هل أنت شماعة؟

 

عندما كانت ابنتي تستعد للذهاب إلى بيت الزوجية لاحظت عدم وجود شماعة في غرفة نومها فسألتها أين الشماعة؟ فأجابتني: "لا أريد شماعة لئلا يضع عليها زوجي كل شيء." وجهة نظر إلى حد ما كانت في محلها!

كأنثى دائما أقع تحت دائرة الملامة في كل الأخطاء التي تحدث، خاصة في مجتمعنا الشرقي في العمل ومع الأولاد وفي كافة مجالات الحياة. والمصيبة الأكبر مع زوجي، فأنا الشماعة التي يعلق عليها كل المحبطات والمفشلات في حياتنا، ولسان حاله دائماً "أنت السبب.. لو لم تقولي كذا.. لو لم تفعلي كذا.. لو لم تصغي لأمك أو لأهلك.. لو لم تشجعي على هذا القرار.." وهكذا أصبح الاتهام موجهاً ضدي على كل حدث. وتتفاوت النسب في مقدار الملامة بين زوج وآخر، فالبعض قد يحملك أي شيء يحدث معه وكأنه يقول لك أنت نذير شؤم.. والبعض الآخر يحملك الملامة في أمور أخرى.. على أي حال من الأحوال أنت شماعة.

كيف أتخلص من هذه الثقل وهذه الملامة؟ سؤال تسأله معظم السيدات اللواتي يقعن تحت دائرة القهر؛ كيف أحول تلك الشماعة إلى شمسية يركض إليها الرجل ويستظل بها؟ كيف أحيي في داخله فكرة المعين والنظير التي يتحدث عنها الكتاب المقدس في (تكوين 2 :18) "فأصنع له معنياً نظيره". كيف أخرج من عالم "التطنيش" واعتقادي أن "اللي صار وزوجي صعب التغيير" مما سيؤثر على العلاقة الحميمة بين الزوج والزوجة وعلى الأولاد، بل علاقة الزواج بأكملها. وقبل أن أخوض في تلك الكيفية أود أن أعرج على بعض النقاط الهامة:

إن موضوع الشماعة سيدتي له رواسب قديمة وهو ليس وليد اللحظة في جزء من أسباب الخلافات في العلاقة الزوجية، والخطأ عزيزتي ليس خطأك في البداية، ربما لضعف المشيرين وجهل الأقدمين في توجيه النصائح لك، ولكن في نفس الوقت لا أستطيع أن أنفي التهمة عنك في الانزلاق الذي أوصلنا لهذا المقدار في أن يشير لي زوجي بالإصبع بل أن يشير كل منا بإصبعه للآخر.

لذلك سأورد في البداية بعض الأسباب التي جعلت إصبع الاتهام دائما يشار لي ولك:

1- تربية ونشأة الرجل: إذا كان عانى من طفولة مع والدين دكتاتوريين في تربيتهم في كل شيء، فالأغلب أنه قد عانى من موضوع الملامة في كل خطأ ارتكبه، مما شكل لديه عقدة الخوف من أن يخطئ، فتجدينه منذ الطفولة يلقي الملامة على إخوته المشاركين معه في البيت، ونتيجة لتلك التربية نجده وقد تولدت لديه عقدة الإحساس بالذنب والتهرب من المسئولية، فتجدينه دائما يتهرب من اتخاذ القرارات ويتصف بالاتكالية، وبنفس الوقت يحملك مسئولية تلك القرارات التي لا يتجرأ على مواجهتها لاعتقاده أنها مسئوليتك وأن لديه ما هو أهم في توفير الاحتياجات المادية للمنزل.

2- قرارات معينة في فترة الشباب أخطأ في اتخاذها في حياته دون قصد أو في الوسط الذي نشأ فيه، فشكلت لديه عقدة الخوف خصوصاً أننا في وسط مجتمع يشير بالإصبع وكنت أنت خلال الزواج دون أن تشعري عاملاً مغذياً في محاسبته على كل هفوة. (أمثال 12 :25) "الغم في قلب الرجل يحنيه والكلمة الطيبة تفرّحه".

3- المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع ذكوري ونظرته للمرأة كضلع قاصر مع الأسف موجودة حتى في بيوتنا المسيحية.. (تكوين 2 : 21-23) "فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. قال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي لأنه من امرئ أخذت." وهو مفهوم خاطئ لتفسير الضلع. فتجدينه يعاني منه وهو سلاح ذو حدين في الحياة الزوجية لأن الرجل صاحب الكلمة في البيت وهو رأس البيت فبالتأكيد المتهم شخص غيره، ناهيك عن تولد الشعور عنده بعدم القيمة فيغطي هذا العجز بلوم المرأة التي لم تقف معه.

4- مصدر قهر له يصب فيه غيظه ليداري فشله في أمور كثيرة محاولا إمساك أي ممسك لك خصوصاً إذا كنت امرأة عاملة في مجال معين ولك نجاحاتك، فيتشكل لديه نوع من الغيرة، أو إذا كنت من النساء المتسلطات أو الملحات في أمور معينة فتجدينه يطاوعك فيها قهراً ومداريا للجدل، خذي بعين الاعتبار أن تكوين الرجل غير قابل للنقاش.

5- روتين الحياة الزوجية والفراغ العاطفي والضعف الجنسي، أو غيرته من رجال آخرين في العائلة خطوا خطوات أكبر منه في النجاح، فربما يشعر أنك تقارنينه بهم أو يشعر بإعجابك بقدراتهم. لذلك سيدتي لا أستطيع أن أنفي التهمة عنك، وبنفس الوقت لا أستطيع أن أخلعه من جذور ربما تربى عليها، لذلك عليك أن تدركي أن لديك طفلاً رغم القسوة التي تشعرين بها منه فإليك بعض طرق المعالجة:

1. تجنبي تذكيره ومعايرته بأخطاء قديمة حدثت معه، لكي لا تحيي فيه دور المترصد فيصبح الكيل عنده بمكيالين. (أمثال 20 : 10) "معيار فمعيار مكيال فمكيال كلاهما مكرهة عند الرب".

2. تجنبي تذكيره بأخطاء فعلها أحد من أصدقائه أو أقاربه معه أو معكما الاثننان وبالأخص أهله، بل دائما يكون لسان حالك إعطاء أعذار للآخرين في أخطائهم لتحيي فيه روح المسامحة.

3. عندما تدركين أن هناك خطأ معيناً وبالذات إذا كان خطأ ملحوظا أساء فيه إساءة معينة لشيء خاص يتعلق بحياتكم الزوجية أو الأولاد أو حتى أهلك، فالعلاج الناجح هو الصمت وعدم الملامة، فلا تكوني مبالغة بأن تقولي له "لا بأس" ثم تشعرينه بفداحة خطئه.. أشعريه أنك قد سامحته بالصمت الإيجابي. وكذلك ساعة وقوع الخطأ منك استدركي ذلك مسرعة بالاعتذار غير المبالغ فيه ووجهك يحمل دلالات الأسف المشوب بالمرح لكي تحيي فيه روح الاعتراف والتواضع.

4. إذا كان لا بد من المواجهة وهذا شيء طبيعي لأنه لكل فعل ردة فعل خصوصاً عند توجيه اللوم لك، اعرفي متى تختارين فترة المواجهة وخلال أية حالة تكونان فيها، فلا تكوني محامية ولا عسكرياً يقف في ميدان، بل كوني في ذلك الوقت حكيمة حليمة تحاججينه كتفا بكتف وهذا أصعب شيء ممكن فعله خصوصا عندما يشار إليك بإصبع الاتهام مع الانتباه لمدلول الوجه الذي يشكل إما ردة فعل سيئة أو جيدة. (أمثال 16 : 24) "الكلام الحسن شهد عسل حلو للنفس وشفاء للعظام".

5. "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" (يعقوب 5: 16).

6. إذا شعرت سيدتي أن تلك المحاججة ابتدأت تخرج عن خط النقاش الهادئ المنطقي وشعرت بذكاء حواء أن المعركة في ذلك الموضوع خاسرة، لاختصار الوقت لن تخرجي بنتيجة إحصائية مدروسة من المحاججة ولا بنتيجة في لحظتها، وأفضل علاج هو الصمت واقبلي هذا النوع من الملامة صامتة مصلية. (أمثال 15 : 4) "هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح".

7. ربما تكون طبيعته غير مبادرة وهذه صفة موجودة عامة في الرجل وهذا شيء يتعلق بشخصيته التي لا يلام عليها، ولكن تحتاج ربما إلى نعمة خاصة وصلاة حتى يغير الله فيها؛ واعلمي سيدتي أنه دائماً على حق وهذه مشكلة الرجل الشرقي، الاعتذار يجعله يشعر بالضعف وهذا يعتبره إهانة وهدرا لكرامته كرجل ربما يعترف بخطئه (كفاية شر) ولكن صعب أن يعتذر.

8. افسحي المجال لنفسك لتصغي لوجهة نظره، وضعي دائماً أمامك كلمة ربما أنا مخطئة خصوصاً إذا كنت من السيدات المعتدات برأيهن، وبذلك تعطين الفرصة لنفسك وله للمراجعة حتى ولو أدركت بينك وبين نفسك أنك على صواب، فهناك بعض الأمور تحتاج لسنوات حتى يقتنع بها الرجل وتحتاج لنعمة خاصة من بالاحتمال.

كلمة أخيرة، "في كل طرقك اعرفه وهو يقوم سبلك" (أمثال 3: 6).. صلي هذه الصلاة من أجل زوجك، ولتعلمي أن الرجل يحتاج أن يتسلح بكلمة الله التي تعلمه أن يكون رجل الله في طرقه كما كان نوح، وستساعده في تخفيف الملامة على الغير وبنفس الوقت عن نفسه فهذا التغيير يحتاج إلى تلك النعمة. وأخيراً عزيزتي، افرحي بكونك شماعة أفضل من أن تكوني مزهرية أو تحفة موضوعة في البيت فقط. إذاً، طالما كنت شماعة منذ بدء الخليقة.. فأي نوع من الشماعات أنت؟ لا تنسي أن حواء هي أيضاً كانت لديها شماعة وهذه هي الطبيعة البشرية دائماً تلقي اللوم على الآخرين.

 

hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 26 ديسمبر 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,793,376