يتضح عدم وجود حدود صحية في العلاقات عند تكوين علاقة:
- فيها تداخل وعدم قدرة على الانفصال أبداً.
- وإما فيها الابتعاد عن الناس و إقامة حدود عالية وكثيفة بحيث لا يكون هناك قبول أو إحساس أو تواصل.
نحن نحتاج لبعضنا البعض عاطفيا،ً وبدون دفء المشاعر نشعر بالبرودة والوحدة وتصبح الحياة بلا معنى. ولكن نحن أيضاً نحتاج إلى فترات نكون بمفردنا تماماً، بعيداً قليلاً عن كل الناس حتى أقرب وأحب الناس لنا. تخيل لو طالت المعانقة عن الوقت المناسب... ماذا يحدث؟ تخيل لو قرر أحد أعمدة المبنى أن يقترب من زميله ليأنس به.... ماذا يحدث؟ تخيل لو لم يكن القوس منفصلاً عن السهم المتحرك... هل ينطلق السهم؟!
عندما يتدخل شخص في شئون غيره دون إذن ويتطفل عليه، غير مراعياً للحدود، تكون النتيجة المباشرة أن من يتم التدخل في شئونه الخاصّة يمارس نوعاً من العنف مع المتداخل. وهذا العنف يؤلم من يتدخل.
ولكن في أحيان أخرى يتم هذا التدخل بصورة خبيثة دون أن يدري الطرفان أنهما يتداخلان بصورة مَرَضِّية في حياة بعضهما بعضاً. وهذا يحدث في العلاقات الاعتمادية التي يعاني الطرفان فيها من جوع للحب. فنتيجة لهذا الجوع، يقتربان من بعضهما البعض للحصول على الدفء، فيتم هذا التداخل دون أن يقصدا. وبعد فترة، يشعر أحدهما، غالباً الشخص الأقل جوعاً للحب، بهذا التداخل فيقوم بتخفيض "درجة" العلاقة، أو ربما بسبب الضيق الشديد، يقرر إنهاءها فيشعر الطرف الآخر بالغدر.
كأن اثنين ينامان معاً في ليلة شتوية قارصة البرودة ومعهما "بطانية" واحدة. فيقتربان من بعضهما البعض، ليستدفئا. ولكن بعد مرور بعض الوقت، يشعر أحدهما بأنه استدفأ بما فيه الكفاية ولا يحتاج لمثل هذا الاقتراب، فيبتعد. أو ربما يشعر بالاختناق، فيتخذ رد فعل عنيف،خصوصاً إن كان الآخر يتشبث به رافضاً الابتعاد. لهذا السبب، نرى علاقات كانت شديدة القرب تتحول إلى ما يشبه العداء فجأة.
في مثل هذه الحالات غالباً ما نلقي باللوم على الشخص الذي قطع العلاقة متهمين إياه بالجفاء والقسوة، لكن الحقيقة أن الاثنين وقعا، من البداية، دون أن يدريا، في خطأ إقامة علاقة بلا حدود صحّية. لذلك أصبح عليهما معاً، بدرجات متفاوتة، أن يحتملا النتائج ويتألما، ويتعلما أيضاً.
ساحة النقاش