موقع بسمة امل العائلى

موقع بسمة امل العائلى للاسرة والتنمية البشرية والتربية الخاصة

زواج ذوي الاحتياجات الخاصة.....متى ينجح ومتى يحكم عليه بالفشل؟

صحيفة الثورة / صفحة المجتمع

تحقيق : يحيى موسى الشهابي

 يشكل الزواج إضافة لتنظيمه علاقة الجنس بين الرجل والمرأة وما ينتج عن هذه العلاقة من حقوق والتزامات على الزوجين معاً وعلى الأبناء, خلية اقتصادية قوامها الإمكانات المادية للزوجين ومجال للرضا العاطفي والاستقرار النفسي وبداية لعلاقة اجتماعية واقتصادية متحركة.

ويتشكل المضمون الاجتماعي الناجم عن هذا الارتباط برباط الزوجية ويتحدد وظيفياً بأطر المجتمع وظروفه التاريخية المحددة في مراحل تطور معينة.‏

من هذا نرى أن الزواج والأسس المبنية عليه يخضعان لمعايير الجماعة وقيمها السائدة التي تتحدد بأطر المجتمع وتنظيماته المختلفة.‏

 

في تحقيقنا الآتي نضع بين أيديكم مشكلة مهمة جداً ألا وهي زواج المعوقين, وإجابة لتساؤلات كثيرة منها:‏

-  هل زواج ذوي الاحتياجات الخاصة أمر طبيعي..?‏

-  من الفئة الأكثر قدرة على الزواج بينهم..?‏

-  ما رأي القانون والدين والاختصاصيين..?‏

-  هل زواجهم من بعضهم صواب أم يجب أن يكون أحد الطرفين سليماً?‏

-  ما آراء المعوقين وذويهم..?‏

-  هل تحول الإعاقة دون تحقيق السعادة الزوجية..?‏

كلها أسئلة نأمل أن نجيب عليها.‏

المعوقون: المجتمع مازال ظالماً‏

رضية سليمان:الخلافات الزوجية من سنن..الحياة ونواميسها‏

 

أيوب دياب: لا يمكن أن تحول الإعاقة دون تحقيق السعادة الزوجية‏

مع أصحاب المشكلة‏

الأستاذ مروان عريفة (أبو علاء) متزوج من سليمة كفيف يقول: لا بد من وجود الأرض الخصبة لهكذا زواج وأهم العوامل هو وجود القناعة عند الشريك, فكل من تزوج عن قناعة لم يجد مشكلة وحياته مستقرة وهادئة وزواج المعوق ضرورة ملحة لأنه يحتاج إلى من يساعده لأنها وسيلة استمرار حياته, فالإنسان العادي يحتاج إلى من يكمله فكيف بالمعوق, ولضرورة عدم تكرار الإعاقة ونقلها يجب ألا يتم الزواج من الأقرباء.‏

 

وللأسف حتى الآن ما زال المجتمع يظلم المعوقين وخاصة الفتاة, ففرصها بالزواج أقل بكثير من الشاب المعوق وبعضهم يتم لها الزواج ليتضح لها أنه زواج مصلحة ينتهي بعد انتهاء تلك المصلحة, فالعلاقات الإنسانية تعود لأخلاق الإنسان ولا ضابط سوى الأخلاق, وأتمنى من المجتمع تجاوز هذه المرحلة والاقتناع بالمعوق وقدراته.‏

 

وتعلق السيدة أم علاء بالقول: تعرفت على أبي علاء بشخصيته القوية, فهو متحدث لبق متزن ينعكس ذلك على آرائه وهدوئه, يقضي معظم حاجاته بنفسه, واضح بكل أموره, قادر على التكيف مع المجتمع, التفاهم عامل أساسي في استقرار حياتنا الزوجية, بدأنا من الصغر في حياتنا الزوجية وانطلقنا ولابد من الإشارة إلى أن المعوق بحاجة لثقة المجتمع والإحساس بحنانه وإنسانيته لا الشفقة عليه, وأرى أن زواج المعوق من سليم ضرورة لأنه سيكون كظله, وبالتالي فهو يكمله.‏

الشاب علاء والآنسة ندى ولدا أبو علاء ويدرسان البكالوريا قالا: لم نشعر بأن الإعاقة سبباً في عدم تلبية حاجاتنا, فالتفاهم موجود ضمن العائلة ونذهب إلى الحدائق العامة وبزيارات إلى الأهل والأصدقاء, حتى إن الجيران قد تعودوا على معاملتنا كغيرنا دون تمييز, كما أن الكثير من الجيران والأصدقاء يتمنون حياة هادئة ومستقرة ,متفاهمة كعائلتنا.‏

السيد مفيد الشافي - إعاقة في الأطراف الأربعة (46 سنة)- إجازة في الحقوق ويعمل في كشك يقول: لم أتزوج حتى الآن لعدة أسباب أهمها الظروف المادية, فأنا أحتاج ل¯ 5000 ل.س شهرياً لزوم الإعاقة إضافة إلى عدم وجود منزل, كما أنني لم أعثر على فتاة تشاركني في التوافق الفكري, لدي أربع تجارب فاشلة ناتجة عن مواقف الأهالي من كلا الطرفين من هكذا زواج, ما ساهم في تشكيل قناعتي بعدم الزواج إلا من معوقة إعاقة بسيطة من نوع آخر تتناسب مع إعاقتي, لإيماني بأن المعوقة أقدر على فهم شخصية المعوق, وعلى أن الزواج يجب أن يبنى على أسس علمية, وأهمية زواج المعوق في تحقيق ما يلي: تلبية رغبة جنسية مشروعة وعف النفس عن المغريات, والاستقرار بكل جوانبه إضافة لأشياء روحية يحققها الزواج والمشاركة الوجدانية, وبناء الأسرة.‏

السيد وليد خليل- مدير مركز تأهيل المعوقين خريج معهد متوسط العمر 38- ويعاني من إعاقة جسدية يقول: الزواج حاجة اجتماعية ونفسية وجسدية وسبب عدم زواجي هو عدم وجود الفتاة المناسبة الممكن تخيل بقاء حياتي معها رغم إلحاح الأهل وشعورهم بأنه لابد من وجود من يساعده كمعوق مستقبلاً, وبالنسبة للشريك كمبدأ ليس مهماً أن تكون معوقة أو سليمة المهم وجود مشاعر الحب والقدرة على متابعة المشوار سوياً, لكن باعتباري أعاني من إعاقة ربما ستكون مستقبلاً أكثر أفضلها غير معوقة لأنه أحياناً يكون زواج المعوقين من بعضهم البعض عبئاً على كليهما, فمثلاً من غير المعقول زواج معوقين كل منهم على كرسي في هكذا زواج هم غير مسؤولين عن أنفسهم ولابد من وجود الأهل معهم أو خيار آخر وحيد وهو وضع الزوج أو الزوجة المادي ممتاز فيأتون بخادمة, ففي المركز تمت أكثر من تجربة ناجحة لزواج معوق مع سليم وبعضهم لديهم الآن أولاد بالرغم من محاربة الأهل لهكذا زواج.‏

ويضيف السيد وليد القول: المعوقون هم شريحة من المجتمع تتأثر بالوضع الاقتصادي والاجتماعي إلا أن هذه الشريحة أكثر تأثراً وشدة من غيرها, فالأسوياء بالكاد يجدون عملاً رغم الشهادات التي يحملونها, فكيف بالمعوق الذي بالكاد يستطيع الانتقال من مكان لآخر, إن صعوبة الحصول على عمل بالنسبة للمعوق هي صعوبة مضاعفة عدة مرات وبالتالي يصبح زواج المعوق في هذه الظروف الاقتصادية صعباً ومستحيلاً إلا من رحم ربي وهنا يكمن دور الجمعيات التي بدأنا نرى نشاطها منذ سنوات قليلة في مساعدة المعوقين وغيرهم على الزواج وكان لنا تجربة في هذا الموضوع حيث أرسلنا بعض المعوقين غير القادرين على نفقات الزواج إلى هذه الجمعيات التي قامت بتزويجهم.‏

ويتابع بقوله: لقد بدأ المجتمع يدرك أن المعوق هو شخص سوي وهذا نتيجة حملات التوعية والمحاضرات التي تقوم بها مؤسسات المعوقين لتسليط الضوء على المعوقين ومشكلاتهم فأصبح هناك شعور بالمجتمع بأن المعوق فرد من أفراده وبالإمكان أن يكون مفيداً وبناء ويكون لبنة في هذا المجتمع بعد أن كنا نشعر نحن المعوقين والعاملين في مؤسساتهم بأن المعوق هو كائن من عالم آخر.‏

 

وبالنسبة لزواج المعوق واختلاف الرؤى يقول السيد وليد إن المعوق شأنه كغيره كائناً اجتماعياً, فالفرد مغرق بالفردية والإعاقة تؤثر وتزيد هذه الفردية وتؤثر على نفسيته وبالتالي فزواج المعوق من معوقة أو بالعكس يجب أن يكون مدروساً وبمنتهى التوافق الجسدي والفكري, فكثير من الحالات استمرت وبعضها لم تتم ومثالها أن شخصين معوقين شاب على كرسي وفتاة أخف منه قد فشل زواجهما بعد عدة أشهر لأنهما اكتشفا أن هناك أموراً يحتاجها الشاب وعليها أن تقوم بها لم تكن تعرفها قبل الزواج ولم يتم مصارحتها بها ولذلك لابد من المصارحة الكاملة قبل الزواج لكي لا يفاجأ أحدهما بالآخر وتصبح مشكلة لا حل لها إلا الطلاق.‏

أما السيد أحمد رامز الجندي مهندس مدني يمارس عملاً حراً رغم إعاقته الناجمة عن شلل أطفال, متزوج من سليمة ولديه 3 أطفال سليمين يقول: لابد بداية من تأهيل المعوق من قبل الأهل والمجتمع بحيث يصبح أقرب إلى السوي منه إلى المعوق ويشمل هذا التأهيل:‏

- التأهيل الصحي بعد حدوث الإعاقة وتتضمن: العلاج والأجهزة التعويضية والجلسات..‏

- التأهيل التعليمي: بوضع المعوق بالمدرسة مهما كانت إعاقته فهو يتعب بداية لكنه يرتاح لاحقاً وبذلك تستغل طاقاته وإمكاناته وتتطور والإصرار على تعليمه إلى أبعد مدى ممكن.‏

- التأهيل للعمل فأساس حياة الإنسان العمل وهنا يبرز دور المجتمع والدولة بتأمين عمل للمعوقين وعدم جعل الإعاقة بحد ذاتها مانعة من العمل, فأنا عملت 17 سنة مع الدولة والآن أمارس عملي مستقلاً بأعمال حرة..‏

وما يغطي كل هذه الأمور هو التأهيل النفسي بحيث يعيش المعوق حياة طبيعية تؤهله تحمل مسؤولية الزواج, فمن يعتمد على نفسه وهو صغير يستطيع تحمل مسؤولية أسرة, وهو ما ينطبق على المعوق والسوي, وأحد الأسباب الأساسية في حالات فشل الزواج هو عدم تحمل المسؤولية وهذا يرجع إلى التنشئة في الصغر, فاختيار الشريك له دور بدءاً من قبول الطرف الآخر بالارتباط, فلابد من استمرار الحوار بين الزوجين والشيء المهم هو تنظيم الحياة الزوجية بما يتفق مع إمكانيات المعوق.‏

تامر رسوق- موظف إعاقته ناتجة عن شلل أطفال وهو متزوج لمرتين وأب لخمسة أطفال سليمين قال: إن الإعاقة لم تكن سبباً في طلاقه للزوجة الأولى فالتجربة استمرت 10 سنوات وكانت نتيجة الإصرار على تحدي الإعاقة, أما بالنسبة لزواجه الثاني فهو مستمر منذ سبع سنين نتيجة لثقافة الزوجة ومدى تقبلها لزوجها ولظروفه وأي شيء يزعجها تناقشه وتطالب بحقها بشكل قوي وتتحاشى أي مشكلة مع الإعاقة بشكل كامل ولو تنازلت عن حقها, ويرى أنه لا توجد مشكلة بزواج المعوق من سليم طالما تقبل الآخر الواقع وشدد على أهمية العامل الاقتصادي ودوره في حياة المعوق حيث المصاريف تزداد لعشرة أضعاف على ما هي عليه عند السليم.‏

الشاب علي سليم-34سنة متزوج ويعمل مدرس كمبيوتر وقد تعرض بعد مضي ستة أشهر فقط على تخرجه من كلية التجارة جامعة دمشق لحادث سيارة سبب له شللاً رباعياً ألزمه الجلوس في كرسي متحرك مدى الحياة يقول: يأتي الزواج تلبية لحاجة عاطفية حيث تعتبر مرحلة ما بعد الزواج مرحلة لتجديد النفس والحياة, لكنه يصطدم بحواجز كثيرة مثل المجتمع, الأهل, العوائق المادية.. وعلى المعوق الراغب بالزواج أن يتعرف على الإنسانة المناسبة التي يجب التفاهم معها ومساندته بكل شيء وخاصة عندما يتقدم لخطبتها ويضيف قائلاً إذا كان الشخص السليم يحتاج إلى الزواج مرة فالمعوق يحتاجه عشر مرات لأن الزوجة تكمله وتعينه والمهم في ذلك هو التكافؤ الاجتماعي والتوافق الفكري بين الطرفين, فحاجته النفسية للزواج أكثر من غيره, فهو يحتاج الحب والحنان أكثر من غيره وأنصح بالزواج وبأي وسيلة شرط أن يحقق ذلك أسرة سعيدة وحياة شفافة ويفضل في تلك الأسرة أن يكون أحد الزوجين سليماً لمساعدة الآخر بحيث يكمل أحدهما الآخر.‏

السيد أبو خلدون الباشا أصم بسبب مورثات عائلية متطوع بمركز تأهيل للمعوقين يقول: تزوجت زواجاً تقليدياً عن طريق الأهل حيث قدم لي والدي كل متطلبات الزواج والذي اعتبره الأجمل في حياتي ولم أشعر بإعاقتي وذلك بسبب وجود زوجتي لجانبي والتي عملت على ترجمة كل ما أريده بلغة الإشارة ولدى تقدم أحد الشباب الصم لخطبة ابنتي السليمة رفضت بشدة لأن العائلة لديها موروث عائلي يسبب الصمم وفضلت شاباً سليماً خوفاً من انتقال الإعاقة للأبناء وأرى أنه يجب زواج الصم من سليمين بعد إتقانهم لغة الإشارة أو النطق لأن التفاهم يكون أفضل وخاصة في المرحلة الأولى من الحياة الزوجية.‏

وتضم زوجته صوتها لزوجها بضرورة زواج المعوق من سليم لإكمال الآخر وتخص المرأة السليمة لتغطي عيوب المنزل وتقول إنها -بسبب طبيعة عملها كمدربة لغة الإشارة اكتشفت الكثير من الحالات الفاشلة في زواج المعوقين لكثير من الأمور أهمها:‏

-  عدم توعية الأهل لأولادهم قبل اتخاذ القرار وجهل الأهالي أحياناً أخرى.‏

 - تزويج الأهل لأولادهم الصم بدافع الطمع المادي.‏

 - عدم التوعية المجتمعية كما هو الحال في بلدان أخرى.‏

 - ضعف التحصيل العلمي والمعرفي لدى الصم حيث تتدنى نسبة المتعلمين بين الصم بشكل كبير جداً.‏

السيدة أم عبد الله سليمة تزوجت من أصم سعودي عمره 48 سنة وعمرها آنذاك 19 سنة تقول: تزوجت رغم معارضة ومحاربة الأهل لي وقدمت له كل ما أستطيع, حتى أنني خضعت لدورة تدريبية للغة الإشارة وسارت حياتنا بأجمل ما نريد لكن تدخل أهله في كل شؤوننا بدأ يؤثر على حياتنا رغم وجود الأولاد وعدت الآن إلى سورية بعد فشل العلاقة بسبب سوء تصرفه وعدم أخذه للرأي بهدوء وانقياده للآخرين, وما وجدته أن الأصم حنون جداً ولكنه شكاك وحقود..‏

أما ( الآنسة أ.ل) فقد حدثت معها الإصابة بعد تخرجها من الجامعة أي في سن 25 عاماً حيث ارتبطت بخطوبة مع شاب ما لبث أن فسخ تلك الخطوبة عندما سمع أنها قد أصيبت بضغط أعصاب.. توسع أوردة بذريعة أنها لم تخبره سابقاً واعتراض الأهل أن المعوقة لا تناسب ولدهم.‏

وتضيف إن زواج المعوق طبيعي وضروري ولكنه مستهجن في مجتمعنا وخاصة للبنت حيث يرى الأسوياء أن زواج سليم مع معوق شيء لا يصح.وترى أن هكذا أمر يجب أن يتم بعد تفاهم الطرفين وتوافقهم الفكري وغيره ولابد من شرح أدق التفاصيل لأن بعض الإعاقات لا تشكل عائقاً بالنسبة للفتاة كما هي عند الشاب, وقد تنظر الفتاة المعوقة إلى الزواج بحد ذاته أنه لا يشكل مشكلة لكن تبعاته هي ما تجعلها تفكر ملياً, فمن ناحية الأولاد ستتم تربيتهم من قبل الغير, كما أن فترة الحمل الأخيرة ستشكل لها متاعب إضافة إلى أنها قد تشعر أنها مقصرة في كثير من الأحيان في تلبية متطلبات بيت الزوجية وتجاه الزوج.‏

وترى أن بعض الشباب ينظرون إلى الفتاة المعوقة على أنها إنسانة غير كاملة تدفع بعضهم للقول إنها متساهلة كثيراً ولا طلبات لها ولا أعباء مادية كغيرها من السويات.‏

أما المهندسة سامية فتتحدث عن تجربتها الفاشلة بالزواج بقولها: تعرفت على زوجي السابق في مركز للإعاقة وهو الذي يشاطرني الإعاقة الجسدية حيث كان سبب إعاقته شللاً سفلياً ولادياً (شوك مشقوق) أعجبت بشخصيته القوية وثقته بنفسه واتفقنا على الزواج بسرعة رغم معارضة الأهل رغبة منا في تحدي الإعاقة والتي اتضح لي لاحقاً أنها لم تتم على أسس سليمة وواضحة, المهم الإثبات للجميع أن الإعاقة لا تشكل عائقاً وليس مهماً بعد الزواج والذي استمر أربعة أشهر فقط اكتشفت أن إعاقته الواضحة جداً (بالنخاع الشوكي) قد أثرت على نفسيته بشكل كبير وعلى تصرفاته مع ضيق الحال المالي, وبدأت اكتشف أشياء لم أفكر بها مسبقاً مثل عدم التوافق الفكري وزاد الأمر سوءاً أنه رفض أن أعمل وعلي البقاء بالمنزل وفقط وبدأ الشجار على أقل الأمور وحدث الطلاق الذي كان بالنسبة لي شيئاً فظيعاً وشعرت أن الدنيا ضاقت بي وكان الحل بالعودة إلى العمل وتحقيق إنجازات وبشكل سريع لم أتوقعه كل ذلك زادني إصراراً على الثبات, ورغم ذلك فهي ذكرى حلوة رغم قسوتها.‏

ما أريد قوله من خلال تجربتي يجب أن يكون أحد الطرفين سليماً ليعوض ما ينقص الآخر, كما أن للناحية المادية دوراً كبيراً في العديد من المشكلات التي يعاني منها المعوقون.‏

كما يجب وضع مخافة الله أمام أعين الإنسان, فالزواج مؤسسة غاية في الأهمية ولاستقرارها لابد أن تبنى على التعاون, الزواج آت لا محالة فلا يكون الهاجس الأهم بل هناك أشياء كثيرة تدعم وتبارك هذا الزواج وعلى رأسها التوافق والوضع المادي الجيد.‏

السيد معاذ حيدر معد برامج بالتلفزيون كفيف يقول: لا مشكلة جسدية في الزواج, المشكلة هي في إيجاد شريكة الحياة فصعب في مجتمعنا أن تقبل فتاة سليمة بالزواج من كفيف إلا ما ندر وفي ظروف خاصة.‏

فالقناعة ليست لحظة شفقة بل قناعة حقيقية ووجدانية تستمر مع الزمن وقدرة على الدفاع عن هذه القناعة باستمرارية الحياة الزوجية, ما يؤدي لفشل هكذا زواج أن يكون زواجاً تقليدياً أي اختيار الأهل للشريك لأنه اختيار مناسب لهم فقط.‏

السيد سمير عويس (بتر ساق) يقول: تقدمت للزواج وشرحت وضعي فقال لي والدها يا ولدي الأساس هو هل أنت قادر على تلبية متطلبات منزلك أم لا والباقي أمور ثانوية وتم الزواج والحمد لله حياتي سعيدة جداً ولدي طفلان ولكن المشكلة تكمن في العمل, ففي بلاد عديدة يتم مساعدة المعوق وكل الدراسات تدور حول مساعدته ليعمل.‏

الآنسة سهام إعاقتها ناتجة عن روماتيزم منذ الطفولة تقول: الشرط الأساسي لزواج المعوق هو الإمكانات المادية وشدة الإعاقة ونوعها فإذا كانت الإمكانيات المادية جيدة فكل شيء آخر بسيط فكل أنثى لديها أحاسيس ومشاعر ولابد من تلبيتها.‏

غيض من فيض..‏

تلك النماذج التي ذكرناها غيض من فيض لم يتسع لنا لذكر حالات أكثر رغم وجودها وإن لم نقل هي بالآلاف فهي بالمئات وبعضها كان مثالاً للحياة الأسرية الناجحة, فمثلاً هناك فتاة معوقة على كرسي تزوجت من شاب سليم ونشأت بينهما قصة حب شفافة ولطيفة تكللت بالزواج رغم محاربة الأهل, وقد تكلل هذا الزواج بثلاثة أطفال وأسرة مثالية قد لا تشابهها أسرة جميع أفرادها أسوياء.. وبحق هي مثال يحتذى..‏

وقبل الخوض في الآراء المختصة لابد من ذكر أكثر من حالة تبين فيها أن سبب فشل الحياة الزوجية رغم العلاقة الحميمة بين الزوجين كانت بسبب رغبة الزوجة بتكوين أسرة تضم الأبناء وعند عدم تلبية هذا الأمر كان الفراق والذي كان من الممكن تحاشيه بسبب التقدم العلمي الذي وجد علاجاً.‏

ولذلك التقينا الدكتور نزار كساب اختصاصي الجراحة البولية حيث قال: كثير من الحوادث التي تؤدي إلى الإصابة في الحبل الشوكي مثل حوادث السيارات أو السقوط من مرتفع أو غيرها وتكون تلك الإصابة إما جزئية أو انقطاعاً شبه تام تؤثر على الانتصاب أو على المثانة حيث يعتمد الانتصاب للمرضى المصابين بأذية في الحبل الشوكي على نوع الإصابة وشدتها.‏

حيث لوحظ أن الانتصاب بآلية التنبيه (Reflexogeuic و erection) أجهزة ارتجاج /صور أفلام يبقى في 95% من المرضى المصابين بأذية تامة للحبل الشوكي العلوي, وفي 25% من المرضى المصابين بأذية تامة للحبل الشوكي السفلي (انتصاب تام كأنه لا إصابة).‏

ولا بد من التنويه بأن ضعف الانتصاب لم يعد مشكلة مع التقدم العلمي في معالجته والتي تبدأ بالمعالجة الدوائية وتنتهي بالعمل الجراحي بزرع بدائل صنعية ضمن الأجسام الكهفية للعضو الذكري.‏

أما الإصابات المركزية بالدماغ (أورام, خراجات..) فتؤثر على إنتاج الهرمونات ما قد يؤثر على عدد النطاف والعلاج يتم حسب الحالة وحسب طبيعة الإصابة, إما دوائياً وإما بطفل الانبوب سواء بنطفة ناضجة أو خلايا.‏

وبدورها الأستاذة رضية سليمان رئيسة رابطة المهاجرين للاتحاد النسائي تحدثت عن الخلافات الزوجية بشكل عام حيث قالت: يعتبر البعض ظاهرة الخلاف في الحياة الزوجية ظاهرة خطيرة تهدد الأسرة وتقود سفينة الزواج إلى الارتطام بالصخور لا محالة, فعندما يخوض الشاب مع الفتاة تجربة الزواج المثيرة ولدى كل منهما رؤاه وأحلامه وآماله العريضة, وعادة ما يغطي الخيال مساحة واسعة من معلومات كل منهما عن الطرف الآخر وعلى هذا الأساس يبدأان ببناء حياتهما المستقبلية في جهل بإمكاناتهما وقدرات كل منهما ولكن بعد انقضاء شهرين أو عامين في هدوء تبدأ مرحلة الحساب والتقييم ومراجعة الأمور, حيث تبدد الشمس ضباب الخيال والأوهام وعندها تترسب في الأعماق تراكمات السلوك, ويسعى خلالها كل طرف إلى التغاضي عنها والسكوت عليها, وفي لحظة اشتعال الشرارة ينفجر الموقف وتظهر إلى السطح جميع العقد الدفينة, ويبدأ فصل من النزاع والمواجهة, يتصاعد ليهدد البناء الأسري برمته, فمن كلمة جارحة إلى العراك والضرب, إلى التفكير الجدي بالطلاق والانفصال النهائي.‏

إلا أنه من الواضح أن الخلافات الزوجية تكاد تكون من سنن الحياة ونواميسها وستبقى قائمة طالما وجدت الأسباب التي تؤجج نيرانها وهي بلا شك كثيرة ومتعددة وأهمها:‏

-  الكذب: سواء من الزوج أو الزوجة وخاصة الكذب المزمن الذي قد تبدأ به الحياة الزوجية والمشكلة هي أن يترتب عليه كذب آخر.‏

-  الشتم والإهانات: نقصد بذلك الحالات السافرة من أحد الزوجين تجاه الطرف الآخر قد تطول العرض والشرف وتزداد المشكلة تعقيداً إذا تم الشتم والإهانة أمام الأولاد لأنه سيفكر عندما يكبر بمدلولها وبالتالي يفقد الثقة بوالديه وتصبح علاقته بالآخرين مضطربة وخصوصاً تجاه الجنس الآخر.‏

-  التذبذب في اتخاذ القرار: وتلك الحالة تقود إلى مشكلة عائلية حيث يقوم الزوج بالموافقة على شيء معين ثم يرفضه.‏

 - القسوة والعنف: عندما تبدأ الفتاة حياتها الزوجية فإنها تحلم دائماً بتكوين أسرة مثالية, أحياناً تستعين ببعض الكتب التي تعينها للوصول إلى ذلك الهدف فتكون المحصلة وفرة معلومات ولكن طريقة تفكيرها قد تكون خاطئة وربما تتعامل مع الزوج بنوع من الشدة والقسوة والحل لشجارهما هو طريق المناقشة الهادئة وإظهار الود أثناء النقاش.‏

 - الشك: كثيراً ما يتسبب الشك في انهيار الأسر, فالشك دائماً ما يؤدي إلى الطلاق لأنه لا يوجد إثبات عليه.‏

- عدم تحمل المسؤولية: من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشاراً بين الأزواج أن نرى بعض الشباب يعقد قرانه ثم ينجب أطفالاً وبعد ذلك يتوقف عن الإنفاق على أسرته تماماً ونرى كثيراً من النسوة يخرجن للمستشفيات في وقت متأخر من الليل لعلاج أطفالهن وأزواجهن بالمنزل وبعضهم يجبر زوجته العاملة على الإنفاق على البيت فإذا رفضت الزوجة ذلك ينشأ الخلاف بينهما على غير العادة والشرع الذي يفرض على الرجل وحده الإنفاق على البيت.‏

-  العناد: توجد حالات طلاق متعددة سببها الأساسي هو العناد المتبادل بين الزوجين في حين تكون أوجه العلاقة الأخرى بها الكثير من الإيجابيات.‏

وهناك خلافات تعود إلى أسباب مجتمعية مثل: - العادات والتقاليد السلبية مثل حفل الزواج الفخم - تحميل الزوج كل المسؤوليات - تدخل الأهل قبل الزواج وبعده.‏

دور الاعاقة في السعادة الزوجية‏

ويجيب الاستاذ ايوب دياب مدير اعاقة وناشط في مجال الاعاقة على هذا السؤال بقوله: من الملاحظ ممن تم لهم الزواج من المعوقين أنهم يعيشون السعادة الغامرة, والواقع يثبت ذلك فلو نظرنا حولنا لعلمنا أن الاعاقة لا يمكن أن تحول دون جعل عش الزوجية ترفرف عليه السعادة ولا أدل على ذلك من ندرة حالات الطلاق لدى المعوقين, وقد يتبادر الى الذهن أن تلك الندرة في حالات الطلاق عائد الى كون المعوق يخشى ألا يتكرر له الزواج إذا طلق, ولهذا يصبر على مر الزوجية, ولكنني اجيب بالقول إن هناك من المعوقين من طلق وتزوج بأخرى افضل من السابقة, وما الذي يصبر زوجة المعوق على البقاء في عش الزوجية إن لم تكن سعيدة أليس بإمكانها طلب الطلاق.‏

أهمية الفحص قبل الزواج‏

تكمن فائدة الفحص قبل الزواج في عدة نقاط:‏

1- إن المقدمين على الزواج يكونون على علم بالامراض الوراثية المحتملة للذرية إن وجدت فتتسع 2- الخيارات في عدم الانجاب أو عدم اتمام الزواج.‏ تقديم النصح للمقبلين على الزواج اذا ما تبين وجود ما يستدعي ذلك بعد استقصاء التاريخ المرضي والفحص السريري واختلاف زمر الدم.‏

3- إن مرض التلاسيميا هو المرض الذي ينتشر بشكل واسع وواضح في حوض البحر المتوسط وهو المرض الذي توجد وسائل للوقاية من حدوثه قبل الزواج.‏

4- المحافظة على سلامة الزوجين من الأمراض, فقد يكون احدهما مصابا بمرض يعد معديا فينقل العدوى الى الزوج السليم.‏

5- إن عقد الزواج عقد عظيم يبنى على اساس الدوام والاستمرار, فاذا تبين بعد الزواج ان احد الزوجين مصاب بمرض فإن هذا قد يكون سببا في انهاء الحياة الزوجية لعدم قبول الطرف الآخر به.‏

6- بالفحص الطبي يتأكد كل واحد من الزوجين الخاطبين من مقدرة الطرف الآخر على الانجاب وعدم وجود العقم, ويتبين مدى مقدرة الزوج على المعاشرة الزوجية.‏

7- بالفحص الطبي يتم الحد من انتشار الامراض المعدية والتقليل من ولادة اطفال مشوهين أو معوقين والذين يسببون متاعب لأسرهم ومجتمعاتهم.‏

المعوقون ذهنيا هل يتزوجون أم لا ?‏

ويضيف الاستاذ ايوب دياب بقوله: يعد زواج المعوقين ذهنيا هو الضمان الوحيد عند بعض الاسر التي لديها معوق ذهني من المصير المجهول الذي ينتظره بعد وفاة والديه, وذلك لحاجته الدائمة والمستمرة لمزيد من الرعاية والعناية ما يضطر الاباء لتقديم المزيد من التضحيات في البحث لابنهم المعوق عن زوجة تتحمل مسؤوليته بعد وفاتهما, ويولي العاملون في مجال الاعاقة الذهنية أهمية خاصة بالمعوقين ذهنيا من خلال توفير البيئة التربوية والنفسية لهم أملا في مساعدتهم على النمو والتكيف مع متطلبات الحياة اليومية, وتحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي لهم, وتأهيل القادرين منهم للعمل واندماجهم بصورة طبيعية في المجتمع.‏

اذا كان الزواج حقاً من الحقوق الانسانية التي يكفلها الدستور لكل افراد المجتمع فإنه يجب علينا أن نقف عند حق المعوق ذهنيا في الزواج والانجاب لا لشيء إلا لأننا نعمل سويا على الحد من الاعاقة ومن احتمال انتقالها الى أبناء المعوقين.‏

من هنا فإنه يجب علينا أن نعمل على تصنيف أنواع الاعاقة الذهنية ودرجاتها وأي نوع منها يسمح فيه بالزواج والانجاب معا, وأيهما لا يسمح بالانجاب وأيهما يمنع الزواج, وألا يسمح بالزواج للمعوق ذهنيا إلا بالحصول على شهادة موثقة من مركز طبي متخصص وكذلك لا بد من تحديد الضمانات التي توفرها الدولة لتكفل نجاح هذا الزواج, وتحدد دور المجتمع المدني والخدمات التي يمكن أن يؤديها لمعاونة المعوق ذهنيا على أعباء الحياة الزوجية وخاصة رعاية الأطفال.‏

وباعتبار أن زواج المعوق ذهنيا يدخل في إطار العامل الإنساني, وله نفس الحقوق أسوة بغيره, كما يعد زواجه حماية للمجتمع من انتشار الأمراض الاجتماعية لسهولة استهوائه واستغلاله في بعض الأعمال غير الشرعية.‏

بالاضافة الى توفير عامل تكافؤ الفرص للمعوقين في الحياة بصورة طبيعية والاستفادة من طاقاته في ضوء امكانيته لخدمة انفسهم والمجتمع.‏

وهناك الكثير من المحاذير قبل زواج المعوقين ذهنيا لتجنب الكثير من المشكلات حال فشل توافقهم الاجتماعي والزواجي من بينها ضرورة اقامة برنامج تدريبي للمعوقين ذهنيا لارتفاع توافقهم الزواجي وتأهيلهم لهذه الحياة بمسؤولياتها.مع ضرورة توعيه القائمين على تدريبهم حتى يتدربوا على كيفية تعديل السلوك الجنسي عند المعوق ذهنياً وأيضاً تدريبهم على التوافق الاجتماعي والزواجي.‏

كما نوصي بإقامة ندوات لآباء وأمهات المعوقين عقلياً بهدف توعيتهم بكيفية التعامل مع أولادهم في سن المراهقة ,مع إقامة برامج لتوعية المجتمع كله بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا يتسبب المجتمع بإصابتهم بالانعزالية والإحباط.‏

وأخيراً سنتابع موضوعنا بالآراء المختصة (القانوني - التربوي - الشرعي) لاحقاً‏.

 

background-color: transparent;
المصدر: منقول
  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 1749 مشاهدة
نشرت فى 15 مارس 2013 بواسطة hassanrzk

ساحة النقاش

حسن عبدالمقصود على

hassanrzk
موقع اجتماعى عائلى يهتم بقضايا الاسرة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

397,574