المصرى اليوم 24/3/2009
محمود أبوزيد فى حوار ساخن قبل أيام من مغادرة وزارة الرى (الجزء الثانى)
الحكومة ناقشت بيع ترعة السلام للقطاع الخاص بحضور نظيف
حوار رانيا بدوى ٢٤/ ٣/ ٢٠٠٩
حوّل د. محمود أبوزيد دفة الأمور فى اتجاهه، وصاغ ردوده فى الجزء الثانى من الحوار معه الذى انقسم عبر مرحلتين، كانت الأولى وهو فى الوزارة يمارس مهامه، و الثانية بعد إقالته. بضمير الفاعل قال: أنا الذى طلبت الخروج، ولم تتم إقالتى، ونفى كل ما أشيع عن خروجه من خلافات مع وزير الزراعة، إلى فشل الوزارة فى تنفيذ اتفاقية حوض النيل، ومتابعة المشروعات القومية الكبرى، وقصة التطاول على مصر من قبل دول حوض النيل.
إلا أنه فجر مفاجآت جديدة مؤكداً أن الحكومة نوت وفكرت وناقشت فكرة بيع ترعة السلام، وقال إنها اتجهت شمالا بقرار سياسى، وأضاف أن توشكى تحتاج ٢٠ عاما لاستكمالها، ولا توجد أموال كافية لاستكمال ترعة السلام، وهذا هو السبب الحقيقى فى تعثر المرحلة الأخيرة من المشروع.
■ الرأى العام يتساءل كثيرا عن الأسباب الحقيقية لعدم استكمال مشروع ترعة السلام؟
- الترعة توقفت عند الكيلو ٨٠، وتوقف العمل فيها لعدم قدرة الدولة على استكمالها فى ظل الظروف الحالية، فالمرحلة التى لم تستكمل أظهرت الدراسات الأولية أنها ستتكلف ما يقرب من ٥ أو ٦ مليارات جنيه.
■ لماذا؟
- لأن الأرض بعد الكيلو ٨٠ بها ارتفاع حوالى ١١٥ متراً، وهو ارتفاع كبير يحتاج إلى رفع للمياه فى هذه المنطقة وهى مسألة مكلفة للغاية.
■ وألا تجد الدولة ٦ مليارات لاستكماله، ففيه تنمية قطاع كبير فى الدولة؟
- يعنى إنتى شايفة المليارات مرمية.. طبعا الرقم كبير وحتى لو موجود هناك أولويات لدى الدولة فى الإنفاق.
■ أليس من بين هذه الأولويات ترعة السلام؟
- أنا عن نفسى من أكثر المؤيدين لفكرة استكمال الترعة الآن، وحالاً وقبل تغير الظروف، لأن كل يوم يمر الأسعار تزداد والمسألة تكون أصعب، خاصة أن الأراضى فى المرحلة التى لم تستكمل - وتبلغ ١٣٥ ألف فدان - من أجود وأخصب أنواع التربة لذا إن استكملت الترعة فسيكون العائد ضخماً، ولكن هناك أصواتاً أخرى داخل الحكومة ترى تأجيل المشروع.
■ وإلى متى يتم تأجيله؟
- أعتقد أن هناك فكرة الآن مطروحة لاستكمال الترعة ولكن ليس على نفقة الحكومة.
■ لا أفهم ماذا تقصد؟
- أن يطرح المشروع للاستثمار.
■ للقطاع الخاص؟
- هو فيه استثمار قطاع عام.. طبعاً قطاع خاص.
■ كيف؟
- الآن تطرح أفكار التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء وتأتى ترعة السلام ضمن الأولويات وقد نوقش فى إحدى اللجان الوزارية المختصة بحضور الدكتور نظيف ضرورة استكمال ترعة السلام وقد تم تكليف الدكتور محمود محيى الدين بإعداد دراسات حول طرح الجزء المتبقى من الترعة والأرض التى حولها للمناقصات لطرحها للاستثمار.
■ هل تقصد بيع ترعة السلام؟
- أقصد أن يأتى رجال أعمال ليحصلوا على الترعة وما حولها من أراض للاستثمار فيها واستكمال حفرها لتعمير سيناء.
■ ولكن هذه الخطوة ستثير المخاوف وعلى رأسها هل سيترك المشروع بالكامل للقطاع الخاص وماذا عن جنسية المستثمر هل هو مصرى أم أجنبى سواء «عربى» أو «غربى»؟!
- عموما تلقى دكتور محمود محيى الدين تكليفاً سياسياً بدراسة المشروع وسيضع الشروط اللازمة.
■ تلقى تكليفاً ممن؟
- مجلس الوزراء.
■ تعمير سيناء أولوية ولكنه خطر بهذه الطريقة؟
- لا تقلقى، الأمر سيدرس جيدا وستوضع الدراسات موضع الجدية وستدرس وزارة الاستثمار المسألة هل ببيع الترعة والأراضى أم يحصل عليها المستثمر بحق الانتفاع.
■ وماذا عن جنسية المستثمر؟
- معروف مسبقا أن التعامل مع هذه المشروعات القومية الكبرى الحساسة يكون بمنع البيع لغير المصريين فلا خوف من ذلك.
■ وكيف أترك مدخل الأمن القومى لمصر فى يد القطاع الخاص؟
- عموما الحكومة الآن تدرس هل الأفضل تملك أرض الترعة أم الحصول عليها بنموذج حق الانتفاع.
■ ومن رجل الأعمال الذى سيقبل أن يضع مالاً ضخماً بالمليارات فى مشروع لن يمتلكه؟
- عموما كلها أمور سابقة لأوانها ومازال المشروع فى طى الدراسة.
■ حسب الله الكفراوى وزير الإسكان السابق قال إن ترعة السلام ليست فى مكانها الصحيح؟
- عند دراسة المسألة وجدوا أن هذا هو المسار الصحيح.
■ من؟
- مكاتب استشارية كبيرة.. وأنا جئت إلى الوزارة وكانت الترعة قد بدأ العمل فيها بالفعل.
■ هل أنت راض عن مسار الترعة؟
- نعم.
■ ألم يكن هناك مسار أفضل وأقل فى التكلفة؟
المسار الآخر أن تسير الترعة فى نصف شبه جزيرة سيناء ولكن الأراضى فيها غير مناسبة تعلو فى مناطق وتنخفض فى أخرى، وقد اتخذ قرار سياسى بأن تسير الترعة فى الشمال.
■ وهل قرار مكان حفر الترعة قرار سياسى أم قرار فنى؟
- الأمور الفنية أيضا ليست أموراً حاسمة وجامدة فالفنيون يقدمون أكثر من مسار ويقولون عيوب ومميزات كل مسار والقرار السياسى يحسم الأمر بناء على المميزات والعيوب.
فمثلا كان محافظ شمال سيناء السابق منير شاش من أكبر المتمسكين بفكرة أن تمر الترعة فى الوسط لإعمار سيناء ورأى أن تعمير منتصف سيناء أجدى من الشمال ولكننى كنت أراه مساراً غير مناسب ومكلفاً والأنسب هو مسار الشمال.
■ إذن أنت مع المسار الحالى للترعة؟
- نعم.
■ رغم المعوقات؟
- المعوقات المالية شىء والعيوب الفنية شىء آخر فالمعوق الآن هو عدم وجود الأموال الكافية لاستكمال المشروع ورغم ذلك أنا ضد التوقف لأن الأسعار كل يوم تعلو والأفضل أن يتم الانتهاء من المشروع الآن.
■ قلت إن موقع الترعة جيد وأنك توافق عليه.. وماذا عن سهل الطينة الذى تمر به الترعة وترتفع نسبة ملوحته عن نسبة ملوحة البحر بـ٥ مرات؟
- سهل الطينة مش عيب وقدمنا للفلاحين برامج للغسيل لتنقية الأرض من الملوحة وعملنا تجارب عديدة وقد أتت الأرض بنتائج جيدة بعدها.
■ ولكن برامج الغسيل مكلفة للفلاحين وتأخذ ٥ سنوات على الأقل؟
- لذلك تقريبا حصل الفلاحون على الأرض «ببلاش» حيث بيعت بـ٢٠٠ جنيه للفدان فى حين كانت تباع باقى الأرض بـ ٣٠ ألف جنيه للفدان. وكنا هنا أمام خيارين إما تحويل هذه الأرض إلى مزارع سمكية وإما غسلها للتنقية من الملوحة وأنا عن نفسى مع فكرة الغسيل لأن الأرض هناك شديدة الخصوبة ولا يجب إهدارها فى المزارع السمكية.
■ لو انتقلنا لمشروع توشكى هل تراه مشروعاً ناجحاً؟
- نعم.
■ ولماذا لا نشعر به؟
- لأنه فى حاجة إلى ٢٠ عاماً ليتم استكماله، فمشروع مديرية التحرير بدأ عام ٦٥ وحتى اليوم مازال هناك استصلاح فى أراضيه ولم يتم بعد ومازال يحتاج إلى تنمية ..
■ ولكن أثير فى الفترة الأخيرة كثيرا أن المشروع فاشل وأن الأرض تبخر المياه بسرعه بسبب المناخ الجاف؟
- لدينا ٢٥٠ دراسة لمشروع توشكى فى مكتبة ضخمة عن توشكى، ودرسنا معدل التبخر وحجمه، ودرسنا هل تكون الترع مغطاة أم مكشوفة وطولها وعمقها ودراسات لنوعية الأرض. كل شىء موجود فى الدراسات.
■ ولماذا المراحل التى انتهت لم تؤت ثمارها؟
- ربما لأن بعض من حصلوا على الأراضى لم يزرعوها.
■ مثل من؟
- الوليد بن طلال مثلاً لم يزرع سوى ٢٠ % من الأراضى التى حصل عليها.. يمكن الوليد لا يريد الزراعة.. ويمكن يريد بيعها أرضاً.
■ وهل هذا من حقه؟
- نعم.
■ ولماذا توقف مشروع توشكى؟
- لم يتوقف، فقط تم تأجيل العمل فى ٢٠٠ ألف فدان لحين دراسة فرع ١، ٢ وقد خصصوا بالكامل، أما فرع ٣ فانتهت إنشاءاته وسيستكمل هذا العام، ويوجد رجال أعمال إمارتيون يريدون الاستثمار فى المرحلة الثالثة، وتبقى المرحلة الرابعة التى تم تأجيلها لحين الوقوف على ما تم إنجازه فى المراحل السابقة.
■ إذن هناك شك فيما أنجز؟
- لا فقط للدراسة والوقوف على أخطاء المراحل السابقة.
■ مثل ماذا؟
- تعلمنا من أخطائنا ولم يعد هناك بيع لأراضى توشكى إنما حق انتفاع كما لم يعد هناك تخصيص لمساحات كبيرة مثلما حدث مع الوليد فأقصى مساحة ٢٠ ألف فدان وهذا ليس اختصاصنا إنما وزارة الزراعة.
■ ولكن هل هناك مياه كافية لمشروع توشكى؟
- يوجد مياه كافية للـ ٥٤٠ ألف فدان بالكامل.. بما فيها المرحلة المؤجلة.. والمياه موجودة لها كلها والمسألة ليست مياها.
■ ماذا عن ممر التنمية الذى أعاد دكتور فاروق الباز تقديمه؟
- يحتاج إلى كثير من الوقت وأنا كنت من أكثر المشجعين على ضرورة البدء فيه.. وقد تم تشكيل لجنة وزارية وكلف بالمسألة وزير التخطيط، ولكن أعتقد أنه مشروع يحتاج إلى ٢٠ عاماً للتنفيذ.. ونحن الآن فى مرحلة الدراسة.
■ ألم يقدم فاروق الباز الدراسة؟
- فاروق الباز قدم فكرة وليس مشروعاً تفصيلياً.
■ قدم صوراً بالقمر الصناعى لأفضل المناطق؟
- إيه يعنى صور بالقمر الصناعى هى متوافرة لدينا بالفعل، فهو تقدم بكتيب للفكرة، أما التفاصيل الدقيقة فهى فى حاجة إلى دراسة وهناك من يعكف عليها بالفعل.. لأنه مشروع ضخم وسيحتاج لوقت طويل ولكن المهم دائما أن نبدأ.
فى تصريحات خاصة بعد الرحيل: لم تتم إقالتى بل طلبت الخروج
■ دكتور محمود قيل عن أسباب خروجك منها وعدم إنجازك فى ملف اتفاقية حوض النيل حتى الآن؟
- الاتفاقية أنجز فيها خطوات فوق تصورات أى شخص فلو علموا مقدار الأزمات والاختلافات التى واجهتنا طوال مسيرة التفاوض لعرفوا حجم الإنجاز ونحن وصلنا بالفعل إلى شبه تصور نهائى للاتفاقية.. أما عن إطالة المدة فهى أمر طبيعى أمام الاختلافات وإصرار دول حوض النيل على تصوراتها وعدم كتابة حصة مصر واضحة فى الاتفاقية وإصرارنا نحن أيضا على عدم المساس بحصتنا من المياه فالأمر ليس سهلاً.
■ إذن لماذا خرجت من الوزارة؟
- لم تتم إقالتى بل طلبت الخروج.
■ لأسباب صحية؟
- لا.. إنما لشعورى بأن الوزارة أخذت وقتى وعطلتنى عن العمل العربى والدولى فأنا رئيس المجلس العربى للمياه وكنت مقصرا فى حق المجلس طوال الفترة الماضية لذا أردت التفرغ له.
■ ولكننى قابلتك منذ أيام ولم يكن الأمر مطروحاً حتى؟
- تتبدل الأحوال.. ثم إننى كنت أريد ذلك بالفعل منذ فترة.
■ هل السبب خلافات مع وزير الزراعة؟
- أنت أيضا لا تصدقين أننى خرجت بناء على طلبى.. الكل لا يصدق ولا أعرف لماذا رغم أنها الحقيقة.. ومع ذلك لا يوجد خلاف بينى وبين وزير الزراعة على الإطلاق.
■ وماذا عن الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار؟
- علاقتى به جيدة وفى الليلة التى سبقت خروجى كنا نتحدث سويا حول بعض الأمور المشتركة ونناقش عدداً من الملفات الخاصة بالوزارتين.
■ وما حقيقة فشل الوزارة فى إنهاء المشروعات القومية مثل توشكى وسيناء؟
- كل ما طلب من وزارة الرى بشأن هذه المشروعات تم على أكمل وجه بالكامل، وكل ما تبقى لا علاقة لوزارة الرى به فهو اختصاص وزارات أخرى ،ومشروع توشكى مثلا كل ما هو اختصاص وزارة الرى من طلمبات وتوصيل المياه وحفر ترع إلى آخره انتهى وبلا أى مشاكل ولست مسؤولا عن عدم الزراعة أو الاستصلاح.
الأمر نفسه ينطبق على ترعة السلام وما تم تنفيذه منه، أما الجزء المتبقى فهو متوقف لأسباب مالية ولا علاقة لوزارة الرى بها.
ساحة النقاش