امر عجيب ان أجعل عاطفة المرأة من الخصوصيات التي تشكر عليها النساء والتي تسجل مفخرة لجنسهن, فالعاطفة هي سبب رئيسي في اختلاف التكاليف بين النساء والرجال , وبالتالي هي مذمة تمقتها النساء , لأن العاطفة تهور واندفاع . ولعل البعض سوف يتسائل - لذلك - عن وجه الفضل في هذه العاطفة ؟ والحق ان لمل أمر وجهين , فماذا لو نظرنا الى الوجه الاخر من الامر ؟ لو نظرنا لوجدنا ان المرأة بضعفها قوية فدموع المرأة سلاح قدين يستجيب له الكثيرون , والقلب يرق غريزياً للضعفاء والمساكين , وصاحب المروءة ينتصر للمظلوم , والرسول (ص) حث على العناية بالضعفاء والمظلومين بشكل عام , وخص النساء بالوصاية في قوله : ( اللهم اني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة : ومعنى أحرج : ألحق الحرج وهو الأثم بمن ضيع حقهما , واحذر من ذلك تحذيراً بليغاً , وأزجر عنه زجراً أكيداً . وأحاديث الوصاية بالنساء كثيرة : ( ألا واستوصوا بالنساء خيراً , فانما هن عوان عندكم ) , ( يا أنجشة رويدك سوقاً بالقوارير ... فالمرأة تتجاوز بهذه الصفة قوة الرجل , فتستثير نخوته وشهامته ليحقق لها ما تصبو اليه , وعن طيب نفس منه .
وتؤكد كاتبة المانية هذا الكلام بالتجربة الواقعية فتقول : ان كانت القوة البدنية حرية بأن تكون عامل ضغط وتحكم في طبقة اجتماعية ما , فهي البته لا تنجح في أخضاع جنس الى جنس اخر . ان الشخص الذي يستطيع اضطهاد شخص اخر هو الشخص الضعيف المحتاج الى المساعدة , وليس الشخص الاقوى بدنياً . فليس العاشق هو صاحب السلطة , وانما المعشوق , وتقول في موضع اخر : بالنسبة للنساء فأن بأمكانهن بسط سلطتهن على الرجال , وذلك بالتحكم في غرائزهن الجنسية مما يجعل الرجال تابعين لها . وبما أن النساء في أغلب الاحيان هن أضعف جسمياً وفكرياً من الرجال , فأنهن يستطعن اضافة الى امتناعهن جنسياً عنهم ان يلفتوا انتباه الرجال اليهن بمثابتهن مواضيع رعاية .
والمرأة وبتأثير هذه العاطفة تتفوق على الرجل في بعض الاعمال وتذهب بالأجر الاكبر ,كالتربية والتمريض , من اجل ذلك كانت النساء تخرج الى المعارك فيداوين الجرخى , وما منعهن النبي من ذلك .
والعاطفة التي وضعها الله في المرأة وميزها بها عن الرجل دفعت بالأم الى التفاني والتضحية بكل شئ في سبيل العناية بأولادها , الامر الذي يجعلها أقدر من الرجل في مجال التربية والتوجية بلا شك , وهي العلة في أسناد الحضانة الى الأم : لأن الله سبحانه وتعالى منح الأم حباً لأطفالها لا يقف عند حد وتعلقاً بهم يجعلها تتفانى في سبيل الحفاظ عليهم والعناية بهم غير عابئة بجهد او مشقة دون ملل او كلل . وقد أسند الشارع الحضانة للام في الفترة التي يكون فيها الصغير محتاجاً الى خدمة النساء مراعاة لتوفر الحنان عند النساء بصفة عامة , ومن الام على وجه خاص . فهي اقدر بسبب ذلك على تحمل السهر به والصبر عليه , وأحفظ له وأحمد عاقبة .ولذلك فأن الشارع لا يعدل عنها في حضانة الصغير الا لضرورة ملجئة .. ولذلك تجبر الام في بعض المذاهب على حضانة الصغير : واذا كانت الحضانة حقاً للصغير فان الام تجبر عليها اذا تعينت بأن يحتاج الطفل اليها ولم يوجد غيرها , كب لا يضيع حقه في التربية والتأديب ... الام أحق به من الاب .. وسبب تقديم الام ان لها ولاية الحضانة والرضاع , لأنها أعرف بالتربية وأقدر عليها , ولها من الصبر في هذه الناحية ما ليس للرجل .
وقد أستطاعت كثيرات من النساء تربية أولادهن وحدهن دون مساعدة الرجل ( بسبب موته او غيابه ) , ونجحن نجاحاً باهراً في التربية وفي أعالة الاسرة , في حين عجز الرجال عن القيام بهذه المهمة وحده منفرداً ودون مساعدة المرأة له , وبذلك استطاعت المراة ان تستفيد من عاطفتها في تأمين حياة مستقرة لاولادها اليتامى , في حين لم يستطع الاب الذي فقد زوجته ان يعوض أطفاله العاطفة التي افتقدوها - الا قليلا - لأن العاطفة هبة من الله .
كما ان لهذه العاطفة ( وهي سرعة التأثر ) وجهاً اخر حسناً , بل رائعاً هو سرعة التأثر بالموعظة , الامر الذي يزيد الايمان , ويجدد النشاط , فيؤدي الى الاكثار من العمل الصالح الذي يرفع الدرجات ويقرب من الله . فعن عائشة - رضي الله عنها - ان ابا بكر أبتنى مسجداً بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرأن فينقذف عليه نساء المشركين وابناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون اليه .. وافزع ذلك أشراف قريش وقالوا : انا خشينا أن يفتن نساءنا وابناؤنا . قال الحافظ ابن حجر : قوله : وأفزع ذلك أشراف قريش ) اي أخاف الكفار لما يعلمون من رقة قلوب النساء والشباب ان يميلوا الى دين الاسلام . وقد كان خوفهم حقاً فان اول من أمن كان من النساء فكان أجر السبق لهن , فأم حبيبة سبقت أباها أبا سفيان بل كانت هي من اوائل من أسلم حتى انها هاجرت الى الحبشة , في حين لم يسلم والدها الا عند فتح مكة والله يقول : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) فهذه الاية دالة على فضل من سبق الى الاسلام , وفيها دليل على أن للصحابة مراتب , وان الفضل للسابق . وفاطمة سبقت أخاها عمر بن الخطاب , ولبابة بنت الحارث وهي ( ام ابن عباس ) سبقت زوجها بالاسلام حتى قال ابن عباس : كنت انا وامي من المستضعفين انا من الولدان وامي من النساء ( فقد كان ابوه على دين القوم ) وزينب بنت رسوال الله سبقت زوجها أبا العاص بالاسلام , وقد سبقت الاماء مواليهن مثل زنيرة والنهدية , وقد سبقت أم كلثوم بنت عقبة أهلها جميعا وهاجرت وقد خرج في أثرها أخوالها ليردوها عن دينها ..
ويقول القرضاوي عن مزايا عاطفة المرأة : المرأة في الجملة أكثر اهتماماً بدينها من الرجل , ويبدو ان ما حباها الله وخصها به من مشاعر الحنان والرحمة والرقو جعلها أقرب الى الفطرة الدينية من الرجل , ولا عجب ان يكون حرصهن على التدين أكبر وخوفهن من سوء الحساي أقوى , ولازلنا نرى كثيراً من المتبرجات يعدن باخيارهن الى حظيرة الاحتشام والالتزام باداب الاسلام , برغم الجهود الجبارة المبذولة من كل القوى المعادية للاسلام من الداخل والخارج , ويقول عبد الحليم ابو شقة : حبا الله المرأة بفيض من المشاعر الرقيقة يجعلها حريصة على التدين اذا حظيت بتوجيه رشيد ...
اولئك نسوة صالحات يتصدقن ويبذلن اكثر من الرجال : وكان رسول الله (ص) يقول : تصدقوا تصدقوا , وكان اكثر من يتصدق من النساء , وعن ابن عباس : شهدت الفطر مع النبي (ص) .. حتى اتى النساء ومعه بلال فقال : تصدقن فبسط بلال ثوبه ... فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال , قال الحافظ ابن حجر , وفي مبادرة تلك النسوة الى الصدقة بما يعز عليهن من حليهن مع ضيق الحال في ذلك الوقت دلالة على رفيع مقامهن في الدين وحرصهن على امتثال أمر الرسول ورضى الله عنهن . ويقول نور الدين عتر : المرأة بطبيعتها تميل الى الاخلاق الفاضلة وتقبل عليها , كما ان المرأة بفطرتها الانسانية الرقيقة , أسرع تقبلاً للموعظة , وتأثراً بالنصح كما هو مشهور لدى علماء التربية , ويقول عبد الله أل محمود : وهن ( النساء ) أقبل الناس لتعلم الدين ةوالاخلاق والخير , وفيهن أتم الاستعداد للاستماع والاتباع ولو وفقن للمعلبمين والمعلمات الراشدين الصالحين . لذلك كانت تربية البنات على الصلاح أسهل من تربية البنين , وقد أتضح هذا بالتجربة العملية لمن رزق بنات وبنين فالبنات بحكم العاطفة التي ميزهن الله بها أطوع وأسلس قياداً , واستجابتهن للخير أسرع , وحبهن للوالدين وحرصهن على رضاهما وبرهما أكبر .

hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 389 مشاهدة
نشرت فى 22 أغسطس 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,653,713