هل تشعرين بأنك تائهة بعد أي خلاف بينك وبين الآخرين ليس بسبب ما حصل، بل أيضاً لأنك لا تعرفين ماذا تفعلين، لكي تُعيدي المياه إلى مجاريها مع الشخص الذي تشاجرت معه، سواء أكان زوجك أم صديقتك أم أختك. هناك دائماً حلول يمكنها أن تُصلح العلاقة، بل وتُعيدها إلى أفضل ممّا كانت عليه.
عندما يَتفجَّر الوضع وينشب شجار ونقاش حاد بينك وبين شخص ما، من العائلة أو من الأصدقاء، تخرُج الأمور عن السيطرة، ويكون من الصعب عليك أن تتحكمي في عواطفك وفي إنفعالاتك، وقد تفقدين حكمتك وسيطرتك على نفسك، وتقولين كلمات ما كنت لتقوليها لو كنت هادئة وصافية الذهن، في مثل هذه المواقف، قد يصبح لسانك أطول وأسرع من أفكارك.
وبعد أن ينتهي النقاش قد تشعرين بالندم، أو بالإستياء وتبدئين في التفكير: كيف يمكنني أن أصلح الوضع وأعيد المياه إلى مجاريها؟ كيف السبيل إلى إعادة وصل العلاقة وجعلها أكثر هدوءاً وصفاء من ذِي قبل، والأهم، أكثر تعقُّلاً ورَصانة؟ كيف يمكن بناء العلاقة على أسس تُجنّبك الخلافات؟ إليكي مجموعة من النصائح التي ستخدمك كثيراً، إذا عرفت كيف تُطبّقينها، ستساعدك على معرفة كيف تتصرفين، قبل وأثناء وبعد أزمة الخلاف مع أي شخص، وستعرفين ما معنَى أن تُحاوري الآخرين بكل ذكاء ومُرونة.
- اتركي عنادك جانباً:
بعد الخلاف، فإنّ العتاب والتوبيخ ينتهيان ليحل محلّهما الندم على أقوال وأفعال، ما كان يجب أن تَحدُث أو تُقال، لدرجة أنك قد ترغبين في الإبتسام لكنك لا تستطيعين. لكن أعلَمي أنّه في بعض الأحيان يكفي بذل مجهود بسيط لكي تُصلحي الأمور. كل ما عليك فعله، هو أن تضعي كبرياءك جانباً وألا تُعاندي، أو أن تتخذي الأمر على أنّه مسألة كرامة. هذه الخطوة التي ستقومين بها يمكنها أن تنفذ علاقة غالية عليك، كما أن أخذ المبادرة يدل على النضج والتعقُّل، ويُبيِّن للشخص الآخر أنك أفضل وأعقَل ممّا كان يعتقد. بقاؤك منزوية ومنكفئة على نفسك في ركن ما، تفكرين وتفكرين ما الذي يمكنك فعله من دون أن تتحركي، هو أمر لن يُحسّن الوضع ولن يسير بك خطوة واحدة إلى الأمام، بل اعلمي أنّ الصمت يمكن أن يزيد الوضع سوءاً. ثمّ إنّ الأمر أوّلاً وأخيراً في يدك، أنت من يعرف.. هل الكلام الذي قلمتاه لبعضكما بعضاً في لحظة غضب، هل هو كلام يمكن التسامُح بشأنه والبدء بصفحة جديدة أم لا؟
- امنحي نفسك وقتاً:
قولي لنفسك، إنّ في كل شجار هناك خسائر، إلا أن هناك أيضاً فوائد في كل شجار. مثلاً، في الخلاف يمكنك /ن أن تتعرفي أكثر إلى الطرف الآخر وهو/ هي أيضاً سيعرفك أكثر، في نقاط قوتك ونقاط ضعفك. مع ذلك، لا تنتظري أن تتراكم الأمور ويتراكم الألم داخلك حتى تخبري زوجك أو صديقتك أو الطرف الآخر عموماً عن مشاعرك، بل يجب ألا تضيّعي الوقت، وأن تناقشي هذه الأمور سريعاً، فهذا يُجنّبك تراكم المشاكل والخلافات، بحيث تصبح خارجة عن السيطرة. لكن إذا شعرت بأنك تعرضت للخيانة أو الإهانة، فأعطي نفسك وقتاً أطول لكي تستوعبي ما حصل قبل أن تفتحي الموضوع، لأنّك إن أسرعت ستكونين منحازة وغير عقلانية في نقاشك مع الطرف الآخر.
- تَقبَّلي الإختلافات:
ليس هناك فن اسمه "كيف تتشاجرين بشكل جيِّد"، وليست هناك وصفات جاهزة، لكن فكري أيضاً، في أنّ الإختلاف قد يكون مفيداً وبنّاءً لك، كما للطرف الآخر. وقد يمكّنك أنت كما يمكّن الطرف الآخر، من إيضاح وجهة نظر كل منكما، لأن ذلك معناه أن تُوصلي إلى الطرف الآخر وجهة نظرك ورغباتك وإحتياجاتك، وتوصلي إليه نواقصه، وذلك من أجل بناء علاقة أقوى في المستقبل. إنّه أيضاً وسيلة جيِّدة لمعرفة الآخر. انتهزي الفرصة وتعلّمي كيف تُخفيّن إختلافك عن الآخرين، وهذه الإختلافات ليست بالضرورة أن تكون عيوباً أو نواقص في شخصيتك، فقد تكون إختلافاً في التنوّع وليس في التّضاد، كما عليك أن تتعلمي أيضاً، كيف تَصْمتين وتكتمين بعض أنواع النقد أو العتاب للطرف الآخر، خاصة إن كان إنتقاداً لأشياء تافهة ليست ذات تأثير أو أهمية.
- تجنبي الخلافات:
وأخيراً، إنْ أردت أن تعود المياه إلى مجاريها، فأفضل طريقة لإعادة الحوار هي أن تتجنبي الخلاف. وعندما تشعرين بأنّ التوتر يزداد، فكّري في الإستماع للطرف الآخر والإنصات لرأيه ورغباته. بعد ذلك، سيكون عليك طرح الأسئلة الرئيسية التالية: ما سبب المشكلة.. ما أصل المشكلة.. ما نصيبك من المسؤولية في ما حدث من خلاف.. ما الأساليب التي يُمكنك اتّباعها لحل هذا الخلاف من دون أن تتشاجرا مرّة أخرى؟ وإذا اعتَمدت هذه المرة الحوار كحل، فإنك في المرات المقبلَة، ستكونين أكثر قدرة على فهم أفكار ورغبات وإحتياجات الطرف الآخر.
ومهما تكن طبيعة الخلاف، سوف تَرين أنّ العاصفة تَمرُّ سريعاً مهما تكن مُدمّرة، إذ لا يمكنها أن تستمر إلى الأبد، والخلاف بدوره سرعان ما يطويه النسيان، خاصة إذا كنتما تتشاركان لحظات من السعادة والمحبّة.
ساحة النقاش