أ.د/ هاني جرجس عياد

اْستاذ جامعي وكاتب صحفي

إن أهم مرحلة عمرية تتشكل فيها شخصية الطفل هي سن السادسة والسابعة ، حيث تتشكل فيها (80 % ) من شخصيته ، فلا تقل لا زال صغيرا ، إن الطفل في هذه المرحلة العمرية أكثر فهما لأنه أصفى ذهنا ممن يكبره ، فكن حذرا عند التعامل معه ، فهو يكوّن شخصيته مما يسمع ويرى ، فاحرص على أن يرى ويسمع كل ما هو حسن لينعكس ذلك على شخصيته واحذر العكس . في هذه المرحلة تكثر الأسئلة ويتسع الخيال عند الطفل لأنه بصدد التعرف على عالمه ، فلا تغلق عليه هذين البابين فيعيش في تصادم مع العالم حوله ، إذا سأل فأجب عن سؤاله بكل اهتمام أيّا كان ذلك السؤال في نظرك تافها ، وإذا نسج قصة أو حدثا من وحي خياله فأبحر معه وشاركه التخيل حتى تقوده وتصل معه إلى نقطة الواقع فلا يعيش خيالا محضا ولا واقعا خاويا . ففي هذه المرحلة تكون نسبة الإبداع عند الطفل (90 % ) فنمّها وافتح له الطريق إليه ، دعه يرسم ، يلوّن ، يشكّل ، يبتكر ، وفّر له ما يعينه على الإبداع .

في هذه المرحلة يحتاج الطفل للتشجيع :

<!--لنثني عليه بطريقة مدروسة.

<!--نلقبه بألقاب حسنة كلما فعل سلوكا حسنا .

<!--نمّ عقل طفلك بآيات من القران الكريم والكتاب المقدس وقصص الأطفال المفيدة .

يبني الأمم الأشخاص الأقوياء الجادون الذين يتمتعون بشخصية قادرة على اتخاذ القرار. فكيف إذن يستطيع الأبوان تربية أبناء يتمتعون بشخصيات قوية وقادرة على اتخاذ القرار ؟ إن هذا السؤال يقودنا إلى معرفة الأمور الثلاثة التي تضعف الشخصية ، وهي :

1- الإفراط في التدليل :

ينسى المربي نفسه - أحياناً – من فرط حبه لأبنه ، فيدللـه دلالاً يفقده شخصيته ويحوله إلى شخص لا يمكننا الاعتماد عليه .

والتدليل يعني :

 

تلبية كافة طلبات الابن مهما كانت صعوبتها، في أي وقت كان، الأمر الذي يجعل الطفل يشعر بأنه شخص مجاب الطلبات والأوامر.

لذلك فإن الإفراط في التدليل يعني :

<!--إضعاف جانب تحمل المسؤولية في الابن لأن جميع طلباته مجابة .

<!--تحكم الابن في أبويه وخضوعهما له.

<!--تمكن مشاعر الغرور و التكبر لدى الابن، وتكراره لعبارة ( أبي لا يرفض لي طلباً ) ( أمي لا تقول لي لا أبداً) .

<!--تمرد الابن على سلطة والديه وعدم احترامه لوالديه أو تطبيقه لقوانينهما.

<!--تحول الابن المدلل إلى شخص غير قادر على التكيف الاجتماعي ، لأنه دائماً يتوقع من أصحابه وأقرانه أن يستجيبوا لغروره وطلباته ، لذلك نراه دائما وحيداً بدون أصدقاء .

2- الإفراط في القسوة :

يخطئ المربي عندما يعتقد أنه بالقسوة والشدّة و الضرب يربي رجالاً أشداء أو نساءً أقوياء . لأنه في هذه الحالة يقتل فيهم أهم نقاط قوة الشخصية ، وينشئ أشخاصاً تكون صفاتهم كالتالي :

      أ- الخوف :

فالابن يكون دائم الخوف من والديه ، فتنعدم العلاقة بينه وبينهم ، ويتأثر سلوكه معهم فيبتعد عنهم ، وإذا رآهم ارتعد وهرب إلى غرفته وإذا مرّ بالقرب منهم ارتجف وتنحى .

 ب- التردد :

إن هذا الابن يفقد الثقة في نفسه ، ويكون دائم التردد ولا تكون لديه قدرة على اتخاذ القرار ، ويظهر ذلك جلياً عند الكبر.

<!--الانطواء :

ويتضح ذلك في عدم قدرة الابن على تكوين علاقات مع الآخرين ، فيصبح شخصاً وحيداً ، منكمشاً فاقداً لأهم صفات قوة الشخصية .

3- الإفراط في الحماية الزائدة :

عندما يرزق الله الأبوين ابناً واحداً بين مجموعة من الإناث ، أو بنتاً وحيدة بين مجموعة من الذكور، أو عندما يولد طفل بعد فترة طويلة من العقم ، تحاول الأم أو الأب حماية هذا الابن الصغير بطرق مختلفة مثل :

<!--منعه من اللعب مع الأطفال الآخرين ، وإن لعب لا يجعلونه يسقط أو يتأذى ويظهرون خوفهم الشديد عليه .

<!--المحافظة عليه من الدخول في مشاكل ، ومحاولة حل كافة المشاكل التي تعترضه .

<!--الحماية من الأمراض والبكتريا والجراثيم ، وذلك بالتعقيم الزائد والإفراط في الاهتمام بالصحة .

والنتيجة ، حتماً اْبن ضعيف الشخصية ، من أهم صفاته :

<!--الاعتماد على الآخرين .

<!--عدم القدرة على تحمل المسؤولية .

<!--الخوف والتردد .

<!--عدم القدرة على التكيف الاجتماعي وتكوين علاقات جيدة .

<!--عدم القدرة على حل المشاكل .

أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن مرحلة الطفولة المبكرة في حياة الطفل تشكل الملامح الأساسية لشخصيته وترسم الخطوط العريضة لما سيكون عليه مستقبله ، ففي هذه المرحلة يحاول اكتشاف كل ما حوله ويتعرف على البيئة المحيطة به ويفحص كل شيء تقع عليه عيناه عن طريق قاموس مدركاته ، ولأجل تحقيق شخصية متماسكة وجيدة ينبغي إتباع الخطوات التالية :

<!--ضرورة تنظيم الحياة اليومية للطفل عن طريق تحديد وقت مشاهدة التلفزيون ووقت آخر للعب مع تحديد وقت للنوم بما لا يقل عن 8 ساعات يومياً.

<!--تدريب الطفل على الاعتماد على نفسه في ارتداء ملابسه وتناول الطعام واستخدام الحمام .

<!--التواصل مع الطفل عن طريق التحدث معه والاستماع إليه ومشاركته اللعب.

<!--تعليم الطفل كيف يشارك الأطفال الآخرين اللعب وكيف يختلف معهم أحياناً.

<!--تشجيع المهارات الاجتماعية مثل مساعدة الآخرين والتعاون معهم والاهتمام بهم.

<!--تعويده على استخدام الكلمات اللطيفة مثل شكراً ومن فضلك والتي تساعد على تسهيل وإنجاح علاقاته مع الأطفال الآخرين.

<!--وضع ضوابط وحدود معقولة للسلوك بحيث تبتعد عن استخدام العيب ، الحرام والممنوع.

<!--اصطحاب الطفل إلى الأماكن المختلفة في البيئة المحيطة مثل الحدائق، والمحال والمكتبة .

<!--بث قيم العمل والإصرار والمبادرة.

<!-- القراءة للطفل كل يوم.

<!-- إعطاؤه القدوة، فالطفل يحب التقليد والآباء هم أول وأهم معلمين لأطفالهم.

<!-- توفير المطبوعات مثل المجلات والكتب والقصص ليطلع عليها ، وكذلك الأدوات والألوان ليرسم ويلون ويكتب ويشخبط .

إن زراعة الثقة عند الأطفال تكون على عاتق الوالدين لأنهم هم المسؤلين عن تقوية شخصياتهم منذ الصغر , لأن الشخصية القوية ليست بالأمر اليسير الذي يأتي بين يوم وليلة ، وهناك ، بعض الأفكار التي تساعد الوالدين على إدخال الثقة في نفوس الأبناء ، هي :

<!--قل له (لو سمحت) و(شكرا ) دائما .

<!--امدح طفلك أمام الغير.

<!--لا تجعله ينتقد نفسه .

<!--عامله كطفل واجعله يعيش طفولته.

<!--ساعده في اتخاذ القرار بنفسه.

<!--اجعله ضيف الشرف في إحدى المناسبات .

<!--اسأله عن رأيه , وخذ رأيه في أمر من الأمور.

<!--اجعل له ركنا في المنزل لأعماله واكتب اسمه على إنجازاته.

<!--ساعده في كسب الصداقات , فان الأطفال هذه الأيام لا يعرفون كيف يختارون أصدقائهم.

<!-- اجعله يشعر بأهميته ومكانته وأن له قدرات وهبها الله له.

<!--علمه مهارات إبداء الرأي والتقديم وكيف يتكلم ويعرض ما عنده للناس.

<!--علمه أن يصلي معك واغرس فيه مبادئ الإيمان بالله .

<!--علمه كيف يقراء التعليمات ويتبعها .

<!--علمه كيف يضع لنفسه مبادئ وواجبات ويتبعها وينفذها .

<!--أوف بوعدك له دائما .

<!--أجب عن جميع أسئلته.

<!--علمه مهارة الطبخ البسيط كسلق البيض وقلي البطاطا وتسخين الخبز وغيرها.

<!--عرفه بقوة البركة وأهمية الدعاء .

<!--علمه كيف يعمل ضمن فريقه .

<!--شجعه على توجيه الأسئلة .

<!--أجعله يشعر أن له مكانة بين أصدقائه .

<!--أفصح عن أسباب أي قرار تتخذه .

<!--  ارو له قصصا من أيام طفولتك .

<!--اجعل طفلك يلعب دور المدرس وأنت تلعب دور التلميذ .

<!--أعطه مالا يكفي ليتصرف به عند الحاجة .

<!--علمه كيف يدافع عن نفسه وجسده .

<!--شجعه على الحفظ والاستذكار .

<!--علمه كيف يرفض ويقول (لا) للخطأ .

<!--لا تهدده على الإطلاق .

30- أعطه تحذيرات مسبقة .

31- علمه كيف يواجه الفشل.

32- علمه كيف يستثمر ماله .

33- علمه كيف يصلح أغراضه ويرتبها .

34- جرب شيئا جديدا له ولك في آن معا.

35- علمه القيم والمبادئ السليمة والكريمة .

36- علمه كيف يتحمل مسؤولية تصرفاته .

37- امدح أعماله وإنجازاته وعلمه كتابتها .

38- علمه كيف يتعامل مع الحيوان الأليفة .

39- اعتذر له عن أي خطأ واضح يصدر منك .

40- اجعل له يوما فيه مفاجآت .

41- أخبره انك تحبه وضمه إلى صدرك , فهذا يقوي شخصيته .

42- علمه عن اختلاف الجنسين بين الذكر والأنثى .

43- شاطره في أحلامه وطموحاته وشجعه على أن يتمنى .

إذا كان الطفل ضعيف الشخصية فإنّ هذا لا يعني أنّه ولد بهذه السمة ، فضعف الشخصية لا يولد مع الإنسان ولكن يكتسب اكتساباً بفعل العديد من العوامل المختلفة التي يتعرض لها منذ مراحل الطفولة ، ومن هنا فإن عملية تكوين وتشكيل شخصية قوية للطفل تبدأ منذ مراحل عمرية صغيرة جداً ، فالتربية عملية تراكمية ، تبدأ سنة بعد سنة وتستمر إلى ما شاء لها الله أن تستمر. وبما أن الشخصية القوية هي من أهم متطلبات النجاح في الحياة في المستقبل ، فهذا يعني أنها من الأساسيات التي يجب أن تغرس في الطفل منذ عمر مبكر جدا ، ودون تأخر، وبإتباع أفضل الأساليب ، وليس من خلال تلك الأساليب الهمجية التي يتبعها عدد لا بأس به من الأهالي في تعاملهم مع أبنائهم ، وتربيتهم لهم .                                                                              

 إن أفضل وسيلة لبناء علاقة سليمة وإيجابية بين الطفل وأهله هي بمشاركته بفعالياته ولكن بكثير من توازن وعدم تطرف بالالتصاق به ، فالالتصاق الدائم ضار ويجعل الطفل اتكالي ، وهو يحتاج لبعض استقلالية ولهو ذاتي وعلى انفراد من الأهل .

فمن المفيد السماح له بالتعبير عن رأيه ومشاعره نحو أحداثها وشخصياتها ،  ومشاركته ببعض ألعاب مسلية ومناسبة لجيله ، ومرافقته بنزهة مشي في أحضان الطبيعة والتحدث إليه أثناء السير بمواضيع تهمه وتشغل اهتماماته ، والإكثار من الفعاليات الحركية والأنشطة الرياضية مع أصحاب بجيله للشعور   بالاستقلالية والابتعاد عن الاتكالية أو التعلق الزائد.                               

وأخيرا يرغب الطفل بأهل يتميزون بالروح المرحة ويكثرون من الممازحة والضحك ، لأن أجواء الفكاهة والنكات تعمق الروابط العاطفية وتزيد من التواصل الإيجابي والمحمود .                                                             

 

 


<!--

المصدر: منشور في مجلة العلوم الاجتماعية – السعودية – بتاريخ 18 / 12 / 2015
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 29 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2016 بواسطة hany2015

ساحة النقاش

أ.د/ هاني جرجس عياد

hany2015
اْستاذ جامعي وكاتب صحفي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,639