المرأة والأحدب...

( من الأدب المترجم)

يحكى أنه كان هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت يوميا تصنع رغيف خبز إضافيا لأي عابر سبيل جائع، وتضع الرغيف الإضافي على شرفة النافذة لأي مار ليأخذه. وفي كل يوم  يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلا من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يدمدم بالقول ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!” ..

كل يوم كان الأحدب يمر فيه ويأخذ رغيف الخبز ويدمدم بنفس الكلمات ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”، بدأت  المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل والمعروف الذي تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة:“كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا يقصد؟”

في يوم ما أضمرت في نفسها أمرا وقررت ” سوف أتخلص من هذا الأحدب!” ، فقامت بإضافة بعض السمّ إلى رغيف الخبز الذي صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة ، لكن بدأت يداها في الارتجاف ” ما هذا الذي أفعله؟!”.. قالت لنفسها فورا وهي تلقي بالرغيف ليحترق في النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر ووضعته على النافذة. وكما هي العادة جاء الأحدب واخذ الرغيف وهو يدمدم ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!” وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة.

كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء لولدها الذي غاب بعيدا وطويلا بحثا عن مستقبله ولشهور عديدة لم تصلها أي أنباء عنه وكانت دائمة الدعاء بعودته لها سالما، في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب البيت مساء وحينما فتحته وجدت – لدهشتها – ابنها واقفا بالباب!! كان شاحبا متعبا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعا ومرهقا وبمجرد رؤيته لأمه قال ” إنها لمعجزة وجودي هنا، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا ومتعبا وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه، وكان الرجل طيبا بالقدر الذي أعطاني فيه رغيف خبز كامل لأكله!!  وأثناء إعطاءه لي قال أن هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لي لأن حاجتي اكبر كثيرا من حاجته”

بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وطهر الرعب على وجهها واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحا!!

 لو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي أكله ولكان قد فقد حياته!

لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب ” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”

..

..

..

المغزى من القصة:

افعل الخير ولا تتوقف عن فعله حتى ولو لم يتم تقديره وقتها، لأنه في يوم من الأيام وحتى لو لم يكن في هذا العالم ولكنه بالتأكيد في العالم الأخر سوف يتم مجازاتك عن أفعالك الجيدة التي قمت بها في هذا العالم.

 

--

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 615 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2011 بواسطة halla-1

ساحة النقاش

nashwaRefat

ميرسى كتير
مواضيعك كلها شيقه

Al-Resalah

موضوع أكثر من رائع يحمل لنا جميعاً أكثر من رسالة، فجزاكم الله خير الجزاء على هذا الاداء المتميز.
لقد استعرضت موقعكم ومما اعجبني كثيراً هو الهدف الاسمى الذي تطمحين من أجل الوصول إليه.. ونحن في مؤسسة الرسالة للتدريب والاستشارات، إذ نؤكد لكي على تقديم كافة المساعدات المهنية في التدريب والتنمية البشرية لإخواننا واخواتنا في دولة فلسطين الحبيبة.
ويمكن لحضرتك مراسلتنا على هذا الايميل :
[email protected]

halla-1

كم اثلجت صدري كلماتك ....وكم سررت بان موقعي قد حاز على اعجابكم
..... ومبادرتكم بتقديم كل نافع ومفيد

حياكم الله اخوتنا في مصر الحبيبة يا اصحاب القلوب الكبيرة والعقول النبيهة

وفاء محمد عدنان فى 9 يونيو 2011
drkhaledomran

افعل الخير ولا تتوقف عن فعله حتى ولو لم يتم تقديره وقتها، لأنه في يوم من الأيام وحتى لو لم يكن في هذا العالم ولكنه بالتأكيد في العالم الأخر سوف يتم مجازاتك عن أفعالك الجيدة التي قمت بها في هذا العالم.

روعة يا أخت وفاء ... وبالتوفيق

halla-1

اشكرك جدا على اهتمامك بالموضوع ...وتوثيق اهتمامك بوركت جهودكم ونفعنا الله واياكم

وفاء محمد عدنان فى 9 يونيو 2011
alasmr5

قصة جميلة ومعبرة أختي الكريمة أتمنى لك التوفيق والاستمرار في الابداع

وفاء محمد عدنان

halla-1
نعمل من أجل ايجاد الأنسان الصالح على كوكب الأرض .الذي يهدف لايجاد بيئة سليمة يستطيع من خلالها توفير حاجاته بحيث لايضر بالاخرين ،وبناء مجتمعه ، ومواكبة التطور والانفجار المعرفي العالميي من خلال التدريب على مهارات التواصل وتنمية الذات وفق برنامج عام وشامل يتعلق ببناء قدراته ومهاراته الذاتية .كما ونرجو »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

86,463