تماسيح بحيرة ناصر..المتهم البريء
إعداد/محمد شهاب
تحقيق: هاجر صلاح
الصيادون: نطالب بتشديد الرقابة في فترة وقف الصيد حتى يتحقق الهدف منه.. والبشاير ظهرت هذا الموسم
رئيس الجمعية الأم لصائدي الأسماك: التهريب السمكي انتهى بعد إتاحة "البيع الحر".. ونطالب بتعويض الصيادين ماليًا خلال فترة" ربط البحيرة"
د.شوقي القطان: الدراسات أثبتت دور التماسيح في زيادة السمك.. ويجب منع "الغزل" المخالف واستغلال "الأخوار" في عمل مرابي طبيعية
انقذوا أسماك بحيرة ناصر من التماسيح!.. 80 ألف تمساح توحشت خلف السد، ويلتهم الواحد منها عشرات الكيلوجرامات من السمك يوميا!
مغالطات يتم ترديدها وتداولها بغير علم، حتى أصبحت حقائق يتم الدفع بها لتبرير تراجع الإنتاج السمكي لبحيرة ناصر، والذي هبط فعلا باعتراف المسئولين من 40 ألف طن سنويا- وهو أعلى إنتاج حققته- إلى بضع وعشرين ألف ، وذلك برغم مساحتها الشاسعة التي تجعلها من أكبر البحيرات الصناعية في العالم، بشاطئ طوله- داخل مصر- 350 كم ، وبمساحة تتجاوز 5 آلاف كم مربع، أي ضعف مساحة البحيرات الشمالية الخمس مجتمعة، لكن تبقى هناك أسباب أخرى لعدم تناسب إنتاج البحيرة مع حجمها ومقوماتها الفريدة.
ذات صباح شتوي، وقبل التاسعة صباحا بقليل كنا هناك، في ميناء جرف حسين- على بعد ساعتين جنوب مدينة أسوان- وهو الميناء الأعلى إنتاجا مقارنة بميناءي أسوان وأبو سمبل.
بدهشة وامتنان؛ استقبلنا الصيادون والعمال المنهمكون في عملهم منذ شروق الشمس، حيث يجري تفريغ اللانشات أو كما يطلقون عليها" الماعون" من الأسماك التي يتم صيدها داخل البحيرة على مدى أيام، بينما يقوم آخرون بجرش الثلج لفرشه بين طبقات الاسماك في أثناء رصها في سيارات التجار تمهيدا لنقلها إلى الأسواق. تتحلق حولنا مجموعة من الصيادين و"الشيالين"، وبحماس شديد ينطلقون في الحديث:"احنا بقالنا هنا سنين كتير، ومنا اللي بقاله 30 سنة شغال، وكلنا عارفين مشاكل البحيرة كويس". يشيرون إلى السمك المتراص في سيارات التجار تمهيدا لبيعه في الأسواق في أسوان ومحافظات الصعيد القريبة:" مش هو ده السمك بتاع زمان، كان السمك كبيرا، والسمكة الكبيرة ميزتها أنها تبقى صالحة حتى عشرة أيام في الثلج، بعكس السمك الصغير الذي يفسد بسرعة، وفي اليوم الواحد كنا نسجل هنا في جرف حسين حتى 160 طن في الشهر، الان المتوسط 50 طن شهريا ".
نسألهم: ألم يتزايد الإنتاج قليلا مؤخرا؟ فجاء الرد:" بدأنا نشعر باختلاف في أحوال البحيرة بعد جدية تنفيذ قرار الغلق لمدة ثلاثة أشهر لأول مرة من مارس الى مايو الماضيين، وهي فترة الراحة البيولوجية وتكاثر السمك، لكن رغم الكثير من الضبطيات للمخالفين ومن يقومون بالصيد الجائر، وغير القانوني في تلك الفترة، لا يزال هناك مخالفون من غير الصيادين المرخصين، ويعملون غالبا في أوقات الليل، ومن المعروف أن مساحة البحيرة شاسعة ومن الصعب مراقبتها بالكامل، وللأسف فهم يصطادون بطرق مخالفة كالغاز والصعق بالكهرباء، ولكي يتم ضمان توقف هؤلاء عن الصيد، لابد من غلق مخازن السمك تماما خلال هذه المدة، وهو ما لا يحدث، إذ نجدها عامرة بالسمك، ولو تم إحكام السيطرة على المخالفين في تلك الفترة، لتضاعف إنتاج البحيرة بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة".
الغزل المخالف
نسألهم عن وجود التماسيح في المنطقة التي نتواجد فيها فيقول أبو عبد الله:" جرف حسين ومنطقة شرق البحيرة عموما لا يوجد بها تماسيح نهائيا، لأن أرض البحيرة هنا "سيح" أي مسطحة وليست "مغرزا"، أما الأماكن التي توجد بها تماسيح بكثرة فهي في الناحية الجنوبية القريبة من الجبل ، وأشهرها وادي أبيض، وكروسكو وتوشكى شرق، لكنها لا تؤذي الصيادين". وهنا يتدخل في الحديث يوسف سعد:" المشكلة التي تسببها لنا التماسيح أنها تمزق شباك الصيد (الغزل)، والصياد يستهلك 200 كيلو غزل في السنة، بينما كل رخصة صيد، أي المركب الواحد؛ تكون حصته التي يتم صرفها 3 كيلو فقط في الشهر، ولذلك نطالب بزيادة الحصة المصروفة، لأن سعر الغزل ارتفع بشكل كبير"، ويستدرك عمر الشريف:" في السابق عندما كانت البحيرة تابعة لهيئة تنمية بحيرة ناصر، كان يتم صرف غزل موحد، ومن يصطاد بغزل آخر، يتم وقفه عن الصيد لمدة 3 أشهر، الان كل صياد يشتري غزل بمقاس مختلف". أسأله عن المقاس المناسب فيجيب:" الغزل اللي بيجيب سمك حلو كده -يشيرعلى السمك الكبير المتراص في السيارة أمامنا- ويؤكد الشريف على ضرورة منع الغزل المخالف لحماية مخزون البحيرة السمكي".
الميزة الحالية التي أجمع الصيادون عليها هي حرية تداول السمك، فكل صياد يستطيع البيع للتاجر الذي يقدم له السعر المجزي، بعكس الوضع في السابق حيث كان هناك احتكار من قبل شركات بعينها تستغل الصيادين، ولذلك تراجع تهريب الأسماك بشكل كبير، باستثناء فترة "ربط" البحيرة" في فترة التكاثر، حيث تجري أعمال صيد مخالفة، وهنا يطالب الصيادون بضرورة صرف مبلغ مالي لكل صياد تعويضا له عن تلك الفترة، فيقول عمر الشريف:" لا نشكو أبدا من وقف الصيد في البحيرة في فترة التكاثر، بل بالعكس نطالب بتشديد وإحكام الرقابة في تلك الفترة، فلو تم "الربط" بشكل مضبوط سيزيد إنتاج البحيرة بنسبة100% ، لكن لا ينبغي أن يضار الصياد الملتزم، وعلمنا أنه سيصرف لكل صياد ألفي جنيه عن كل شهر من الأِشهر الثلاثة، لكن لم نحصل على شيء".
يتابع الشريف الحديث عن مشاكلهم ويؤيده زملاؤه:" تم تخفيض حصة الخبز التي يتم صرفها لنا ونضطر لشراء الخبز على حسابنا، فنحن نمكث داخل البحيرة لمدة قد تصل إلى أسبوع، فهل يكفي عشرين رغيفا، لمركب عليها على الأقل ثلاثة أفراد؟! من جهة أخرى لا توجد أي نقطة إسعاف رغم أننا معرضون للغرق أو للدغات الثعابين والعقارب على البر حيث نقيم، وهناك حالات كثيرة فقدناها بسبب تأخر إنقاذها، ولابد من توفير لانشات إسعاف سريعة، ويتدخل محسوب الشريف قائلا:" يعمل هنا في الجرف آلاف العمال والصيادين، ويستحقون نقطة إسعاف أو مستشفى ميداني صغير كما هو الحال في ميناء أبو سمبل، رغم أنه أصغر من ميناء جرف حسين. ننتظر أيضا إدخال الكهرباء، فنحن لا نستطيع أن نحضر أسرنا للعيش في الجرف لأنه بلا خدمات تماما، فنقيم بمفردنا لمدة شهر ونصف الشهر هنا، ونسافر إليهم في زيارة، فمعظمنا هنا مغترب من محافظات أخرى مثل قنا وسوهاج والفيوم".
ينتظر الصيادون أيضا كما يخبرنا بدوي كامل -سكرتير جمعية رعاية الصيادين وعمال الصيد، إنشاء رصيف جيد من الخرسانة للميناء، بعد أن أصبح متهالكا، وحتى تتمكن كل سيارات نقل السمك للدخول إلى الميناء، لتكون بالقرب من لانشات نقل السمك، كما يجب إحكام الرقابة على كل كميات السمك التي يتم صيدها وبالتالي حصر كمياتها، ودفع العمولات المستحقة للدولة وجمعيات الصيد، حيث تقوم بعض المراكب بتفريغ حمولتها في أي مكان بعيدا عن الميناء، أما في السابق فلم يكن مسموحا لأي تاجر أن يحمل السمك على سيارته إلا في الميناء".
تجديد المفرخات
التقينا كذلك كمال بخيت الضبع وهو فضلا عن كونه صياد منذ 35 عاما، فهو رئيس الجمعية التعاونية لصائدي الأسماك، ويطلق عليها الجمعية "الأم" لأنها أول جمعية للصيادين أنشئت في بحيرة السد العالي، ثم أنشأت تباعا جمعيات أخرى القائم منها الآن: جمعية أبناء أسوان ،والجمعية النوبية، وجمعية التكامل .
يخبرنا الضبع أن نصيب الجمعية الأم حوالي 62% من مسطح البحيرة، أي أنها مسئولة عن الجزء الأكبر، بحوالي 1900 رخصة صيد، من إجمالي 3600 رخصة تقريبا، مشيرا الى أن الرخصة الواحدة تخص مركب صيد، لكن المركب قد يعمل عليه أكثر من صياد، وقد يكون لدى صياد واحد أكثر من مركب،أي أكثر من رخصة، وكل رخصة يخصص لها 1 كم شاطئي أو أكثر حسب الرخصة، وحسب مكان الصيد.
وبسؤاله عند عدد الصيادين في البحيرة، قدر العدد بألفي صياد و 18 ألف عامل، يعملون على حوالي 3 آلاف مركب، مشيرا الى أن عدد الرخص ثابت تقريبا، لكن قد يقوم أحدهم بتأجير رخصته لصياد آخر، في حال أنه توقف عن الصيد لأي سبب، أما العمالة المعاونة فحوالي 30% منها ثابتة، والباقي متغيرة حسب المواسم، كالصيف مثلا الذي يشهد عمل بعض طلبة الجامعات لمساعدة أهاليهم، لذلك فمعظمهم عمالة غير منتظمة، أي ان إجمالي من يتكسبون من البحيرة نحو 20 ألف شخص، فضلا عن أسرهم.
ورغم صدور القانون الجديد لحماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية في عام 2021 ، إلا أنه حتى الان لم تصدر اللائحة التنفيذية، ولذلك كما يقول الضبع؛ لا يوجد تطور ملموس في البحيرة، باستثناء إحلال وتجديد المفرخات في جرف حسين وصحاري وتوشكى وأبو سمبل بحوالي 110 ملايين جنيه، وتم إلقاء نحو 25 مليون زريعة خاصة بعد تعليمات رئيس الجمهورية، ويضيف:" لا بد من وجود لجنة علمية دائمة في البحيرة للوقوف على أحوالها بشكل مستمر، فبحيرة بهذا الحجم لابد أن تقوم تنميتها على أسس علمية، ولدينا في جامعة أسوان كلية للمصايد، وبها أساتذة يمكن الاستفادة من علمهم في تنمية إنتاج البحيرة".
نسأله عن مراحل تطور الإنتاج السمكي للبحيرة خاصة أننا لاحظنا تذبذبا في الإنتاج من الستينيات وحتى وقتنا الحالي وفقا لبيانات المركز الدولي للأسماك(أدنى إنتاج في عام 2000 بـ 8 آلاف طن وأعلاه في 1981 بـ34 ألف طن) ، فيقول:" التدهور حدث من بعد عام 2004 حتى 2010، وكان الإنتاج لا يتجاوز 10 آلاف طن سنويا، أما المفارقة أنه في عام 2011 ارتفع الإنتاج الى 13 الف طن، وفي 2016 وصلنا إلى 18 ألف طن، وهذه القفزة سببها عودة البحيرة في تبعيتها الى هيئة الثروة السمكية بدلا من هيئة تنمية بحيرة ناصر. الآن وصلنا إلى 27 ألف طن. أما أعلى إنتاج وصلنا له عموما فهو 35 ألف طن سنويا، وعندما كان مركز بحوث الجايكا الياباني له مقر هنا، حتى منتصف التسعينيات، وجد أن الصيد الآمن الذي لا يهدد المخزون الاستراتيجي للبحيرة، من الممكن أن يصل إلى 50 ألف طن سنويا.
أسماك "أورجانيك"
أشهر أنواع السمك في البحيرة فهو البلطي النيلي بأنواعه (الشبار- زيلي- جليلي)، ويحظى بإقبال كبير، بالإضافة إلى الساموس " قشر البياض"، وأسماك التمليح( الراي –كلب البحر)، وكلها – كما يصفها الضبع- أسماك" أورجانيك"، لأنها تنمو في بيئة خالية تماما من الملوثات، وتعيش على المغذيات الطبيعية في البحيرة، التي تعد المخزون الاستراتيجي لمصر من المياه العذبة، ولذلك يرى الضبع ضرورة اهتمام الدولة بتسويق إنتاج البحيرة، وتصديره للخارج، ويضيف قائلا:" لابد من تشجيع إقامة مصانع تعمل على تغليف السمك بعد تنظيفه، وانتاج الفيليه من البلطي، الذي يعد من أفخر أنواع الفيليه، كما يجب التوسع في إنشاء مصانع للثلج لمنع الاحتكار، وعدم استغلال الصيادين، خاصة أنه نشاط مربح جدا".
ويشدد الضبع على ضرورة إحكام غلق البحيرة في فترة وقف الصيد، وتأمين الشواطئ ومراقبة مداخل ومخارج محافظة أسوان، أما شرطة المسطحات، فتقوم كما يؤكد بمجهود كبير، من خلال الدوريات الليلية رغم أنهم ملزمون فقط بالعمل من الشروق إلى الغروب، وتم القبض على مخالفين كثر، لكنهم مع ذلك بحاجة إلى مزيد من الإمكانيات من معدات وقوات، ويجزم الضبع قائلا:" لو أن قرار الغلق الذي تم الالتزام بتطبيقه بصرامة لأول مرة في عام 2022، فلن نحتاج إلى مفرخات".
نسأله اذا ما كان التهريب السمكي عبر المدقات الجبلية مستمرا، فأكد جازما :" التهريب انتهى تماما بعد أن اصبح تداول السمك حرا، ووقف العمل بالتسعير الجبري في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، وبالتالي إعطاء الحرية للصياد بتسويق المصيد السمكي وفقا للآليات السوق، فالتاجر يدفع عمولة قدرها 300 جنيها عن كل طن سمك، ويحصل مباشرة على تصريح النقل، فلماذا يغامر أحد براحته وسيارته غالية الثمن؟!، ربما يوجد من هو"طماع" يريد توفير ثمن التصريح الزهيد، لكن بالتاكيد هم قلة لا تذكر". ويتابع الضبع: "ما نطالب به زيادة منافذ تجميع الأسماك، توفيرا على الصيادين في المسافة التي يقطعونها الى الميناء، وبالتالي توفير الوقت والحفاظ على طزاجة السمك، فالمسافات بعيدة بين مواني جرف حسين وأبو سمبل وأسوان، ولتكن المنافذ الجديدة في عمدا والسبوع والعلاقي وكلابشة، كمثل المنفذ الموجود في توشكى. نطالب أيضا بإعادة النظر في قيمة رسوم تجديد رخص الصيد السنوية التي وصلت إلى 900 جنيه، وذلك قبل أن يتم إقرارها في اللائحة التنفيذية، لأنها أكبر من مقدرة الصيادين، لكننا دفعناها بالفعل عن عام 2022. من جهة أخرى؛ وزارة التضامن كانت قد أعلنت عن تخصيص 21 مليون لتعويض الصيادين في فترة وقف الصيد في البحيرة، وقام الصيادون باستيفاء كل الإجراءات المطلوبة، لكن لم نحصل علي شيء ،ففقدت الجميعات مصداقيتها أمام أعضائها، كذلك تم لمرة احدة صرف الملابس الواقية للصيادين في إطار مبادرة رئيس الجمهورية " بر أمان"، ونتمنى أن تستمر، وفي السابق كان يتم صرفها سنويا من خلال هيئة تنمية بحيرة ناصر.
كناس النهر
دراسات وأبحاث عديدة عثرنا عليها خلال إجراء التحقيق، نشرتها كليات ومراكز وأقسام البحوث المعنية بالثروة السمكية في مصر على مدى فترات زمنية مختلفة، وهالنا كم المعلومات والتوصيات التي تقدمها للارتقاء ببحيرة ناصر وتنمية إنتاجها، واللافت أنها تحمل ذات التوصيات في كل مرة، في دلالة على استمرار الوضع في البحيرة لسنوات دون تغيير.
د. محمد شوقي القطان- الأستاذ بكلية تكنولوجيا المصايد والأسماك بجامعة أسوان- أحد هؤلاء العلماء الذي كان له دراسة استكشافية حديثة (2018) حول تأثير التماسيح على المخزون السمكي لبحيرة ناصر، وبالتواصل معه أكد أن كل ما تتم إشاعته عن تهديد التماسيح لإنتاج السمك غير صحيح على الإطلاق ، بل على العكس، فهي تسهم في زيادة إنتاج الأسماك!
تتزايد دهشتنا وهو يحكي مفصلا:" التمساح يمتنع عن تناول أي شيء تماما في فصل الشتاء، لأن إنزيمات الهضم تتوقف، وبالتالي لو أكل سيموت، وفي الوضع العادي، فالطعام يمكث في معدته أربعة أيام، ولا يتجاوز ما يتناوله في المرة أكثر من 8 كجم ، ما بين أسماك مفترسة وهي أسماك غير اقتصادية، كالقراقير والقراميط والأسماك السامة، أو حيوانات نافقة، ولذلك فهو يحمي الأسماك الاقتصادية( البلطي والساموس) من المفترسات، وثانيا ينظف البحيرة من الحيوانات النافقة، لذلك يطلق عليه " كناس النهر" أو عامل نظافة البحيرة. ثانيا، فإن فضلاته الذائبة في المياه تمثل المغذيات الطبيعية للأسماك، أما عن عدد التماسيح وفقا لمسح أجراه جهاز شئون البيئة في عام 2010، فإنه يتراوح بين 6 الاف الى 30 ألف تمساح على الأكثر.
وبسؤاله عن خلاصة الدراسات التي تناولت كيفية تنمية بحيرة السد العالي، أجاب:" لابد أولا من تقييم حجم المخزون السمكي بدقة في كامل المسطح المائي، فبدون البيانات يصعب وضع خطط التنمية المستقبلية، ثانيا: يجب تماما منع الغزل المخالف، بحيث لا يتم صيد السمكة التي يقل طولها عن 25 سم، ومنع الصيد في فترة التكاثر، فالصياد المخالف الذي يقوم بصيد الأمهات، يحرم البحيرة من تفريخ سمك جديد. ثالثا: يجب عمل مرابي سمك طبيعية في خيران البحيرة على الأطراف، وهي بيئة مثالية لتكاثر السمك حيث المياه ضحلة هادئة، والمغذيات متوفرة بكثرة، وبعد وصول السمك لحجم معين يتم إطلاقه في البحيرة، وهذه المرابي لا تؤثر نهائيا على جودة المياه في البحيرة، ولنا في تجربة اليابان نموذجا مهما، فبحيرة واحدة هناك، هي بحيرة "بيوا" تنتج سنويا 360 ألف طن من الأسماك، أي ما يفوق إنتاج كل البحيرات المصرية مجتمعة، في حين أن مساحتها لا تتجاوز 700 كم مربع.
كان من المهم أن نعرض حصيلة ما توصلنا إليه، على اللواء الحسين فرحات- المدير التنفيذي لجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية،وهو الذي تم إنشاؤه بالقانون 146 لسنة 2021 بهدف حصر كل ما يتعلق بالبحيرات والثروة السمكية في حوزة جهة واحدة، بدلا من تنازع الاختصاصات بين أكثر من جهة، وقد كانت تلك بالمناسبة واحدة من التوصيات المتكررة التي طالبت بها الدراسات التي أشرنا إليها سابقا.
نسأل المدير التنفيذي في البداية : كيف من المتوقع أن يؤثر ضم بحيرة ناصر إلى الجهاز في تحسين إنتاجها السمكي، خاصة مع تراجعه الملحوظ، فأوضح أن ضم هيئة السد العالي للجهاز بموجب القانون 146 لسنة 2021 سيكون من العوامل المهمة، لما لها من إمكانيات مثل مركز البحوث السمكية، ويقوم بإعداد دراسات عن البحيرة خلال رحلات بحثية على مدار العام، لمتابعة تطور أو تأثر البحيرة من الناحية المناخية ،أو تحديد موعد وقف الصيد والفترة المقترحة بما لا يؤثر علي المخزون السمكي، كما يوجد أسطول بحري يستخدم فى مراقبة ومتابعة إجراءات الصيد، وتنفيذ أحكام قوانين الصيد خلال موسم الصيد أو فترات المنع ، وذلك لاتساع مساحة البحيرة التى تصل إلى 1٫25مليون فدان شاطئي ، مشيرا إلى أن البحيرة بدأت في تحقيق زيادة سنوية فى انتاجها حيث وصلت عام 2021 إلى 28 ألف طن. وعن العوامل التي أدت إلى انخفاض الإنتاج في السنوات الماضية، أشار إلى أن الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة 2011، وعدم تطبيق فترة وقف الصيد، وعدم الالتزام بالشباك المطابقة للمواصفات، تعد من أبرز العوامل، ومن المستهدف الوصول بإنتاج البحيرة من 40 – 50 ألف طن خلال السنوات الثلاث القادمة.
نسأله عن دور البحث العلمي في تنمية البحيرة، فذكر أن الجهاز يقوم بالتنسيق الدائم مع جميع الجهات العلمية بالدولة ومنها كلية تكنولوجيا المصايد من خلال الدروس العملية للطلبة داخل المفرخات، وتطبيق الأبحاث لطلاب الدراسات العليا من خلال مركز البحوث السمكية، إضافة إلى التعاون الدائم مع المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد لدراسة سبل التطوير والمخزونات السمكية، حيث تم خلال الفترة السابقة إعداد خطة إدارة لبحيرة ناصر بالاشتراك مع المركز الدولي للأسماك، والمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد وكلية تكنولوجيا المصايد بجامعة أسوان.
وبسؤاله عن الاجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا للنهوض بالحيرة، ذكر اللواء فرحات أنه تم إلقاء ما يقرب من 30 مليون وحدة ( زريعة) بلطي نيلي(يمثل 75% من انتاج البحيرة)، خلال عام 2022 من المفرخات التابعة للجهاز في جرف حسين وصحاري وأبو سمبل، كما يجري حاليًا تطوير مفرخات صحاري وجرف حسين وتوشكي لزيادة انتاج الزريعة ليتم إلقاء 100 مليون وحدة خلال ثلاث سنوات.
أما بخصوص الاجراءات التي سيتم تنفيذها خلال فترة وقف الصيد( من منتصف مارس حتى منتصف مايو)، لضمان توقف الصيد الجائر، فأوضح أن الجهاز يقوم بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية والمتمثلة فى محافظة أسوان وشرطة المسطحات وحرس الحدود وجمعيات الصيد العاملة بالبحيرة لتطبيق فترة وقف الصيد على النحو الأمثل، وعن مطالب الصيادين الخاصة بتوفير الخدمات المختلفة في أماكن إقامتهم، فيتم التنسيق فيها مع محافظة أسوان، بينما سيتم التواصل مع وزارة التضامن لصرف إعانة للصيادين.
الجهاز كما يقول لنا مديره التنفيذي غير مسئول عن تسويق أسماك البحيرة، وإنما يتم ذلك وفق قرار رئيس الوزراء لعام 2001 بحرية تداول أسماك بحيرة السد العالي، دون أي تسعيرة جبرية، وبذلك يكون الصياد له حرية التداول بعد سداد الرسوم المقررة.
اللواء الحسين فرحات تفقد البحيرة والموانئ للوقوف على جميع الأعمال المطلوبة للتطوير، وقال أنه سيتم خلال الفترة القادمة البدء فى تطوير الموانئ، وإنشاء موانيء جديدة، خاصة في كلابشة وعمدا والعلاقي. وأخيرا حول موعد صدور اللائحة التنفيذية لقانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، فأعلن أنه تم الانتهاء من مشروع اللائحة ومراجعته بقسم التشريع بمجلس الدولة، وسيتم إصدارها خلال فترة وجيزة .
ساحة النقاش