جينات ’تعمل‘ لمساعدة الأسماك على التكيُّف مع التغيُّرات المناخية
أعاد/محمد شهاب
تمكّن باحثون في المملكة العربية السعودية وأستراليا من تحديد العمليات الجزيئية التي تتيح لأسماك الشعاب المرجانية التكيُّف السريع مع زيادة درجة حرارة المياه نتيجة لتغيُّر المناخ.هذا البحث يحسّن فهم الجينات المشاركة في "التأقلم العابر للأجيال". إن معرفة كيفية تنظيم التعبير الجيني يجب أن تُعلِمنا عن تجاوبها تجاه التغيُّر البيئي السريع، وفق قول الباحثين.
"سوف تكون مساعدة لنا على تحديد أنواع الشعاب المرجانية الأكثر عرضة للخطر بسبب تغيُّر المناخ وتلك الأكثر تحمُّلا"، كما يقول تيموثي رافاسي، المتخصص في علم الأحياء الحاسوبي، من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST). "وسيساعد هذا على تصميم استراتيجيات أفضل للحفاظ على الشعاب المرجانية".
وجدت دراسات سابقة أن الاختلافات في درجات حرارة المياه -ببضع درجات أعلى من معدلها الصيفي– قد خفضت قدرة الأسماك على اقتناص الأكسجين عندما تكون في حالة نشاط. هذه القدرة لا تتأثر عند الأسماك التي تم تفريخ والديها أيضًا في مياه لها نفس درجات الحرارة المرتفعة؛ فيما يُعرف بالتأقلم العابر للأجيال.عمد فريق البحث إلى تحليل ومقارنة تسلسل الحمض النووي الريبي في مجموعتين من أسماك الشعاب المرجانية: الأسماك التي فقست في مياه تزيد حرارتها بمعدل 1.5 أو 3 درجات مئوية على المعتاد (المجموعة "التطورية") والأسماك التي تعرض والداها أيضًا لدرجات حرارة أكثر ارتفاعًا منذ أن فقسوا (المجموعة العابرة للأجيال). سمحت مقارنة المجموعتين للباحثين بتحديد التغيُّرات في التعبير الجيني عبر الأجيال.وقد تمكنوا من تحديد 53 جينًا رئيسيًّا مشاركًا في تحسين قدرة الأسماك على اقتناص الأكسجين والتكيّف مع درجات الحرارة الأعلى.
كانت المهمة الرئيسية لإحدى المجموعات الكبرى من الجينات على صلة بالأيض، مما يشير إلى أن الجينات كانت "مشغَّلة" في أسماك المجموعة العابرة للأجيال لكي تمكّنها من استخدام أفضل للطاقة ضمن درجات حرارة المياه الأكثر دفئًا. الجينات الأخرى التي كانت "مشغَّلة" في أسماك المجموعة العابرة للأجيال كانت على صلة بالاستجابات المناعية والالتهاب، والإجهاد، والحفاظ على العمليات الفيزيولوجية الطبيعية، وتطور الأعضاء، والحفاظ على سلامة الحمض النووي.
وثمة مجموعة ثالثة من الجينات بدت "مطفأة"، فيما بدا لمصلحة جينات أخرى أكثر فائدة للتأقلم العابر للأجيال.
يقول رافاسي: إن دراسات إضافية ستكشف عما إذا كانت الأسماك الأخرى المستوطنة للشعاب المرجانية تستخدم آليات مماثلة لتتكيف بسرعة مع تأثيرات تغيُّر المناخ. كما يحتاج العلماء لمعرفة كيف ينتقل التكيُّف على المستوى الجزيئي عبر الجينوم من جيل إلى آخر عن طريق الوراثة اللاجينية. "يعمل نفس الفريق الآن على تحليل بيانات جديدة من المرجح أن تحمل إجابة على هذا السؤال"، كما يبشر رافاسي.
تم إجراء التحليلات التسلسلية والحاسوبية لهذه الدراسة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، في حين تم القيام بتربية الأسماك، والقياسات الأيضية، وأخذ العينات في مركز مجلس أبحاث التميُّز الأسترالي لدراسات الشعاب المرجانية في جامعة جيمس كوك في ولاية كوينزلاند.
ساحة النقاش