الحب هبة عظيمة من الخالق ونفحة من صفات جماله لخلقه، فهو أسمى المشاعر التى خلقها الله ووضعها فى نفس الإنسان؛ فكما إنه الفطرة النقية من شوائب الزمان، فهو أيضا العاطفة الصافية المكررة من خام الحنان، الحب سبب الشعور بالاستقرار فى دنيا واسعة ليس لها قرار، والباعث على الشعور بالأمان فبه الإنسان يتحدى ويتعدى كل الظروف بلا شروط بحيز مكان ولا قيد زمان.

فالحب هو الشعور الذى لا تستطيع الكلمات وصفه بدقه أو يستطيع المحب التخلى عنه أو حتى الزهد عن وصفه، فهو النعمة التى وهبها الله لقلب الإنسان حتى يسعد فى الحياه، فهو النور الذى بوجوده ينمحى الظلام، وبسمة القلوب التى تحول نبضات الحياة إلى إيقاع من السعادة، والنفحات التى يتنفس بها الوجدان فتغدوا الحياة يوتوبيا من العشق.


فهل من الممكن أن يكون للمحبة تعريف محدد وواضح وموحد للجميع؟.

نجد أن العلماء وكبار الفلاسفة احتاروا فى وضع ماهية ووصف لجوهر معنى الحب، وتساءلوا عن كونه حاله أم كيان أم شعور أم أفكار أم أفعال دالة عليه؟، وقد اختلف الناس فى تحديد ماهية الحب باختلاف أنماط شخصياتهم واحتياجاتهم، فقد اختلفت الآراء ولم تتفق على معنى واحد للحب، فباختلاف الأشخاص واحتياجاتهم تختلف المعانى لديهم وتتراوح على حسب تكوينهم الشخصى والفكرى والعاطفى.

و من تعريفات معنى الحب أن الحُبّ هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شىء ما، وقد ينظر إليه على أنه كيمياء متبادلة بين اثنين، ومن المعروف أن الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ "هرمون المحبين" أثناء اللقاء بين المحبين، ومن التعريفات أيضا أن الحب هو الميْل الدائم بالقلب الهائم، وإيثار المحبوب على جميع المصحوب، وموافقة الحبيب حضوراً وغياباً، وإيثار ما يريده المحبوب على ما عداه، والطواعية الكاملة، والذكر الدائم وعدم السلوان.
وتم تعريف كلمة حب لغوياً بأنها تضم معانى الغرام والعلة وبذور النبات، ولكن يوجد تشابهاً بين المعانى الثلاثة بالرغم من تباعدها ظاهرياً.. فكثيراً ما يشبّهون الحب بالداء أو العلة، وكثيرا أيضاً ما يشبه المحبون الحب ببذور النباتات التى تنمو وتذدهر، أما عن الغرام، فهى تعنى حرفياً: التَعلُّق بالشىء تَعلُّقاً لا يُستطاع التَخلّص منه، والمغرم: المولع بالشىء لا يصبر على مفارقته.


وأرى أن ما يتوحد فى جميع المعانى أنه اتصال بين أجزاء النفوس وهو إستحسان روحانى، وإمتزاج نفسانى، وانجذاب عقلانى وشعورى، حيث إن سر التمازج والتباين ما هو إلا الاتصال أو الانفصال النفسى، والذى ينتج عنه إما التماثل أو التضاد، ويزيد وينقص ويخبو الحب بالزيادة والنقصان فى هذا التماثل أو التضاد، فنجد الألفة والشعور بالانجذاب ينتج عنه التماثل أما التضاد فينتج عنه التنافر والتباعد.

ومن أروع ما قيل عن الحب قول العلامة الفقيه ابن حزم فى كتابه طوق الحمامة: "الحب أعزك الله – أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة. وليس بمنكر فى الديانة ولا بمحظور فى الشريعة،إذ القلوب بيد الله عز وجل."

وللحب أسماء كثيرة منها المحبة والهوى والصبوة والشغف والوجد والعشق والنجوى والشوق والوصب والود والخُلّة والغرام والهُيام والتعبد، وهناك أسماء أخرى كثيرة التقطت من خلال ما ذكره المحبون فى أشعارهم وأكثرها يعبر عن العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة.

وتختلف أسباب الحب والانجذاب من شخص لآخر حسب اختلاف أنماط الشخصية ولاحتياج الفردى لكل شخص، فنجد من يكون سبب الحب والانجذاب عنده حسن الصورة الجسدية أو لذة الشهوة، وآخر يكون السبب لديه الألفة والمشاعر والأحاسيس، وغيره يكون سر الانجذاب بالنسبه له هو الفكر والعلم والمعرفة، ولنعترف أن الحب هنا ينقص ويزيد بزيادة ونقصان سببه أما العشق الذى لا علة له إلا اتصال النفوس يبقى ولا ينتهى إلا بالموت.
فان للحب حكما على النفوس وسلطانا آمرا لا يخالف، وفى ذلك كتبت واصفة لأمر وحكم الحب:
"يامن حكم بأمر الحب على القلب بالذوبان فى وله الغرام* وأمر بحكم العشق بالافتتان بالعقل ورزانة العبارات وفطنة الآراء* ويا من هيمن على الروح فلازمت روحك السابحة فى ملكوت العشق* ويا من ملك الوجدان حتى انصهر فى وجدانك بلهيب الشوق* ويا من احتوى الكيان حتى انهمرت المشاعر كبركان* وأطلق من القلب حمم من حنان *و يا من أغرقنى فى دلاله حتى ملأت النشوة العمر وفاضت على الأنهار والوديان*ويا من جعلنى اختزل الدنيا فى لمسة من يداه ونظرة أمان*فاحتضنت هلاوس الزمان ومحوت المخاوف وأنات الآلام.

فهكذا يكون حال المحبين وللحديث بقية عن الحب فى زمن يكاد يخلو من معانيه واستبدلناه بماديات الحياة التى طغت حتى اشتقنا إلى معانية الجميلة.

hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 307 مشاهدة
نشرت فى 4 أكتوبر 2012 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,656,058