(أبدًا لا يتحقق النجاح بشيء واحد أو شخص واحد، إنه يتطلب عددًا من الأشياء والأشخاص، تندمج معًا في كلٍّ كامل متوحد)
ماري دريسلر
تعتبر إجراءات الاختيار والتعيين الفعالة، من العناصر المهمة، في عمليات إدارة الموارد البشرية في المؤسسة، فعند الانتهاء من تحديد متطلبات المؤسسة من العمالة، فإن الخطوة التالية التي ينبغي أن تقوم بها المؤسسة هي الاستقطاب، والتي تتمثل في ضمان أن المؤسسة لديها الأنظمة، التي تستطيع من خلالها جذب واختيار المرشحين للوظائف، الذين يتميزون بالمؤهلات المطلوبة.
ما هو الاستقطاب؟
يعرفه الدكتور أحمد ماهر بأنه: تلك المراحل أو العمليات المختلفة؛ للبحث عن المرشحين الملائمين؛ لملء الوظائف الشاغرة بالمنظمة، أو هو جذب المرشحين؛ لشغل الوظيفة الشاغرة.
ويعرفه الدكتور محمد سعيد سلطان بأنه: عملية اكتشاف مرشحين محتملين، للوظائف الحالية أو المتوقعة في المنظمة، أي أنه نشاط يقوم على الوصل بين من يبحثون عن وظائف، ومن يعرضون وظائف.
أهداف عملية الاستقطاب:
إن عملية الاستقطاب تشكل ركنًا، من ثلاثة أركان لعملية التوظيف، إضافة إلى الاختيار والتعيين، وتسعى عملية الاستقطاب الناجح، في تحقيق الأهداف الآتية:
1. توفير مجموعة كافية من المتقدمين الملائمين لشغل الوظائف، وبأقل تكلفة ممكنة.
2. الإسهام في زيادة فاعلية عملية الاختيار، من خلال جذب أفراد مناسبين، يتم الاختيار النهائي من بينهم.
3. تقليل جهود ونفقات الأنشطة الخاصة بالموارد البشرية، التي تلحق عملية الاختيار كالتدريب.
4. تحقيق المسئولية الاجتماعية والقانونية والأخلاقية لإدارة الموارد البشرية، وينبغي أن تقوم المنظمة بمراعاة مجموعة من العوامل، عند أدائها لعملية الاستقطاب، منها:
أ. عوامل بيئية: مثل سوق العمل، التركيبة النوعية والعمرية للموارد البشرية، مستويات المعيشة، الدخل ...إلخ.
ب. القيود والمحددات الحكومية.
ت. عوامل تنظيمية: مثل جهود ونشاطات المنظمة، في مجال الاستقطاب والإجراءات الخاصة بموازنات عملية الاستقطاب أو السياسة الإعلانية.
خطوات عملية الاستقطاب:
تمر عملية استقطاب الموارد البشرية بعدة خطوات، تبدأ من تخطيط القوى العاملة، وتنتهي بالاختيار والتعيين، وهي كالآتي:
1. تخطيط القوى العاملة: حيث يتم تحديد احتياجات المنظمة من الموارد البشرية، طبقًا لخطط الإنتاج والعمل في الفترة القادمة.
2. طلبات المديرين من العمالة: وتتضمن هذه الخطوات، تحديد أعداد ونوعيات العمالة المطلوبة، من حيث المتطلبات الجسمانية والذهنية والقدرات والمهارات.
3. تحديد الوظائف الشاغرة: بناء على الخطوتين السابقتين، يكون لدى إدارة الموارد البشرية، تصور كامل عن أعداد الوظائف الشاغرة المطلوب شغلها، وفي أي الإدارات والأقسام، وأيضًا في أي المستويات الوظيفية تقع تلك الوظائف.
4. النظر في تحليل الوظائف ومراجعة مواصفات شاغلي الوظيفة: بعد تحديد عدد الوظائف الشاغرة، يكون من الضروري مراجعة تحليل الوظائف؛ لمعرفة متطلبات الوظيفة من واجبات ومسئوليات، وأيضًا مراجعة المواصفات التي ينبغي توافرها في شاغل الوظيفة، من حيث المؤهل، وعدد سنوات الخبرة ونوعها.
5. الاستقطاب: وهو البداية العملية لجذب العمالة، وتتضمن هذه الخطوة عددًا من الأنشطة، التي سيرد ذكرها بالتفصيل فيما بعد.
6. الاختيار والتعيين: وهذه الخطوة هي خلاصة كل الخطوات السابقة، من حيث تتضمن المرحلة النهائية، التي يتم فيها تصفية المتقدمين إلى عدد أقل، يتم الاختيار من بينهم، ثم التعيين.
من يقوم بالاستقطاب:
تقوم المنظمات الكبيرة، بإنشاء وحدات متخصصة لإدارة الموارد البشرية، وتتضمن هذه الوحدات أقسام متخصصة، في وظائف إدارة الموارد البشرية، ومنها ما يسمى بقسم التوظيف، أو مكتب التوظيف، حيث يعمل به عدد من المتخصصين، في الإعلان عن الوظائف وجذب العمالة، وإجراء المقابلات المبدئية مع المتقدمين، وحتى مرحلة الاختيار النهائي، والتي يشارك فيها المديرون التنفيذيون.
أما في المنظمات الصغيرة، فقد تستند عملية استقطاب العمالة، إلى أحد المكاتب الاستشارية المتخصصة في جذب العمالة، أو قد يقوم بهذه العملية المديرون التنفيذيون بأنفسهم، بالاشتراك مع مدير الموارد البشرية، كما هو موضح في الجدول التالي:
إدارة الموارد البشرية |
المديرون التنفيذيون |
· التخطيط لأنشطة الاستقطاب، والبحث عن مصادر، واستخدام أساليب الاستقطاب. · العمل كأخصائي للاستقطاب، والمقابلة المبدئية للمرشحين الجدد. · متابعة تنفيذ أنشطة الاستقطاب وتقييمها. |
· مساعدة إدارة الموارد البشرية في التخطيط لأنشطة الاستقطاب. · العمل كأخصائي للاستقطاب، والمقابلة المبدئية للمرشحين الجدد. |
مصادر الاستقطاب:
بعد أن قامت المنظمة بتحديد، احتياجاتها من الموارد البشرية، وذلك في شكل خطة للقوى العاملة، تتضمن أعداد وظائف ومواصفات، لشغل تلك الوظائف، فينبغي التفكير في المصادر، التي سيتم الحصول منها على احتياجاتها، وتنقسم تلك المصادر إلى مصادر داخلية، ومصادر خارجية، وهي كالآتي:
أولًا: المصادر الداخلية:
ويقصد بالمصادر الداخلية، الموارد البشرية المتاحة داخل المنظمة، ويمكن اللجوء لهذه المصادر، في حالة الوظائف الإشرافية، أو الوظائف التي تحتاج لخبرات، قد لا تتوافر خارج المنظمة، ومن أهم هذه المصادر:
1. الترقية:
ويلجأ إلى هذا الصدد، في حالة الرغبة في شغل بعض الوظائف الإشرافية أو القيادية، حيث يكون لهذا الأسلوب بعض المزايا، مثل:
· تحفيز العاملين؛ لرفع قدراتهم.
· رفع الروح المعنوية للعاملين؛ لشعورهم بالأمان الوظيفي، وأن منظمتهم توفر لهم، فرص الترقي والنمو في المستقبل.
· يوفر للمنظمة عمالة، لديها خبرات بالعمل، ولا تحتاج لتدريب.
2. النقل الوظيفي:
ويكون هذا مصدرًا للعمالة، عندما تكون سياسات الشركة، في إدارة الموارد البشرية، قائمة على تنويع خبرات العاملين فيها، وأيضًا عندما لا تتوافر تلك الخبرات في سوق العمل الخارجي.
3. مخزون المهارات:
ويستخدم هذا الأسلوب، عندما يكون لدى المنظمة، تصور كامل عن القدرات والمهارات المتوافرة لدى العاملين بها، حيث يتم تحديد احتياجات كل وظيفة من الخبرات والقدرات والمهارات، والرجوع إلى مخزون المهارات؛ للبحث عمن تتوافر تلك المهارات والقدرات، ويتم شغل الوظيفة بعد ذلك إما بالنقل أو الترقية.
4. الإعلان الداخلي:
عندما ترغب المنظمة، في شغل بعض الوظائف في المستويات الإدارية الدنيا، فإنه يكون من المفيد نشر حاجتها بلوحات الإعلانات بالشركة، وهذه الإعلانات يقرؤها العاملون بالشركة، وينشرون تلك الأخبار خارج الشركة في محيط الأصدقاء والأسرة، حيث يتقدم للوظيفة بعد ذلك، من يجد نفسه مواصفات شغلها.
5. عن طريق الزملاء والمعارف والأصدقاء:
عندما تكون لدى الشركة الرغبة، في شغل إحدى الوظائف ذات التخصصات النادرة، فقد يتطلب من العاملين بها في نفس الوظيفة، أن يتصلوا بأصدقائهم، الذين تتوافر فيهم شروط شغل تلك الوظيفة، وإغرائهم بالالتحاق بالعمل بالشركة.
ثانيًا: المصادر الخارجية:
ويقصد بها تلك المصادر، التي تمد المنظمة باحتياجاتها من الموارد البشرية، وقد يقصد بها أيضًا سوق العمل، حيث تنقسم تلك المصادر إلى مصادر عديدة أهمها:
1. التقدم المباشر للمنظمة:
تستطيع المنظمة أن تحصل على مواردها البشرية، من خلال الأفراد الذين يتقدمون لها مباشرة، أو بالبريد بغرض طلب وظائف، حيث تقوم المنظمة بالاحتفاظ بطلبات التقدم، التي يملؤها الأفراد، والتي تتضمن بيانات كاملة عنهم، وعن مستوى تعليمهم وخبراتهم السابقة وقدراتهم ومهاراتهم.
2. الإعلان:
قد تقوم المنظمة، بالإعلان عن حاجتها من الموارد البشرية، في الصحف اليومية، والمجلات، والدوريات المتخصصة، وفي هذه الحالة ينبغي على المنظمة أن تختار وسيلة الإعلان، التي تناسب الوظيفة المطلوب شغلها.
فمثلًا في حالة الوظائف التي لا تحتاج إلى تخصصات نادرة، يمكن الإعلان في الصحف اليومية الأكثر انتشارًا، التي تصل إلى أكبر عدد من الأفراد، أما في حالة الوظائف التخصصية النادرة، فقد تلجأ المنظمة إلى الإعلان في الدوريات المتخصصة، وهي المجلات الدورية أو النشرات، التي تصدر عن اتحاد معين لأصحاب المهنة، بحيث تضمن المنظمة، وصول تلك الإعلانات إلى المهتمين بالأمر.
ولكي يكون الإعلان فعال (سواء داخلي أو خارجي)، على مدير الموارد البشرية، قبل أن يعلن عن الوظيفة أن يقوم بما يلي:
أ. دراسة متطلبات شغل الوظيفة من حيث المؤهل، وعدد سنوات الخبرة، ونوعها.
ب. تحديد المنطقة التي يرغب في اختيار العمالة منها.
ت. اختيار وسيلة الإعلان، التي تصل إلى أكبر عدد من القراء أو المشاهدين.
ث. أن يحدد الأسلوب الذي سيتم من خلاله، استقبال المتقدمين للوظيفة (شخصيًا/ بالبريد/ بالتليفون).
ج. أن يذكر ملخصًا للوصف العام للوظيفة.
3. وكالات ومكاتب التوظيف:
يوجد ثلاث أنواع من وكالات ومكاتب التوظيف:
النوع الأول: وكالات أو مكاتب عامة: وهي مكاتب حكومية تديرها، الحكومة وتشرف عليها، ويكون هدفها الرئيسي، إيجاد فرصة عمل لكل عاطل.
النوع الثاني: مكاتب خاصة: وهي مكاتب يديرها متخصصون، في جذب واستقطاب العمالة واختيارها.
النوع الثالث: مواقع على شبكة الإنترنت تخص وكالات التوظيف، وعادة تشترك فيها المنظمات، من خلال دفع رسوم سنوية أو رسوم حسب نوع الخدمة.
4. المدارس والجامعات:
تعتبر المدارس والمعاهد الفنية المتخصصة، وكذلك الجامعات من المصادر المهمة، في الحصول على الموارد البشرية، فقد تلجأ بعض الشركات، إلى إقامة علاقات وطيدة بالمدارس الفنية، والمعاهد، والجامعات، بغرض جذب خريجيها للعمل بها.
5. الإنترنت:
فإنه لا يتم الإعلان عن الوظائف فحسب، ولكن من الممكن أيضًا أن يقوم الأشخاص بإدخال بعض التفاصيل الخاصة بهم؛ بغية أن يراها بعض أصحاب العمل، الذين هم في حاجة إلى عمالة.
وعادة ما يتم إرسال استعلام شامل إلى أي شخص، يرغب في أن يتم تضمين اسمه في قواعد البيانات حتى يقوم بإكماله، ويتم من خلال الأسئلة الموجودة في الاستعلام، استكشاف المؤهلات، والخبرة، والخلفية التي يتمتع بها الشخص.
ومن الممكن أن يتم الاستعانة بالمعلومات، التي تم الحصول عليها في كتابة سيكولوجية عن الشخص، وعادة ما يطلب من الشخص تحديد نوع المؤسسة، والموقع، ونوع العمل الذي يبحث عنه.
وهذه بعض المواقع على شبكة الإنترنت، التي تقدم لك مصدرًا مهمًا في كثير من المجالات المرتبطة بالاختيار والتعيين، وتخدمك في التعرف على، كيفية البحث عن المتقدمين لشغل الوظيفة، كما تعطيك عناوين وكالات التوظيف، وإرشادات كيف تحصل على اختيارات جيدة للتوظيف:
وأخيرًا:
أختم بقول بيتر دراكر: (إن أول علامة تظهر عند انهيار أية صناعة، هي إعراض أفضل الكفاءات عنها)، وسوف نكمل في المرة القادمة إن شاء الله، الجزء الثاني من الاختيار والتعيين.
أهم المراجع:
1. إدارة الموارد البشرية، أحمد ماهر.
2. إدارة الموارد البشرية، باري كشواي.
3. الإنتصار مع فرق العمل، كاترين كاريفلاس.
4. إدارة الموارد البشرية، محمد سعيد سلطان.
5. أفكار دراكر اليومية في الإدارة، بيتر دراكر.
6. إدارة الموارد البشرية، خالد عبد الرحيم الهيتي.
ساحة النقاش