ـ الجهل :
إنّ السبب الأوّل في هذه السلوكية العدوانية الخطرة على حياة الفرد والجماعة هو الجهل . وليس معنى الجهل ، هو أن يكون الشخص الهدّام اُمّياً ، أو من أنصاف المتعلّمين ، فقد يكون هذا العنصر متعلّماً ، وحاملاً شهادات عليا ، ويملك خبرات وتجارب في الحياة . فقد يكون حاكماً أو سياسياً أو نشطاً اجتماعياً وثقافياً ، أو صاحب كفاءة واختصاص علمي ..
ومع ذلك فهو يجهل خطورة فعله الهدّام ، ويمارس الهدم والتخريب، ويعتبر فعله الضار ضرورة ومصلحة .. منطبقاً عليه قوله تعالى :
(وإذا قيلَ لَهم لا تُفسِدوا في الأرضِ قالوا إنّما نحنُ مُصْلحِون * ألاَ إنّهم هُم المُفسدونَ ولكن لا يَشعُرون ). ( البقرة / 11 ـ 12 )
(قُل هل نُنبِّئكُم بالأخْسَرينَ أعمالاً * الّذينَ ضَلَّ سَعيهُم في الحياةِ الدُّنيا وهُم يَحسَبونَ أ نّهم يحسنونَ صنعاً ). ( الكهف / 103 ـ 104 )
إنّ هذا الصنف من الناس معجب برأيه ونفسه ، وهو كما ورد في روايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) يفسد بالعجب عمله .. فعن علي بن سويد ; عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : «قال : سألته عن العجب الذي يفسد العمل ، فقال : العجب درجات .. منها أن يزيّن للعبد سوء عمله ، فيراه حسناً فيعجبه ، ويحسب انّه يحسن صنعاً ، ومنها أن يؤمن العبد بربّه فيمن على الله ، عزّ وجل ، ولله عليه فيه المنّة» .
انّ الجهل الذي يعاني منه هذا الصنف من الناس هو الجهل بمعنى الحياة أو بالهدف الذي يجب أن يسعى إليه الإنسان ، أو الجهل بما سينتج عنه فعله الهدّام ، وما سترتد عليه وعلى الجماعة ، وعلى مشروع العمل والنشاط والقضيّة التي يمارسها من ضرر وتخريب .
ساحة النقاش