من شوارد الذكريات , مجلة المسلمات
في الوقت الذي كان الأخوة يخوضون ملحمة هائلة للصمود والثبات داخل السجون ويضربون أمثلة عالية في الإيمان والثبات علي الحق في مواجهة سطوة السجون والتعذيب والتضييق كان هناك فريق آخر يخوض ملحمة أخري قد تكون أشد وأعتي مما يعانيه الأخوة في السجون وهن نساء الأخوة ..زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم.
عانوا كثيراً ليس فقط من ضيق ذات اليد وشظف العيش وإنما كثيراً ما تعرضن للاعتقال والمطاردات والاستدعاءات هذا فضلاً عن جهدهن في متابعة الزيارات وقضاء حاجات المعتقلين ومضايقات أجهزة السجون المتنوعة ..ولقين من المشقة والعنت ما لا يقل بحال عما لا قيناه إن لم يكن أشد في بعض الأحيان وبرز من بينهن نماذج عالية في الثبات والتضحية وستكشف الأيام هذه الملاحم التي غابت خلف جدران الزمن والتواضع ولم تأخذ حقها في التعريف بها والعرفان بحقها حتي الآن.
* كنا في السجن نتابع هذه الملاحم بكل التقدير والعرفان ونثمن مواقفهن وتضحياتهن في سبيل الله ثم في سبيل الأبناء والأزواج والأخوة وكثيراً ما كنا ندعو لهن في صلواتنا أن يلهمن الإيمان والثبات.
وقد خطر ببالنا أن نصدر مجلة نسائية تحقق التواصل الذي قطعه سور السجن وتشعرهن أن قلوبنا معهن وتوجههن إلي الخير- مجلة نسائية خاصة بالنساء - فكانت فكرة مجلة المسلمات .
* وتشكل لهذه المجلة فريق من الأخوة طلعت فؤاد ومحمد ياسين ومحمد مختار وهكذا خرجت المجلة من السجن إلي نور الحرية متفردة في موضوعها إذ أن الإسلاميين اعتادوا أن يكون نصيب المرأة ـ نصف المجتمع ـ من مجلاتهم باباً أو فصلاً في المجلة وليس مجلة خاصة.
* وفي عدد المجلة الذي بين يدي الآن أسوق العناوين الآتية.. واجبات زوجة الأسير ـ مواقف نسائية للإقتداء ـ الإنفاق والصدقة ـ في ظلال آية الحجاب ـ كيف ترضعين طفلك ـ خديجة الزوجة ـ مسلمات معاصرات ـ سؤال وجواب للشيخ القرضاوي ـ الحجاب فريضة أم موضة وهي موضوعات كما هو ظاهر خاصة بالنساء تماما حفاظاً علي خصوصية موضوع المجلة.
أما مقالة اليوم فقد كانت افتتاحية لأحد أعدادها بعنوان " الحجاب فريضة أم موضة." تقول المقالة
"عندما بدأت ظاهرة الحجاب تنتشر في مجتمع المسلمات في أواسط السبعينات ما كنا نتصور أن يأتي اليوم الذي نطرح فيه هذا التساؤل حول الحجاب أفريضة هو أم موضة؟
* ذلك ان الحجاب وقتها كان يحمل معانٍ إيمانية عظيمة.. كان دلالة قاطعة علي طهر وعفة وإيمان ونقاء تلك الفتاة التي ارتدته وتحدت كل قوي الجاهلية التي كانت وقتها تحارب هذه الظاهرة الجديدة بكل عنف وقساوة .. كم سمعنا كلمات منمقة في الدفاع عن تبرج المرأة تحت زعم أن حجاب الجسد مقدمة لفرض حجاب العقل .. وأن إيمان المرأة في قلبها وليس في جلبابها .. لكن المؤمنات الطاهرات أبين الإستماع لهذه الدعاوي الرخيصة واستجبن لأمر الله ورسوله ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن )..(يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن )..(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ).
* هكذا انتفضت المرأة المسلمة في السبعينات لتعلن أن قدوتها ليست في نساء أوروبا بأزيائهن وأخلاقهن بل بأن قدوتها هناك تطل علينا من وراء أربعة عشر قرناً من الزمان متمثلة في نساء النبي وبناته.
ولقد كانت الدعوة إلي الحجاب في السبعينات تعني الدعوة الي الإلتزام بالدين كله لأن الحجاب صار علامة علي الدين كله..وصار فارقاً بين امرأة مفتونة بالغرب راكعة أمام بيوت الأزياء مطيعة لآخر خطوط الموضة وبين أخري مسلمة لله راكعة في محراب العبودية مطيعة لأمر نبيها صلي الله عليه وسلم .
وكان الإنتقال من التبرج إلي التحجب يعني أن المرأة قد قطعت شوطاً إيمانياً طويلاً قفزت فيه من ميدان المخالفة إلي طريق طاعة ربها.
******
* لكن الكارهين لهذه الظاهرة لم يكفوا عن كيدهم بل راحوا يخططون فتفتقت أذهانهم الخبيثة عن فكرة وقحة تحاول هدم ظاهرة الحجاب باستخدام الحجاب ذاته ..وعلي أيدي أولئك الفسقة الفجرة تم تحويل الحجاب إلي زي خليع كالذي نراه اليوم علي كثير من النسوة ..لم يكن هذا العمل الرديء مجرد تغيير في شكل الحجاب فقط ..بل كان أعمق من ذلك ..كان في حقيقته تمييع للفاصل الذي كان يمثله الحجاب بين الإلتزام بأمر الله ومعصيته ..ولقد استجابت للأسف بعض النسوة لهذا الأمر فتركت نوعاً من التبرج الذي يتمثل في كشف السيقان والأكتاف إلي نوع آخر من التبرج الذي أضحي يتمثل في الضغط بالثياب الضيقة علي كل استدارات الجسد لتبرز في صورة مقززة وقحة مهينة .
* ما هذا؟!
* هل عادت المرأة إلي عصر الجاهلية؟!
ألم تسأل أولئك النسوة أنفسهن لماذا يفعلن هذا الفعل الفاحش ..ولمن يعرضن هذه الأرداف والصدور والأعجاز.
قبح الله هذه المناظر .. وقبح الله تلك العقول التي تتفنن في عرض المرأة سلعة رخيصة في صورة مهينة تحت أنظار الفساق والفجار يلتهمونها التهاماً وهي فرحة بهذا الفعل وكأنها بهيمة من البهائم لا تستشعر الخزي والعار مما تفعله.
*****
* أإلا فلتعلم كل امرأة مسلمة أن هذا الزي المبتدع ليس هو ما أمر به الله ورسوله ..وقد قالت عائشة رضي الله عنها لما رأت نساءً يلبسن أزياء كهذه قالت :(لم تؤمن بسورة النور من تلبس هذا) لأن سورة النور هي التي ورد فيها أمر المرأة بعدم إبداء زينتها.
* ولتحذر كل مسلمة أن تقع تحت الوعيد الذي صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم [صنفان من أهل النار لم أرهما..رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات علي رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ].
* وكأن رسول الله صلي الله عليه وسلم يصف لنا ما نراه اليوم ..فهن بالفعل كاسيات بالثياب لكنها لضيقها أو لشفافيتها أو بسبب الإثنين معاً صارت لا تستر شيئاً فما غطته عاد ليطل بكل وقاحة وكأنه يشكو لكل عين فاحصة في وجه رجل فاسق من هذا القهر الذي يعانيه خلف الثياب المشدودة والتي لم تنس صاحبتها قليلة العقل والدين بل وعديمة الحياء أن تزركشها بألوان صاخبة حتي لا تدع عيناً دون أن تجذبها جذباً وتصطادها كل هذا مخافة أن تغفل عين عن مشاهدة صاحبة الثياب والتفحص فيها جيداً وتقليب النظر هنا وهناك معذرة أختي القارئة إن كانت بعض الكلمات صريحة أو جارحة..ففعل البعض أشد صراحة ووقاحة .
* وأخيراً شكراً لكل مسلمة لا زالت علي العهد الذي قطعته مع ربها ودعوة لكل فتاة وامرأة للعودةالي الحجاب بمعناه الإيماني كفريضة شرعية لا كموضة غربية أو شرقية ..فريضة توجب التستر في طهر وعفاف بعيداً عن سعار الجنس الغربي المجنون الذي ترجموه في أشعارهم وقصصهم وأخلاقهم وأزيائهم ( ولباس التقوي ذلك خير