمكة، اى واحدة مما سبق، لابد من رفع حالة الطوارئ بالمزرعة، فربما تكون مشكلة كبيرة في الطريق للسمك. و أيضا وجود حراس أو أفراد بالمزرعة 24 ساعة يوميا، و وجود كلب حراسة بالمزرعة من ضروريات المزرعة لمساعدة حارسها أو أفرادها، كوسيلة إنذار مبكر للتنبيه بوجود لصوص أو أي قدم غريبة أو وجود حيوان مفترس كالذئاب.
كل ما ذكر و غيرة، جعلت المزرعة السمكية عمل جماعي، فصاحب المزرعة إن وجد، و معه باقي العاملين بالمزرعة، يقوموا بعمل جماعي قائم على قواعد فريق العمل و الأسرة الواحدة، و لا تتحمل غير ذلك. و لهذا نجد لأسباب كثيرة لم تذكر، يقوم العمل بالمزرعة السمكية، خاصة في حالة عدم تفرغ صاحبها، تقوم على ما يطلق عليه مشاركة، فالعمالة لها نسبة غالبا 25% من الإنتاج الصافي للمزرعة في نهاية الموسم، و لكن مزارع آخري تقوم على العمل الشهري، و في الريف يكون المشاركة أكثر تقبلا من الناحية الاجتماعية، حيث ينظر لمن يعمل بالأجر نظرة دونيه. وهذا غالبا راجع إلى أن العمالة غير مؤمن عليها في التأمينات الاجتماعية، ولا يوجد ضمان لعدم الطرد التعسفي من قبل صاحب المزرعة للعمالة، و كذلك عدم وجود تأمين صحي للعاملين أو فحص طبي دوري بها، وعدم إمساك دفاتر بالمزرعة بها ملف لكل فرد من العاملين، و كذلك عدم وجود مرافق مناسبة من دورات مياه و كهرباء و مياه شرب صالحة أو في حالة مناسبة و بشكل مستديم داخل المزرعة، فكثير من الأحوال تكون المزرعة على الرغم من حاجتها لعمالة 24 ساعة يوميا ، تكون بنيتها الخدمية الأساسية في حالة غير جيدة.
وفى الصورة المصاحبة، مزرعة سمكية إندونيسية، بالنظر للعمالة التي تقوم بالصيد داخل حوض سمكي، العمالة ترتدي زى موحد (يونيفورم)، كما أن العمل شاق فنجد الزى يناسب الخوض في مياه الحوض، و من ثم تلك العمالة في حالة صحية جيدة، ولا يوجد من يقوم بمراقبة العمل نظرا إلى أن العمالة تعرف جيدا ما المطلوب منها. و ما لم تقله الصورة، فإن المزرعة لابد من أن تكون بها سجل العمالة و كل فرد لابد من وجود ملف له، به كل بياناته و صورة له و تعليمة و دورات التدريب التي التحق بها، و بيانات التأمينات الاجتماعية و مكتب العمل و الحالة الصحية والراتب...الخ. و هذا لا يتم بشكل إختيارى، فأي مزرعة سمكية حتى يمكنها الحصول على ترخيص كمزرعة سمكية، و من ثم حتى تحصل على شهادات تؤهلها للتعامل الخارجي، فلا مناص من تنفيذ شروط مما تطلبه للحصول على تلك التراخيص، أما في حالي السعي للدخول في مجال التصدير، فهناك شهادات دولية، تتضمن جزء كبير مما ذكر، و بدون تنفيذ المتطلبات بشكل صارم، فإن الجهات المانحة تسحب الترخيص، و أصبحنا نجد أن هناك بصفة مستمرة عن تلك الجهات المانحة، و اتفاقيات دولية تنظم ذلك العمل، و كل مزرعة تحصل على تلك الشهادة، فإنها، تضعها ضمن مكان بارز على روابطها على الانترنت، أو على إعلاناتها، نظرا إلى أن ليست اى شركة قادرة على الحصول على الشهادات و التراخيص دون تنفيذ الشروط و بصرامة، حتى أن مصر في اتفاقيتها لتصدير الأسماك للإتحاد الأوروبي، لم تنسى ذكر مواصفات دورات المياه المستخدمة من قبل العمالة داخلها.
ربما يكون وضع المزارع السمكية المصرية، و التي يكون حائزيها أو من يملكونها يعانوا من مشكلة بقاء المزرعة ذاتها، فإن من يستطيع في الظروف الحالية تنفيذ الشروط للحصول على التراخيص للبقاء و العمل في الاستزراع السمكي، تجعلني أشعر بأنهم صامدون و أبطالا، أما أن يحصلوا على تراخيص دولية، فهذا شيء آخر!!
ساحة النقاش