كانت صديقاتي تعاني من سوء سلوك طفلها الصغير، فهو يمتلك طاقة كبيرة في اللعب و في نفس الوقت يمل سريعاً و يبدأ في«الزنّ» المتواصل حتي يفقدها أعصابها، أقترحت عليها ذات يوم أن تشتري له حيواناً أليفاً يشغل وقت فراغه برعايته وقد كان، وكانت النتيجة مذهلة! فقد تحول مع مرور الوقت الي طفل مسئول وصبور و حنون ايضاً.
هل تؤثر تربية الحيوانات علي سلوك أطفالنا؟ هذا هو السؤال الذي أجاب عليه في السطور القادمة ، دكتور بيرج يعقوب - أ.د الطب البيطرى الشهير.
بداية قال د.بيرج: إن ثقافة المصريين لم تعتاد على عملية تربية الحيوانات وعشقها والتعامل معها بحب، وليس بغرض المصلحة الشخصية، كتربيتها للحراسة أو التباهى بشكلها وقدراتها، وبناء على ذلك يصبح اهتمام الشخص بإقتناء حيوان أليف و الإهتمام بصحته شيء يدعو للسخرية عند البعض، وهذا نتيجة المعتقدات الخاطئة بأن من يمتلك حيواناً أليفاً هو شخص «رايق» أو «فاضى» ولدية بعض الأموال لا يعلم أين يصرفها، كل ذلك خطأ جداً لأن تربية الحيوانات أياً كانت نوعها، يؤثر على شخصية الفرد بشكل عام و علي شخصية الأطفال خاصة بإيجابية ، قد لا تخطر على بال من يمتلكون حيوانات أصلاً.
على سبيل المثال.. فالحيوانات تعلم الأطفال المسئولية والاعتماد على النفس والصبر، وهى مفيدة فى ملء وقت فراغ المراهقين وكبار السن، كما أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الأشخاص الذين يقومون بتربية الحيوانات أقل تعرضاً للإصابة بأمراض القلب والسكر والضغط.
بالإضافة الي ان تربية الحيوانات تزرع في نفوس الأطفال قيمة "الرحمة" و "الحنان" و الشعور بالأخر، فالحيوانات تسمي بـ"السائل المحروم" الذي لا يستطع النطق ليطلب طعام أو شراب و بناءً عليه فعندما نوكل لطفل بعضاً من مسئولية الإهتمام بالحيوان الأليف فإننا ننمي لديه حاسة الرحمة و العطف و الأهم من ذلك قدراته العقليه ومهاراته في إستنباط حاجة الحيوان من حركاته !
يستكمل د.بيرج: من اللافت للنظر أيضاً أن كل معلوماتنا عن تربية الحيوانات تنحصر فى «الكلاب والقطط»، وماعدا ذلك يعد شيئاً غريباً، ويعود ذلك لنوعية الأشخاص التى ترغب فى اقتناء حيوان أليف، فهناك من يقتنيه «حباً»، وهناك من يقتنيه للتباهى بأنه يمتلك أندر أو أغلى وأفضل فصيلة كلاب أو قطط، وأخيراً من يقتنى بغرض الحراسة أو التجارة.
على النقيض هناك أشخاص لا تعرف كيف تقتنى حيوان أليف يناسب إمكانيتها المادية والاجتماعية، وهنا يأتى دورنا فى توجيههم حتى لا يشترى حيوان ويهمله، وهذا الحيوان فى النهاية «روح» خلقها الله، لا يجب التعامل معها كقطعة «أنتيكة» فى المنزل.
فمثلاً عن الأسس التي يجب اتباعها عند اقتناء حيوان أليف:
-الا يكن لدي أحد أفراد المنزل حساسية من تربية الحيوانات الأليفة
-الحرص علي وجود مكان مخصص لهذا الحيوان داخل المنزل أو خارجه
-توفير التطعيمات و الطعام المناسب للحيوان
-التأكد من ان هناك وقت لرعايته لإن الحيوانات تشعر مثلنا تماماً اذا أهمل صاحبها في رعايتها حتي ولو بـ"اللعب معها" وربما تمرض و تموت!
-تعويد القط أو الكلب علي الأكل المتواجد بالمنزل حتي لا يشعر اصحابه بعبء التكلفة المادية.
-معرفة كافة المعلومات اللازمة عن نوع وفصيلة الحيوان الذي تمتلكه
-في حالة عدم قدرة مالكه علي رعايته يجب ان يضعه بإحدي دور رعاية الحيوانات الأليفة و لا يتركه بالشارع لإنه حتماً في هذه الحالة سيموت ولن يستطع العيش.
يضيف د.بيرج يعقوب، عن أغرب الحالات التى قابلته فى العيادة قائلاً:
كانت عائلة اشترت لأحد أبنائها «كلب صغير» لتربيته، وبالفعل مع الوقت أصبح بحجم كبير جداً يصعب السيطرة عليه فى المنزل، خاصة أنه لا يقبل الطعام سوى من أصحاب المنزل فقط، وبالتالى ففرصة التخلص منه تعنى القضاء على حياته، وكان الطفل متعلق به بشدة، لكننا وجدنا له علاج مناسب، وهذا يعنى أن أى شيء حولنا فى البيئة المحيطة يمكن تربيته والاعتناء به.
كما أننا يجب أن ننتبه ان للحيوانات طبيعة نفسية مثل الإنسان تماماً، فالحيوان يحزن ويفرح ويكره ويحب، وإذا أردت أم ان تحسن من سلوك طفلها فلتوكل اليه مسئولية رعاية حيوان أليف..
فمثلاً كل طفل حسب عمره المناسب، يمكنكِ ان تضعي لطفلك جدول لإطعام الحيوان أو اللعب معه، الإشتراك في شراء طعامه و تحضير أدوات نظافته مع الأم ...معرفة مواعيد التطعيمات و بالتالي ستضمني طفلاً مشغولاً طوال الوقت بمسئوليات هامة و مفيدة و ممتعة بالنسبة له.
ساحة النقاش