كل إنسان في الحياة تقوده او تحركه مجموعة من القيم والمباديء، تحدد سلوكه ومعاملاته وحسب القيم التي يؤمن بها كل إنسان ويحترمها ويحافظ عليها تتكون معالم شخصيته وصفاته.. أما الذي ليست له قيم ومباديء يلتزم بها فانه يعيش في طياشة، كفرع شجرة يميل مع كل ريح..!
وكما نتكلم عن الفرد نتكلم ايضا عن الهيئات والمجتمعات.. ولذلك يوجد في كل مجتمع قوم لهم شهامة نسميهم: حراس المباديء والقيم.

والموضوع الواحد قد تكون له قيمة عند شخص وقد لا تكون له اية قيمة عند شخص اخر.. وحسب تقييم كل منهما لا يكون اهتمامه او عدم اهتمامه.. ومن هنا قلنا ان القيم هي التي تحدد سلوك الإنسان في الحياة.
وسنحاول ان نتناول عددا من الامور في الحياة الدينية لكل إنسان او في حياته الاجتماعية او الشخصية. ونري مدي تقييمه لكل أمر وتأثير ذلك في سلوكه وفي اهتمامه وتعامله.

نأخذ مثالا لذلك: قيمة الراحة او التعب في حياة شخص:
فان آمنت بلزوم الراحة لك كما يؤمن بذلك ايضا مريض القلب مثلا فلابد انك ستعطي جسدك راحته مهما كانت ظروفك، وقد تؤجل بعض مشغولياتك الي وقت اخر التماسا لراحة جسدك واقتناعا منك بان الراحة تجدد نشاطك وتبعد عنك الارهاق المضر، كما يقول المثل 'ان لجسدك عليك حقا'.. كل ذلك لان الراحة قد نالت قيمة معينة في مفاهيمك.. اما ان فقدت الراحة قيمتها في نظرك فسوف لاتعمل لها حسابا.

وهكذا فان إنسانا اخر قد يري ان كل القيمة هي للتعب وليس للراحة كما يقول الشاعر:

واذا كانت النفوس كبارا.. تعبت في مرادها الاجساد

فمثل هذا الشخص يؤمن انه يجب عليه ان يتعب علي قدر طاقته لكي يحقق اهدافه، وينال مكافأته حسب تعبه، هنا وفي الحياة الابدية ايضا.. بهذا تفقد الراحة الجسدية قيمتها. ويصبح التعب من القيم التي يؤمن بها هذا الشخص.

وهنا نجد خلافا بين من يعطي كل القيمة لمصيره الابدي في الحياة الاخري، ومن تكون كل القيمة عنده، هي لمتعته علي هذه الارض!

فان اخذت الابدية قيمتها السامية عند شخص فانه لا يعمل اي عمل يتعارض مع ابديته ويمس مصيره الابدي في شيء.

اما ان فقد تقييمه للابدية او تجاهلها او تناساها فحينئذ سيتصرف كيفما يشاء بلا ضابط وقد يصل الي الاستهانة والاستباحة!

بنفس المنطق نتكلم عن قيمة كل من الجسد والروح في حياة كل إنسان:
غالبية الناس يعطون كل اهتمامهم بأجسادهم، فصحة الجسد لها قيمتها وايضا جمال الجسد وزينته وقوته لها قيمة كبري. لذلك يقدمون للجسد كل ما يحتاج من غذاء، ومن دواء، ومن علاج ومن راحة ونشاط واستجمام.. ويهتمون نفس الاهتمام بأجساد ابنائهم وكل من هم تحت رعايتهم.. اما الاهتمام بالروح فيندر ان يأخذ نفس القيمة! لذلك تضعف ارواح الناس اذ لاتجد غذاءها الروحي الكافي، ولا ما تحتاج اليه من تقوية ومن قراءة وتأمل واجتماعات روحية وتداريب روحية ولا ما يلزمها ايضا من علاج روحي ان فترت حرارتها او وقعت في خطايا معينة.. هذا التقييم المهم الذي يلزمنا ان نعطيه للروح، هو الذي يحدد سلوكنا اليومي ومدي اهتمامنا بكل تصرف نقوم به وبكل كلمة نلفظها.

موضوع القيم يدخل ايضا فيما نقدمه لعقولنا من الفكر.
فنحن في كل يوم تقدم لنا الجرائد والمجلات عشرات من الصفحات ولكننا نقرأ ما له قيمة في نظرنا فهناك من تكون اخبار السياسة لها القيمة الكبرى عنده وقد يهتم غيره باخبار الرياضة او اخبار الملاهي او اخبار الوفيات حسبما يكون الامر له قيمة عنده، وربما يهتم البعض بالفكاهات والكاريكاتير.. ويقينا ان هناك مقالات كثيرة لا يلتفت اليها البعض اذ لا تمثل قيمة عندهم وعلي العكس ربما تكون عند بعض القراء قيمة لكاتب بالذات تجذبهم افكاره.. نفس الوضع بالنسبة الي الكتب والمؤلفات وبالنسبة الي البرامج التي تقدمها وسائل الاعلام والروايات التي يمثلها بعض الفنانين.. عنصر القيمة او التقييم هو الاساس فيما نختاره للعقل من فكر وما ترتاح اليه حواسنا واحاسيسنا.  مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.

تأثير القيم ايضا يدخل في الحياة الاجتماعية كالزواج والصداقة:
فمن الذي تختاره الفتاة مثلا وتفضله فيمن يطلب يدها هل تضع امامها قيمة المنصب والمركز لشريك حياتها؟ ام قيمة المال والثروة لتحيا حياة رفاهية؟ ام تفضل قيمة العقل واللطف والحركة لتحيا حياة سعيدة؟ ام تفضل الرجل القوي الشخصية، كما يقول المثل "قوة المرأة في جاذبيتها، وجاذبية الرجل في قوته". طبعا حسب تقييمها الخاص سوف تختار.. كذلك الرجل ايضا في انتقائه ايضا لشريكة حياته انما يختارها بناء علي قيم معينة يسعد بها تختلف من رجل الي اخر في نوعية تقييمه نفس الوضع بالنسبة الي الصداقة، فانها تتم­ علي الاقل لقيمة معينة­ نقول 'ان الطيور علي اشكالها تقع'.

هنا نقطة مهمة في موضوع القيم وهي: ما قيمة "الآخر" عندك؟
لو ارتفعت قيمته­ كإنسان­ في نظرك لوجدت نفسك بالضرورة تحترم كل إنسان وتحب كل إنسان، ولا تجرؤ علي جرح شعور إنسان ما.
ثم ما تقييمك لمدرسيك ومعلميك؟ هل قيمة المدرس عندك كما قال الشاعر:
قف للمعلم وفه التبجيلا        كاد المعلم ان يكون رسولا
وما هو تقييمك لمعاملة كبار السن؟ هل كل منهم بالنسبة اليك في مرتبة الوالد؟ تحترمه وتوقر سنه او شيخوخته
وما قيمة مرؤوسيك في نظرك؟ هل تعاملهم بسيطرة كما لو كانوا خدما بل ما تقييمك للخدم ايضا؟ أليسوا هم بشرا مثلك؟
وما تقييمك لمن يختلفون عنك في المذهب، او من شعب اخر؟ هل هم في نظرك اخوة لك في الإنسانية؟

نقطة اخري هي تقييم المرأة في المجتمع؟
هل تنظر اليها كأخت او ابنة او ام؟ نظرة بريئة تماما بكل عفة ووقار..؟ ام ان المرأة تثير فيك غرائز خاطئة تقودك الي الشهوة (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)؟! وان حدث ذلك فهل تقيمه بعيب فيك ام عيب فيها؟

ثم ما تقييم المرأة بالنسبة الي الوظائف؟ نشكر الله انها في بلد وصلت فيه المرأة الي درجة وزير، والي درجة عضو في البرلمان "في الهيئة التشريعية الرقابية". والمرأة تنتظر المزيد ايضا.

هنا وأسأل­ من جهة التقييم­ لماذا يفرح الناس بإنجابهم للذكر اكثر من انجابهم للانثي؟ ان البشرية ما كان يستمر وجودها بدون الاناث.

لاشك انه من الامور المهمة ايضا: مدي تقييمنا للمال:
هل نفرح بالمال كمظهر من مظاهر الرفاهية في الحياة وكمصدر لاحترام الناس لنا كما قال الشاعر:

ان قل مالي فلا خل يصاحبني ان زاد مالي فكل الناس خلاني
فكم عدو لأجل المال صادقني وكم صديق لفقد المال عادان
أم أن المال في نظرك هو وسيلة لقضاء الشهوات واللهو؟ ام هو الوسيلة للرشوة وشراء الذمم؟ ام هو الطريق الموصل الي المناصب والدرجات؟ ام قيمة المال عندك انه وسيلة لعمل الخير ولإسعاد الفقراء وذوي الحاجات ولإنشاء المشروعات النافعة للمجتمع؟
حسب تقييمك للمال واستخدامك له يكون قدرك ووضعك كرجل مال..

ان تقييمك الامور هو الذي يوجه سبيلها الي الخير او الشر، حسب نوعية استخدامها:
فمثلا تقييمك لرد فعل الاساءة: هل هو العفو او الانتقام؟ وتقييم الترقي: هل هو حسب الاقدمية والخبرة ام حسب الاختيار؟ وتقييم العمل: ايهما افضل: عن طريق الوظيفة ام العمل الخاص؟

المصدر: جريدة أخبار اليوم يوم السبت الموافق 04-02-2006
hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 25 نوفمبر 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,756,578