العنف داخل الاسرة
إن تعريف العنف داخل الأسرة ينحصر في تعرض فرد أو أفراد الأسرة إلى أذى جسدي أو نفسي من قبل طرف معين في الأسرة، وغالبا ما يكون الطرف الأقوى والمسيطر الذي يصعب مواجهته أو التصدي له مما يزيد الأمر تعقيدا وصعوبة لردع هذا الشخص. وقد يجد بعض الآباء مخرجا ثقافيا وموروثا اجتماعيا يبرر تصرفاتهم وممارستهم للعنف داخل أسرته بحجة الدور التربوي الذي يقومون به، وبحجة أنهم رأس العائلة ومسؤوليتهم المباشرة عنها ماديا وتربويا وصحيا.
ومن الممارسات التي يجب التوقف عندها وتفحصها جيدا لمعرفة مدى الضرر والإساءة التي قد يسببونها لأفراد عائلتهم سواء الأبناء أو الزوجة ما يلي:
- استعمال العنف اللفظي بالتفوه بكلمات جارحة ومباشرة للشخص وبحضور وسماع الآخرين مما يسبب جروحا ومرارة عميقة تبقى في القلب مدى الحياة.
- حرمان الفرد داخل الأسرة من الحنان والمحبة العملية وخصوصا تجاه الذكور، بحجة أن الأب يريد لابنه أن يصبح رجلا قويا، وهذا ما يجعل الأولاد عادة ينحرفون بحثا عن الحب والتقدير من الآخرين وخصوصا أصحاب السوء.
- المبالغة في حماية الفتيات داخل الأسرة، وتشديد الرقابة عليهن وسلبهن حتى أبسط الحريات الشخصية بحجة الحفاظ على سمعتهن، وقد تتعرض الفتيات للضرب والشتم وذلك لتعديل سلوك معين، قد لا يتعدى اهتمام الفتاة بمظهرها واستعمالها لبعض أدوات الزينة، أو التكلم بالهاتف، أو زيارة صديقة.
- قد يقوم الأب بتعنيف الأم أمام الأطفال، أو حتى أمام الأقارب أو العامة وذلك لممارسة سلطته الرجولية، مما يسبب ألما نفسيا شديدا للأم وللأولاد، وذلك بسبب عجزهم عن التصدي لهذا العنف.
- هناك العنف المادي أيضا الذي يمارس من قبل الأب وذلك بحرمان الأسرة من أبسط الحاجات كاللباس والطعام، والتقتير في إعالة الأسرة ماديا.
- العنف الفكري الذي يمارس على آراء وتوجهات أفراد العائلة كاختيار نوع التعليم، أو تبني بعض المبادئ الحياتية والسياسية والدينية.
- استعمال العنف الجسدي كالضرب والإيذاء، وجعل العصا هي الحاكم الوحيد في التربية.
إن الغالبية العظمى من الآباء يمارسون مثل هذه التصرفات دون الوعي بخطورتها حيث أنها تؤذي وتحطم مشاعر أفراد عائلاتهم، فقد يعتبرها الآباء أمرا عاديا قد تربوا عليه في بيوتهم وفي مجتمعاتهم، ولكن حتما سيحصد مثل هذا الأب نتيجة معاملته السيئة لعائلته، وذلك لأن الأولاد لن يستطيعوا أن يمارسوا الرحمة في المستقبل أولا مع الأب، وثانيا مع عائلاتهم عندما يصيرون في موضع المسئولية، وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فقد تأتي أيام الشيخوخة، ويحتاج هذا الأب الرعاية والحنان من أسرته، ولكن لن يجد في قلوبهم مكانا لهذه الرحمة، لأن الصمت والقهر الذي تعرضوا له قد أتى على كل المشاعر الإنسانية في قلوبهم، وأيضا قد يلجأ الأولاد إلى التعبير عن المرارة التي بداخلهم بطرق غير لائقة، فتنشأ الجرائم في المجتمع، ويكثر الخارجون عن القانون بسبب القهر اليومي الذي تعرضوا له وسبب لهم ثورة وانتقاما تجاه الآخرين.
لقد أعطى الله الرجل السيادة على البيت، ولكن هذه السيادة مدموجة بالرحمة والمحبة، ويستطيع كل أب أن يختار أن تكون هذه المؤسسة الزوجية الإنسانية في أفضل حال، فهو الذي يبدأ بممارسة المحبة والرحمة مع الزوجة أولا ثم مع الأبناء، وبهذا يضمن رب المنزل تربية جيل صالح يتعامل بلطف مع من حوله وخصوصا مع العائلة نفسها التي يحتاج كل أفرادها لإشباع احتياجاتهم النفسية والعاطفية والحصول على الاحترام والحب والحنان.
ساحة النقاش