1– مشكلة وأهمية البحث:
إن الاهتمام بالادارة التربوية و إدارة المدرسة قد تنامى خلال فترة 15 – 20 عاما الأخيرة. و تولّد هذا الاهتمام من الأزمة الشاملة في التعليم و ضرورة اصلاحه في سياق الوسط الاجتماعي المتغير بديناميكية. و يرتبط تحقيق التغيّرات الضرورية في التعليم ارتباطا وثيقا بتحديث ادارة المدرسة و ترسيخ الادارة بوصفها مهنة ونشاط يرقى الى مصاف الاحتراف. و مثلها مثل أي نشاط احترافي فإن النشاط الاداري يتم استيعابه من خلال عملية التعليم، القائم على الاحتراف والتأهيل و التجربة العملية، وهذا يتطلب اجراء تحوّل للنموذج الاداري البيروقراطي التقليدي في الادارة في ميدان التعليم من خلال الاحتراف المهني (الحرفية) فيه وربطه بعلم الادارة القريب منه.
في القرن العشرين تحديدا باتت الادارة (المنجمينت) مجالا سريع التطور في المعارف العلمية و النشاط المهني. إن "الثورة الادارية" (ثورة المنجمينت) التي إنطلقت في البلدان المتطورة خلال عقد الأربعينات كانت واحدة من القضايا الجديدة في القرن العشرين التي جذبت الاهتمام الأوسع.
من اجل إعداد الاداريين المهنيين يتم اليوم تخصيص اهتمام كبير وعناية بالغة في جميع البلدان المتطورة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية فقط يحصل 72 ألف شخص سنويا على الدرجة المهنية التعليمية – التأهيلية "ماجستير في الادارة العملية" (MBA) و"ماجستير في الادارة العامة" (MPA). لقد بدأ الشعور بأهمية الاحتراف المهني في النشاط الاداري في ميدان التعليم في اوربا الغربية في نهاية عقد الستينات و بداية السبعبنات. غير أن هذا الموضوع ليس على جدول الأعمال في الجمهورية اليمنية. أما في بلغاريا فإن قضية الإعداد المهني لمديري المدارس لم تبدأ إلا بعد عقد التسعينات، حيث كانت بداية هذه العملية بعد العام 1995م، وبشكل خاص بعد العام 2001م بتطبيق برنامج الماجستير بين الجامعات الخاص بإدارة التعليم “INTERAULA” والذي أعده طاقم من المدرسين الجامعيين بإشراف البروفيسور بيتير بالكانسكي.
كانت المحاولة الاولى للبرهنة على ضرورة الاحتراف المهني في النشاط الاداري في التعليم قد قامت بها البروفيسورة ستويانكا جيكوفا و الطاقم الذي كان تحت اشرافها. و في العام 1988 قامت بنشر برنامج مهني لمدير المدرسة والأبعاد المهنية لعمله. كما قام عديد من العلماء البلغار في مقالاتهم بالتعرض لمختلف الجوانب بشأن التعليم و التأهيل المهني لمديري المدارس ، مثل م. ميتروبوليتسكي، ف. ميرتشيفا ، ن. نينوف ، ك. ماجوروفا ، إ. سيميونوف ، ج. تسوكوف ، ف. كروموف ، إ. ايفانوف ، ز.نوييف ، ب. جيوشيف، أ.بيياتشيفا، إ. بينكوفا ، ب. ستويانوف ، ك. جينيف ، ب. لوبانسكي و غيرهم . لقد وجد هذا الموضوع حلا بسيطا للغاية و مجالا شديد التحديد في اطار المنظومة القائمة للتأهيل ما بعد الدراسة الجامعية لمديري المدارس، والذي تقوم به المعاهد السابقة لتطوير المعلمين، و التي أصبحت أقساما الآن.
كتب البروفيسور ب. بالكانسكي قائلا بأن ادارة التعليم البلغاري لها "مصير لا تحسد عليه" و حالها بوصفها مادة علمية و نشاط مهني "بالغ الحساسية" . فحتى بداية التغييرات الديمقراطية في العام 1989م كانت ادارة المدرسة تتأثر بقوة بمبدأ التربية السوفيتية بشأن ما يسمى "الادارة التربوية" أو "الادارة المدرسية" و كذلك "التحديد القانوني" للنموذج الاداري التسلطي لإدارة الدولة للتعليم ، إذ أن العطالة في ادارة المدارس و التعليم و التي استمرت لعقود طويلة لم تسمح بتقاربها مع العلم المشابه "المنجمنت" (الادارة) باعتبارها مادة علمية و مهنة و نشاط مهني مستقل. وعلى خلاف التطور المكثف للمنجمنت (الادارة) كعلم ، فإن ادارة التعليم و المدرسة في ظل وجود المجتمع المحكوم بالدولة قد عزلت بصورة واعية عن تطور العملية العلمية الدولية في ميدان المنجمنت، بما في ذلك المنجمنت التعليمي.
نحن شهود على تناقض استمر طويلا ، حيث تقوم الجامعات بإعداد و تأهيل إداريين يتمتعون بالمهنية لأنظمة الادارة لكافة مجالات الحياة الاجتماعية تقريبا ، ولا تقوم بإعداد مثل هؤلاء المهنيين لمنظومتها الخاصة بها. و في ذات الوقت فقط في منظومة ادارة التعليم الثانوي توجد حوالي 11 ألف وظيفة ادارية و قيادية على الملاك الدائم، يتم فيها تعيين اختصاصيين و لكن دون امتلاكهم للتعليم و التأهيل المهني المطلوب في ادارة المدارس أو المنجمنت التعليمي.
إن المشكله الأساسية في البحث المقدم هو التفاوت بين الإعداد الاداري الناقص لمدراء المدارس بشأن المنجمنت التعليمي بوصفهم مدراء يتمتعون بالمهنية و قادة تربويين، و ضرورة الاحتراف المهني في عملية ادارة المدارس، و ترسيخ عمل المدير باعتباره مهنة و نشاط مهني وحاجة اجتماعية لتطوير التعليم المهني ودراسة الادارة (المنجمنت المدرسي و التعليمي) لإعداد قادة مدارس من نوع جديد و اداريين مهنيين لتلبية احتياجات المنظومة الادارية للتعليم الثانوي.
لا يعتبر عمل مدير المدرسة مهنة حتى الآن، و لا يفترض وجود إعداد مهني متخصص في المنجمنت التعليمي (نظرية ادارة التعليم)، و يعتبر كافيا للمدير أن يتمتع بمعارف تربوية و أن يكون معلما جيدا "الأول بين زملائه" لكي يكون مديرا فاعلاً. لقد بينت البحوث على المدارس الفاعلة بأن واحدة من السمات الرئيسية للمدارس هي وجود الادارة المهنية و اسلوب تعليمي لدى القيادة. و يعود الفرق بين مدراء المدارس الفاعلة و المدارس غير الفاعلة الى حد بعيد الى حصول المدير من عدمه على التعليم والتأهيل المهني في مجال المنجمنت التعليمي.
إن المرحلة الانتقالية من القائد البيروقراطي اداريا صوب ذاك الذي يمتلك توجها تربويا ، من المدرسة ذات الطراز البيروقراطي مهنيا نحو الديمقراطي تنظيمياً، من طراز الادارة المركزي صوب اللامركزي في التعليم الثانوي، كل ذلك يمر من خلال الاحتراف المهني في الادارة و تطوير التعليم المعتمد على المهنية والدراسة المستمرة فيما يخص منجمنت المدرسة والقيادة التعليمية من اجل تكوين الاداريين المحترفين والقادة الاداريين في ميدان التعليم.
لا يمكن أن تكون هذه المرحلة الانتقالية سريعة، و لا تحتمل تقديم حلول مبسطة. و هذه المشاكل على وجه التحديد قد اعطت الباحث دافعا قويا لاختيار موضوع واهداف و مهام هذا البحث العلمي .
2ـ مشكلة البحث:
1- ماهو مفهوم الاحتراف المهني للادارة المدرسية؟
2- مااهمية عملية احتراف مديري مدارس الثانوية لمهنة الادارة المدرسية؟
3- مامستوى احتراف مديري مدارس الثانويه لمهنة الادارة المدرسية من وجهة نظر مديري المدارس والمعلمين؟
4- مامدى رغبة ومصلحة مديري المدارس من احتراف مهنة الادارة المدرسية من وجهة نظر مديري المدارس انفسهم؟
3- هدف البحث و مهامه:
إن الهدف الأساسي لهذا البحث يتمحور حول الكشف عن مميزات ادارة المنظمات التعليمية بوصفها نشاطا مهنيا و استقلاليتها النسبية باعتبارها مادة علمية، و كذلك حول البحث في تجربة ادارة المدارس الثانوية في الجمهورية اليمنية، وعلى هذا الأساس لوضع استراتيجية الاحتراف المهني في النشاط الاداري في منظومة التعليم الثانوي.
و بغية التوصل الى هذا الهدف توجب الوصول الى الاهداف البحثية التالية:
1ـ تسليط الضؤ على الاتجاهات المعاصرة لمفهوم الاحتراف المهني للادارة المدرسية نظريا وتطبيقيا.
2ـ ابراز اهمية الاحتراف المهني للادارة المدرسية في مدارس الثانوية.
3ـ تعيين مستوى احتراف مديري المدارس الثانويه لمهنة الادارة المدرسية من وجهة نظر مديري المدارس انفسهم والمعلمين وذلك من خلال تحديد مستوى فاعليتهم في المجاليين الاداري والتربوي.
4ـ تعيين مدى رغبة وموافقة مديري المدارس للتاهيل الاحترافي في مجال الادارة المدرسية من وجهة نظر مديري المدارس انفسهم.
5- تعيين الفروق الظاهرية التي قد توجد بين مستوى احتراف مديري المدارس لمهنة الادارة المدرسية كما يدركها مديري المدارس والمعلميين باختلاف الوظيفة الجنس الخبرة والمؤهل الدراسي.
6– تعيين الفروق الظاهرية التي قد توجد بين مستوى رغبة ومصلحة مديري المدارس لاحتراف مهنة الادارة المدرسية كما يدركها مديري المدارس باختلاف الجنس والخبرة والمؤهل الدراسي.
7- تعيين علاج لنواحي القصور الذي قد يظهر في مستوى احتراف مديري المدارس لمهنة الادارة المدرسية.
8- وضع نمودج نظري لبرنامج احتراف مديري المدارس لمهنة الادارة المدرسية , وذلك من خلال ماتوصلت اليه نتائج الدراسة والتجارب العالمية الناجحة المتعلقة في مجال الاحتراف المهني لمديري مدارس الثانوية العامة.
منهجية البحث
عند كتابة الاطروحة، تم استخدام مناهج بحث علمية تقليدية : المنهج الإحصائي، المنهج التاريخي، منهج المراقبة، منهج التحليل و والمناقشة. و جرت معالجة المعطيات بحسب برنامج SPSS . و من اجل الوصول الى المهام التي وضعناها نصب أعيننا في هذا البحث ، فقد جرى استخدام معطيات من الممارسة العملية ، وثائق قياسية ، نشريات و مقالات باللغة البلغارية و بلغات اجنبية في هذا المضمار ، كما جرى استخدام مصدر المعلومات الغني – الانترنيت.
فرضية الدراسة:
عند القيام بهذا البحث انطلق الباحث من افتراض مفاده: يوجد ترابط بين فاعلية واحتراف مهنة مدراء المدارس و إعدادهم المهني و تأهيلهم في القضايا المتعلقة بالادارة من جهة ، و ما يتمتعون به من كفاءات و مؤهلات بغية تنفيذ الأدوار المهنيةالمناطة بهم في المدرسة من جهة اخرى.
3 ـ منهجية البحث وتنظيمه:
تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي – التحليلي في البحث ، و الذي عُرضت فيه حقائق عن الظواهر المرصودة بشأن مناحي معينة تحدد سمات التخصص المهني و تنفيذ الأدوار المختلفة و الاستعدادات المهنية للمعلمين و مدراء المدارس الذين هم موضع الدراسة.
مجتمع وعينة الدراسة:
مجتمع الدراسة هو جميع مديري مدارس التعليم الثانوي ونوابهم والمعلمين في محافظة عدن في العام الدراسي 2003م -2004م , ويبلغ حجم مجتمع الدراسة طبقا للمعلومات المستلمه من قبل قسم الاحصاء مكتب التربية عدن كالآتي:
مدراء مدارس الثانوية ونوابهم (77) ، معلمين مدارس الثانويه العامه (1150).
عينة الدراسة:
تالفت عينة الدراسة من (41) مديري مدارس ونوابهم بنسبة وقدرها (53.2)بالمائه , ومن (216) معلمين بنسبه وقدرها (17.6) بالمائه.
ادوات جمع البيانات:
إن اداة الرئيسيه لجمع المعلومات هي استمارات الاستبيان، و قد اختار الباحث استمارة الاستبيان بوصفها اداة للدراسة ، حيث أنها تتفق و الميزة الوصفية للبحث، مع الأخذ بعين الاعتبار أهميتها من حيث جمع المعلومات والمعطيات من المجموعات المعنية، و كذلك فاعليتها في الحصول على نتائج محددة و امكانية تصنيفها و صياغتها بحسب المؤشرات الكمية.
تتكون أسئلة استمارة الاستبيان من ثلاثة أقسام ، يتضمن القسم الأول الكفاءة الادارية لمدير المدرسة في أربعة أبعاد – شخصي ، مهني، اجتماعي ، ذهني . و يتضمن القسم الثاني الأدوار التربويه لمديري المدارس – "مستشار و ناصح للمعلمين" ، "وكيل للتغييرات التعليمية" "مستشار و ناصح تربوي للتلاميذ" ، "ممثل للمدرسة في المجتمع المحلي". و من اجل تحديد فاعلية التنفيذ للمهام والأدوار التي تمت دراستها بشأن مدراء المدارس ، فقد جرى إدخال مجموعة من المؤشرات التي تتيح التدقيق في فرضية البحث ، من خلال قياس التقييم الذاتي للمدراء و تقييمات المعلمين ، بالاستعانة بسلّم يتكون من خمس درجات . و في القسم الثالث صيغت أسئلة تتم الاجابة عليها فقط من قبل مدراء المدارس و نوابهم لتحديد استعداداتهم ووجهات نظرهم حول وضعهم المهني و مصلحتهم من الإعداد و التأهيل المهني في ميدان الادارة المدرسية.
معايير لقياس الكفاءة الاداريه لمدراء المدارس
يتم التوصل الى تحديد شتى جوانب تخصص مدراء المدارس من خلال تقييم اجابات المشاركين في الاستبيان بصدد الكفاءة الاداريه لمدراء المدارس.
ـ السمات الشخصية للمدراء – المميزات المهنية – المميزات الاجتماعية ـ السمات الذهنية.
معايير لقياس الأدوار التربويه لمدير المدرسة:
يتحدد تنفيذ الأدوار التربويه لمدراء المدارس من خلال تقييم معالم تميّز كل دور:
ـ مستشار و ناصح للمعلمين – قائد للعملية التربوية و وكيل التغيير في المدرسة ـ مستشار و ناصح تربوي للتلاميذ ـ ممثل المدرسة في المجتمع المحلي
معايير لدراسة وجهة نظر المدراء تجاه الوضع المهني واستعدادهم للإعداد والتأهيل المهني في المنجمنت (الادارة) التعليمي.
هذه الناحية من البحث يتم تحديدها من خلال أجوبة مجموعة من المدراء ونوابهم بصدد وجهة نظرهم تجاه:
ـ النشاط الذي تم تنفيذه من قبلهم باعتبارهم قادة للمدارس.
ـ الاستعدادات لرفع تأهيلهم المهني واكتساب المعارف والكفاءات في مجال المنجمنت التعليمي.
ساحة النقاش