مثل العلماء والمتخصيصين أضطلع معظم العاملين بالنشاطات السياحية المصرية على تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة والصادر فى مايو الفين وسبعة والخاص " بحماية والاستفادة من السواحل – سواحل البحر المتوسط ميزة عامة مهددة " فقد شمل هذا التقرير الدقيق التوقعات المناخية والتى ستحدث بحوض البحر المتوسط خلال الثلاثة وعشرين عاماً القادمة مع إبراز أشد مثل وهو ما سيحدث عند دالتا النيل شمال مصر من أن مياه البحر سترتفع حوالى خمسين سنتيمتراً مما سيؤثر بالسالب على ثلاثة ملايين وتمانمائة ألف من السكان ويغرق مساحة ألف وثمانمائة كيلومتر مربع من أخصب الأراضى الزراعية المصرية – يضاف لذلك التقارير العلمية الحديثة

والتى أكدت أن معدلات ذوبان ثلوج القطبين الشمالى والجنوبى أسرع بكثير مما كان متوقع وهو ما سيضاعف نسبة أرتفاع منسوب مياه البحر المتوسط لمتر مما يعنى الاضرار بحوالى ستة ملايين من السكان وغرق مساحة أربعة آلاف وخمسمائة كليومتر مربع , وقد شمل التقرير المذكور ثلاث صور توضح المقصود والمتوقع . مصر تقع بأقصى الركن الشمالى الشرقى للقارة الأفريقية ولها سواحل على المتوسط وسواحل على البحر الأحمر بطول حوالى الالفين وستمائة كيلومتر ومساحتها مليون كيلومتر مربع وطبوغرافية أرضها تأخذ فى الارتفاع من سواحل المتوسط حتى حدود السودان وقد أطلق على النصف الشمالى منها مصر المنخفضة والنصف الجنوبى مصر العليا هذا بالإضافة إلى أن صحراءها الغربية تشمل واحات منها خمسة أهلة بالسكان واحدى هذه المنخفضات هى الاكبر مساحة على مستوى العالم . ولقد بدأت فعلاً ظاهر مناخية شاذة تضرب مصر منها على سبيل المثال هذا العام فى منتصف شهر ابريل الماضى سقطت كرات الثلج لمدة نصف ساعة على الاراضى الزراعية المتاخمة لسواحل العريش بشمال سيناءئ ودمرت المحصول الزراعى بالكامل – ومنتصف شهر أغسطس هطلت أمطار غزيرة على محمية علبة جنوب صحراء مصر الشرقية وهى التى لا تهطل فيها الامطار وفى أواخر شهر سبتمبر المضى هطلت امطار عزيرة جداً على مدينة مطروح فجراً لتعطل المرور وتحرق الاجهزة الكهربائية بعد أن تسربت إلى داخل المنازل وهى علامات تؤكد أنها القطرة التى تسبق الغيث . فما تأثير كل هذا على نشاط السياحة المصرية والتى جذبت تسعة ملايين سائح العام الماضى وحققت ايرادات بلغت سبعة ونصف مليار دولار لتكون المصدر الأول للعملة الصعبة وهى مصدر رزق اثنا عشر فى المائة من القوى العاملة المصرية وتعتمد عليها سبعون صناعة أخرى . فلو ركزنا على سواحل البحر الاحمر والابيض والثرية بالشعاب المرجانية والاثار الغارقة والمناخ الجاذب وعدد حوالى ستمائة من القرى والفنادق والمنتجعات الرائعة والواقعة على السواحل مباشرة مع الاشارة إلى أنه زار مصر العام الماضى ثلاثة ملايين غواص . فهذه التغييرات المناخية لها آثار ايجابية على السياحة ومنها إطالة موسم الصيف على السواحل لتشمل شهرى سبتمبر وأكتوبر وهو ما سيحقق استغلالا كاملاً للمشاريع السياحية العملاقة الحادثة على سواحل المتوسط أيضاً بالنسبة للبحر الأحمر فبدلاً من الكثافة السياحية فى الفترة قبل وبعد اعياد الميلاد ورأس السنة فسيطول الموسم السياحى ويحقق رواجاً أعظم للنشاطات السياحية بهذا القطاع أما الاثار السلبيى فهى انه بسبب ارتفاع درجات الحرارة ستنتشر

ظاهرة ابيضاض وموت الشعاب المرجانية وستجف شجيرات المانجروف والتى تنتشر فى ظاهرة طبيعية نادرة أقصى حدود الجغرافية لها على الكرة الأرضية وهى عوامل الجذب السياحى الاساسية .

أيضاً ستسبب التغيرات المناخية فى عدة عوامل أخرى مثل العواصف وهو ما سيؤدى إلى الانحسار التدريجى للنشاطات السياحية مما يدفعنا دفعً لمراجعة أفكار واقتراحات ودراسات العلماء والى وضعت خلال الثمانين سنة الماضية وبهذا الصدد أرى أن أفضل تقرير يشمل علاجاً مؤكداً ويقلل من الخسائر المتوقعة ليس لمصر فقط بل لدول حوض البحر المتوسط والبحر الاسود والبحر الاحمر هو إحياء وتفعيل المشروع الذى وضعه المهندس الالمانى هيرمان سورجيل عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرون والخاص ببناء سد وهاويس بمضيق جبل طارق ليفصل بين المحيط الاطلنطى والمتوسط وبناء سد وهاويس عند مدخل قناة السويس الشمالى ببورسعيد للسيطرة على مستوى مياه البحر المتوسط مما يسعود بمنافع هائلة لدول الحوض ودول حوض البحر الاسود . ايضاً احياء المشروع الثانى والموازى والخاص ببناء سد هاويس عند مضيق باب المندب ليفصل بين المحيط الهندى والبحر الاحمر . مه اشارتى إلى أن الهندسة الحديثة يمكنها اليوم التغلب على مشكلة تحرك وابتعاد صفائح وطبقات القارة الافريقية عن الجزيرة العربية .

فهذه المشروعات اذا اخذا مأخذ جد وتم تنفيذها بتعاون الدول المعنية فستكون بالتأكيد طوق النجاة لجميع دول المتوسط والاسود الاحمر وبالتأكيد للنشاطات السياحية بكل هذه الدول .