بدائل مسحوق السمك
محمد شهاب
يذهب نحو 12٪ من حصيلة صيد السمك البري الكامل على مستوى العالم لإطعام الأسماك والكائنات المائية مثل جمبري المزارع، وفقاً لما ذكرته Marine Ingredients Organization، وهي مجموعة تجارية دولية متخصصة في صناعة الأعلاف السمكية.
ويأتي ارتفاع النسبة المئوية نظرا لأن أسماك السلمون والجمبري يتغذيان على مسحوق سمك مصنع من أسماك أصغر حجماً مثل السردين والأنشوجة، التي يجري صيدها صيدا جائرا في بعض أجزاء العالم، مما يلحق الضرر بالنظم الإيكولوجية البحرية ويقلل من أحد المصادر المهمة لغذاء السكان المحليين.
ومع توسع الاستزراع المائي خلال العقود القليلة الماضية، حاول العلماء استبدال مسحوق السمك بالأعلاف النباتية، بما في ذلك فول الصويا. ولكن لم تحقق هذه الجهود سوى نجاح محدود بالنسبة للأسماك آكلة اللحوم مثل السلمون، والتي تعتمد على مسحوق السمك كثيف البروتين للوصول سريعا إلى وزن يناسب الطرح في الأسواق.
ويعتمد سمك السلمون والأنواع الأخرى أيضًا على زيت السمك، الذي يعد عنصر تغذية أساسيا مشتقا من الأسماك التي يتم صيدها في البرية، لامتصاص أحماض أوميغا 3 الدهنية التي يريدها المستهلكون. وبالتالي فإن النتيجة هي بلوغ عنق الزجاجة في مجال توفير أعلاف الأسماك، التي يمكن أن تؤدي إلى بطء في التوسع في تربية الأحياء المائية في العالم.
ولحل المشكلة، تعكف فرق من العلماء ورجال الأعمال على إجراء تجارب لتطوير طعام للأسماك من البكتيريا والحشرات بدلا من الأسماك، إلى جانب بدائل لزيت السمك المشتق من الطحالب والكانولا المعدلة وراثياً. قال آلان شو، الرئيس التنفيذي لشركة ناشئة في كاليفورنيا وهي من أوائل الشركات التي تستخدم البكتيريا لتحويل الغاز الطبيعي إلى بروتين، يمكن أن يستخدم كعلف بديل للأسماك: “إذا تم صيد المزيد من الأسماك خارج المحيط – وهو ما يصنف كصيد بري – فمن الممكن حرفيا أن ينهار النظام البيئي”.ويعتبر علف FeedKind، المستخرج من مصادر بديلة أحدث حل علمي لمشاكل سوق الأعلاف الخاص بالمزارع السمكية. كما طورت إحدى الشركات الأميركية العملاقة في قطاع الزارعة، محصولًا محسَّنًا من الكائنات المحورة وراثياً يحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية، ليستخدم كبديل لزيوت السمك اللازمة لإطعام السلمون بحلول العام المقبل.
توجد استراتيجية تتمثل في تقليل كميات الغذاء التي يحتاج إلى سمك السلمون المُستزرع. فعلى سبيل المثال، يتميز سمك السالمون من نوع “أكوادفانتيج”، وهو سمك معدّل وراثياً يصل إلى وزن البيع في السوق بسرعة، إلى تغذية أقل بنسبة 25٪ من سمك السلمون المُستزرع النموذجي، وفقًا لما ذكرته شركة أكواباونتي، مما يقلل من الاعتماد على مسحوق السمك. وتعود أصول سمك “أكوادفانتيج” إلى تجارب جامعية أجريت في عام 1989، عندما قام باحثون بحقن مادة وراثية مكونة من جين هرمون نمو السلمون من طراز شينوك وجزء من الحمض النووي من بقعة المحيط، وهي سمكة على شكل ثعبان البحر، في بيض سمك السلمون الأطلسي المخصب.
و قد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA على الواردات الأولى من سمك السلمون “أكوادفانتيج” إلى الولايات المتحدة في مارس. ويتم الآن زرع مجموعة من هذا النوع من سمك السلمون في ولاية إنديانا، مع توقع الحصاد الأول للعام المقبل. وإذا نجحت مثل هذه الجهود على نطاق واسع، يمكن أن يخفف الضغط على صيد أسماك السردين في المحيط.، علما أنه انخفض في ولاية كيرالا، وهي منطقة ساحلية في جنوب غرب الهند، بنحو 80% في الفترة من 2012 إلى 2015 ولا يزال مستنفدا.ويعزى ذلك جزئياً إلى الصيد الجائر المرتبط بالارتفاع السريع لصناعة مسحوق السمك المحلي، وفقًا لكولييل سونيل محمد، كبير العلماء في المعهد المركزي لبحوث مصايد الأسماك البحرية، وهو معهد أبحاث مستقل تابع لوزارة الزراعة الهندية، مشيرا إلى أن نقص الإنتاج أدى إلى مضاعفة سعر سمك السردين 4 مرات على الرغم من أنها تعرف باسم “سمكة الفقراء” لأن أسعارها كانت في متناول الجميع قبل حدوث الأزمة.
وازدادت صادرات الهند من مسحوق السمك نحو 10 مرات على مدار عام واحد، مما أدى إلى الانهيار، وفقًا للإحصاءات المنشورة على الموقع الإلكتروني لرابطة مصدري السمك والسمك الهندي.وينفي ماهيش راج مالبي، الرئيس التنفيذي لجمعية تصدير مسحوق السمك، أن صناعة مسحوق السمك لعبت دوراً هاماً في انخفاض أعداد سمك السردين، قائلا إن السبب الرئيسي في ذلك هو عوامل “النينيو” المناخية. وتوقع أن يتعافى سمك السردين، الذي سبق أن شهد دورات ازدهار وتراجع في الماضي.
ساحة النقاش