في النرويج.. مساع للبحث عن ملاذ آمن لـ"حوت روسي جاسوس"
إعداد/محمد شهاب
إحدى المجموعات بقيادة صانعة أفلام أمريكية، تريدُ انشاء ملاذ آمن للحوت الذي سمي بـ"هفالديمير"
قلق حول مصير الحوت الروسي الذي اكتشفته النرويج قبل عامين.. ما قصته؟
في العام 2019، تم العثور على حوت أبيض قبالة السواحل النرويجية، وقد كان مزوداً بسرج روسي خاص، ورجّح حينها أن يكون قد حصل على تدريب من جانب البحرية الروسية.وفي ذلك الوقت، قال أودو ريكاردسين، وهو عالم في الأحياء البحرية، إن السرج مزود بحامل لوضع كاميرا وبملصق يحدد المصدر بسانت بطرسبورغ. وإثر ذلك، أطلق على ذلك الحوت وصف “الحوت الروسي الجاسوس”.واعتاد ذلك الحيوان البحري المُدرّب الاقتراب من الزوارق النرويجية قبالة سواحل جزيرة إنغواي، وهي جزيرة في القطب الشمالي تبعد نحو 450 كيلومترا من مدينة مورمانسك، التي يتمركز فيها الأسطول الشمالي الروسي. وعند العثور على ذلك الحوت في العام 2019، تمكّن أحد الصيادين ويدعى يورغن ري ويج من نزع السرج الموجود عليه، بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”.
مجموعة تسعى لتوفير ملاذ آمن للحوت في النرويج
وبعد مرور نحو عامين على العثور عليه، فإن الناشطين المعنيين بحماية الحياة البحرية يشعرون بالقلق بشأن مصيره ومستقبله. وفعلياً، فإن إحدى المجموعات بقيادة صانعة أفلام أمريكية، تريدُ انشاء ملاذ آمن للحوت الذي سمي بـ”هفالديمير”، وتدعو النرويج لدعمه.وبحسب “BBC“، فإنه في غضون أيام بعد انقاذه، أقام الحوت ضمن الميناء في هامرفست، وهي بلدة ساحلية نرويجية تضمّ 11 ألف نسمة. وفي الواقع، فإن الأسابيع القليلة الأولى كانت صعبة على الحوت الأبيض، إذ كان يكافح من أجل إطعام نفسه.ولإنقاذ حياته، وافقت إدارة مصايد الأسماك النرويجية على برنامج لرصد وتغذية “هفالديمير” الذي تعافى إثر ذلك. وبعدها، غادر ميناء هامرفست وبدأ يتغذى بشكل مستقل. ومنذ يوليو/تموز 2019، بات الحوت يسبح بحرية، وفقاً لمسح “Orca” النرويجي، الذي أدار برنامج التغذية الخاص بـ”هفالديمير”.
ومع هذا، فقد اختارت المخرجة الامريكية ريجينا كروسبي أن تعدّ فيلماً قصيراً عن الحوت وقد شرعت بذلك فعلاً لكنها ما زالت نتتظر نهاية سعيدة.
وفي الواقع، فإن ما تبين بالنسبة لكروسبي هو أنّه مع مرور الوقت، لم يكن أحد يفعل شيئاً لهذا الحوت الذي تكثر المخاطر من حوله. ولهذا، فقد شعرت المخرجة الأمريكية بأن “هفالديمير” بحاجة إلى الحماية، خصوصاً أنّ مراوح القوارب وشباك الصيد والسياح تعدّ من بين أشد التهديدات خطورة على حياة الحوت الأبيض.وإزاء ذلك، ومع نهاية العام 2019، كانت كروسبي أطلقت حملتها من أجل حماية الحوت، وعندما انضم آخرون لقضيتها، جرى تشكيل مجموعة “OneWhale” الناشطة.وبشكل أساسي، عارضت تلك المجموعة ابقاء الحوت في الأسر، وقررت الحفاظ عليه آمناً، وإذا أمكن إعادته إلى موئله الطبيعي.
توفير مضيق بحري للحوت
ووفقاً لـ”BBC”، فقد طلبت كروسبي مشورة الخبراء وتحديداً من الناشط الأمريكي ريك أوباري الذي كان مدرباً سابقاً للدلافين، وهو يقول: “كلما وقع دلفين أو حوت في مشكلة، سيصدر هاتفي رنيناً”.وبعد مكالمة واحدة من كروسبي، توجّه أوباري إلى النرويج في يوليو/تموز 2020، وعندما وصل، كان الحوت “هفالديمير” يعاني من جروح خطيرة في جسده، وعلى ما يبدو بسبب قارب.ويعتقد أوباري أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن الحوت، ويقول: “كنت أفكر في جعله يسبح في مضيق بحري. وفعلياً، فإن المضائق البحرية وفيرة على طول سواحل النرويج. ومع هذا، فإنّ الممرات المائية الطويلة والضيقة تمتد إلى الداخل بعيداً عن البحر، ويمكن اغلاق المضيق أمام الأشخاص وتحويله إلى ملاذ آمن.
وبحسب “BBC”، فإن كل ما كان على كروسبي فعله هو إقناع حكومة النرويج بذلك. ولأشهر، تجري مجموعة “OneWhale” محادثات مع الوكالات الحكومية حول إنشاء ملاذ لـ”هفالديمير” وغيره من الحيوانات البحرية المنكوبة في مضيق مائي مهجور.
وتكمن فكرة المجموعة في إنشاء محمية ضخمة للمخلوقات البحرية في المياه المفتوحة، وذلك ضمن مضيق بحري بطول 2 كيلومتر على الأقل وعرض كيلومتر واحد. ومع هذا، سيتم اغلاق مصب المضيق البحري بشكل مدروس، وستكون هناك محطة معينة خاصة به مع مرافق للموظفين.
وتشير مجموعة “OneWhale” إلى أنّ جهات في النرويج أعربت عن اهتمامها الجاد بشأن هذا الحل، وتمت الموافقة على الأموال لدراسة تأثير المحمية.في المقابل، فإنّ خبراء آخرين لا يتفقون مع الفكرة التي تطرحها المجموعة. وفي السياق، يقول أودون ريكاردسن، عالم الأحياء البحرية، إن الحوت يبدو بصحة جيدة، ويتغذى في مزارع سمكية مختلفة.
بدوره، قال السيد ري ويغ، المراقب في لجنة الثدييات البحرية بشمال الأطلسي: “في ما يتعلق بالنرويج، فهو حوت يعيش بحرية. أعتقد أن الوضع الآن هو الأفضل”.إلى ذلك، قالت إدارة مصايد الأسماك النرويجية إنها ناقشت الفكرة مع “OneWhale” وتعتقد أنه يجب ترك الحوت بمفرده وإعطائه الفرصة للعيش كحيوان حر إذا لم يكن معرضاً لخطر كبير.
ومع هذا، فإن الخبير أوباري يرى أن مثل هذه الحرية قد تعني حياة منعزلة للحوت، ويجادل بأن رعاية الملاذ قد تكون أفضل ما يمكن فعله.
وفي الوقت الحالي، فإن الحوت” هفالديمير” يتغذى وينام في مزرعة أسماك، وهو حر في التجول وأحياناً يبحث عن البشر.ويظهر الحوت في مقاطع فيديو له عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو يلعب مع السياح من وقت لآخر ، مما يزيد من القلق على سلامته.
ساحة النقاش