لقد أحدثت الثورة المعلوماتية والتكنولوجية في العصر الحديث إلى ظهور بعض المفاهيم الحديثة في شتى المجالات .. ولعل الإدارة بشكل عام ليست بمنأى عن العالم ولا عن التقنية .. ونظرا لهذا الفيضان المعرفي والتقني فقد ظهرت بعض المفاهيم الحديثة في كل مجال من العلوم .. تلك المفاهيم تعتبر ملاذ آمن للباحثين والطامحين في تقديم كل ما يفيد مجالهم عن طريق البحث والاستقصاء .. والاطلاع على تجارب السابقين وتوثيق مجهوداتهم حتى يصبح الجديد علما له قوانينه وأساليبه وأساسياته ...


ولعل [ مصطلح إدارة الأزمات ] من المصطلحات الجديدة نسبيا ، لأننا في عصر الأزمات ، سواء الأزمات بين الأفراد ، أو الأزمات الأسرية ، أو الأزمات الاجتماعية ، أو التعليمية ، أو السياسية .. وهكذا ما دامت الأزمات بهذا المستوى من الشمولية .. في جميع مناحي الحياة ، فإنه لابد أن يكون لها فكر مكتوب يستفاد منه في حل هذه الأزمات ..


وإدارة الأزمات تتطلب كفاءة إدارية مختلفة .. لأنها تبدأ من استشراف المستقبل ، ووضع الحلول والتصورات لما سيكون عليه هذا المستقبل في أضعف الاحتمالات والظروف والإمكانات ..ومن ثم إخراج المنظمة الأمواج المتلاطمة إلى بر الأمان .. دون أن يحدث ذلك ردود فعل سلبية لدا العاملين .. وهذا بحث المقل ، وجهد المبتدئ ، وعمل المقصر ، وإنتاج الجاهل بمثل هذه الأمور .. عن إدارة الأزمات والكوارث التعليمية في المدارسة .. وفد تحدثت فيه عن مفهوم الأزمة والفرق بينها وبين الكارثة والمشكلة ، وأسباب نشوء الأزمات ، وكيفية التعامل معها ، وتحدثت عن إدارة الأزمات والفرق بينها وبين الإدارة بالأزمات .. وناقشت الأزمة التعليمية .. والمدرسية ، والخطوات التي يجب إتباعها لإدارة الأزمة المدرسية .. ثم ناقشة أزمة حدوث حريق في المدرسة وكيفية التعامل مع مثل هذه الأزمة .. فإن صبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ...
والله أسأل أن ينفعنا بما جاء فيه .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
الباحث :

مكة المكرمة .. 1426 هـ



تمهيد
نظرا للفيضان المعرفي والثورة المعلوماتية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم في العصر الحديث ، فقد شهد القرن الحادي والعشرون انفجارا معرفيا وثقافيا واقتصاديا ، ظهر معه الكثير من المفاهيم والتطبيقات الإدارية الجديدة التي أفرزتها التغيرات الجديدة المتلاحقة .. وقد أدى ذلك لحدوث الكثير من الأزمات والكوارث جعلت المهتمين بعلم الإدارة يتجهون لاستحداث نمط إداري جديد .. يسمى إدارة الأزمات والكوارث ..


فإدارة الأزمات هي إدارة المستقبل والحاضر ، وتعتبر إدارة علمية رشيدة تبنى على العلم والمعرفة ، وتعمل على حماية ووقاية المؤسسة والارتقاء بأدائها ومعالجة أي قصور أو خلل يصيب أحد قطاعاتها ... وإدارة الأزمات تمثل إطار عمل يفيد في فحص وفهم المواقف المفاجئة وغير المتوقعة والتي تحمل بين طياتها الضغوط الشديدة والرفض والهدم للنظام القائم .. فهي منهج إداري موقفي للتعامل مع ظروف الأزمات وفي ظلها أو الاستعداد لها والتخطيط لمواجهتها .. وتبنى بالدرجة الأولى على القدرة التنبؤية لتوقع الأزمات بأشكالها وأحجامها وأوقات حدوثها ومجالا ت وقوعها .. [ د . أحمد إبراهيم ، ص : 21 ، بتصرف ]


مفاهيم ومصطلحات

أولا : تعريف الأزمة :
يؤكد [ الدكتور : أحمد إبراهيم أحمد في كتابه إدارة الأزمة التعليمية منور عالمي ] [ أن الأزمة ظهرت في القرن السادس عشر الميلادي وشاع استخدام المصطلح في المعاجم الطبية ، وهو يرجع إلى المصطلح اليوناني [ كرنيو ] ويعني نقطة تحول وهي لحظة مرضية محددة للمريض ، يتحول فيها إلى الأسوأ أو إلى الأفضل خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا .. [ أحمد إبراهيم ، ص : 23 ]

ويرى [ الدكتور عبد الرحمن الضحيان في كتابه إدارة الأزمات والمفاوضات ] [ أنه تم اقتباس هذا المعنى في القرن السابع عشر الميلادي للدلالة على ارتفاع درجة التوتر في العلاقات بين الدولة والكنيسة وبحلول القرن التاسع عشر الميلادي تواتر استخدامه للدلالة على ظهور مشاكل خطيرة أو لحظات فاصلة في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..
ويضيف أنه في القرنين العشرون والحادي والعشرون توسعت دائرة استخدام هذا المصطلح [ الأزمات ] لتشمل معظم الكوارث والحوادث مهما كان موقعها في الحياة الإنسانية ، سواء الاجتماعية أو السياسية ، أو الإدارية ، أو الاقتصادية أو الفنية أو الدينية ... [ الضحيان ،1421 هـ ، ص : 28 ]

ومن التعاريف التي أوردها الضحيان في كتابه ما يلي :

- تعريف [ أوران يونج - كاتب سياسي ]
[ الأزمة هي تداع سريع للأحداث يؤدي إلى تنشيط عناصر عدم الاستقرار في النظام الدولي أو في نسقه الفرعية على نحو غير مألوف يزيد من احتمالات اللجوء إلى العنف ]

- تعريف [ كورال بيل ]
[ الأزمة هي وصول عناصر الصراع في علاقة ما إلى المرحلة التي تهدد بحدوث تحول جذري في طبيعة هذه العلاقات مثل التحول من السلم إلى الحرب في العلاقات الطبيعية بين الدول ]

- ويعرف الضحيان الأزمة بأنها : [ هي كل حالة أو أمر مهما كان موضوعه ومجاله لا يستطيع صاحبه أو أصحابه [ أطرافه ] وضع حد لاشتداده وتطوره إلى الأسوأ .. [ الضحيان ، 1421 هـ ص : 29 ]

ويعرفها الدكتور أحمد إبراهيم أحمد بأنها : [ موقف يطرأ فجأة فتصبح له الأولوية المطلقة في ضرورة التعامل معه ، واتخاذ قرار لحسمه لأنه يهدد إحدى القيم العليا في المؤسسة بشكل لا يمكن التسامح معه ] [ أحمد إبراهيم ، 2003 ، ص 26 ]

وعليه فإن الأزمة هي [ حالة من الصعوبة المفاجئة التي تعطل سير العمل وتعمل على إرباك الخطط والاستراتيجيات وطرق التنفيذ ، تؤدي إلى استنفار كامل وتام من أجل التخفيف من حدتها أو التخلص من آثارها السلبية .. ]




ثانيا : تعريف المشكلة والفرق بينها وبين الأزمة :
[ يرى الدكتور عبد الوهاب محمد كامل في كتابه إدارة الأزمات المدرسية ] [ أن المشكلة تعرف بأنها عائقا أو مانعا يحول بين الفرد والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه ، وبعبارة أخرى فإن المشكلة عبارة عن تعارض في النتائج أو نقص في الأدلة . وتؤدي المشكلة إلى حالة انعدام التوازن مما يؤدي إلى إعاقة عملية التفكير ، فالعلاقة بين المشكلة والتفكير علاقة ذات اتجاه أحادي تبدأ بالمشكلة وتنتهي بالتفكير ، والعلاقة بين المشكلة والأزمة علاقة وثيقة الصلة فالمشكلة قد تكون سبب الأزمة ولكنها لن تكون هي الأزمة في حد ذاتها [ عبد الوهاب كامل ، 2004 ، ص 8 ]
وعليه يمكن القول : بأن المشكلة أخف حدة من الأزمة ، ويمكن حلها بأيسر الطرق وأسهلها ، ولا تتطلب جهودا كبيرة من أجل حلها ، وقد يؤدي حلها إلى تجنب وقوع الأزمة ، فهي كالشرارة إن تم إطفاؤها تم إطفاء النار ، وإن تم إهمالها اشتعلت النار وحلت الكارثة .... وحل المشكلة يجب أن يكون نهائي ونافذ المفعول ومستمر .. حتى لا تتحول تلك المشكلة إلى أزمة ...


ثالثا : تعريف الكارثة والفرق بينها وبين الأزمة :
يقول [ عبد الوهاب كامل ] : [ يخلط البعض بين الكارثة والأزمة ، فرغم اتفاقهما في كون كل منهما موقفا مفاجئا إلا أن الكارثة تختلف عن الأزمة فيما ينتج عنها من خسائر فادحة قد تؤدي إلى التأثير السلبي المباشر على مصالح الدولة ، وقد تحدث الكارثة لأسباب طبيعية أو نتيجة لتدخل الإنسان بصورة سيئة في الأنماط الطبيعية ، والكارثة ليست في حد ذاتها أزمة وإنما قد تنجم الأزمة من حدوث كارثة طبيعية كالبراكين والزلازل والأعاصير وذلك حينما يكشف حدوث الكارثة عن وجود بعض الأزمات التي كانت قائمة بالفعل في المجتمع قبل وقوع الكارثة إلا أنها كانت في حالة كمون ساعد عليها انتشار ظواهر الفساد الإداري .. ] [ عبد الوهاب كامل ، 2004 ، ص 8 ]
وعليه فإن بعض الكوارث تبرز لنا الأزمات ، إذ تكون بعض الأزمات في الظل إما بسبب تجاهل أو تهاون أو عدم مصداقية في المتابعة والإشراف تحت ما يسمى بسياسة [ غض الطرف ] ولعل ما حدث في إحدى مدارس البنات في مكة المكرمة قبل سنوات من حريق أدى إلى وفاة وإصابة المئات من الطالبات يعتبر كارثة ، والأزمة التي ظهرت من وراء هذه الكارثة هي أزمة المباني المستأجرة وأزمة توافر وسائل الأمن والسلامة في تلك المباني



الأزمات [ خصائصها ، وأسبابها ، وأنواعها ، وكيفية التعامل معها ]
أولا : خصائص الأزمات :
أوضح الدكتور [ أحمد إبراهيم أحمد في كتابه إدارة الأزمة التعليمية ] بعض خصائص الأزمات نذكرها فيما يلي :
 إن مصدر الأزمة يمثل نقطة تحول أساسية في أحداث متتابعة ومتصارعة في حياة المؤسسة .
 أن الأزمة تسبب في بدايتها صدمة ، وتوترا ، وضغطا ، مما يضعف من إمكانية الفصل السريع والمؤثر لمجابهتها .
 تتميز بتغيرات في العلاقات بين أعضاء المنظمة .
 تعد موقفا يتطلب من المشاركين درجة عالية من العمل والأداء .
 إن التصاعد المفاجئ للأزمة يؤدي إلى درجة عالية من الشك في البدائل المطروحة لمجابهة الأحداث المتصارعة .
 إن الأزمة تهدد استقرار المؤسسة ومقومات البيئة .
 أن مواجهة الأزمة تتطلب أنماطا تنظيمية غير مألوفة ونظما وأنشطة مبتكرة تمكن من استيعاب ومواجهة الظروف الجديدة المترتبة على التغيرات المفاجئة .
 لمواجهة الأزمة يتطلب توافر درجة عالية من التحكم في الطاقات والإمكانيات وحسن توظيفها في إطار مناخ تنظيمي يتسم بدرجة عالية من الاتصالات الفعالة .
 أنها غالبا ما تظهر سلوكا مرضيا يظهر في صورة عدم كفاءة وفاعلية متخذي القرار في مواجهة الأزمة .
 ترفع درجة التوتر بين الأعضاء .
 التعقيد والتشابك والتداخل والتعدد في عناصرها وعوامل أسبابها وقوى المصالح المؤيدة والمعارضة .
 ضغط الوقت وإدراك متخذ القرار أن الوقت المتاح لصنع القرار واتخاذه محدد .
 عدم وضوح الرؤية ، والقصور في تدفق المعلومات .
 إمكانية الاستفادة من هذا الموقف واكتساب خبرات جديدة .
 يؤدي هذا الموقف إلى توقف التصرفات المنتظمة وفقدان التوازن . [ أحمد إبراهيم ، 2003 ، ص 26 ]
ومن خلال استعراض هذه الخصائص فإن القدرة الإدارية لمواجهة الأزمة يجب أن تكون على درجة عالية من الشجاعة والحلم والأناة والنظر الثاقب فيما يجب فعله حسب الأولويات بما يساهم في حل الأزمة والخروج من نفقها بأقل الخسائر وأحسن النتائج ... والمساهمة قدر المستطاع في التخفيف من تأثير الأزمة على سير العمل وعلاقات العاملين لضمان عدم ظهور مشكلات قد تعقد حل تلك الأزمة .

ثانيا :أسباب الأزمات :
ويذكر [ الدكتور أحمد إبراهيم أحمد في كتابه الثاني ، إدارة الأزمات التعليمية في المدارس ] أن أسباب الأزمات يمكن تقسيمها على النحو التالي :
 أسباب خارجية [ خارجة عن إرادة إدارة المنظمة ] : مثل الزلازل والبراكين والأعاصير والحرائق والتقلبات الجوية الحادة وغيرها من الكوارث الطبيعية التي يصعب التكهن بها والتحكم في أبعادها .
 ضعف الإمكانيات المادية والبشرية للتعامل مع الأزمات مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات وتحولها إلى كوارث ومضاعفة الخسائر الناجمة عنها .
 تجاهل إشارات الإنذار المبكر التي تشير إلى إمكانية حدوث أزمة .
 عدم وضوح أهداف المنظمة ، مما يؤدي إلى عدم معرفة العاملين بالأدوار المطلوبة منهم وعدم وضع خطط لمواجهة تحديات المستقبل .
 الخوف الوظيفي وما ينتج عنه من : عدم تشجيع العاملين على إبداء آرائهم ومقترحاتهم ، عدم مشاركة العاملين في عملية صنع القرار ، انخفاض الروح المعنوية لدا المعلمين ..
 صراع المصالح بين العاملين وما يترتب عليه من : انهيار نظام الاتصال داخل المنظمة ، عدم تعاون ، والنزاع الهدام ، والتنافس السلبي ، وعدم التزام العاملين بتعليمات الإدارة العليا .
 ضعف نظام المعلومات ونظام صنع القرارات مما ينتج عنه : عدم وجود المعلومات الصحيحة التي تساعد في عملية صنع القرار ، عدم دراسة الحلول البديلة للأزمة .
 القيادة الإدارية غير الملائمة وما يترتب على ذلك من : عدم قدرة المديرين على تحمل المسؤولية ، عدم ثقة المديرين في مرؤوسيهم ، ضعف القدرة التنبؤية للمديرين ، إغفال دافعية العمل والحوافز .
 عدم إجراء مراجعة دورية للمواقف المختلفة وما يترتب على ذلك من : عدم التعلم من الخطاء ، عدم تقبل الآراء الجديدة والحلول المبتكرة .
 ضعف العلاقات بين العاملين في المنظمة مما يؤدي إلى : عدم تفهم وجهات نظر الآخرين بشأن حل الأزمات ، وعدم وجود تخطيط مشترك من أجل المستقبل .
 وجود عيوب في نظم الرقابة والاتصال والمعلومات والحوافز .
 عدم ملاءمة التخطيط والتدريب والتنمية للتعامل مع الأزمات . [ أحمد إبراهيم ، 2004 ، ص ص27 – 30 بتصرف ]

وتتعدد أسباب الأزمات وتختلف مسبباتها إلا أننا نستخلص أن سوء التخطيط وعملية التنبؤ وعدم الاستفادة من الخبرات السابقة من شأنه أن يسهم بشكل كبير في حدوث الأزمات ... كما أن عدم الاهتمام بالعاملين في المنظمة باعتبارهم جزء لا يتجزأ من فن الإدارة واتخاذ القرارات وصنعها .. يسهم بشكل كبير في حدوث الأزمات ... كما أن التهاون في حل المشكلات الصغيرة أو البسيطة من شأنه أن يطورها حتى تتحول إلى أزمات يكون حلها معقدا أو صعبا ...

ثالثا : أنواع الأزمات :
يقسم [ الدكتور أحمد إبراهيم أحمد في كتابه ، إدارة الأزمة التعليمية ] الأزمات وفقا لما يلي :

حسب شدة أثرها : وتنقسم حسب شدة أثرها إلى ..
- أزمات شديدة الأثر وهي الأزمات التي يصعب التعامل معها .
- أزمات محدودة الأثر ، وهي الأزمات التي يسهل التعامل معها .

حسب المستوى :
 أزمات عالمية تؤثر على العالم كله مثل الحروب .
 أزمات إقليمية تؤثر على إقليم معين من العالم .
 أزمات محلية تؤثر على دولة واحدة دون غيرها .
 أزمات تنظيمية تؤثر على المنظمات داخل الدولة الواحدة .

حسب البعد الزمني :
 أزمات متكررة الحدوث وبالتالي لها مؤثرات ومؤشرات إنذار مبكر .
 أزمات مفاجئة وهي التي تحدث دون سابق إنذار .

حسب المراحل :
 أزمة في مرحلة النشوء .
 أزمة في مرحلة التصعيد .
 أزمة في مرحلة الاكتمال .
 أزمة في مرحلة الزوال .

حسب الآثار الناجمة :
 أزمات ليس لها آثار جانبية أي أن أثرها المباشر معروف .
 أزمات لها آثار جانبية ومضاعفات غير مباشرة . [ أحمد إبراهيم ، 2003 ، ص ص : 34 ، 35 ]

رابعا : كيفية التعامل مع الأزمات :
يرى [ الدكتور : عبد الرحمن الضحيان ، في كتابه إدارة الأزمات والمفاوضات ] : أن الأزمات تحتاج إلى تعامل خاص من المدير والمشرف على مراحل الأزمات سواء قبل ظهورها أو أثناء قوعها أو بعد التغلب عليها ، إن الإدارة والمدير الناجح هو الذي يعد العدة اللازمة لمواجهة الأزمات .. وقد ذكر جملة من الإجراءات نوردها فيما يلي بتصرف وزيادات :
 تبسيط الإجراءات :
وتعني تسهيل حركة اتخاذ القرار وسيره ووصوله إلى المنفذين بأسرع وقت وبالطريقة والسبل الصحيحة ليتمكنوا من تحريك العملية الإدارية كاملة نحو الهدف المرسوم لكل مدير وإدارة داخل الجهاز .. وتبسيط الإجراءات علاج أولي وقائي ضد حدوث الأزمات أصلا ثم محاصرتها وتقليل مخاطرها .. وتبسيط الإجراءات من شأنه أن يقلل المدة الزمنية اللازمة للاتخاذ القرار ، وبالتالي يسهم في حل الأزمة وهي في مرحلة النشوء مما يقلل من فرص تفاقمها .. وصعوبة حلها ..

 التعامل الإداري لمنهجي مع الأزمة :
كل عمل يتسم بالعشوائية والفوضى وعدم التنظيم يكتب عليه الفشل في كل الحالات ، ويتأكد هذا الفشل عند ظهور الأزمات التي تخرج المدير والإدارة من حالة السيطرة على الأمور . فكلما كانت وظائف الإدارة من تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ومتابعة على درجة عالية من الجودة والاتقان ، دون تجاهل لأحدها ، فالتخطيط السليم يحتاج إلى تنظيم سليم يدعمه ويحقق أهدافه ، والتنظيم السليم يحتاج إلى توجيه سليم ، ومتابعة مستمرة .. حتى يتم التأكد من تحقيق أهداف المنظمة كما خطط لها ... وكلما كان هناك خلل في أحد هذه الوظائف كلما صعب على المدير حل الأزمة أو التقليل منها ....

 الشعور بالمسؤولية والتفاعل الإداري :
يمثل الشعور بالمسؤولية من كل أطراف الجهاز الإداري قضية في غاية الأهمية لنجاح العملية الإدارية والتغلب على كل حادث يحدث أو أزمة تظهر .. والشعور بالمسؤولية يعني تحمل العبء كاملا وعدم الهروب إلى الخلف ، بل دائما إلى الأمام لحمل الجهاز إلى النجاح للإنتاج ، ومن أعظم مكاسب الشعور بالمسؤولية وتحمل الواجب الحضور الدائم للمدير وشخوصه المستمر في كل موقع من مواقع الجهاز الإداري ، وهذا الحضور يمثل الاستعداد التام للسيطرة على مظاهر الأزمات وقيادة فريق العمل لمواجهة الأزمات قبل ظهورها .

 تفويض السلطة :
الحديث عن تفويض السلطة في الأزمات من الأمور المهمة جدا ، لأن المدير المركزي سوف يضيع فرص السيطرة على الأزمة ، لأنه ممسك بزمام القرارات للأمور تحت تصرفه بينما الأمر يقتضي أن يفوض المدير بعض الصلاحيات لمن معه حتى يساعدهم ذلك على السيطرة العاجلة على مظاهر الأزمة .. إلا أن تفويض السلطة [ وخاصة في الأزمات ] يجب أن لا يكون محدودا في الأمور الإجرائية والمقترحات الحلولية لهذه الأزمة ، حتى لا يتكون أزمة جديدة نتيجة تفويض كامل السلطة للمديرين المساعدين أو الوكلاء .. وليس القصد هنا انتزاع الثقة منهم وإن كنت أميل إلى الرأي الجماعي والقرار المتفق عليه الذي يصدر عقب اجتماعات يومية بين المدير العام للمنظمة ومساعديه .

 المعلومات وقود الأزمات :
يرى الضحيان : " أن المعلومات هي الوقود الذي يوصل الأزمة إلى بر الأمان أو المزيد من الاشتعال ، فالمدير لا بد له من المعلومات الحديثة الصحيحة لتطورات الأزمات حتى يتخذ القرار المناسب في الوقت الحرج أثناء الأزمة " إن صدق المعلومات يعتمد في الأساس على كيفية الاتصال الإداري وسرعته داخل المنظمة لأن صدق المعلومات مع بطء نقلها قد لا يؤدي إلى قرارات صحيحة وسليمة لحل الأزمة ، كما أن صدق المعلومات يعتمد على مصادرها الأساسية ولن يستطيع المدير التأكد من صدقها ما لم يكن معه وكلاء وعاملين صادقين في نقل المعلومة ، وتصوير الأحداث كما هي في الواقع حتى يستطيع الإداري اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .



 التدريب السابق والدائم :
لا يمكن للمدير الراشد أن يستبعد وقوع الأزمات داخل أو حول جهازه الإداري صغيرا أم كبيرا .. وسواء كانت الأزمة مفتعلة من الآخرين أو حدثا طبيعيا لا إرادة لأحد فيه .. والمنظمات الناجحة إداريا هي التي تملك خططا جاهزة مدربا عليها جميع موظفي الجهاز لمواجهة الأزمات الصغيرة والكبيرة تفاديا لوقوعها ثم عدم السيطرة عليها.
إلا أن التدريب أحيانا يختلف عن الواقع .. فالتنظير لأي أزمة والتدريب على كيفية مواجهتها ، يختلف عن مواجهتها على الواقع في حال حدوثها ، والمدير الناجح هو الذي يكون مستعدا لأي طارئ واضعا أصعب الاحتمالات لمواجهة الأزمة ... حتى لو كانت في وجهة نظره مستبعدة أو ضعيفة الاحتمال ...

ومواجهة الأزمات والتعامل معها .. لا ينفرد به شخص دون الآخر ، ولا تقع مسؤوليته على المسؤولين في السلطات العليا .. لأن النجاح الإداري لمواجهة الأزمات يجب أن يكون تعاونيا من صغار الموظفين حتى أصحاب القرار في المنظمة .. والنجاح إن حصل يجب أن ينسب للجميع ولا ينفرد به شخص دون غيره ..

والتعامل مع الأزمة ينقسم حسب المراحل إلى ..
 قبل ظهورها : للتخفيف من آثارها بالتخطيط المسبق والتدريب على ذلك والاستفادة من الخبرات السابقة في مثل هذه الأزمات .
 أثناء الأزمة : حيث المواجهة وجها لوجه مع الأزمة بكامل اطقم الجهاز والعمل فريقا واحدا للحد من آثارها والسيطرة على حدودها وعدم انتشارها لأن في ذلك تحكما حكيما نتيجة الاستعداد والتدريب على المواجهة .
 بعد الأزمة : وذلك بدراسة ما وقع وآثاره وما ترتب عليه من خسائر ما دية ومعنوية لأفراد الجهاز ثم إعادة الأمور إلى طبيعتها ومحاولة تحسين ذلك إلى ما هو أحسن ثم العبرة للجميع حتى لا تتكرر الأزمة لأن المهم عدم التكرار وليس وقوع الشيء أول مرة ... [ الضحيان : 1421 ، ص ص 49 – 55 بتصرف ]



إدارة الأزمات والإدارة بالأزمات
قد يحدث خلط ومزج بين أسلوب إدارة الأزمات والإدارة بالأزمات ولذا وجب التفرقة بين المصطلحين كما أوردها [ الدكتور أحمد إبراهيم أحمد في كتابه إدارة الأزمة التعليمية ] كما يلي :
أولا : إدارة الأزمات :
ارتبط مصطلح إدارة الأزمات ارتباطا قويا بالإدارة العامة .. فإدارة الأزمات نشاط هادف يقوم على البحث والحصول على المعلومات اللازمة التي تمكن الإدارة من التنبؤ بأماكن واتجاهات الأزمة المتوقعة ، وتهيئة المناخ المناسب للتعامل معها ، عن طريق اتخاذ التدابير اللازمة للتحكم في الأزمة المتوقعة والقضاء عليها أو تغيير مسارها لصالح المنظمة .
وإدارة الأزمة هي : كيفية التغلب عليها بالأدوات العلمية الإدارية المختلفة وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها وهي العملية الإدارية المستمرة التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة عن طريق الاستشعار ورصد المتغيرات البيئية الداخلية أو الخارجية المولدة للأزمات وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة لمنع أو الإعداد للتعامل مع الأزمات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفاعلية ، وبما يحقق أقل قدر ممكن من الأضرار للمنظمة وللبئية وللعاملين .

وبمعنى آخر إن إدارة الأزمة هي : كيفية التغلب عليها بالأدوات العلمية الإدارية المختلفة وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها .. إن التعامل مع الأزمات والتفرقة بين صناعة الأزمة وبين معالجتها ، هو أمر لازم وضروري لوضع العلاج والتخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعة العلاج الناجح والمناسب لها ..

ثانيا : الإدارة بالأزمات :
تعني الإدارة بالأزمات نشاطا تقوم به الإدارة كرد فعل لما تواجهه من تهديدات وضغوط متولدة عن الأزمة ، وأنه لا توجد خطة واضحة المعالم تضع المستقبل في حسبانها وتعد العدة لمواجهة مشكلاته أو منعها قبل وقوعها ، ولكن تترك الأمور والأحداث تتداعى حتى تقع الأزمة ، عندئذ فقط تتحرك الإدارة وتقوم بسلسلة من المجهودات - التي غالبا ما تكون كثيفة وشاقة – وإن كانت نتائجها غير فعالة ، حتى تنقضي الأزمة ، فتعود الإدارة إلى السكون وعدم الحركة مرة أخرى ، فلا نلمس إذا وجود الإدارة إلا وقت الأزمات فالإدارة بالأزمات إذا :
هي إدارة ساكنة تنفعل مع الأزمة التي تواجه المؤسسة وتتعامل معها بالشكل العلاجي الذي قد يصيب ويخطئ ، ومن ثم فهي إدارة وقتية تبدأ مع الأزمة وتنتهي بانتهائها .

وتقوم الإدارة بالأزمات على افتعال الأزمات وإيجادها كوسيلة للتغطية والتمويه على المشاكل القائدة لدا الفرد أو المنظمة ، ويطلق عليها البعض الأزمة للتحكم والسيطرة على الآخرين .. ويمكن أن يتم ذلك من خلال التخطيط لخلق الأزمة ثم استثمارها أو استكمال الفرص التي يمكن أن تنتج عن أزمة حقيقية لتحقيق بعض الأهداف التي كان يصعب تحقيقها في الظروف العادية . [ أحمد إبراهيم ، 2003 ، ص ص : 35 ، 37 ]



دور الإداري المسلم في إدارة الأزمات

لقد وضع الفكر الإداري الحديث عددا من الخطوات يمكن إتباعها عند حدوث الأزمة , وهي كما يلي :
• تكوين فريق عمل لوقت الأزمات وإمداده بأفضل الكوادر والتجهيزات والأدوات .
• تخطيط الوقت أثناء الأزمات والاستفادة من كل دقيقة في تخفيف أثر الأزمات .
• الرفع من معنويات العاملين وقت الأزمات مما يشعرهم بالحماس والحيوية والالتزام بالعمل .
• الإبداع والتجديد في المواقف العصيبة وإشعال روح الإبداع لدى العاملين لتقديم حلول وآراء غير مسبوقة
• حل المشكلات وقت الأزمات بتحديد المشكلة وإجراء المشورة ومن ثم اختيار الحل الأنسب من الحلول المتاحة .
• تقبل التغيير وقت الأزمات .
• العمل على حصر الأزمات التي من المتوقع أن تحدث في الحاضر والمستقبل والعمل على دراستها ووضع بدائل للحلول المناسبة لها .

ولكن نجد أن نموذج ( إدارة الأزمات ) الذي وضعته الإدارة الحديثة تجاهل بعض النواحي الإسلامية التي يمكن تضمينها لاستخلاص نموذج إداري متكامل لإدارة الأزمات يعتمد على الأسس التي اعتمدت عليها الإدارة الحديثة بعد تأصيلها بالفكر الإسلامي , ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة في تفعيل الأزمات والاستفادة منها وفي كيفية تحويل المحنة إلى منحة وتحويل الموقف السلبي إلى إيجابي وذلك بقوة الإيمان والعزم والتوكل على الله ,
والنموذج الإسلامي لإدارة الأزمات يمكن وضعه على الصورة التالية :
• أن يكون مرجع إدارة الأزمة نابع من كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – .

• الشعور بالطمأنينة والثقة بالله سبحانه وتعالى ثم الثقة بالذات والنفس ويضع في اعتباره قوله تعالى : (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .

• التعلق بالله جل وعلا والإكثار من الدعاء : ففي غزوة بدر عندما ظل النبي – صلى الله عليه وسلم – رافعا يديه إلى السماء يدعو ربه ويقول : ( اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لن تعبد في الأرض بعد اليوم) فما زال يهتف بربه ، ماداً يديه مستقبل القبلة ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه حتى جاءه أبو بكر – رضي الله عنه – قائلا : إن الله منجز وعدك يا رسول الله , ويوم أن قال له الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فقال – صلى الله عليه وسلم – (حسبنا الله ونعم الوكيل ) , ويقول تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} ( غافر : 60 ) , ويجب علينا ألا ننسى ( إن الله يحب الملحين بالدعاء ) , ومن ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما يحدث به علي رضي الله عنه يقول : لقد أتينا ليلة بدر وما فينا إلا نائم إلا النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى شجرة ويدعو..) , ويقول – صلى الله عليه وسلم – : ( ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه السوء مثلها ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ) رواه الترمذي.

• الثقة بالله جل وعلا : وما يشير إلى ذلك قوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا } (الشرح : 5 – 6 ) , وقوله تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران : 139 ) , وأيضا في غزوة بدر عندما وقف النبي – صلى الله عليه وسلم – يشير إلى مواطن الأرض , ويقول : هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان , يقول الصحابة : فما اخطأ موقع أحدهم , وبعد موتهم ودفنهم في القليب وقف أمام القليب – صلى الله عليه وسلم – وقال : ( إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا),

• الاستفادة مما سبق من تجارب ماضية : والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على عدم الوقوع في الأمر مرتين فيقول : (لا يلدغ المؤمن من جرح مرتين) متفق عليه , والاستفادة من الأزمة لمعرفة الصديق المساند من العدو المتهرب ,
فالواجب علينا الاستفادة من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين أيضا والعمل على قراءة المستقبل من خلال معرفة الماضي للاستفادة من زماننا حتى لا يضيع سدى .

• عدم تقليد المنظمات الأخرى في حلول الأزمات التي تتبعها , فما يناسب منظمة ليس بالضرورة أن يناسب منظمة أخرى لعدم تكافؤ الظروف بين المنظمات .

• المبادأة والابتكار فيما يخدم تغيير المنظمة نحو الأفضل , فالقائد الناجح عليه إشعال حماس العاملين الأمر الذي يؤدي إلى رغبة الفرد في المشاركة وحل الأزمة , فعلى سبيل المثال إتاحة الفرصة للتعبير عن النفس ، وتحقيق الذات ، والإحساس بأن الفرد نافع ، والرغبة في الحصول على معلومات ، والرغبة في التعرف والعمل مع زملاء جدد، والإحساس بالانتماء إلى عمل خلاق ومكان عمل منتج ، والرغبة في النمو والتطور من خلال الإبداع والتطوير ، وغيرها من مثيرات الحماس والدافعية .

• أن يتبنى إدارة الأزمات داخل المنظمة قائدا يتمتع بصفات تؤهله لإدارة الأزمات وحل المشكلات , ومن هذه الصفات ( العلم – الخبرة – الذكاء – سرعة البديهة – القدرة في التأثير على الأفراد – التفكير الإبداعي والقدرة على حل المشاكل والسيطرة على الأزمات – القدرة على الاستفادة من علوم الآخرين وخبراتهم – القدرة على الاتصال الفعال بالآخرين وتكوين العلاقات الإيجابية – الرغبة والحماس ) , يقول تعالى : { إن خير من استأجرت القوي الأمين } ( القصص : 26 ) .

• الموازنة الموضوعية بين البدائل المتاحة واختيار أقربها إلى حل الأزمة وتحقيق مصلحة العمل والمنظمة فيما لا يخالف الشريعة الإسلامية , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما جمع أصحابه في غزوة الخندق يأخذ رأيهم , فعرضوا عليه آرائهم وكان من بين الآراء رأي سلمان الفارسي – رضي الله عنه – الذي أشار إلى حفر الخندق فأخذ برأيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لأنه الأقرب للصواب .

• يعتبر ( الصبر ) من أهم الصفات التي يجب على القائد التحلي بها عند الأزمة , وتتضح أهمية الصبر من موقف النبي – صلى الله عليه وسلم في حل أزمة الحصار الاقتصادي عليه وعلى الذين آمنوا معه قبل الهجرة : يقول تعالى : { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين } (البقرة : 153 ) , وفي موقف آخر " لما عجزت قريش عن قتل النبي صلى الله عليه وسلم أجمعوا على منابذته و من معه من المسلمين ، فكتبوا كتاباً تعاقدوا فيه على ألا يناكحوهم و لا يبايعوهم و لا يدعوا سببا من أسباب الرزق يصل إليهم و لا يقبلوا منهم صلحاً و لا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلم بنو المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ليقتلوه، و علقوا الكتاب في جوف الكعبة و اشتد البلاء برسول الله صلى الله عليه وسلم و الذين آمنوا معه حتى كانوا يأكلون الخبط و ورق الشجر و كان التجار يغالون في أسعار السلع عليهم و كان الأطفال يتضاغون من الجوع، و لم تترك سلعة تصل إليهم , و بعد ثلاث سنوات أجمع بنو قصي على نقض ما تعاهدوا عليه، فأرسل الله على صحيفتهم الأرضة فأتت على معظم ما فيها من ميثاق و عهد و لم يسلم من ذلك إلا الكلمات التي ذكر فيها اسم الله عز وجل " فكان جزاء هذا الصبر و الجلد و تحمل المشاق أن الله سبحانه وتعالى قد مكنهم من منابع الثروة و الاستيلاء على عروش الملوك و فتح بلاد الروم و فارس , و صدق الله إذ يقول: {و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين } ( القصص : 5) .

• الاستخارة : فلقد روى لنا جابر أن رســول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلّمهم الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، ولاحظ أنه قال: "في الأمور كلها" هكذا، أي في عظيم الأمر وحقيره؛ فما بالك بقرار يتعلق بأزمة، وها هو صلى الله عليه وسلم يقول لنا: "إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهـم إني أستخيرك بعلمـك ....." , وكان يقول – صلى الله عليه وسلم – : ( ما خاب من استخار وما ندم من استشار ) .

• التمسك بالقيم والمثل والأخلاق والسلوكيات الحسنة : فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت الأزمات و المحن الاقتصادية لم يتنازل عن القيم و المثل و الأخلاق و السلوكيات التي أمر الله بها وبذلك استحق النصر بعد الأزمة و اليسر بعد العسر .

• الشجاعة : ومثال لذلك لما ارتجفت المدينة وسمع الناس دويا عظيما فيها فخرج الناس لينظروا , فإذا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – قد عاد راكبا على حصانه من غير سرج يقول لهم : ( لم تراعوا ... لم تراعوا ) , وكان أصحابه – رضوان الله عليهم – يقولون : (كنا إذا اشتد بنا الوطيس احتمينا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – ) .

• التفاؤل وعدم التشاؤم : فيجب على المسلم ألا ينظر للأزمة على أنها كلها شر , فالنظرة السلبية تعوق التفكير السليم الذي يسهل الوصول للحل المناسب , وفي هذا يقول الشافعي :
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف ....وتستقر بأقصى قاعه الدرر

• على القائد أن يتذكر دائما قاعدة ( ما أصابك لم يكن ليخطئك ) : هذه الوصية تجعلك تظفر بثمرة "الإيمان بالقضاء والقدر"؛ فالأزمة في حقيقتها مصيبة يبتلينا ربنا - عز وجل - بها تمحيصاً للذنوب ورفعة للدرجات، قال - تعالى -: { إنا كل شيء خلقناه بقدر } {القمر: 49}، وقال: { وكان أمر الله قدرا مقدورا } {الأحزاب: 38}، وفي حديث جبريل - عليه السلام - أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان بقوله: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره", وفي هذا الإطاري يقول جل من قال : {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } (العنكبوت : 2 – 3 ) , ويجب على المسلم أن يجعل الإيمان بالقضاء والقدر وسيلة لكسب الحسنات وتكفير السيئات من منطلق حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – : (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولاهم ولا حزن ولا أذى ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) متفق عليه.

• تجنب الغضب وقت الأزمة : لأن الغضب يؤدي إلى تشويش التفكير وعدم التركيز وبالتالي قرارات عشوائية , فعن أبي هريرة أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني! فقال صلى الله عليه وسلم : "لا تغضب" فردد مراراً؛ قال: "لا تغضب" .

• توسيع نطاق المشاورة : يقول تعالى : { وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله } (آل عمران : 159 ).
• التعاون بين الأفراد داخل المنظمة للعمل على حل المشاكل والأزمات التي يمكن أن تواجهها المؤسسة , وقد قال تعالى : {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ( المائدة : 2 ) .

• الاستعانة والتوكل على الله : فالمسلم بعد أن يختار من الحلول ما يراه ملائما لحل الأزمة عليه أن يتوكل على الله ويستعين به , لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( اعقلها وتوكل ) , ويقول تعالى : { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } ( المجادلة : 21 ) .

• العزم والعمل وعدم التخاذل والتردد: يقول تعالى : { فإذا عزمت فنوكل على الله } ( آل عمران : 159 ) , ولذا فقد قيل : العاجز يلجأ إلى كثرة الشكوى ، والحازم يسرع إلى العمل

وبالتالي يمكننا الاستفادة مما هو موجود بالفكر الغربي بعد تأصيله بالفكر الإداري الإسلامي الذي جاءت به شريعتنا الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة النبوية المطهرة التي لم تترك أمرا من أمور الحياة الدنيا والآخرة إلا تضمنتها , يقول تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }

المصدر موقع صيد الفوائد الإلكتروني .. بقلم هناء يماني ..
http://saaid.net/Minute/79.htm


الأزمة التعليمية

مفهومها :
تحدث الأزمة التعليمية نتيجة تراكم مجموعة من التأثيرات الخارجية المحيطة بالنظام التعليمي ، أو حدوث خلل مفاجئ يؤثر على المقومات الرئيسية للنظام التعليمي ويشكل تهديدا صريحا وواضحا لبقائه .. ويعرفها [ الدكتور أحمد إبراهيم في كتابه إدارة الأزمات التعليمية - الأزمة التعليمية ]
بأنها : موقف أو وضع يمثل اضطرابا للمنظومة صغرى كانت [ تعليمية ] أو كبرى [ مجتمعية ] ، ويحول دون تحقيق الأهداف التعليمية والتربوية الموضوعة ، ويتطلب إجراءات فورية للحيلولة دون تفاقمها ، والعودة بالأمور إلى حالتها الطبيعية .

أما الأزمة التعليمية داخل المدارس فهي : حالة مؤقتة من الضيق وعدم التنظيم ، وخلل في الإدارة ، مما يؤدي إلى عدم قدرة المدير على مواجهة موقف معين باستخدام الطرق التقليدية في التعامل مع الموقف وتؤدي إلى نتائج غالبا ما تكون غير مرغوبة وبخاصة في حالة عدم وجود استعداد أو قدرة على مواجهتها ..

ولعل هناك أزمات يصعب على إدارة المدرسة حلها أو التغلب عليها .. كعجز أعداد المعلمين ، وكثافة الطلاب مع ضيق المبنى المدرسي ، وتأخر وصول الكتب المدرسية ، فهي من اختصار المستوى المتوسط أو الأعلى للإدارة التعليمية على مستوى وزارة التربية والتعليم أو على مستوى إدارات التعليم ... ومن هنا يمكن أن نفرق بين الأزمة التعليمية وهي التي تتم على مستوى الوزارة أو إدارة التربية والتعليم ، والأزمة المدرسية وهي التي تتم داخل المدرسة ويتولى حلها مدير المدرسة والوكلاء والمعلمون والطلاب وأولياء الأمور ...

وسأتناول في هذا البحث البسيط الأزمة المدرسية من حيث خطوات حلها وطرق الوقاية منها قبل الأزمة أو أثناء الأزمة أو بعد الأزمة ثم سأعرض لأزمة مدرسية مقترحا الطريقة المناسبة لحلها وما يجب على الهيئة الإدارية والتعليمية فعله لحل هذه الأزمة ...

إدارة الأزمات المدرسية :
إن فن إدارة الأزمات المدرسية هو فن التنبؤ بالمستقبل وكيفية مواجهة هذا المستقبل في أصعب الظروف وأقل الإمكانات بما يؤدي إلى تقليل الخسائر إلى أقل حد ممكن ... أو تلافي حدوث هذه الأزمات في ظل الاستشراف الصادق للمستقبل ..

الخطوات الواجب القيام بها لإدارة الأزمات :
وجدت في كثير من مرجع خطوات مواجهة الأزمات .. وقد استنبطت من تلك المصادر ما يفيدني في هذا البحث أو ما يفيد في فن إدارة الأزمات المدرسية .. وتناولت ذلك على النحو التالي :

أولا : فن إدارة الأزمات قبل وقوعها :
وهذا الفن يفتقده الكثير من المديرين ، بسبب استبعاد مثل تلك الاحتمالات أو عدم التصديق بحدوثها مثلا ولذلك يجب على مدير المدرسة قبل وقوع أي أزمة أن يقوم بالإجراءات التالية :

 تشكيل فريق إدارة الأزمات :
يتكون من مدير المدرسة والوكلاء وأصحاب الرأي السديد والمشورة الصادقة والخبرة الكافية من المعلمين .. يتولى هذا الفريق استشراف المستقبل ودراسة احتمالات حدوث أزمات داخل المدرسة تحت ظروف حرجة ، وإمكانات ضعيفة .. واقتراح الحلول المناسبة لمثل هذه الأزمات ... وفق إمكانات المدرسة ....
 التخطيط :
والتخطيط مسؤولية جماعية يشترك فيها مدير المدرسة والوكلاء وجميع المعلمين ، على اعتبار أن الأزمة يلحق ضررها بالجميع ويجب أن يشارك الجميع في حلها أو التخطيط السليم لمواجهتها .. حتى تبتعد القرارات عن العشوائية والحلول عن الفوضوية ..
 التوعية :
لا يمكن أن ينجح أي حل لأي أزمة ما لم يسبقه حملة إعلامية توعوية على احتمالية وقوع مثل هذه الأزمة ومن ثم التوجيه السليم للطلاب والمعلمين في حال حدوث مثل هذه الأزمة ما يجب فعله حسب الأولويات التي من شأنها أن تقلل من الخسائر المحتملة من هذه الأزمة ...


 التطبيق والتجربة والتدريب :
بعد الخطوات السابقة تأتي خطوة مهمة وهي خطوة التطبيق والتجربة والتدريب والمقصود بها تمثيل وقوع الأزمة وتجربتها في أصعب الظروف وأقل الإمكانات لمعرفة سرعة التجاوب في حلها و تدريب المعلمين والطلاب على كيفية مواجهة الأزمة وكيفية اتخاذ الإجراء المناسب وقت وقوعها .. والتعود على أجوائها حتى لا تكون صدمة من شأنها أن تحدث كارثة داخل المدرسة .. بسبب جهل المعلمين والطلاب بالكيفية المناسبة لحل ومواجهة تلك الأزمات ...

ثانيا : أثناء وقوع الأزمة :

 التبليغ :
يعتبر التبليغ الصادق السريع أثناء وقوع الأزمة أهم الأسباب المؤدية لنجاح إدارة المدرسة في حل هذه الأزمة أو التغلب عليها .. والمساعد الأول في سرعة اتخاذ القرار المناسب قبل أن تتفاقم الأزمة وتدخل في نفق ضيق يصعب حله ... وكذا سرعة تبليغ مدير المدرسة للجهات العليا في إدارة التربية والتعليم ..
 السرعة في اتخاذ الإجراءات :
بعد التبليغ السريع لحدوث الأزمة يبدأ مدير المدرسة في اتخاذ الإجراءات المناسبة حسب الأولويات ، ويجب أن يكون اتخاذ القرار بأسرع وقت ممكن .. حتى لا تتزايد الأزمة لدرجة يصعب عليه حلها ...
 الاتصال :
بعد اتخاذ الإجراء المناسب على مدير المدرسة سرعة الاتصال بجميع أعضاء مجلس إدارة الأزمات وإطلاعهم على الأمر حتى يتم اتخاذ اللازم منهم في أسرع وقت ممكن .. وكذا الاتصال بالجهات المختصة المساعدة حتى تتمكن من المساهمة في التخفيف من الأزمة .. كل حسب تخصصه ..
 التنظيم والتنسيق :
إن تنظيم العمل بحيث يعرف كل شخص ما يجب عليه فعله .. وكيف يقوم به من مسؤوليات مدير المدرسة حتى لا يكون هناك تداخل في الصلاحيات من شأنه أن يربك الجهود الإدارية لحل الأزمة .. وكذا التنسيق بين جهود العاملين حتى لا يحدث تعارض بين الآراء والإجراءات اللازمة ..



 المتابعة :
ويقصد بها المتابعة المستمرة لتداعيات الأزمة .. والاستمرار في اتخاذ الإجراءات اللازمة والقرارات المناسبة حتى التأكد من انتهاء الأزمة ... والنجاح في إدارتها بأقل الخسائر ، وأخف الأضرار ..

ثالثا : بعد انتهاء الأزمة :
بعد التأكد من انتهاء الأزمة يعقد مجلس إدارة الأزمات اجتماعا طارئا يناقش من خلاله أسباب حدوث الأزمة ومراحل علاجها .. وحصر الخسائر سواء كانت مادية أو بشرية ، وتقويم الإجراءات والقرارات المتخذة حيال الأزمة .. والسرعة والسلامة في التنفيذ .. .. وإقرار التقرير النهائي لآثار الأزمة السلبية و الإجابية .. ومن ثم رفعه للجهات العليا .. وتقديم الشكر والتقدير لكل من ساهم في حل المشكلة ولكل من كان له دور بارز في إنهاء الأزمة سواء كان من المعلمين أو من الطلاب أو من الجهات الأخرى ..


فن إدارة أزمة الحريق في المدرسة ..

يتطلب من إدارة المدرسة لمواجهة أزمة الحريق في المدرسة إتباع التالي ...

 تشكيل مجلس إدارة الأزمات والكوارث .
 التخطيط السليم لمواجهة الأزمة وهذا يتطلب وضع أجهزة إنذار الحرائق في الفصول الدراسية ، وفي الممرات وتحديد مخارج الطوارئ وسلالم الطوارئ وتوفير طفايات الحريق في كل فصل وفي كل ممر والتأكد من صلاحيتها ..
 توعية الطلاب بأخطار الحرائق وبما يجب عليهم فعله أثناء الحريق .
 تدريب الطلاب والمعلمين على مواجهة الأزمة .. كأن يتم تدريبهم على كيفية استخدام طفايات الحريق ، وتدريبهم على كيفية المغادرة ، وتدريبهم على الأولويات والفرضيات المحتملة .. ثم عمل تجربة لحريق وهمي وتطبيق تجربة الإخلاء في أسرع وقت وأقل ضرر .
 في حالة حدوث حريق يجب أن تتم عملية التبليغ لإدارة المدرسة سريعة حتى يتم اتخاذ الإجراء اللازم .. وتوجيه أقرب المعلمين للحادثة لاتخاذ ما يلزم بأسرع وقت ممكن ..
 سرعة تبليغ الجهات العليا في إدارة التربية والتعليم .. والاتصال السريع بالدفاع المدني .. والإسعاف حتى يتم نقل المصابين للمستشفى بأسرع وقت ..
 الإسراع إلى فصل التيار الكهربائي حتى لا تتفاقم الأزمة ..
 الحلم والثبات وعدم التهور الذي قد يؤدي إلى إرباك الطلاب ..
 تطبيق خطة الإخلاء .. بسرعة وسهولة .. على أن يتم إخلاء الطلاب الأقرب للخطر قبل غيرهم .. بحيث يوجهون لأقرب مخرج طوارئ مع ترك حقائبهم وممتلكاتهم ..
 البدء في إطفاء الحريق باستخدام الطفايات .. ومن ثم تسهيل مهام الدفاع المدني للقيام بدوره ..
 التأكد من اطفاء الحريق كليا ..
 البدء في حصر الأضرار ..
 الاجتماع الطارئ بمجلس إدارة الأزمات .. لمعرفة الأسباب والتحقيق في الحادث وإعداد التقارير وتقويم الأزمة ...
 تكريم المتميزين في إدارة الأزمة والجهات التي ساعدت على حلها .
 الاهتمام بالحالة النفسية للطلاب .. ومعالجة حالة القلق والاكتئاب والصدمات التي قد تواجههم بمساعدة المرشد الطلابي .. والأخصائي النفسي ..
 معالجة الخلل المسبب للحريق .. إن وجد .. والتغلب على السلبيات التي أدت لحدوث الحريق ..
 التأكد من سلامة الممتلكات ومحاولة إعادة طلي الجدران أو تغيير الأثاث التالف ..
 استئناف الدراسة بعد تخفيف روع الطلاب حتى لو لزم الأمر منحهم إجازة لمدة يومين أو ثلاثة للتخفيف من معاناتهم ..
 رفع التقرير اللازم للجهات العليا عن الأسباب وما تم اتخاذه من إجراءات وما تم تنفيذه ..

hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4563 مشاهدة
نشرت فى 28 فبراير 2012 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,645,909