الذهب يتفوق على البترول -الجزء الرابع
دكتور / حسن بخيت
رئيس المجلس الاستشارى العربى للتعدين والبترول
تسقط الأمطار على الهضاب والمرتفعات وتتجمع هذه المياه وتندفع طبقاً للظروف الطوبغرافية السائدة من الأعلى إلى الأسفل وأثناء اندفاعها تجرف معها الصخور والرمال والذي بدوره يكون ما يعرف باسم الطمي .
ونظراً لكثرة مواقع الذهب المنتشرة فى مسار اندفاع هذه المياة فلاشك إن تأخذ معها صخور وحبيبات وتربة هذه المواقع وهى محمله بالذهب .
ويتم ترسيب حمولة النهر عندما تقل سرعته وغالباً ما يكون ذلك عندما يصدم بحوائط صخرية ويحدث ذلك عندما ما يغير النهر مساره فيما يعرف باللفات النهرية.
لذا ونظراً للظروف التي أشرتها إليها فانه من المتوقع احتواء هذا الطمي على نسب عالية من الذهب والعناصر المصاحبة.
وقد أشارت بعض الدراسات التي أجريت على هذا الطمي والتي اشرف عليها الأستاذ الدكتور محمود حسان بجامعة الأزهر إلى وجود تركيزات للذهب والعناصر المصاحبة حيث أظهرت دراسة المعادن الثقيلة الممغنطة باستخدام حيود لأشعة السينية وأطياف موسباور وجود معاد كبريتيد الفضة التيتانى وكبرتيد كبريتات الفضة وكبريتات الفضة . يوجد الذهب فى صورة تيللوريدات ومشتقاتى الماجنيتيت ، السوكوفيت والبيريت والماجهيميت وأكاسيد الحديد بعد البيريت .
لذا لابد من إعداد برنامج استكشافي متقدم لإعادة تقيم كافة الرواسب الطينية الموجودة خلف السد العالى حتى الحدود مع السودان بالإضافة الى مخرات السيول والمراوح الوديانية ومجارى نهر النيل القديمة ولعل حمى البحث عن الذهب واستخراجه بطريقة عشوائية خير دليل على ضرورة البدا فورا فى هذا البرنامج علما بوجود العديد من التقارير التى يمكن الاسترشاد بها فى هذا الصدد خاصة تقارير مشروع التكامل المصري السوداني .
ولعله من المفيد التحذير من عمليات تجريف الرمال للاستخدام فى عمليات البناء والتشييد او اقامة اى مشاريع تنموية عليها خاصة بالمناطق المحيطة بمناجم الذهب القديمة بطول سلاسل البحر الاحمروبعض مناطق شبه جزيرة سيناء وإعلان هذه المناطق محميات تعدينية لحين التأكد من خلوها من الذهب.
وتدخل مناطق المثلث الذهبى ضمن البرنامج الاستكششافى المقترح خاصة خطوط التماس بين صخور القاعدة التى تشمل كل من الصخور الجوفية والبركانية والمتحولة من ناحية والصخور الرسوبية من ناحية أخرى حيث تنتشر مواقع الذهب القديمة بطول هذا الخط وتعتبر منطقة الفواخير مركز هذا النشاط التعديني وقد تم استخراج الذهب من هذه المناطق بالعصور الفرعونية وكذلك ايام الاحتلال الانجليزي.
تحول الذهب خلال الفترة الأخيرة الى سلعة «استثمار الأزمات»، فبعد ان كان يستخدم تقليدياً لموازنة مدخرات الدول وبعض الإغراض الاستثمارية الأخرى أصبح إحدى القنوات الاستثمارية المهمة التي تلجأ اليها الصناديق الاستثمارية عندما تتعرض العملات الرئيسية أو أسعار السلع الرئيسية لهزات عنيفة كتلك التي حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية. وبرز الأمر جلياً خلال الفترة التي شهد فيها الدولار الاميركي تأرجحاً واضحاً مما دفع المستثمرين للتدافع لشراء كميات اكبر من الذهب، الأمر الذي أدى الى ارتفاع أسعاره .
ان التحدي الأكبر يتمثل في ضرورة وجود معايير واضحة ومحددة لتعدين الذهب على نحو مقبول بيئيا واجتماعيا.
ان اتباع الاساليب العلمية فى منظومة تعدين استغلال الذهب بدا من المنجم مرورا بالمصنع انتهاء بالتسويق هو دفعة للاقتصاد الوطنى ولابد لكل المعنين ان تتظافر جهودهم نحو هذا الهدف.
هناك مؤشرات ايجابية لمستقبل التعدين وخاصة الذهب بمصر وهذا يعتمد كما اسلفنا على عدد من الركائز والمفاهيم الاساسية فليكن فى الحسبان ان جذب الاستثمار الأجنبي في قطاع الثروة المعدنية ليس فقط مجرد جذب الأموال بل الاهم هو الاستحواذ على خبرات الادارة الحديثة والحصول على التكنولوجيات المتطورة لايجاد كوادر مصرية قادرة على الوفاء بالتزمات خطط الدولة المستقبلية والتطلع الى غزو الاسواق الاقليمية والعربية فى مجال التعدين مما يعود على الدولة بالنفع الكبير.
من الشىء الطبيعى انه سينشىء عن النشاط المنجمى ما يسمى بمدن المناجم التى ستمد هذه الشركات بالعمالة المطلوبة وبادوات الاعاشة والوقود وغيرها من الخدمات اللوجستية و المستلزمات الضرورية مثل إنشاء شركات لخدمات التعدين تشمل مكاتب دراسات الجدوى وشركات المعدات الثقيلة ومعامل التنقية ومعامل التحاليل وشركات النقل الثقيل ونقل المياه بالاضافة الى محطات الوقود وغيرها من الانشطة ذات ا لعلاقة وهذا فيه انتعاش اجتماعى له من الاثر الايجابى فى توفير فرص عمل للشباب وأحداث حراك أجتماعى واضح
ولكى نضمن لمنظومة تعدين الذهب النجاح فلابد ان تتحلى بالاشتراطات والمعايير العالمية فى هذا الشأن وهذا يتتطلب انشاء معهد مصرى لمهن التعدين المختلفة والخدمات المعونة له من معامل واجهزة كشف وخلافه وان بكون مصنفا عالميا ومعتمدا ويكون وظيفته الاساسية تدريب وتاهيل الكوادر المختلفة طبقا لاصول التعدين الحديثة واعطاء رخص مزاولة المهنة واجراء التحاليل المعتمدة وبالتالى نستطيع ان نضخ لهذا القطاع الكوادر المدربة والمؤهلة القادرة على اعداد د برامج للبحث والتنقيب واعداد تقارير الجدوى الاقتصادية ومراجعة تقارير الشركات الاجنبية فحتى الان لا يوجد معايير او اكواد متبعة لعمليت الاستكشاف ولا يوجد جيولوجى واحد مكود او مصنف كما ان الشركات الاجنبية العاملة فى مجال البحث والمبرمة مها أتفاقيات تقوم بارسال الالاف العينات للتحليل بالخارج لعدم وجود معامل معتمدة تستطيع الاستناد اليها اثناء تقديم دراسات الجدوى الاقتصادية مما يفقد الدولة الكثير من العوائد المالية بالاضافة الى فقدان الكثير من فرص العمل كما ان هناك عجز شديد فى الكوادر المدربة والمؤهلة وليس هناك اى مراكز معتمدة لمزاولة المهنة وكما تعانى هيئة الثروة المعدنية من ضعف الامكانيات اللوجستية وكذلك برامج التاهيل فى هذا الشان
ساحة النقاش