قال علماء في مجال الهندسة الوراثية انهم استطاعوا رسم خريطة جينية كاملة لذبابة الفاكهة يمكن لها ان تساعد كثيرا في فهم الكثير من الامراض البشرية، وطبيعة تطور الانسان. وذبابة الفاكهة هي أعقد كائن حي يتم رسم خريطة جينية له حتى الان. رغم ان الرموز الجينية لم يجر تحليلها بعد، وقال باحثون من مؤسسة سيليرا جينومكس ومعهد البحوث الجينية، وجامعة كاليفورنيا في بيركلي انهم وجدوا عددا مدهشا من الجينات الجديدة التي يشترك بها البشر وذباب باسم الفاكهة المعروف علميا بامس دروسوفيلا ميلانوغاستر، ومن هذه الجينات التي يشترك بها ذباب الفاكهة والبشر أحد جينات السرطان الرئيسة، ومجموعة جينات ذات علاقة بمسألة التقدم بالسن.

وفي تشبيه لأهمية هذا الاكتشاف، كتب توماس كورنبيرغ من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيكو ومارك كراسنو من جامعة ستانفورد يصفان هذا التطور: «ان هذا الترتيب (لجينات ذبابة الفاكهة) قد يكون بمنزلة حجر روزيتا بالنسبة للتركيب الجيني البشري»، وذلك في اشارة لحجر قديم حفرت عليه قصة واحدة بثلاث لغات مختلفة، ما فتح المجال أمام علماء الآثار لفك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية. وقد اعتاد العلماء اجراء تجاربهم الجينية على ذبابة الفاكهة لسهولة توليدها في المختبر، ولتشابهها الجيني مع البشر، فقد قارن العلماء تركيبها الجيني مع تركيب الدودة الدائرية التي رسمت خريطتها الجينية عام 1998، وتركيبة الخميرة، ووجدوا ان ذبابة الفاكهة تشترك مع البشر بجينات اكثر مما تشترك مع الدودة الدائرية أو الخميرة، وقد قارنوا جينات الذبابة بمجموعة من 289 جينا بشريا مسؤولا عن الامراض، فوجدوا ان ثلثي تلك الجينات موجود بشكل أو بآخر لدى ذبابة الفاكهة، ومن تلك الجينات ما هو مسؤول عن مرض السرطان، ومرض باركنسون.. الامر الذي دفع البروفيسور تشارلز زوكر أستاذ الاحياء في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو للقول: «نحن لا نعدو ان نكون ذبابة ضخمة من حيث الجوهر».

وتعمل مؤسسة سيليرا جينومكس ومعهد البحوث الجينية منذ مدة في مجال العلم الجديد المسمى جينومكس، وهو الذي يعنى بدراسة المجموعة الكاملة لجينات الكائنات الحية. والهدف من هذه الدراسة هو مقارنة المجموعات الجينية للكائنات الحية مع بعضها البعض لمعرفة المزيد من المعلومات عن ماهية الحياة نفسها، وكيفية تطورها، وكيف ينشأ المرض أساسا، وما الذي يميز وحيدة الخلية مثلا عن الشمبانزي.. وبالتالي كيف يمكن معالجة الامراض المستعصية عن طريق معالجة أو استبدال الجين المسؤول عن تلك الامراض. وتتسابق مثل هذه المؤسسات فيما بينها على استكمال الخطوة الاولى في هذه العملية، وهي ترتيب مجموعة الجينات البشرية التي يبلغ عددها مئة ألف جين وتقول سيليرا إنها قد أنجزت بالفعل ما يقرب من 90 في المئة من هذا المشروع، وقد عرضت قبل أيام نتائج دراستها لذبابة الفاكهة لتظهر كيف تعمل أساليبها المعتمدة على الكومبيوتر. ‏

غير أن ترتيب الجينات البشرية ووضع خريطة لها لايشكل سوى بداية الطريق، فهذه الجينات تحتاج بعد ذلك للكثير من البحث والتحليل قبل أن يقطف المجتمع البشري ثمارها كاملة، ويطلق العلماء العاملون في المشروع على عملهم اسم «إعادة بناء مبدئية» ويؤكدون أن عملهم لم ينته بعد، إذ إنه بحاجة إلى تحليل عميق. ولكن العلماء يأملون أن يساعدهم فهم التركيب الجيني لذبابة الفاكهة في زيادة معرفتهم بالإنسان، ففي مقالة لمجموعة من هؤلاء العلماء في مجلة «ساينس» العلمية، أكد هؤلاء على أنهم استخدموا ذبابة الفاكهة لكي يفهموا بشكل أفضل كيف يمكن للبشر وغيرهم من المخلوقات الراقية أن يسمعوا، ويتوازنوا ويحسوا بحاسة اللمس. فقد عثر العلماء في ذبابة الفاكهة على جين اسمه nomp Ca يتحكم بأجهزة الاستشعار لدى الذبابة، وعندما قاموا بتغييره لم تستطع الذبابة الإحساس بالعالم حولها وفقدت توازنها تماماً، وتعليقاً على ذلك يقول البروفيسور تشارلز زوكر إن ذلك يظهر أن الحواس المعقدة كاللمس والسمع تعتمد على وظيفة جزيئية بسيطة جداً... وأن «استمتاعنا بسيمفونية رائعة لايعدو أن يكون تحويلاً للطاقة الميكانيكية إلى إشارات كهربائية من قبل الخلايا في أذننا الداخلية». ‏

كما عثر العلماء على الجين المسؤول عن الشيخوخة، أو التقدم في السن وبمعالجته استطاعوا زيادة عمر عدد من الذبابات بمعدل عشرين بالمئة تقريباً، ولدى البشر جين مشابه يسمى SOD 1 a ويقول مارك أدامز نائب رئيس البرنامج الجيني في مؤسسة سيليرا: «سيحب الناس حقاً فكرة تلقي علاج جيني ربما يجعل شيخوختهم أبطأ». غير أن هذه المؤسسة وغيرها من الجهات العاملة في مجال البحوث الجينية مازالت تثير جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة وبريطانيا، إذ يخشى الناس ألا تفي تلك المؤسسات بوعودها التي تعهدت فيها بإطلاع الجمهور على نتائج أبحاثها أولاً بأول، وقد دفعت تلك الشكوك بالرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير لإصدار بيان مشترك في وقت سابق يحثان على إشراك الجمهور بمثل هذه المعلومة البحثية. ‏

كما تثير مسألة ترخيص المكتشفات الجينية، وحقوق الاستفادة والاستخدام جدلاً واسعاً ومشكلات قانونية وأخلاقية عديدة يشهدها الغرب هذه الأيام. ومع ذلك يبقى السعي حثيثا لاستكمال رسم وتحليل الخريطة الجينية البشرية خلال العقد الحالي كما يأمل العلماء... الأمر الذي سيشكل تطوراً هائلاً في مجال الطب والعلاج، ومكافحة الأمراض المستعصية التي تؤرق ملايين البشر في كل مكان.
hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 270 مشاهدة
نشرت فى 23 نوفمبر 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,793,389