لو تخيلنا أن إنسان عاش في بيئة ساكنة ، و جامدة ، لا حركة فيها و لا أثارة ، كيف سيعيش و ماذا سيحدث له ؟؟ بالتأكيد سوف تكون حياته مملة ، و رتيبة ، و مقيدة ، لا تبعث على مشاعر البهجة و الفرح ، خامدة يسودها الركود و مشاعر الضيق و الكدر " إذ الإنسان بطبعه مدفوع من حاجة رئيسة و هي الحاجة إلى الإثارة الحسية ، الحاجة إلى مثيرات تداعب مشاعره ، و تتحدى قدراته و مهاراته العقلية ، و تتصارع مع قواه الجسدية ، مدفوع برغبة للتسلية و المرح ، و إلا ما هي الفائدة و الجدوى من الحياة أن أصبحت رتيبة و ساكنة ؟
لماذا نحتاج الخبرات الحسية ؟
لكل دافع باعث يحفزه ، و لكل استجابة نقوم بها مثير ، كما أن الحاجة للمثيرات الحسية رغبة نابعة من الاتصال بالبيئة المحيطة ، و الحاجة إلى المعرفة و الاستكشاف ، و السعي نحو السعادة ، و اختبار مواقف الحياة ، و امتحان المهارات و القدرات ، و تحدي المشكلات ، و الهرب من الملل و الضجر ، و جعل مسيرة الحياة مليئة بمظاهر البهجة و روح التحدي ، كما أن الإحساس بهذه المثيرات مظاهر لرفع الروح المعنوية و الترويح عن النفس ، و الاستمتاع بالتذوق الجمالي ، كالاستجمام و السياحة و لعب كرة القدم و ركوب الدراجة و الرسم .
الحاجة الى الأثارة هل هي فطرية أو مكتسبة ؟
يصنف علماء النفس هذه الحاجة ضمن الحاجات الفطرية ( الموروثة ) ، و من أهم دوافع الإنسان نحو البقاء و استمرار الحياة اذ بدون هذه الحاجة لا يستطيع الأفراد العيش و مواصلة الحياة . ألا أن إشباع هذه الحاجة تتعدل بطريقة اجتماعية نحو ما يشبعها من أشياء و مواضيع و أشخاص ، و المثال على أهمية هذه الحاجة تجربة الباحث ( هيرون ) التي أقامها في جامعة ( ماك جاك ) في مونتريال بكندا ، تقوم هذه التجربة على موضوع الحرمان الحسي ( حرمان أو عدم إثارة الحواس الخمسة لدى الانسان من المثيرات الحسية ) ، حيث وضع طلاب في حجرات عازلة و صغيرة ، و مخادع هادئة اضطجعوا عليها و هم معصوبي العينين ، و وضعت أعينهم في عصابة أو ضمادة ، و لم يكونوا يستطيعون السماع الى أي شيء ، و سمح لهم بأوقات قليلة من الراحة و قضاء الحاجات ، و فيما عدا ذلك يبقى المفحوص في حالة من الحرمان من التنبيه ، و بعد ساعات قليلة من بدء التجربة أصبح الطلاب في حالة ضجر و تبرم و تهيج ، و قرر كثير منهم أنهم رأوا هلاوس بصرية على شكل صور و أحلام يقظة ، و اصبحوا غير واعين الى الزمان أو المكان ، و غير قادرين على التفكير الواضح او التركيز لأي فترة من الزمن ، و كان أدائهم ضعيف عندما أعطيت لهم مسائل و طلب منهم حلها ، مما كان للتجربة أثر سيء على عملياتهم العقلية ، و ترك كثير من المفحوصين هذه التجربة و توقفوا عن تكملتها قبل إنهاء التجربة ، رغم كل الحوافز المالية و الرغبة في اثراء المعرفة . يتضح من هذه التجربة حاجة الإنسان الى المثيرات الحسية و التواصل مع
بيئته المادية و الاجتماعية و الاستمتاع بالخبرات الحسية.
نمط الشخصية و علاقته باختيار المثيرات الحسية
يختلف الأفراد عن بعضهم البعض في اختيارهم للمثيرات الحسية ، و هذا الاختلاف نابع من اختلاف اتجاهاتنا و ميولنا و تفضيلنا للمواضيع و الأشياء الموجودة في البيئة ، كذلك نجد أن الفرد نفسه يختلف في المواضيع التي يفضلها و الأشياء التي يحبها ،كما نجد أن هذه الأشياء و المواضيع قد تختلف لدى الإفراد من مرحلة عمرية إلى أخرى ، فما نرغب فيه في الطفولة قد يختلف عما يثيرنا في المراهقة و
الرشد أو الشيخوخة .
و تصنف الدراسات و الأبحاث التي أجريت في هذا المجال الأفراد حسب اختيارهم للمثيرات الحسية الى نمطين ، هما :
1 . أفراد يحتاجون الى مثيرات حسية عالية ، و أثارة بدرجة كبيرة ،على حساب حياتهم و راحتهم و أمنهم ، كما يظهر لدى متسلقي الجبال و الغوص في البحار ، و القفز بالمظلات ، و قيادة السيارات بسرعة كبيرة .
2 . أفراد يحتاجون الى مثيرات حسية أقل تنبيه و أثارة ، كما يظهر لدى من يفضل قراءة الكتب و المطالعة ، و صيد السمك ، و لعب كرة التنس ، و مشاهدة برامج التلفاز .
لذا نجد أن الوظيفة الأساسية لهذه الحاجة ، نابعة نحو تحقيق التوافق و الحفاظ على التوازن النفسي ،
بغض النظر عن المثيرات التي تشبع هذه الحاجة ، و أن الحياة لا معنى لها أن أصبحت خالية من عناصر الإثارة و التشويق الحسي
نشرت فى 21 نوفمبر 2011
بواسطة hany2012
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,761,456
ساحة النقاش