أمي ..كيف جئت إلى الدنيا؟
سؤالٌ..يبقى هو الأشهر والأكثر تكرارًا في عالم الطفولة المبكرة، وعليه ينتبه المربون إلى أن ثمة منطقة حرجة قادمة في الأفق القريب، ولابد أن يجتازوها مع أبنائهم وبناتهم بأمان، فأطفال اليوم يصبحون مراهقين ومراهقات في الغد القريب.
إذًا على المربين أن يعدوا إجابات صحيحة ومقنعة، بشكل كافٍ، يعفيهم من الحرج، ويرضي نهم المعرفة لدى أبنائهم وبناتهم، ويؤمِّنهم من شرورها، خاصة في مرحلة المراهقة التي تشهد تأجج الغرائز وشدة الفضول تجاه هذا العالم الجديد عليهم.
ومن البديهي أن تضطلع الأم بالتربية الجنسية لابنتها حيث تظل الأم هي الملاذ الآمن للفتاة والنبع الصافي الذي يبدد حيرتها، ويجيب عن أسئلتها بوضوح وينفي عنها الخوف أو الاشمئزاز من الحياة الجنسية التي لا تنفصل عنها كأنثى في مراحل حياتها المختلفة.
وبداية ..ماذا نقصد بالتربية الجنسية؟
المقصود بالتربية الجنسية:
تبصير الفتاه بطبيعة وخصائص هويتها الجنسية، ودورها في نظام التزاوج والتكاثر البشري، وما يتعلق بهذين الجانبين من أحكام العبادات والمعاملات، ومن ثمَّ ربط كل ذلك بشطري الإسلام العقدي والسلوكي، بحيث تتهذب الفتاة بآداب التربية الجنسية عبر مراحل طفولتها المختلفة، ومرورًا بمرحلة المراهقة، ثم البلوغ والشباب، فتُعطى في كل مرحلة ما يناسبها من العلوم والمعارف الجنسية الواجبة والمستحبة وتطبيقاتها السلوكية الخالية من الفحش وقبيح القول، حيث تتولى الأسرة – والأم خاصةً - هذه المهمة التربوية، فلا يبقى للجهل بهذه المسائل الخاصة باب يدخل منه المغْرضون أو الجهلة للإفساد الخلقي بحجة التثقيف الجنسي.
وانتبهي عزيزتي الأم..!
فلابد أن تكوني على دراية بالفرق بين المعنى الصحيح للتربية الجنسية، وبين ما يريده المجتمع الغربي عندما يطلق هذا المصطلح ..
أما المفهوم الغربي للتربية الجنسية (sex education) فهو يعني:( تعليم المراهقين كيفية ممارسة الجنس بشكل آمن يجنّبهم أمرين: الإنجاب، والأمراض الجنسية).
انطلاقًا من مباديء الحرية الزائفة والشيوع الجنسي الذي لا ترى فيه المجتمعات الغربية الغير مسلمة بأسًا..!
والحق أنه ليس من الضرورة وضع مقرر خاص بالثقافة الجنسية يدرّس بالمدارس النظامية، إنما يتم تناول ذلك بالأصالة في البيوت من خلال الأم الواعية، بما يحقق الأهداف التربوية للفتاة ويزيد من تمسكها بالعفة كسمت أساس لها ، وينمي وعيها تجاه أدوارها المستقبلية كفتاة يافعة ثم زوجة وأم.
هل تحتاج فتياتنا حقًا إلى التربية الجنسية؟
الواقع الاجتماعي المعاصر يشهد تخلُّفًا كبيرًا في معارف الفتيات الجنسية الضرورية، خاصة فيما يتعلق بأحكام الحيض، والعلاقات الزوجية، والأحكام الفقهية المترتبة على تلك المعارف حتى إنهنَّ اليوم أفقر ما كنَّ إلى هذه المعارف وتطبيقاتها السلوكية من أي وقت مضى.
الأمر الذي جعل معارف الفتيات الجنسية تتسم بالاضطراب والبلبلة، مما قد يدفعهن بصورة غير مباشرة نحو المصادر المشبوهة من مثل: وسائل الإعلام، والزميلات، والخادمات، والمجلات للحصول على حاجتهن من الإرشاد العلمي بشأن صحتهن الجنسية.
وتعتبر التربية الجنسية ضرورة علمية تحتاج إليها الفتاة كتمهيد لأطوار حياتها كأنثى، بدءًا من الحيض ووصولًا إلى الحياة الزوجية الخاصة، فقد ثبت أن الفتيات اللواتي يتلقين توعية جنسية قبل البلوغ – مثلًا - يتوصلن للتوافق مع هذا الحدث بسهولة أكثر من اللواتي يتلقين المفاجأة دون توعية سابقة لحدوثها، فهؤلاء كثيرًا ما يصبن إثر ذلك بصدمات نفسية، وكذلك في كل مرحلة مقبلة تمر بها الفتاة.
الخجل لا ينبغي أن يعيق المعرفة..!
ولاشك أن الخجل والحرج يكتنفان الحديث عن مثل هذه القضايا الخاصة، فيستحوذ الحياء على الكبار والصغار، خاصة الإناث من فئات المجتمع.
حتى ولو صدر السؤال المُحرج عن الصغير: فإن إعطاءه المعلومات الصحيحة، بالقدر الذي يناسب مداركه ولا يضره: أمر مطلوب، ونهج تربوي صحيح,
ومن خلال هذه التربية تتلقى الفتاة من أمها حقائق هامة، مثل:
- تقبُّل الفتاة للعادة الشهرية وتحمل تأثيراتها المزعجة مع تفهمها لأهميتها الشرعية والصحية.
- اختصاصها بالحيض والحمل والنفاس والإرضاع، وما يرافق هذه الأحوال من المعاناة التي تتطلب الإعداد الصحي جسميًا ونفسيًا، حتى تتمكن من التغلب عليها، وتقبلها بصورة أكثر إيجابية.
- تعليم الفتاة أساسيات النظافة الشخصية لأنها الأساس الذي تقوم عليه صحتها الجنسية، وتدريبها على ذلك إلى أن تصير عادة راسخة لها .
- فَهم الفتاة لطبيعة سلوك الإنسان الجنسي بين حدَّي المباح المشروع والمحرم الممنوع.
- توجيه الفتاة إلى الوسائل المعينة لها على ضبط شهوتها الجنسية.
- التربية الإيمانية:
التي تغرس في النفس مراقبة الله عزّ وجلّ منذ الصغر" احفظ الله يحفظك..احفظ الله تجده تجاهك" ..!
وهذا الضابط يعتبر الأساس لما بعده، وبدون الاهتمام به لن تنفع أي ضوابط أخرى..بل قد يحاول الأبناء – فتيات أو فتيان - أن يتحايلوا على أي ضوابط يضعها الوالدين، وسينظرون إليها على أنها قيود أو بقايا تخلف ورجعية.
- تطهير المنزل من وسائل الإثارة:
على الوالدين أن يجنبا الأبناء كل ما يؤدي إلى الإثارة، من خلال عمل رقابة جيدة على المواد المرئية والمسموعة والمقروءة في المنزل، وأخذ الاحتياطات اللازمة مثل تنقية شبكة الإنترنت، وتشفير القنوات الفضائية حتى لا يصبح المنزل مصدرًا لإثارة الأبناء وتأجيج غرائزهم.
ـ تعويد الفتاة على غض البصر:
هو أدب نفسي رفيع، ويعتبر هذا الأدب وسيلة أساسية للحيلولة دون إثارة الدافع الجنسي لديها، وصمام أمان يجعلها تجتاز هذه المرحلة بسلام، كما أن له أثر إيجابي كبير على صحتها النفسية، وعلى سلوكها الاجتماعي.
- تربية الفتاة على آداب الاستئذان:
حتى لا تقع عينها على عورات من في البيوت والغرف المغلقة، وتحذيرها من التجسس والتحسس,
وأخيرًا عزيزي المربي:
إنّ التربية الصحيحه للفتاة المراهقة تعني سد كل الذرائع التي تهيج الشهوة الجنسية في غير محلها، فتصيب الفتاة المراهقة باضطرابات وآلام نفسية، وتوجيهها إلى صرف تلك الطاقة إلى أهداف أخرى والتسامي على ذلك إلى حينه، مع الترحيب بالزواج المبكر للفتاة متى تهيأت أسبابه وتيسرت الظروف المناسبة له.
ساحة النقاش