المشروبات ونباتاتها
خلق الله النباتات وفيها الغذاء والدواء والشفاء، ففي أيام الربيع نجد الأزهار والرائحة الذكية، فهي متعة للعين وراحة للأعصاب، وفي الصيف نجد الفاكهة المتنوعة التي تنضج على فترات زمنية متعاقبة وتقدم للإنسان فوائد صحية لا تعد ولا تحصى، ففي الخضار والفاكهة كنوز من الأغذية الوظيفية والفيتامينات والأنزيمات والأملاح المعدنية فهي غذاء طبيعي مثالي يمد الجسم بالحيوية والنشاط وهي سر الشباب الدائم.
لقد بحث الإنسان منذ أقدم العصور عن المشروبات السائغة والمنعشة، واستعمل في ذلك آلاف الأنواع النباتية، وتعتبر المشروبات النباتية المتنوعة جزءاً أساسياً من غذاء الإنسان لما تحويه من سوائل وأملاح معدنية.
يمكن التمييز بين قسمين من المشروبات النباتية منها الباردة والساخنة، فمن المشروبات الباردة: عصير البرتقال والليمون والرمان والعنب والفريز وغيرها ومن مشروبات الصيف: العرقسوس والتمرهندي وماء الورد والقمر الدين وغيرها، ومن المشروبات الساخنة: الشاي والقهوة واليانسون والمليسة والمتة وغيرها.
المياه الغازية
اعتاد كثير من الناس في أيامنا استعمال المياه الغازية والفوارة والمعروفة باسم (الكازوز) ظناً منهم أن هذه المشروبات تساعد على عملية الهضم، والواقع عكس ذلك، فالإكثار من هذه المشروبات الغازية أو الاعتياد على تناولها يسبب عسر الهضم بدلاً من سهولة الهضم، كما تسيء إلى المصابين بأمراض القلب والكلى وارتفاع الضغط الشرياني، بل قد تؤدي إلى الإصابة بالقرحة المعدية في بعض الحالات، فالصوديوم الداخل في تركيب هذه المشروبات بالإضافة لغاز ثاني أوكسيد الكربون، إذا دخلت إلى المعدة فتحت أبواب المعدة عنوة ودخل الطعام إلى الأمعاء قسراً وبصورة غير طبيعية، فيحسب الإنسان أنه يزول عنه حسّ الامتلاء في معدته، وبأنه أحسن حالاً ولم يعلم أنه قد أساء لنفسه ولجهازه الهضمي إساءة بالغة، فيشعر الإنسان بانتفاخ في المعدة، وثقل في البطن عقب كل طعام، فتحدث التلبكات المعوية، كما أن الإكثار من المشروبات الحاوية على البيكاربونات تسبب حالة تسمّى قلوية الدم، وأهم أعراضها الأرق والضعف العام، والتعرق الزائد وصعوبة في التنفس، كما أن الإكثار من تناول المشروبات المساعدة على الهضم تؤدي إلى ضياع الشوارد الكلسية في الدم، وهذا يسبب فرطاً في التنبيه العصبي، بالإضافة للمشروبات الحاوية على مواد كيمائية وأصبغة ملونة ضارة بصحة الإنسان.
عصير الفاكهة
هي أبسط أنواع المشروبات الخفيفة والمفيدة للجسم والغنية جداً بالفيتامينات الهامة والأملاح المعدنية، ويعتبر العصير المستخلص من الفاكهة بالإضافة للسكر والماء ومن أهم هذه العصائر المفيدة للإنسان مثل عصير البرتقال والليمون والعنب والرمان والفريز وغيرها.
عصير البرتقال والليمون:
عرفه الإنسان منذ أقدم العصور حتى الآن، وهو يحتوي على أكثر من ثلاثة وعشرين عنصراً هاماً من العناصر الهامة كالبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور والحديد بالإضافة لفيتامين C وB1 وB2 وسكاكر متنوعة، كسكر العنب وسكر الفواكه وبروتينات وحمض الليمون وغيرها، وهذا الحمض الموجود في البرتقال والليمون يساعد كثيراً على الهضم لأنه يثير إفراز الغدد المعدية الهاضمة، وينشط عمل أنزيمة الببسين Pepesine التي تقوم بهضم الطعام وتحويل المواد البروتينية إلى حموض أمينية مفيدة، كما أن فيتامين C الموجود بكثرة في شراب البرتقال والليمون يساعد على تثبيت الكلس في العظام، ويحول دون نخر الأسنان، ويعتبر عصير الليمون مرطباً جيداً في الصيف، فهو منعش وقادر على إرواء العطش، بالإضافة لأنه مهضم وفاتح للشهية، فهو يحرّض على الإفرازات اللعابية والغدد المعوية، ويحتوي على أنزيمة الدياستاز الهاضمة للطعام.
عصير العنب:
من أغنى عصير الفاكهة بالفيتامينات وخاصة فيتامين C,B,A والمعادن الهامة كالبوتاسيوم والكالسيوم والمغنزيوم وحمض الفوسفور والمواد السكرية (سكر العنب وسكر الفواكه)، وشراب العنب مادة غذائية سريعة الهضم والامتصاص، ويُنصح بتناول عصيره بسرعة لأن للعصير خاصة التخمير السريع، يفيد شراب العنب في حالات سوء الهضم والقبض والبواسير والحصاة الكبدية والبولية وزيادة الضغط الشرياني وبولة الدم، فهو يعتبر منشطاًَ لوظائف الكبد، وينصح بإعطائه للمصابين بفقر الدم، ناقصي الكلس، والمرهقين من رجال الأعمال.
عصير الرمان:
الرمان واحد من الفاكهة المعروفة قديماً، وعرف كثيراً عن خصائصه وفوائده، يحتوي عصير الرمان على حمض الليمون وسكاكر متنوعة وبروتينات ودسم وألياف بنسبة 2% وماء بنسبة 80% وأملاح معدنية وخاصة الحديد وفيتامين C، وشراب الرمان منعش ومنشط للجسم ولذيذ الطعم، يقوي المعدة ويقطع الإسهال ويزيل اليرقان، وينقي الدم، ويقطع العطش والحرارة، ويزيل السعال المزمن وخشونة الحلق وأوجاع الصدر.
عصير الفريز:
غني بالسكر والأملاح المعدنية والفيتامينات وعناصر الكالسيوم والفوسفور والحديد، كما يحتوي شراب الفريز على حمض السالسيليك الطبيعي، فهو مفيد في السعال وينفع المصابين بالروماتيزم وداء المفاصل، وهو مرطب ومدر، يخفض من كمية حمض البول وينشط الصفراء، ومسكن للآلام ومهدئ للأعصاب.
مشروبات الصيف العرقسوس. التمر الهندي. ماء الورد. القمر الدين
العرقسوس:
شراب معروف رخيص الثمن، اعتاد الناس تناوله لإطفاء الحر الذي يشعرون به أيام الصيف وحرّه، يحتوي العرقسوس على مادة الغليسريزين Glycyrrhizin ذات الطعم الحلو والتي تفوق بحلاوتها السكر العادي بنحو خمسين مرة، وعلى البوتاسيوم والكالسيوم والنشاء وبعض المواد البروتينية والصمغية والراتنجية، بالإضافة لذلك تحتوي جذور العرقسوس على مواد صابونية تسبب حدوث الرغوة عند تحريكه. يفيد شراب العرقسوس في التهاب المعدة وأوجاع الصدر وينفع في جميع أنواع السعال، ويكثر شرابه صيفاً مرطباً ومدراًَ للبول، وله أثر ملين في الأمعاء لمكافحة الإمساك، وينشط الكبد ويدر الصفراء، ولكن كثرته تؤدي إلى ارتفاع الضغط، لذلك يجب عدم الإكثار منه، وهو خير من باقي المشروبات صيفاً حيث ينزل على جهاز الهضم برداً وسلاماً.
التمر هندي:
يستعمل التمرهندي لتحميض بعض المأكولات بعد أن يُنقع بالماء ثم يُغلي على النار، كما يُستعمل شراب التمرهندي بارداً أيام الصيف بعد أن ينقع التمرهندي بماء فاتر عدة ساعات ثم يُدعك قليلاً بالماء ويُصفى ويحلى بالسكر ويصبح شراباً لذيذاً ومنعشاً.
يحتوي التمر هندي على حمض الليمون وأملاح البوتاسيوم وعلى البكتين والعفص وأملاح معدنية خاصة مركبات الفوسفور والمغنزيوم. شراب التمرهندي يساعد في تخلص الدم من الحموض الزائدة وفي طرد ما يحتويه الدم من سموم، كما ينشط الصفراء ويسكن العطش وينفع في الصداع والإمساك.
ماء الورد:
يُستخرج من الورد البلدي(الوردة الشامية) بواسطة التقطير، وماء الورد الذي يستخدم في صناعة الروائح العطرية فإذا أُضيف إليه الماء والسكر أصبح شراباً لذيذاً نافعاً، يضاف ماء الورد لبعض الأطعمة فيزيد من طيبها ونكهتها، كما يدخل ماء الورد في صناعة السكاكر، ومن أزهار الورد يُعمل مربى الورد اللذيذ والمشهور في مدينتي حلب ودمشق.
شراب الورد يُفرح النفس ويقوي الأعضاء ويذهب الصداع، وينفع الكبد والكلى وهو شراب منعش ومرطب، وإذا مزج ماء الورد مع النشاء ينفع في الالتهابات الجلدية والشري.
القمر الدين (شراب المشمش):
شرائح القمر الدين المصنوعة من المشمش معروفة جيداً في سورية، وخاصة في شهر رمضان، حيث ينقع القمر الدين بالماء ويصنع منه شراب سائغ لذيذ الطعم، يروي العطش، ويساعد الصائمين على تحمل مشاق العطش والجوع.
شراب المشمش غني جداً بالفيتامينات وخاصة فيتامين C,B2,B1,A وعناصر هامة مثل الكالسيوم والفوسفور والحديد، وبهذا يعتبر شراب المشمش من أغنى الفاكهة في تقوية العظام والأنسجة، ووجود الحديد الضرورية لتكوين خضاب الدم، كل هذا يجعل شراب المشمش غذاءً يقي الجسم من الإنهاك والتعب، ويمنع الشعور بالظمأ والجفاف.
المشروبات الساخنة: الشاي. القهوة. اليانسون. المليسة. المتة
الشاي:
يعتبر الشاي من أشهر المشروبات النباتية الطبيعية، وينتشر شرب الشاي في جميع أنحاء العالم، ويحتل مكانة أساسية على الموائد، وهو يقدم كمشروب للضيافة لدى كثير من الشعوب بدلاً من القهوة. توجد في الشاي مادة منبهة تسمى الشايين تشبه الكافئين الموجودة في القهوة، وهي مادة منبهة للأعصاب مقوية للقلب إذا استعملت باعتدال، أما رائحة الشاي الخاصة فتأتي من الزيت الطيار الموجود في أوراقه، أو من بعض الزيوت العطرية التي تضيفها معامل إعداد الشاي لتزكي رائحته.
مشروب الشاي يفيد الجسم في حالات الإسهال وسوء الهضم وعسر البول والمغص والبرد، وهو منعش ومنبه للقلب ومنشط للكلى ومدر للبول ويزيل الصداع، وهو يفتح الشهية ويدفئ الجسم في الشتاء ويمنع العطش في الصيف.
يوجد للشاي أنواع عديدة منها الشاي الأسود والشاي الأخضر والشاي المعطر، ويساعد مشروب الشاي الأخضر على هضم الغذاء، ومدر للبول الذي يؤدي إلى خفض الضغط الشرياني وترطيب الجسم، ويفيد في علاج بعض حالات الصداع الناتج عن الإرهاق الشديد والعمل الشاق نتيجة تنشيط الجسم، ومهدئ للأعصاب.
أما أضرار الشاي إذا أخذ قبل تناول الطعام تأتي من وجود مادة العفص المقبضة فهي تسبب الإمساك والقبض وتشكل طبقة كيتنية على غشاء المعدة والأمعاء، فتحول دون إفراز العصارات الهاضمة، فتسيء الهضم ولا يمتص الجسم الغذاء بشكل جيد، وكلما ازداد غلي الشاي في الماء ازداد ضرره، لأن ذلك يزيد في انحلال العفص الموجود في الأوراق.
القهوة:
عبارة عن مشروب بذور نبات البن المحمص والمطحون، وبعد غليه بالماء يعطى شراباً ساخناً يُعرف بالقهوة السوداء.
القهوة مشروب ينشط الجسم، ويسهل الهضم، وينبه القلب، والأعصاب، كما يحتوي البن على مادة الكافئين (المنبهة) وحمض القهوة وزيوت طيارة، فإذا شربت القهوة بكميات قليلة كانت منشطة ومفرحة أما إذا شربت بكميات كبيرة أو عديدة تكثر كمية الكافئين التي يمتصها الجسم وتسبب ضرراً للجسم كتنبيه الأعصاب وارتفاع ضغط الدم، والكمية المتوسطة لشرب القهوة هي ثلاثة فناجين من القهوة يومياً، حيث يحتوي كل فنجان من القهوة على 9 ملغ من الكافئين، وزيادة شرب القهوة عن هذا الحد يعتبر منبهاً شديد الضرر ويصبح نوم الإنسان خفيفاً قصيراً مفعماً بهواجس الأحلام، وضيق في التنفس لأقل مجهود، وضعف في القدرة الجنسية، وتضعف شهيته للطعام، ويصاب بآلام معوية، واضطرابات في التبرز.
لطرق تحضير القهوة أنواعها منها:
القهوة التركية والقهوة السادة المرة والقهوة الفرنسية (قهوة بالحليب) كما تباع القهوة في الأسواق بأسماء عديدة منها (نسكافه) وغيرها.
اليانسون:
شراب اليانسون مع السكر معروف عند عامة الناس لطيب طعمه وفائدته، تتركب بذور اليانسون الناعمة من مادة الانيتول المفيدة للجسم ومن زيت اليانسون العطري، شراب اليانسون يستعمل كفاتح للشهية، ومهدئ عصبي خفيف ومسكن للتشنجات ومفيد للهضم ويسكن المغص المعوي، ويطرد الغازات، ويزيد في إدرار الحليب عند المرضع، يدخل زيت اليانسون في صناعة معاجين الأسنان، وتركيب كثير من الأدوية ذات الطعم غير المستساغ فيجعل المريض أكثر تقبلاً لها، كما يدخل اليانسون في صناعة البسكويت والكعك وفي بعض السكاكر والعلكة.
المليسة:
يستعمل شراب أوراق المليسة مضافاً إليه السكر لرائحته الزكية وطعمه اللذيذ، أوراق المليسة خضراء رفيعة لها رائحة عطرية مميزة، تجفف أوراق المليسة وتحفظ مدة طويلة، وتباع عند العطارين، وهي تدخل في تركيب العديد من الخلاصات العطرية وصناعة العطور.
يفيد شراب المليسة في الصداع والتشنج، وهو مهضم وطارد للريح، مهدئ ومعطر.
المتة:
يستعمل شراب أوراق المتة مثل مغلي أوراق الشاي، ونبات المتة له أوراق دائمة الخضرة، ينمو في المناطق الحارة، كما في البرازيل والأرجنتين ولذلك يسمى بشاي البرازيل، وقد انتقلت عادة استعمال منقوع أو مغلي أوراق المتة إلى سورية وخاصة في جبل القلمون وجبل العرب، بعد أن جاء بها المهاجرون العائدون من أمريكا الجنوبية.
تحتوى أوراق المتة على زيت عطري طيار ومواد سكرية وعفصية وراتنجية، وعلى الكافئين بنسبة 2%، وعناصر معدنية أهمها البوتاسيوم والمغنزيوم والحديد.
إن مقادير العفص الموجودة في المتة أقل بكثير من مقاديرها في الشاي ولهذا مغلي المتة غير قابض كمغلي الشاي، ولا تؤثر مقادير العفص الموجودة في المتة على غشاء المعدة ولا تحول دون إفرازاتها كما في الشاي، لذلك فهي هاضمة إذا أخذت بعد الطعام.
شراب المتة يُستعمل بشكل منقوع في الماء مع إضافة السكر ويشرب ساخناً بواسطة ممص خاص، من فوائد المتة الطبية أنها تحرك العضلات الملساء، فهي ملينة يستفيد منها كل من يشكو القبض والإمساك، وتبعث النشاط والحيوية في الأنسجة العصبية والعضلية، وهي واقية من التعب، معينة على تحمل المشاق، والمتة مغذية تعين على إسكات حاسة الجوع وتفيد في الصداع، وتساعد الذين يشكون من عسرة في التنفس.
ساحة النقاش