‏‏الإهمال العاطفي أقسى من الاهانة الجسدية‏، فالطفل المهمل والمنبوذ والمرفوض يكتسب صفات اجتماعية سلبية، فيصبح كئيبا حاقدا منطويا غير سوي لايقدر أن يواجه تحديات الحياة المختلفة في المستقبل. يذكر الاخصائيون في هذا المجال أن الاهمال العاطفي للطفل يتلخص في خمس نقاط‏:

أولاها‏:‏ النبذ والرفض وعدم القدرة على التعامل مع الطفل كإنسان له مطالب واحتياجات‏.‏

ثانيا‏: عزل الطفل‏:‏ بمعنى منعه من إقامة صداقات وعلاقات بدعوى الحرص والخوف عليه من رفاق السوء‏،‏ مما يعطي الطفل إحساسا قاسيا بالعزلة وسط العالم الرحيب‏.‏

ثالثا: ‏تخويف الطفل‏:‏ يخلق جوا من الفزع والرعب والكلمات الحادة الخانقة التي تعطيه إحساسا مؤلما بالاضطهاد والعدوانية‏.‏

رابعا‏: التجاهل‏:‏ عندما يحرم الأب والأم ابنهما من كل المثيرات والمنبهات والاستجابات الاجتماعية اللازمة يتعطل نموه الاجتماعي والعاطفي والذهني‏.‏

خامسا: إفساد الطفل عن طريق تقديمه لأوساط غير سوية من الممكن أن تقوده بسهولة إلى عالم الجريمة والمخدرات عن قصد أو غير قصد. وأخيرا فالطفل الذي يتعرض للرفض والعزل والتخويف والتجاهل والإفساد يكون مهيأ لكل العوامل السلبية في مجتمع تزداد وحشيته وغربته مع ازدياد تطوره وماديته فنجد أن حياة الطفل تصبح دوامة من الاضطراب والعنف‏.‏ ومن الاسباب التي تؤدي الى الجوع العاطفي لدى الطفل الصراع والشجار الدائم بين الوالدين الذي من خلاله يتعرض الطفل بشكل مباشر لأزمات نفسية واهمال نتيجة مشاهدته ومعايشته لهذه الخلافات وبشكل غير مباشر عن طريق انخفاض رعاية الأم والأب وعدم قدرتهما على لعب دورهما لانشغالهما في صراعهما بدلا من اتحادهما وتآلفهما.‏ وينتقل صراع الوالدين إلي الطفل بشكل إحساس دائم بالخوف وعدم الأمان وبترسيب أساسي داخلي لعلاقات إنسانية مشوهة تحرم الطفل من تلقائيته وحنانه وبذله وفيضه الانساني ومن كل فرص التعبير الحر لذلك يجب على الوالدين ان يكونا على مستوى المسؤولية وأن يقتربا أكثر من أطفالهما وأن يحبوهما أكثر‏ ،قلبا وعقلا وسلوكا‏.‏ لذلك ينصح اخصائيو الطب النفسي الآباء بالآتي‏:

*‏ احتواء الطفل واحتضانه عاطفيا‏.‏ ‏

*‏ تجنب المشاكل الزوجية أمامه‏.‏

*‏ ايجاد القدوة الحسنة له فالاباء خير قدوة للابناء لذلك يجب ان يكونوا على قدر المسؤولية‏.

‏*‏ غرس الحب في نفوس الابناء فهو السلاح القوي والأمثل لحل كافة المشاكل النفسية التي قد تعترض الطفل في حياته‏.

والطفل يستخدم الحواس أكثر من العقل مع ميله إلى البشاشة والضحك ومحبته للحركة واللعب ولزومهما له كما أنه يتصف بالخيال الواسع والشغف بالحكايات وتقليد الآخرين وإطاعة من يحبه ومن يطمئن هو إليه‏.

قصة مشهورة..

‏ وهنالك قصة مشهورة عن رجل زمّار دخل احدى القرى وأخذ يزمر فاستهوى الأطفال الذين اعجبوا به فالتفوا حوله وصار ينتقل من حارة إلى أخرى والأطفال وراءه، ومجموعات منهم تنضم اليه وهم في غاية المتعة والسرور منقادين الى زمارته حتى خرج بهم جميعا إلى خارج القرية، وهكذا نرى كيف ينساق الأطفال وراء من يجذبهم أو من يعجبون به أو من يجلب لهم المتعة‏،‏ كما أنهم يحبون من يلاعبهم ومن يناغيهم ومن يسليهم وقد يكون في ذلك خطورة كبيرة عليه، لذلك فعلى الاباء والامهات توفير الحب والرعاية والاشباع العاطفي والحنان لاطفالهم حتى لا يضطر الابناء الى البحث عن هذا الاشباع العاطفي خارج محيط الاسرة مما قد يعرضهم كما اسلفنا الى خطورات كثيرة من الاشخاص الذين يستغلون براءة الاطفال وشفافيتهم لاشباع نزعاتهم المريضة.

وهناك بعض القواعد التي يجب الاهتمام بتفاصيلها عند التعامل مع الاطفال لانها تترك لديهم انطباعات تؤثر على تركيباتهم العاطفية والنفسية ومن تلك القواعد ما يلي:

ـ اذا لعبت أو مدحت احدا من اطفالك فاحترس من الغيرة التي قد تصيب اخوته فالطفل يغار جدا اذا نال طفل غيره مديحا منك أو حبا لم ينله هو أو اذا لاعبت غيره وأهملته هو أو اعطيت غيره ولم تعطه هو فكونوا عادلين كأب وام في توزيع حنانكم‏..!‏ ومن الانعكاسات الاكثر خطرا جراء عدم الحرص على العدل العاطفي بين الابناء أنه قد يتسبب في ان ينتقم الطفل الذي يشعر بهذا الظلم من اخيه الاخر او اخته فيضربهم أو يخطف منهم اشياءهم ولو في وقت لاحق‏.‏

فعلينا إذن اتباع السنة النبوية في تعاملنا مع اطفالنا وان نحرص على العدل والمساواة بينهم كما امرنا نبينا الكريم ،فلا تجعلهم يضمرون كراهية لبعضهم بعضا بسبب التفرقة بينهم. فالطفل إنسان صغير داخل إلى مجتمع جديد لايعرف كيف سيتعامل معه ومن هو موضع الثقة الذي يطمئن اليه غيركم (والده ووالدته) فاذا كنتم صادقين معه سواء في المعلومات التي تمدونه بها أو الوعود التي تقطعونها على انفسكم له فهذا جدير بأن يساعد على بناء شخصيته بالشكل السليم الذي يجب ان تكون عليه وحذار من الكذب امام طفلك او عليه وخاصة في مراحل عمره الاولى، فالطفل عنده من الصراحة والشفافية ما يجلعه يقول لك بأنك تكذب أو على الأقل لن يعد يثق بك او فيما تقوله بعد ذلك وبذلك قد ادخلت الشك إلى قلبه‏!‏ وافقدته شيئا من بساطته التي تميل الى تصديق الغير .

ـ الطفل في هذه السن يحب من يمدحه فلا تحرمه من ذلك بحجة خشيتك عليه من الكبرياء لان المديح يطمئن الطفل على سلامة تصرفاته حيث يصعب عليه التمييز بين الخير والشر الا عن طريق امتداح الاخرين له على تصرفه فيعرف من خلال ذلك ان تصرفه لاقى استحسان والديه فيعرف انه على صواب، والعكس صحيح ايضا .

ـ بما ان المديح يقدم للطفل الكثير من الدعم النفسي ويفتح ويشجع قدراته الابداعية والابتكارية‏.‏ فإنه على العكس تماما من التوبيخ والنقد العنيف او العقاب الجسدي الذي قد يوقَع على الطفل من جانب والديه اذا كان متعسفا او غير منطقي بحيث يكون حجم غلطة الطفل اقل كثيرا من نوعية العقاب وبالتالي يجب الانتباه إلى عدم اللجوء الى العقاب الا عند الضرورة القصوى حتى يستطيع الطفل التمييز بين الهفوات والاخطاء الجسيمة.كما يجب ايضا الابتعاد عن لغة (السباب) عند توبيخ الطفل لان الطفل يسمع منك تلك الكلمات ويرددها للاخرين بذلك تكون قد اسهمت في اضافة كلمة رديئة الى قاموس طفلك الصغير.‏

واخيرا ، ان التعامل مع عالم الطفولة والاطفال يعلمنا نحن الكبار كيف نختار الفاظنا ،كما يحفزنا على السلوك الحسن والقويم حتى نستحق بحق ان نكون قدوة حسنة لاطفالنا.‏
hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 877 مشاهدة
نشرت فى 21 سبتمبر 2012 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,656,291