أصبحت كلمة "ماكروبيوتك" تتناقل عبر وسائل الإعلام العالمية وظهرت عيادات الأطباء على مستوى العالم وقد تخصصت فى العلاج بالماكروبيوتك، "فما طبيعة هذا العلم وما مدى كفاءته فى التأثير على صحة الإنسان؟".
إن هذا علم "ماكروبيوتك" نشأ فى غرب اليابان على يد العالم "أوشاوا" الذى قرأ كتابا عن علاج الأمراض بالأغذية اليابانية الطبيعية، وقد نجح فى علاج نفسه من مرض السل عن طريق هذا الكتاب، فبدأ هذا العالم بدراسات مستفيضة أكثر لدراسة تأثير الغذاء على صحة الإنسان، وأنشأ هذا العلم (Macrobiotic) وهى كلمة أصلها يونانى ومعناها الحياة الطويلة.
أن فكرة هذا العلم تعتمد على كيفية التناغم الطبيعى بين صحتنا وعاداتنا الغذائية وأسلوب حياتنا وكيفية تناول الأغذية على طبيعتها بدون أن تدخل فى مراحل تصنيع أو تغير من طبيعتها الغذائية، وتتلخص مبادئ هذا العلم فى التركيز على الغذاء لمتوازن للحفاظ على صحتنا والوقاية من الأمراض وتعتمد معظم أنظمته الغذائية على ثلاثة كلمات:
(Food from living land – In its season – Eat entirety)
(غذائنا مباشرة من الأرض الزراعية – فى موسم حصاده- تناول الغذاء بكامل هيئته)، ويعنى تناول الأغذية الطبيعية فى ميعاد حصادها الطبيعى.
أن هذا العلم مقتنع تماما أن تنوع الخضروات والفاكهة بين الشتاء والصيف يخلق نوعا من التوازن الربانى للعلاج، فأول شرط فى هذا العلم أن نأكل الأغذية فى موسم حصادها، فمثلا البرتقال موسمه الشتاء ولا ينصحون بتناوله مثلا فى الصيف والاعتماد فى الصيف على الأغذية الصيفية.
أن معظم الأنظمة الغذائية فى هذا العلم تميل للاعتماد أساسا على تناول الحبوب الكاملة بقشرتها، كما خلقها المولى عز وجل، فمعظم الأنظمة تعتمد على الأرز البنى وبه جزء من قشرته وعدم تناول الأرز الأبيض ويضاف للحبوب فى الماكروبيوتك الأسماك والأطعمة البحرية، كما تعتمد على البروتين النباتى من البقول المختلفة مثل العدس والفول والفاصوليا، وبالرغم من أن هذا العلم ينصح دائما بتناول الأغذية بدون أى تغيير أو معالجات ولكنها تنصح أن يكون الطهى خفيفا باستخدام البخار حتى لا تتأثر القيمة الغذائية والفيتامينات بالأغذية المختلفة.
أن الخضروات والفاكهة ينصح بتناولها بقشرتها، فمثلا يفضل تناول الخيار والتفاح والباذنجان والطماطم وغيرها بقشرتها وعدم تقشيرها نظرا لقيمة القشرة لاحتوائها على نسبة عالية من الألياف والفيتامينات التى تساعد على الهضم وتحسن الوظائف الحيوية لكافة أجهزة الجسم.
تميل أنظمة الماكروبيوتك للاعتماد على بعض المكسرات مثل البندق وعين الجمل وبعض البذور للحصول على الأحماض الدهنية غير المشبعة التى تقى الجسم من أمراض القلب وتخفض نسبة الدهون الضارة، كما تحمى الخلايا من التلف لقدرتها الكبيرة كمضاد للأكسدة وتنظيف الدم من ملوثات الطبيعة.
أن أنظمة الماكروبيوتك اليابانية المنشأ قريبة نوعا ما للأنظمة الغذائية للنباتيين فى المجتمع الأمريكى، فكلاهما ينهى عن تناول اللحوم الحمراء والطيور ومنتجات الألبان، كما أن الماكروبيوتيك ينصح حتى بتناول سكريات قليلة عن طريق مثلا عمل أرز بنى مطهى مع البلح الأسود كبديل طبيعى للسكر، وممكن تناوله كطبق حلو بدلا من الحلويات الشرقية والغربية المدمرة للصحة والتى ترفع نسبة الكولسترول وتعتبر المسبب الرئيسى لأمراض القلب والأوعية الدموية.
أن أنظمة الحفاظ على الصحة بنظام الماكروبيوتك أيضا يعتمد على إطالة فترة مضغ الطعام وإعطاء المضغ حقه حتى نستفيد من نعمة الخالق فى هضم الطعام، وقد تطور هذا العلم وبعد أن كان نظاما للحفاظ على الصحة ظهرت به أنظمه لعلاج بعض الأمراض أو الوقاية منها مثل الأورام السرطانية وبعض الأمراض المزمنة ومازالت الأبحاث جارية لمعرفة سر هذه الأنظمة فى علاج الأمراض بعد ملاحظة تحسن الحالة الصحية لهؤلاء المرضى، بالإضافة لقيمة هذا النظام ليس فقط على المرضى لكنها تحسن من الحالة المزاجية والصحية للأصحاء وتحافظ على رشاقتهم وتزيد حيوية ونشاط أجسامهم وسنترك المتخصصين فى هذا المجال البحث والدراسة عن أسرارها ونشرها فى الدوريات العالمية فالتوازن الطبيعى الذى أبدعه الخالق وهذا النظام يحاول أن يصلح ما أفسده التقدم الزائف بتشويه الأغذية ونزع قيمتها والاعتماد على الوجبات السريعة المدمرة المغلفة بالتوابل ونكهات صناعية لتخفى خلفها أضرارا وخطورة.
ساحة النقاش