أستاذ دكتور / حمدى ابراهيم (أستاذ بساتين الفاكهة "م")

كل ما يخص إنشاء بساتين الفاكهة

مصدر هذه المقالة - كتاب الفاكهة الأستوائية

تأليف الأستاذ الدكتور/ حمدى ابراهيم محمود العجيلي

<!--

<!--<!--<!--<!--<!--<!--

التربة The Soil

بادئ ذى بدأ يجب علينا التعرف عن قرب على التربة ودراسة عناصرها الرئيسية ومدى تأثيرها على نجاح زراعة أشجار الفاكهة بها. يرى شفيق عبد العال وأخرون (1997) وعاطف كشك ومحمد معتوق (1998) أن تعريف التربة يختلف أختلافاً كبير على حسب العلم المهتم بدراستها. فالتربة من وجهة نظر المهتمين بعلوم الزراعة عبارة عن الوسط الذى يصلح لنمو وتغذية جذور النبات بما يسمح بنجاح زراعتة وإكمال دورة حياتة. فى حين أننا لو تناولنا التربة من وجهة نظر المهتمين بعلوم الجيولوجيا فيمكننا القول بأنها عبارة عن الطبقة السطحية الناتجة من تحلل الصخور بفعل عوامل التجوية المختلفة على مر العصور. ويختلف الأمر إذا ما تناولناها من وجهة نظر هندسية, فعلماء الهندسة المدنية يتعاملون مع التربة على إنها الطبقة أو الوسادة التى تصلح لإقامة المبانى أو الطرق عليها وإذا لم تكن مناسبة لهذا الغرض فيجب إزالتها وأستبدالها بطبقة أخرى تلائم هذا الغرض.

 

وفى هذا المؤلف نتناول التربة بأعتبارها البيئة الطبيعية لنمو النبات وهو ما يسمى بعلم الإيدوفولوجى Edaphology وهو العلم الذى يهتم بتوفير الظروف المثلى للتربة للوصول بالقدرة الإنتاجية لها إلى أعلى كفاءة ممكنة, وهذا ما يهمنا فى هذا الكتاب. وقد بين علماء البساتين والأراضى أنه لايوجد تعريف ثابت ومتفق علية بصورة مطلقة للتربة الزراعية, ولكننا نتعامل معها على إنها طبقة مفككة تستقر على وسادة صخرية, هذه الطبقة المفككة قد ترجع إلى تحلل صخور الأصل بفعل عوامل التجوية التى مرت بها عبر السنتين, وقد تكون هذه الطبقة منقولة من مكان أخر بواسطة عوامل الطبيعة مثل الرياح أو المياة أو صناعياً بواسطة الإنسان.

ومن الجدير بالذكر أن الطبقة السطحية المفككة للتربة والتى نقوم بالزراعة عليها ليست بمعزل عن الوسط المحيط بها من الصخور الأصلية الموجودة أسفلها والعوامل البيئية المحيطة بها وكذلك الغطاء النباتى النامى عليها. حيث إنها تضيف اليهم وتأخذ منهم فى علاقة تبادلية متشعبة. فنجد أن هناك نظام لتبادل الطاقة الحرارية بين الغلاف الجوى والتربة وكذلك تبادل للمياه. على سبيل المثال عند ري أشجار الفاكهة المزروعة بالتربة فإن التربة تأخذ جزء من هذه المياة من الوسط المحيط (أمطار) وتمد الغالف الجوى بجزء أخر عن طريق البخر أما عن طريق الصرف أو الرشح ينفذ جزء كبير من المياه للصخور الموجودة أسفل الطبقىة السطحية للتربة . ومن ناحية أخرى فعن طريق عوامل التجوية يتم تفتيت وتحلل جزء من الطبقة السطحية للصخور ويزداد عمق الطبقة السطحية للتربة بمرور الوقت وكثافة الزراعة عليها. وفى كل الأحوال لايمكن أبداً إغفال الدور الهامة والحيوى التى تقوم به الكائنات الحية الدقيقة فى هذا المضمار.

 

المكونات الرئيسية للتربة:

التربة الزراعية فى مجملها عبارة عن أربع مكونات رئيسية هى :

-1 الطور الصلب:

الطور الصلب عبارة عن الجزء الناتج من عمليات التجوية المختلفة للصخور الأصلية للتربة مضافاً إلية الجزء المنقول للتربة سواء طمى أو مادة عضوية. وفى هذا الجذء يتم تثبيت جذور النبات وكذلك إدمصاص العناصر الغذائية على أسطح حبيباته. حبيبات التربة تقسم على حسب قطرها إلى ثلاثة أقسام هى: الرمل والسلت والطين, والرمل وفقاً للتقسيم الدولى يقسم إلى رمل خشن جداً (قطر الحبيبات 1 :2 مم ) ورمل خشن (قطر الحبيبات 0.5 : 1 مم) والرمل المتوسط القوام (قطر الحبيبات 0.25 : 0.5 مم) والرمل الناعم (قطر الحبيبات 0.1 : 0.25 مم), أما السلت فيتراوح قطر الحبيبات من 0.002 إلى 0.05 مم, أما الطين فيعرف على إن قطر حبيباتة أقل من 0.002 مم.

-2 الطور السائل:

هو عبارة عن المحلول الأرضى الذى يشمل الماء والعناصر الغذائية الذائبة فيه. وهذا الطور يمد النباتات باحتياجها من الماء والعناصر الغذائية اللازمة للنمو وإتمام دورة حياتها.

-3 الطور الغازى:

ويتمثل فى الهواء الجوى الموجود فى الفراغات البينية بين حبيبات التربة, مضافاً إليه النواتج الغازية لعمليات الميتابولزم للمجموع الجذرى والكائنات الحية الدقيقة التى تسكن التربة. وهذا الجزء هام لتنفس المجموع الجذرى وعدم أختناقة واستمرار النبات فى الحياة.

-4 الطور الحيوي:

هذا الطور يشمل الكائنات الحية الدقيقة التى تعيش فى التربة من بكتريا وفطريات وطحالب وغيرها. ويطلق على العلم المهتم بدراسة هذه الكائنات ميكروبيولوجى التربة. كذلك يمكن أضافة الحشرات والحيونات الأولية التى تستوطن التربة لهذا الطور.

 

العوامل المؤثرة على ميسورية وإمتصاص العناصر الغذائية :

هناك مجموعة من العوامل المرتبطة بالتربة أو المرتبطة بالتأثير المتبادل بين التربة والنبات تلعب دور جوهرياً فى ميسورية العناصر وكفاءة جذور النبات فى أمتصاصها. سوف نتناول بالشرح فى السطور التالية أهم العوامل الرئيسية فى هذا الصدد:

 

1-رطوبة التربة :

يمتص النبات العناصر الغذائية فى صورة ذائبة فى الماء, بالتالى الصورة الميسرة من العناصر الغذائية بالتربة هى الصورة الذائبة فى الماء. بالتالى توافر الماء بالتربة بالكمية الكافية يزيد من أمتصاص العناصر الغذائية بواسطة جذور النبات, لكن إذا زادت كمية الماء عن الحد المطلوب يقل تركيز الأكسجين بالفراغات البينية بين حبيبات التربة ويقل معدل تنفس الجذور بالتالى تقل قدرة الجذور على  الأمتصاص. كما إن الرطوبة الأرضية لها دور هام وجوهري فى نشاط وتكاثر الميكروبات المفيدة بالتربة, وبالتالى زيادة ميسورية العناصر الغذائية وسهولة أمتصاصها.

2-   قوام التربة :

قوام التربة يعكس بصورة مباشرة مدى توفير الهواء فى الفرغات البينية للتربة. وتنفس الجذور عامل حيوى فى بقاء الجذر حي ومدى كفائته فى امتصاص العناصر الغذائية. وكلما كانت التهوية مناسبة كلما كانت كفاءة الامتصاص أعلى وأفضل. ومن زاوية أخرى فإن زيادة التهوية عن الالزم لها تأثير سلبى على ميسورية وأمتصاص العناصر الغذائية. وقوام التربة يعكس قدرة التربة على الإحتفاظ بالقدر الكافى من المياه الأرضية. كما إن تهوية التربة تؤثر بشكل كبير ومباشر على أنتشار وفاعلية وتكاثر الكائنات الحية الدقيقة والتى تلعب دور هام وكبير فى تحليل المواد العضوية وتحرير العناصر الغذائية منها. وفى هذا الصدد ووفقاً لما زكرة عادل حماد وجابر زايد (2004) فإن الكائنات الحية الدقيقة تنقسم إلى أربعة أقسام :

·      كائنات حية هوائية إجبارية: تنمو فى الوسط الهوائى العادى المحتوى على 21 % أكسجين.

·      كائنات هوائية أختيارية: هذه الكائنات تفضل الوسط الهوائى ولكن يمكنها النمو بصورة طبيعية فى غياب الأكسجين. ويشمل هذا القسم العديد من المكروبات المتطفلة والممرضة.

·      كائنات حية دقيقة محبة لقلة الأكسجين: وهذه الكائنات تستطيع النمو فى وسط به نسبة من الأكسجين منخفضة جداً تتراوح من 1%  إلى 5%.

·      كائنات حية لاهوائية إجبارياً: وهذه الكائنات لاتحتاج لأكسجين ويزداد نموها ونشاطها فى غياب اأكسجين.

-3 هواء التربة : Soil Air

يوجد الهواء فى الفراغات البينية للتربة وتزداد درجة تهوية التربة بزيادة قطر حبيباتها. ووجود الهواء ضرورى لتنفس الجذور والكائنات الحية الدقيقة الهوائية التى تعيش بالتربة. كما ذكرنا سابقاً فإن الطبقة المفككة للتربة ليست بمعزل عن الوسط الخارجى بل فى تفاعل وتواصل مستمر معه, من صور هذا التفاعل عملية التبادل الغازى حيث ينتج ثانى اكسيد الكربون عن عملية تنفس جذور النباتات والكائنات الحية الدقيقة الموجودة بالتربة بكميات كبيرة ويخرج جزء من الـ CO2 خلال الفراغات البينية للتربة للصعود فوق سطح التربة والجزء الباقى يزوب فى الماء الموجود بالتربة وينتج حامض الكربونيك (حامض ضعيف) مما ويؤدى إلى خفض رقم الـ pH حول المجموع الجذرى وهذا يزيد من ميسورية العناصر الغذائية وصلاحيتها للإمتصاص.

-4 حموضة التربة (pH التربة) :

رقم pH التربة هو المعبر عن درجة حموضتها أو قلويتها, حيث يعرف الـ pH على انه اللوغاريتم السالب لتركيز أيونات الهيدروجين فى الوسط. ورقم pH التربة من العوامل التى حظيت بدراسات مكثفة تناولت تيسير وتثبيت العناصر الغذائية بالتربة وعلاقتها ببعضها البعض, وكذلك تأثيره المباشر تحولات تلك العناصر بالتربة.

رقم الـ pH له دور هام وجوهرى فى زوبان الأملاح فى التربة وتحولها لصورة صالحة للامتصاص, فعلى سبيل المثال عند إرتفاع رقم الـ pH فأن الفوسفور يتحول من الصورة الأحادية (الصالحة للامتصاص) إلى الصورة الثنائية (قليلة الأمتصاص) ثم إلى الصورة الثلاثية (المثبتة والغير قابلة للامتصاص).

من ناحية أخرى فإن إنخفاض رقم الـ pH بصورة كبيرة قد يؤدى إلى حدوث تسمم ببعض العناصر مثل الألمونيوم. علماً بأن الأنواع النباتية تتباين فى تحملها لإنخفاض أو أرتفاع رقم الـ pH فى التربة. وأشجار الفاكهة الاستوائية تتفاوت فى تحمل جذورها لحموضة أوقلوية التربة, فنجد أن الـ pH المناسب لزراعة الموالح يتراوح من 5 إلى 8 وللمانجو والزبدية من 5.5 إلى 7.5 وللنخيل من 5.5 إلى 8.5 أما الـ pH المناسب لزراعة الخوخ والمشمش والبرقوق يتراوح من 5.2 إلى 8.6 أما الموز فيتراوح من 4.5 إلى 7.5 بينما للأناناس فيتراوح من 4.5 إلى 5.5 أما الكاكاو فيتراوح pH التربة من 4 إلى 6.5 وحده.

-5 محتوى التربة من المادة العضوية:

يؤثر محتوى التربة من المادة العضوية بصورة كبيرة على محتواها من العناصر الغذائية وكذلك على مدى ميسورية هذا العناصر للأشجار المزروعة بها, ويرجع ذلك إلى العناصر التى تنطلق من تحلل المادة العضوية مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والحديد والعناصر الصغرى الأخرى. كما إن تحلل المادة العضوية يتنج مركبات مخلبية تحفظ العناصر من الفقد أو التثبيت. ويمكننا تلخيص أهم التأثيرات الإيجابية لإضافة المادة العضوية للتربة فى النقاط التالية :

§        تعد المادة العضوية مخزن للعديد من العناصر الغذائية وعند تحللها تنطلق منها هذه العناصر وتصبح ميسرة للنبات.

§        المادة العضوية تعمل على تحسين خواص التربة الفزيائية وخاصة فى الأراضى الرملية الخفيفة, حيث تحسن من قوامها ولونها وكذلك مدى إحتفاظها بالماء كما تعمل كمادة لاصقة بين حبيبات التربة.

§        للمادة العضوية أثر ملحوظ على نمو وتكاثر الكائنات الحية الدقيقة بالتربة, حيث إنها تمثل المادة الخام التى تعمل عليها الكائنات الحية الدقيقة, وهذا ينعكس على درجة حرارة التربة والتى تؤثر بدورها على زوبان العناصر الغذائية فى المحلول الأرضى وكذلك على نمو المجموع الجذرى.

§        للمادة العضوية أثر ملحوظ على حموضة التربة (رقم الـ ,(pH ويرجع ذلك إلى إنطلاق بعض الأحماض العضوية عند تحللها مما يؤثر على رقم حموضة التربة.

§        فى حالة الأراضى الرملية فإن إضافة المادة العضوية تؤدى لتحسين لون التربة وتحويلها إلى اللون الغامق بالتالى احتفاظها بالحرارة يكون أكبر فتكون أكثر دفأً فى فصل الشتاء.

§        المادة العضوية تؤثر على المواصفات الكيميائية للتربة حيث تعمل على زيادة سعة التبادل الكاتيونى للتربة. بالتالى تؤدى إلى رفع كفاءة امتصاص النبات للعناصر للعناصر الغذائية.

§        عند تحلل المادة العضوية تنتج مركبات مخلبية تمسك العناصر الغذائية وتحميها من الفقد عن طريق الغسيل أو التثبيت فى صورة أملاح غير ميسرة للنبات.

§        ينتج عن تحلل المادة العضوية بعض منظمات النمو, بالتالى إضافتها للتربة تحسن من نمو النبات وتزيد من كمية المحصول.

 

مصدر المادة العضوية فى التربة قد يكون طبيعى نتيجة سقوط أوراق الأشجار على الأرض وكذالك بقايا الجذور تحت سطح التربة وتحللهم وكذلك موت بعض الكائنات الحية وتحللها تحلل جزئى بالتربة, وقد يكون مصدر المادة العضوية راجع إلى إضافتها للتربة مثل السماد البلدى والكومبوست وغيرهم من الأسمده العضوية. وتحلل المادة العضوية بالتربة يتم عن طريق الكائنات الحية الدقيقة الموجودة بالتربة ويتأثر بشدة بالظروف البيئية المحيطة بها من درجة حرارة ورطوبة وتهوية. وتكوين الدبال مرحلة وسطية فى تحلل المادة العضوية بالتربة, والدبال هام جداً فى تحسين خواص التربة كما يعمل كمخزن للعناصر الغذائية. وعدد الكائنات الحية الدقيقة فى الجرام الواحد بالتربة أو ما يطلق علية بالحمل الميكروبى للتربة يتأثر بشدة بالعوامل البيئية الأخرى.

-6 النشاط الميكروبى بالتربة:

وجود الكائنات الحية الدقيقة بالتربة أمر طبيعى فالتربة مثلها مثل إى بيئة أخرى لاتخلو من الكائنات الحية الدقيقة حيث يصل الحمل الميكروبى إلى أكثر من مليار خلية فى الجرام الواحد من التربة الخصبة ( De Monpezat .(2000, والكائنات الحية الدقيقة هي المسؤلة عن تحلل المادة العضوية بالتربة إلى عناصرها البسيطة.

 

المصدر: كتاب الفاكهة الأستوائية تأليف الأستاذ الدكتور/ حمدى ابراهيم محمود العجيلى

ساحة النقاش

حمدى إبراهيم محمود إبراهيم

hamdy-Ibrahim
[email protected] 0124278874 حاصل علي درجة الدكتوراة في كروم العنب من المعهد القومي للبولى تكنيك بفرنسا عام 2001 أستاذ بساتين الفاكهة المساعد بكلية الزراعة جامعة المنيا من 2010 حتى تاريخة المؤلفات كتاب العينات النباتية جمعها وتحليلها (تأليف د/ حمدي إبراهيم - الناشر دار الفجر القاهرة 2010), إنتاج أشجار الفاكهة في الأراضى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

112,576